|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 480
|
الإنتساب : Oct 2006
|
المشاركات : 18,076
|
بمعدل : 2.74 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
melika
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
بتاريخ : 02-08-2009 الساعة : 01:57 PM
المرحلة الفمية والفطام
تأخذ نفسية الطفل بالتبلور منذ الشهور الأولى من حياته ، ولقد كشف علم النفس الحديث عن الأهمية الأساسية للمرحلة الفميَّة في صياغة مستقبل الطفل ، والمرحلة الفميَّة هي - على التحديد - تلك الفترة التي تعقب الولادة مباشرة ، وتمتد حتى الشهر الثاني عشر من حياة الطفل .
ولقد ثبت أنَّ من الصعب كثيراً - إن لم نقل : من المستحيل - على الوليد الجديد التمييز بين النهار والليل والنوم واليقظة ، إذ يتركز اهتمامه الرئيسي على التغذية ، والتغذية تتمثل بالنسبة إليه في ثدي أمه ، فالثدي هو الشيء الأول الذي يتعرف الطفل عليه في الواقع الجديد الذي يعيش فيه ، وهو يحاول عن طريق أفعاله الانعكاسية ، وعواطفه ودوافعه الحركية ، تجنب الألم والتماس لذة رضاعة الثدي .
ويعرف الطور الأول من حياة الطفل - وهو طور بالغ الأهمية في نموه النفسي - بالمرحلة الفميَّة ، لأن هذه المرحلة ترتبط بصورة أوَّلية بالفم ونشاط الفم ، وتقسم المرحلة الفميَّة أحياناً إلى فترتين ، وفق العلاقة التي تتوطد بين الطفل وأمه ، وتسمى الفترة الأولى بالمرحلة الفميَّة ، أو مرحلة الرضاعة من الثدي ، وتمتد من الولادة حتى ستة أشهر .
أما الفترة الثانية فتعرف بمرحلة المضغ ، أو المرحلة السادية الفميَّة ، أو مرحلة الخضم وهي الأكل بجميع الفم أي بوحشية ، وتمتد هذه المرحلة من الشهر السادس تقريباً حتى الشهر الثاني عشر .
وقد أظهرت الدراسات الحديثة أن الفترة الثانية من المرحلة الفميَّة هي المرحلة التي يتمثل فيها أكبر قدر من عدوانية الطفل وساديَّته ، أما في أثناء فترة المضغ والعض التي ترافق فترة ظهور أسنان الطفل ، فالطفل يظهر امتعاضاً شديداً من طريقة إشباع حاجاته إلى الطعام ، وتتسم هذه الفترة برغبة الطفل في العضِّ والقضم ، والتهام ثدي أمه التهاماً شرساً ، لأنه لا يشبع حاجته إلى الطعام إشباعاً كاملاً .
وتفسَّر عدوانية الطفل هذه بأنها محاولة من جانبه للتمسك بشيء يعده حيويّاً بالنسبة إليه ، ولا يريد أن يفقده ، وتتصف المرحلة الفميَّة بوجود أعمال انعكاسية معينة توجد منذ الولادة ، والحق أن منعكس الرضاعة ليس مجرد استجابة لمنبِّه يشعر به داخل فمه ، بل إنه أكثر تعقيداً من ذلك .
فالطفل يشرع عند الولادة بإدارة رأسه عندما يلمس خدَّه ، ويفتح فمه عندما تلمس شفتاه ويرضع عندما يشعر بمنبه داخل فمه ، ويبلع عندما يصل الطعام إلى مؤخَّرة حلقه ، وتتطور عملية الرضاعة هذه بسرعة بعد الأيام الأولى ، لتشمل البحث عن ثدي الأم عندما تسند الأم طفلها إلى جسمها ، فيبدي حركات دالَّة على الرضاعة عندما تعد الأم نفسها لإرضاعة ، فيمص إبهامه وغير ذلك من الأشياء .
وتختلف الحاجة إلى الرضاعة من حيث شِدَّتها وطول فترتها من طفل إلى طفل ، فمن الأطفال من يرضى بالرضاعة من الثدي أو من زجاجة الرضاعة ، ومنهم من يرغب في الاستمرار بالرضاعة بالرغم من شبعه ، ومع بداية الشهر الثاني يبدأ الطفل بإبراز لسانه ورفع إبهامه إلى فمه لمصِّه ، وفي أثناء ذلك يمص الطفل أصابعه أو أي شيء آخر يلامس فمه ، ويشرع في البحث عن إدراك العالم الخارجي وتعرفه بواسطة الحواس الخمس .
ومن الجدير بالذكر أن هذه الفترة لا ترافق نهاية المرحلة الفميَّة ، وإن كان كثير من الناس يعتقدون ذلك ، فالدوافع الفميَّة تستمر لسنوات ، وأحياناً تستمر طوال الحياة ، وإن كانت هذه الدوافع تفقد بالطبع أولويتها ، ومن جهة ثانية ينبغي لكل أمٍّ أن تعلم أن طريقة الفطام تؤثِّر في النمو اللاحق للطفل تأثيراً عميقاً .
فالفطام الذي يتم على عجل بطريقة متبلِّدة يعوزها الشعور - ولا سيما إذا كان الطفل يعتمد بصورة أساسية على حليب أمه - فغالباً ما يثير في الطفل مشاعر القلق وعدم الارتياح والتهيج ، ويدفعه إلى نوبات من الغضب والأحاسيس السلبية نحو أمه ، وكذلك يدفعه إلى تحريك لسانه باستمرار بما يوحي بحاجته إلى الرضاعة ، كما يحمله على الأرق والبكاء .
وينشأ أحياناً اضطراب حقيقي ناجم عن الفطام يؤدِّي إلى أنواع عديدة من الأمراض الهضمية ، والتقيؤ المتكرر ، وعدم رغبة الطفل في بلع الطعام الذي يقدَّم إليه ، والحق أن الفطام يستلزم تكيّف فم الطفل وفق وضع مختلف يبدأ بالشفتين ثم باللسان ، فإذا لم يحفز الطفل على تكييف فمه بمواجهة هذا الموقف الصعب من الناحية النفسية على الأقل فهو لا يبدي دائماً رغبة في ذلك .
والفطام الذي يتَّسم بالصرامة المفرطة ولا يراعي حاجات الطفل تمارسه في العادة الأمهات اللواتي يرغبن في اتباع النظام الشديد الصارم ، الذي تعوزه العاطفة والحنان ، وهذا الأسلوب ينمو عن تربية تتسم بالقسوة والصرامة في مواجهة المواقف الصعبة ، ولذلك تنشأ بين مثل هؤلاء الأمهات وأطفالهن علاقة تقوم على الاستياء القوي المتبادل ، والذي يتمثل في حوادث متكررة وطويلة من الانتقام ، وربما عادت إلى الظهور في المستقبل .
ومن جهة أخرى هناك فئة من الأمهات لا يفطمن أطفالهن حتى وقت متأخر ، ويدل هذا التأخير في الفطام على حرصهن الشديد على أطفالهن وحمايتهن لهم ، إذ لا يرغبن في فقدان الصلة بهم ، لذلك يحضنَّ أطفالهن أطول مدة ممكنة ، وربما دل سلوك هؤلاء الأمهات على أنَّهن يلتمسْنَ كذلك تعويضاً عن مشاعر سابقة أو حقيقية بخيبة أمل واستياء من أزواجهن ، أو ربما كُنَّ ينشدْنَ الوحدة فحسب .
أما الأطفال الذين ينشئون برعاية أمَّهات يبدين قدراً مفرطاً من الحماية لهم فغالباً ما تتكوَّن لديهم مشاعر معاكسة مزدوجة ، فيبقون متعلقين بأمَّهاتهم بطريقة تكاد تكون غير سليمة ، فهم اتِّكاليون سلبيون ، لا يقدرون على التصدي للإحباطات والمصاعب التي تواجههم في الحياة اليوميَّة ، ويلتمسون العون فوراً عندما تواجههم مشكلة صغيرة .
|
|
|
|
|