مشروع إقليم كركوك
علي مهدي صادق *
تعتبر قضية كركوك واحدة من القضايا المعقدة في الواقع العراقي ، منذ اكتشاف النفط فيها في عشرينيات القرن الماضي . ولم تخل سنوات العهد الملكي من محاولات تغيير الطابع الديمغرافي لمحافظة كركوك ، غير ان هذه المحاولات ظلت في نطاق ضيق ، لم تكن مشكلة حادة ، كما اصبحت في عهد صدام حسين ، ففي ذلك العهد تعرضت محافظة كركوك لعملية تغيير قسري لطابعها ، بدءا بتبديل اسمها الى محافظة (التأميم) ، الى سلخ اجزاء ادارية منها وضمها الى محافظات اخرى .
تطورت هذه المحاولات في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي الى تطهير عرقي ضد التركمان والاكراد . فقد جاءت سلطات النظام السابق بالألوف من المواطنين العرب ، واسكنتهم في كركوك ، وفي الوقت نفسه اجبرت عشرات الألوف من التركمان والاكراد على ترك المدينة . كما سنت سلطات صدام مايسمى بقانون تغيير الهوية القومية بأتجاه واحد وهو ان يصير غير العربي عربيا ، واجبرت الكثير من غير العرب في غالبيتهم الساحقة تركمان واكراد على تغيير هويتهم القومية .
ومن المعروف ان الاحزاب الكردية وقياداتها بدأت تعمل ليل نهار منذ سقوط صدام لضم محافظة كركوك الى المناطق الكردية ، وفي المقابل فأن أوساطا تركمانية وعربية تعارض بقوة هذا الطرح الذي يستهدف تكريد كركوك ، الامر الذي جعل من القضية مشكلة تتطلب الحل من جانب مجلس الحكم الانتقالي . ولم يكن بأمكان المجلس حلها بالسرعة المطلوبة ، لذا جرى وضع اسس للحل المنشود ، في المادة (53)و(58) من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية . ولتفعيل المادة (58) جرى اتخاذ قرار بتشكيل لجنة لهذا الغرض ، غير ان هذا القرار ظل حبرا على ورق .
وجدير بالذكر ان قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية كان قد نص على تأجيل التسوية النهائية للاراضي المتنازع عليها ومن ضمنها كركوك الى حين المصادقة على الدستور الدائم . غير ان الصيغة النهائية لمسودة الدستور الدائم لاتفي بالغرض فيما يخص تسوية قضية كركوك ، وذلك بسبب تحفظات الاوساط التركمانية والعربية على بعض مواد هذه المسودة ولاسيما المادتين (136 و138) منها . حيث ادرجت هاتين المادتين في فصل الاحكام الانتقالية لمسودة الدستور الدائم بعد الغاء قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية وملحقه بالكامل بأستثناء ماورد في الفقرة (أ) من المادة (53) والمادة (58) منه . والى ذلك ترى الاوساط التركمانية والعربية في كركوك بأن الحلول المطروحة لقضية كركوك في مسودة الدستور الدائم تلبي طموحات قومية معينة على حساب القوميات الاخرى في كركوك .
وايمانا منا بضمان جو من التآلف والتآخي بين المكونات القومية في محافظة كركوك ، ينبغي التوصل الى حلول سلمية وسليمة تحفظ حقوق الجميع ، وتطبق المساوة بين مكوناتها القومية ، وتنسجم مع الديمقراطية في بناء الدولة العراقية الجديدة ، وتخلص الشعب العراقي ، عربا وكردا وتركمانا وكلدوآشوريين من مغبة نزاعات وصدامات وحروب كلفته عشرات الوف الضحايا وخسائر مئات البلايين من الدولارات واخرت تقدم الوطن في طريق التطور والازدهار . والى ذلك نطرح فيما يلي حلولا لأدارة محافظة كركوك تحت عنوان (مـشروع أقليم كركوك) .
يستهدف هذا المشروع تطبيع الاوضاع في كركوك ، وتنظيم العلاقة بين مكوناتها القومية الرئيسة ، واشراك هذه المكونات في ايجاد ادارة مشتركة لهذه المحافظة على اساس التوافق وعلى النحو التالي :-
* الباب الاول : الــمبادئ الاساسية
1- أقليم كركوك من أقاليم جمهورية العراق .
2- أقليم كركوك يتكون من محافظة كركوك بحدودها الادارية الحالية .
3- أقليم كركوك أقليم متعدد القوميات ، وشعب الاقليم يجمع القومية التركمانية و الكردية والعربية والكلد آشورية .
4- اللغة التركمانية و اللغة العربية و اللغة الكردية هي لغات رسمية في أقليم كركوك .
* الباب الثاني :- السلطة التشريعية (مجلس نواب أقليم كركوك )
1- يتكون مجلس نواب أقليم كركوك من (100) عضو بنسبة (32) مقعد لكل من القوميات (التركمانية و الكردية و العربية ) و(4) مقاعد للكلدوآشوريين ، يتم انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر ، على ان يكون رئيس المجلس من العرب ، ونائبيه من الكرد والتركمان .
2- يشترط في المرشح لعضوية مجلس النواب ان يكون من سكان محافظة كركوك.
3- ان يستهدف قانون الانتخابات تحقيق نسبة تمثيل للنساء لاتقل عن الربع من اعضاء مجلس النواب .
4- تنظم بقانون شروط المرشح والناخب وكل مايتعلق بالانتتخابات .
* الباب الثالث : السلطة التنفيذية
أولا :الهيئة الرئاسية لأقليم كركوك
1- يكون رئيس الهيئة الرئاسية من القومية التركمانية .
2- يكون النائب الاول لرئيس الهيئة الرئاسية من القومية الكردية .
3- يكون النائب الثاني لرئيس الهيئة الرئاسية من القومية العربية .
ثانيا : مجلس وزراء أقليم كركوك.
1- مجلس وزراء أقليم كركوك هو الهيئة التنفيذية والادارية العليا في الاقليم ويؤدي مهام السلطة التنفيذية تحت اشراف الهيئة الرئاسية لأقليم كركوك .
2- يتألف مجلس الوزراء من رئيس المجلس ونوابه وعدد من الوزراء على أن لايتجاوز عددهم (13) وزيرا .
3- يكون رئيس مجلس الوزراء كرديا وله نائبان من التركمان والعرب .
4- يراعى التمثيل العادل للقوميات في تشكيل مجلس وزراء أقليم كركوك .
* الباب الرابع : السلطة القضائية
1- يتم تشكيل السلطة القضائية لأقليم كركوك بالتوافق بين المكونات الرئيسية فيها ، على ان يراعى التمثيل العادل للمكونات القومية في تشكيل هيكل السلطة القضائية .
2- تتكون السلطة القضائية لأقليم كركوك من محاكم الاقليم على أختلاف انواعها ودرجاتها .
3- القضاء مستقل لا سلطان عليه غير القانون .
4- للطوائف غير المسلمة انشاء مجالسها القضائية وفق قانون خاص .
* الباب الخامس : الشؤون الثقافية لأقليم كركوك
لأجل تفادي التداخل بين المكونات القومية في ادارة الشؤون الثقافية لأقليم كركوك ، يجري تشكيل ادارة خاصة لكل قومية من القوميات التي تسكن الاقليم ، تنتخب من قبل ابناء القومية المعنية ، تعني بالقضايا الثقافية والتعليم ، فتكون للتركمان ادارتهم والى جانبها ادارات الكرد والعرب والكلدوآشوريين ، الامر الذي يؤمن الخدمات الثقافية لكل قومية من هذه القوميات مع مراعاة ان يكون حجم هذه الخدمات الثقافية منسجمة ومتممة للخدمات التي تقدم لكل قومية في الاطار الوطني وفي الاقاليم المجاورة .
مــلاحظة :
1- يتم تشكيل لجنة مشتركة من المكونات الرئيسية لاعداد مسودة دستور اقليم كركوك بحيث يكون منسجما مع الدستور الدائم للجمهورية العراقية .
2- تشرف الامم المتحدة على ادارة أقليم كركوك لمدة (8) سنوات ومن ثم يجوز اجراء تعديلات في نظام ادارة الاقليم .
______________________________
* نائب رئيس حزب تركمان ايلي وعضو مجلس محافظة كركوك
الجدير بالذكر أن هذا هو المشروع الثاني الذي قدمه حزب تركمان ايلي لإدارة محافظة كركوك وشمال العراق ، حيث سبق ذلك مشروع (إقليم شمال العراق ذات ثلاث مناطق للحكم الذاتي: كردستان ، الموصل ، كركوك) والذي أعد مسودته مستشار حزب تركمان ايلي (إحسان حسين بيك) قبل نحو 3 أعوام تقريبا