روى مسلم عن وائل بن حجر: أنه رأى النبي رفع يديه حين دخل في الصلاة كبّر ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب، ثم رفعهما ثم كبّر فركع..(10).
مسلم: الصحيح ج 1 ص 382، الباب الخامس من كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى،
عن طاوس قال: كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشد بينهما على صدره و هو في الصلاة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ – رضي الله عنه - أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى الْيُمْنَى فَرَآهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى.
رواه أبو داود في سننه باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة ، ورواه النسائي في سننه باب في الإمام إذا رأى الرجل قد وضع شماله على يمينه، ورواه ابن ماجه في سننه باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة ، ورواه أبو يعلى في مسنده، ورواه البيهقي في سننه الكبرى باب وضع اليد اليمني على اليسرى في الصلاة ، ورواه الدارقطني في سننه باب في أخذ الشمال باليمين في الصلاة . والحديث حسنه العلامة الألباني .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّا مَعْشَرَ الأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا بِتَعْجِيلِ فِطْرنَا وَتَأْخِيرِ سحورِنَا وَأَنْ نَضَعَ أَيمَانِنا عَلَى شَمَائِلِنَا فِى الصَّلاَةِ».
رواه الطيالسي في مسنده، ورواه ابن حبان في صحيحه باب ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من وضع اليمنى على اليسار في صلاته ، ورواه الدارقطني في سننه باب في أخذ الشمال باليمين في الصلاة ، ورواه الطبراني في المعجم الكبير، ورواه البيهقي في سننه الكبرى ، ورواه عبد بن حميد في مسنده ، ورواه زيد ابن علي في مسنده المنسوب إليه مع أن راوي مسند زيد متهم في روايته لأصل المسند كما ذكر ذلك أهل العلم . والحديث صححه العلامة الألباني .
لم يثبت عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - أنه أرسل يديه في الصلاة ومن ادعى ذلك فعليه البرهان والدليل - ولن يجد إلى ذلك سبيلا - ، وحينها على المؤمن أن يتق الله – عز وجل - ولا ينسب إلى رسول الله قولا أو عملا لم يعمله حتى لا يدخل في قوله - صلى الله عليه وسلم - : من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. ولا ينبغي للمؤمن الحق أن يقدم أقوال الرجال واجتهاداتهم على قول وهدي محمد صلى الله عليه وسلم ، فيا قوم دعوا كل قول عند قول محمد .
بعض الناس ينسبون بسط اليد في الصلاة وعدم وضع اليد اليمنى على اليسرى للإمام مالك رحمه الله فهل هذا صحيح؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلفت الرواية عن مالك رحمه الله في وضع اليدين اليمنى على اليسرى في الصلاة وإرسالهما، فروى ابن القاسم كراهته، وروي عنه أشهب: لا بأس به. في النافلة والفريضة وكذا قال أصحاب مالك المدنيون، وروى مطرف وابن الماجشون أن مالكاً استحسنه.
وهذا هو الذي ذكره مالك رحمه الله في الموطأ:
فقد روى عن سهل بن سعد أنه قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذارعه اليسرى في الصلاة ، قال أبو حازم: لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك. والحديث رواه البخاري وغيره .
وقد نقلت هذه السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث ، ومن ذلك ما رواه مسلم عن وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر_ وصف همام (أحد رواة الحديث) _ حيال أذنيه ، ثم التحف بثوبه ، ثم وضع يديه اليمنى على اليسرى ، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما ثم كبر فركع فلما قال سمع الله لمن حمده رفع يديه فلما سجد سجد بين كفيه".
قال ابن عبد البر في التمهيد:
"لم تختلف الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب، ولا أعلم عن أحد من الصحابة في ذلك خلافاً إلا شيئا روي عن ابن الزبير أنه كان يرسل يديه إذا صلى ، وقد روي عنه خلافه مما قدمنا ذكره عنه وذلك قوله: وضع اليمين على الشمال من السنة ، وعلى هذا جمهور التابعين وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي والأثر".
وقال الزرقاني:
"قال ابن عبد البر: لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف وهو قول جمهور الصحابة والتابعين، وهو الذي ذكره مالك في الموطأ، ولم يحك ابن المنذر وغيره عن مالك غيره، وروى ابن القاسم عن مالك الإرسال وصار إليه أكثر أصحابه ، وروي أيضا عنه إباحته في النافلة لطول القيام وكرهه في الفريضة ، ونقل ابن الحاجب أن ذلك حيث تمسك معتمداً لقصد الراحة".
قال ابن عبد البر رحمه الله:
"ولا وجه لكراهية من كره ذلك لأن الأشياء أصلها الإباحة ولم ينه الله عن ذلك ولا رسوله فلا معنى لمن كرهه ، هذا لو لم يرو إباحته عن النبي صلى الله عليه وسلم فكيف وقد ثبت عنه ما ذكرنا ، وكذلك لا وجه لتفرقة من فرق بين النافلة والفريضة ولو قال قائل إن ذلك في الفريضة دون النافلة ، لأن أكثر ما كان يتنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته ليلاً ، ولو فعل ذلك في بيته لنقل ذلك عنه أزواجه ولم يأت عنهن في ذلك شيء، ومعلوم أن الذين رووا عنه أنه كان يضع يمينه على يساره في صلاته لم يكونوا ممن يبيت عنده ولا يلج بيته، وإنما حكوا عنه ما رأوا منه في صلاتهم خلفه في الفرائض والله أعلم".
وقال الباجي في المنتقى:
" وأما موضع اليمنى على اليسرى في الصلاة فقد أسند عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق صحاح: رواه وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر ثم التحف في ثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى. وقد اختلف الرواة عن مالك في وضع اليمنى على اليسرى، فروى أشهب عن مالك أنه قال: لا بأس بذلك في النافلة والفريضة، وروى مطرف وابن الماجشون عن مالك أنه استحسنه. وروى العراقيون من أصحابنا عن مالك في ذلك روايتين: إحداهما الاستحسان، والثانية المنع.
وروى ابن القاسم عن مالك: لا بأس بذلك في النافلة وكرهه في الفريضة. وقال القاضي أبو محمد: ليس هذا من باب وضع اليمنى على اليسرى وإنما هو من باب الاعتماد، والذي قاله هو الصواب ، فإن وضع اليمنى على اليسرى إنما اختلف فيه هل هو من هيئة الصلاة أم لا وليس فيه اعتماد. فيفرق فيه بين النافلة والفريضة.
ووجه استحسان وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة الحديث المتقدم، ومن جهة المعنى أن فيه ضرباً من الخشوع وهو مشروع في الصلاة.
ووجه الرواية الثانية أن هذا الوضع لم يمنعه مالك وإنما منع الوضع على سبيل الاعتماد، ومن حمل منع مالك على هذا الوضع اعتل بذلك لئلا يلحقه أهل الجهل بأفعال الصلاة المعتبرة في صحتها.
(مسألة) وفي أي موضع توضع اليدان ، قال ابن حبيب: ليس لذلك موضع معروف، وقال القاضي أبو محمد : المذهب وضعهما تحت الصدر وفوق السرة، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: السنة وضعهما تحت السرة.
والدليل على ما ذهب إليه مالك أن ما تحت السرة محكوم بأنه من العورة فلم يكن محلاً لوضع اليمنى على اليسرى كالعجز" انتهى كلام الباجي.
ومما يجدر التنبه له بعد كل هذا أن هذه المسألة لا ينبغي أن تكون سببا للخلاف بين الناس وإنكار بعضهم على بعض، فالقبض سنة ثابتة ولكنه - ولله الحمد- ليس بفرض بحيث يأثم تاركه، فالخطب في شأنه يسير أما التنافر والتدابر من غير سبب شرعي وجيه، فإنه يعتبر من الإثم المبين.
إذا كيف كانت من عمر خليفتكم في هذا الشأن على ما ينقل في كتبكم ...:
« حكي عن عمر لمّا جيء بأُسارى العجم كفّروا أمامه ، فسأل عن ذلك فأجابوه بأنا نستعمله خضوعاً وتواضعاً لملوكنا ، فاستحسن هو فعله مع الله تعالى في الصلاة ، وغفل عن قبح التشبيه بالمجوس في الشرع »
< التكفير : التكتف >
( الجواهر الكلام 11/19 )
>>فهل ربطت نقلك كله أعلاه بما رآءه عمر هنا كيف يكون ....؟
>> ثم هل يعتبر سعيد بن جبير وأبن الزبير ورأيهم في التكتف معتبرا عندكم أم لا ....؟
أخي الكريم
السلام عليكم
اشكرك على سعة صدرك
لكن سبطول الحديث في هذا المقام ونتيجة البحث التي قمت بها وجدت الكثير من الاحاديث منها:
حديث سهل بن سعد
حصلنا على 3 روايات لهذا الحديث. الأولى واردة في موطأ مالك(1)، و الثانية واردة في مسند أحمد(2)، و الثالثة واردة في صحيح البخاري(3)، و هي الرواية الوحيدة للبخاري في هذا الخصوص.
نص الحديث:
أبو حازم، عن سهل بن سعد، قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة.
قال أبو حازم: لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم.
سند الحديث:
.
____________
(1) الحديث رقم 340.
(2) الحديث رقم 21782.
(3) الحديث رقم 698.
سند حديث سهل بن سعد
و لا توجد مشكلة في هذا السند، إذ أن جميع رجاله من الثقاة الممدوحين باتفاق علماء الرجال، كما بين ذلك ابن حجر العسقلاني، في ترجمة كل واحد منهم في كتابه " تهذيب التهذيب ".
مناقشة المتن
هناك مشكلتان في متن هذا الحديث.
الأولى هي أن الصحابي (سهل بن سعد) لم يصرح برفعه إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، بل فهم التابعي (أبو حازم) أن الحكم مرفوع. و هناك نقاش حول هذا الموضوع بين علماء الأصول.
و قد بين ابن حجر العسقلاني عددا من الأمور المتعلقة بذلك منها:
أن الحديث الذي ليس فيه تصريح بالرفع إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لا يقال عنه أنه مرفوع بل يقال أن له حكم الرفع(4)، و المفهوم أن الثاني في منزلة أدنى من الأول.
" و اعترض الدائي في (أطراف الموطأ) فقال: هذا معلول لأنه ظن من أبي حازم.
و رُدّ بأن (....) قول الصحابي: كنا نؤمر بكذا، يصرف بظاهره إلى من له الأمر، و هو النبي صلى الله عليه و سلم، لأن الصحابي في مقام تعريف الشرع، فيحمل على من صدر عنه الشرع. و مثله قول عائشة: كنا نؤمر بقضاء الصوم، فإنه محمول على أن الآمر بذلك هو النبي صلى الله عليه و سلم. و أطلق البيهقي أنه لا خلاف في ذلك بين أهل النقل. و الله أعلم "(5) أقو ل: هذه حجة قوية، فإن قول الصحابي: كنا نؤمر، محمول على أن الآمر بذلك هو رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، إلا أن تكون هناك بينة على غير ذلك. و هنا لا توجد بينة بأن المقصود غير ذلك. فهذا الحديث له حكم الرفع.
المشكلة الثانية و الرئيسية هي أن مالك بن أنس هو الراوي الأساسي لهذا الحديث كما هو واضح في المخطط السابق. و قد اختلف تلاميذ مالك في تحديد موقفه من هذه القضية. فهناك جماعة من تلاميذه رووا عنه الرواية التي رأيناها آنفا في " الموطأ "، في حين أن تلاميذ آخرين لمالك رووا عنه في كتاب " المدونة الكبرى " ما يلي: " و قال مالك في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، قال: لا أعرف ذلك في الفريضة و كان يكرهه، و لكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به نفسه "(6).
فهنا إذن مشكلة. و هي تناقض الرواية عن مالك. علما بأن الكتابين " المدونة الكبرى " و " الموطأ " هما من مرويات تلاميذ مالك عنه، و يحويان أصول الفقه المالكي.
و من حيث السند رأينا كيف أن سند الرواية الواردة في " الموطأ " يخلو من أي مشكلة، إذ لا يمكن الإشارة إلى أي من الرواة باعتباره مطعونا عليه أو مجروحا من قبل علماء الرجال. و الكلام نفسه ينطبق على رواة كتاب " المدونة الكبرى "، فالمعروف أن هذا الكتاب نشأ عن أسئلة في أمور مختلفة وجهها شخص من أهل المغرب اسمه أسد بن الفرات إلى عبد الرحمن بن القاسم المصري يستطلع رأي مالك بن أنس فيها. و قد أجاب عبد الرحمن بن القاسم على هذه الأسئلة و بين رأي مالك فيها، و دونت أجوبته في كتاب انتشرت نسخه في مختلف البلدان، و منها نسخ وصلت إلى القيروان في تونس، التي كان فيها شاب يدعى سحنون، فأخذ نسخة من هذا الكتاب و سافر إلى مصر في سنة 188 هـ، و قابل عبد الرحمن بن القاسم شخصيا، و عرض عليه النسخة التي وصلته فأصلح فيها كثيرا و حذف منها أمورا، ثم عاد سحنون إلى المغرب و معه النسخة المصححة فرتبها و بوبها و احتج لكثير من مسائلها بالآثار من مروياته، فظهرت لنا النسخة التي بين أيدينا من " المدونة الكبرى ".
فهناك إذن شخصان في سند كتاب " المدونة الكبرى " هما:
عبد الرحمن بن القاسم المصري، المتوفى سنة 191 هـ، و هو من تلاميذ مالك، و قد وصفه علماء الرجال بأنه ثقة صالح خيّر فاضل ممن تفقه على مذهب مالك و فرّع على حد أصوله و ذب عنها و نصر من انتحلها(7).
و سحنون، و اسمه عبد السلام بن حبيب التنوخي، و هو قيرواني أصله من حمص، ولد سنة 160 و توفي سنة 240 هـ، و كان قد تولى القضاء في القيروان و كان موصوفا بالعقل و الديانة التامة و الورع مشهورا بالجود و البذل وافر الحرمة عديم النظر، و قد ساد أهل المغرب في تحرير المذهب و انتهت إليه رئاسة العلم، و على قوله المعول بتلك الناحية، و تفقه عليه عدد كبير من طلبة العلم(8).
____________
(4) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج2 ص224.
(5) المصدر السابق نفسه.
(6) مالك بن أنس، المدونة الكبرى، ج1 ص74.
(7) ابن أبي حاتم، الجرح و التعديل، ج5 ص279 رقم 1325 ** و ابن حبان، الثقاة، ج8 ص374 رقم 13949 ** و ابن حجر العسقلاني، تقريب التهذيب، ص348 رقم 3980.
(8) الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج12 ص63.
فالجميع إذن من الثقاة، بحيث لا يمكننا القول بأن رواية " الموطأ " أوثق من رواية " المدونة الكبرى "، و لا العكس.
و لكن المالكية اليوم، و هم أتباع المذهب المالكي، منتشرون في شمال أفريقيا و غيرها من مناطق العالم، و يبلغ تعدادهم عشرات الملايين من المسلمين، فكلهم يعملون بما ورد في " المدونة الكبرى " فيرسلون أيديهم، و لا يضعون أيديهم اليمنى على اليسرى كما ورد في " الموطأ ". مما يشير إلى أن المعبر الحقيقي عن رأي مالك في المسألة هو ما ورد في " المدونة الكبرى ".
و على كل حال فالموقف الصحيح تجاه هذا الحديث هو التوقف فيه، على أقل تقدير، لاضطراب الرواية عن مالك. و لا يجوز الاعتداد به بحال.
و الله أعلم.