السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد ورد عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال : لما نظر رسول الله إلى الرحمة هابطة قال : (أدعوا لي أدعوا لي) فقالت صفية : مَن يا رسول الله ؟ قال : (أهل بيتي : علياً وفاطمة والحسن والحسين)، فجيء بهم ، فألقى عليهم النبي كساءه ثمّ رفع يديه ثم قال : (اللّهم هؤلاء آلي فصل على محمد وآل محمد) ، وأنزل الله عز وجلّ : ((إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)) ـ رواه الحاكم في (المستدرك على الصحيحين 3 / 147 ـ 148) ، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ـ .
هذا الحديث وما ورد بمعناه صريح في اختصاص أهل بيت النبي(ص) بعلي وفاطمة والحسن والحسين. (أنظر صحيح مسلم 7 / 130 ، السنن الكبرى للبيهقي 2 / 149 و 150 و 152 ، تفسير الطبري 22/ 5 و 6 و 7، تفسير ابن كثير 3 / 483 و 485 ، جامع الأصول 10 / 100 و 101 ـ 102 ، تيسير الوصول 3 / 297 ، الدر المنثور 5 / 198 و 199 ، صحيح الترمذي 12 / 85 و 13/ 248 و 249 ، المستدرك على الصحيحين 2 / 416 ، مجمع الزوائد 9 / 167 ، مشكل الآثار 1 / 334 و 335 ، مسند احمد 4 / 170 ، تاريخ بغداد 9 / 126 ، تفسير الثعالبي 3 / 228 ، تهذيب التهذيب 2 / 297 ، الرياض النضرة 2 / 248) .
وهل نساء النبي من أهل البيت؟
قالت أم المؤمنين أم سلمة : ((... فأدخلت رأسي في البيت فقلت : وأنا معكم يا رسول الله ؟ قال: (إنك إلى خير إنك إلى خير) ( مسند أحمد 6 / 292) .
وفي رواية أخرى : قالت أم سلمة : يا رسول الله هل أنا من أهل البيت ؟ قال : (إنك إلى خير وهؤلاء أهل بيتي اللهمّ أهل بيتي أحق) ( المستدرك على الصحيحين 2 / 416) .
وفي رواية أخرى عن أم سلمة : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبه من يدي وقال : (إنك على خير).( مسند أحمد 6 / 323 ، وراجع : الدر المنثور 5 / 198 ، مشكل الآثار 1 / 233 ، تيسير الوصول 3 / 297 ، جامع الأصول 10 / 100 ، تـفـسيـر الطبري 22 / 7).
سئل الصحابي زيد بن أرقم : مَن هم أهل بيته ؟ نساؤه ؟ قال : لا وأيم الله ، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى ابيها وقومها ، أهل بيته : أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده.(صحيح مسلم 7 / 33).
وعن أبي سعيد الخدري : أهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، فعدّهم في يده فقال : خمسة : رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين. (مجمع الزوائد 9 / 165 و 167 ، ابن عساكر 5 / 1 / 16).
وعن أنس بن مالك : أن رسول الله كان يمرّ بباب فاطمة ستة أشهر كلما خرج إلى صلاة الفجر يقول : (الصلاة يا أهل البيت (( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ))) ( المستدرك على الصحيحين 3 / 158). وقال : حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه . (اسد الغابة 5 / 521 ، مسند احمد 3 / 258 ، تفسير الطبري 22 / 5 ، تفسير ابن كثير 3 / 483 ، الدر المنثور 5 / 199 ، مسند الطيالسي 8 / 274 ، صحيح الترمذي 12 / 85 ، كنز العمال 7/ 103 ، جامع الأصول 10 / 101 ، تيسير الوصول 3 / 297).
وعن أبي سعيد الخدري : جاء النبي أربعين صباحاً إلى باب دار فاطمة يقول : (السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، الصلاة رحمكم الله (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً )) أنا حرب لمن حاربتم ، أنا سلم لمن سالمتم ). ( مجمع الزوائد 9 / 169 ، تفسير السيوطي 5 / 199) .
ان معنى البيت المذكور بالآية هو أما مأوى الرجل ومسكنة ومنزله وداره او مركز الشرف ومجمع السيادة والعز وما اشبه ذلك هذا ما يقوله اهل اللغة.
فان كان المراد من البيت المعنى الاول: فسيكون الكلام عن بيت مخصوص من البيوت وهو بيت سارة في الآية القرآنية بقرينة توجه الخطاب اليها أما آية التطهير التي تذكر اهل بيت النبي محمد (صلى الله عليه وآله) فلا يمكن ان يكون المراد بها بيت ازواجه لانه لم يكن لأزواجه بيت واحد معهود بل كان لكل منهن بيت خاص كما انه لا سبيل الى القول بان المراد بيت واحد من بيوتهن اذ لا قرينه على ذلك فتعين ان يكون بيت خاص مغاير لتلك البيوت وهو ليس الا بيت فاطمة عليها السلام اذ لم يكن في جانب بيوت ازواج النبي بيت سوى بيتها عليها السلام ويؤيده نزول الآية في بيت فاطمة سلام الله عليها وجمع النبي اياها وزوجها وابنيها تحت الكساء.
وان كان المراد من البيت المعنى الثاني وهو مركز الشرف ومجمع السيادة والعز وما يناسب ذلك اللفظ: فالمراد يكون هو بيت النبوة وبيت الوحي ومركز انوارهما فلا يراد منه الا المنتمون الى النبوة والوحي بوشائج معنوية خاصة على وجه يصح مع ملاحظتها عدهم اهلاً لذلك البيت وتلك الوشائج عبارة عن النزاهه في الروح والفكر فلا يشمل كل من يرتبط ببيت النبوة عن طريق السبب او النسب وفي الوقت نفسه يفتقد الاواصر المعنوية الخاصة.
ولو فرض ان سارة متحقق عندها تلك الوشائج التي تجعلها مشمولة بالخطاب فهو لا يعني ان تلك الوشائج متحققة عند نساء كل نبي حتى تشمل نساء النبي محمد صلى الله عليه وآله وعلى ذلك لا يصح تفسير الآية بكل المنتمين عن طريق الاواصر الجسمانية الى بيت خاص الا ان تكون هناك الوشائج المشار اليها, وهذا المعنى هو الاقرب لان آية التطهير تدل في آخرها على تلك الوشائج المتمثلة بعصمة اولئك الاشخاص فقال تعالى (( ويطهركم تطهيرا )) فلا تكون الآية شامله لنساء النبي ولا اعمامه ولا أي مصداق آخر غير العترة خاصة لان جميع المسلمين متفقون على عدم عصمة اولئك, فالوقائع التاريخية تشير الى صدور الاخطاء والاشتباهات والمعاصي والانحرافات من اولئك وهذا ما يخالف العصمة التي من المفروض ان الآية نصت عليها بهم.
والروايات التي وصلت من الفريقين تحدد المراد من اهل البيت بالخمسه اصحاب الكساء فلا يبقى معنى لدخول غيرهم في آية التطهير حتى لو كان اصطلاح اهل البيت عاماً يشمل غيرهم في غير آية التطهير.
فاذا رجعنا الى صحيح مسلم والترمذي والنسائي والى مسند احمد والبزار والى المستدرك وتفسير الطبري وابن كثير والدر المنثور نجد انهم يروون عن ابن عباس وعن ابي سعيد وعن جابر بن عبد الله الانصاري وعن سعد بن ابي وقاص وعن زيد بن ارقم وعن ام سلمه وعن عائشة انه لما نزلت آية التطهير جمع اهله أي علي وفاطمة والحسن والحسين والقى عليهم كساءاً وقال (هؤلاء اهل بيتي).
وقد أشتمل لفظ الحديث في اكثر طرقه على ان ام سلمه ارادت الدخول معهم تحت الكساء فلم يأذن لها بالدخول وقال لها (انك على خير) أو (الى خير) وبالاضافه الى ذلك كله فان النبي (صلى الله عليه وآله) حدد المراد من البيت بشكل عملي! فكان يمر ببيت فاطمة عدة شهور كلما خرج الى الصلاة فيقول الصلاة اهل البيت (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا )).
واما الروايات التي تقول ان الآية نزلت في حق نساء النبي وازواجه فانها تصل الى عكرمه الخارجي الحروري وعروة بن الزبير المعروف بالانحراف عن علي عليه السلام ومقاتل بن سليمان الذي يعد من اركان المشبهة وان قراءة بسيطة في ترجمة هؤلاء يعرف قيمة رواياتهم وانها لا تقف في قبال تلك الروايات الصحيحة والكثيرة التي تحدد اهل البيت بالخمسة اصحاب الکساء.
واما بخصوص سارة فانها كانت ابنة عم نبي الله ابراهيم (عليه السلام) فدخلت في اهل بيته من هذا الوجة.
وأما آية نبي الله موسى (عليه السلام) ففيها مصطلح آخر متفق عليه وهو (أهل الرجل) وهو يختلف عن مصطلح أهل بيت الرجل فقد قال الله تعالى (( إذ قال لأهله أمكثوا )) وهذا المصطلح لغوي معروف مشهور مستعمل بكثرة وليس هو مصطلح خاص وهو يختلف عن مصطلح أهل بيت الرجل وبالتالي أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله).