بتقريب أن الله تعالى أمر المؤمنين بطاعة أولي الأمر مطلقاً، ولو كان أولو الأمر غير معصومين لما اتجه الأمر بطاعتهم مطلقاً، ولوجب الأمر بطاعتهم في غير معصية الله، فلما ورد الأمر المطلق عُلم أنهم لا يعصون الله سبحانه وتعالى، وهذا دليل عصمتهم.
قال الفخر الرازي في تفسيره: إنه تعالى أمر بطاعة الرسول وطاعة أولي الأمر في لفظة واحدة، وهو قوله ﴿وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾، واللفظة الواحدة لا يجوز أن تكون مطلقة ومشروطة معاً. فلما كانت هذه اللفظة مطلقة في حق الرسول وجب أن تكون مطلقة في حق أولي الأمر (التفسير الكبير 10/146).
قلت: كل مَن أوجب الله طاعته مطلقاً لا بد أن يكون معصوماً، لئلا تجب طاعته في فعل المعاصي والقبائح وفي ترك الواجبات، وهو محال.
قال الفخر الرازي: إن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم [يعني من غير تقييد] في هذه الآية، ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لا بد أن يكون معصوماً عن الخطأ، إذ لو لم يكن معصوماً عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته، فيكون ذلك أمراً بفعل ذلك الخطأ، والخطأ لكونه خطأ منهيٌّ عنه، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد، وإنه محال. فثبت أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم، وثبت أن كل من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوماً عن الخطأ، فثبت قطعاً أن أولي الأمر المذكور في هذه الآية لا بد وأن يكون معصوماً. (التفسير الكبير 10/144)