((ولم يكن دأبي في هذه التآليف التعرض لأحوال الرجال لأن أمثال هذه المباحث غنية عن ذكرالأسانيد وإنما الاعتماد فيها على المعنى فما وافق أصول المذهب ودليل العقل فهو صحيح وإن ضعف إسناده وما خالف أحدهما كان ضعيفا وإن صح بحسب الإسناد ولذلك نرى أكثر أحاديث الأصول ضعافا وهو من أهم كتب الشيعة وأصحها معنى وأوفقها لأصول المذهب)) انتهى كلامه.
قوله: ((لأن أمثال هذه المباحث غنية عن ذكر الأسانيد)).
قلت:يقصد مباحث الصفات الإلهية؛ لأن كلامه وقع في مباحث النهي عن الجسم والصورة لله تعالى !!
وقوله: ((ولذلك نرى أكثر أحاديث الأصول ضعافا وهو من أهم كتب الشيعة وأصحها معنى وأوفقها لأصول المذهب))
قلت:يقصد بأكثر أحاديث الأصول أي أصول الكافي والله أعلم.
قال أبو الأزهر السلفي-عفا الله عنه-:
1-قوله: ((لأن أمثال هذه المباحث غنية عن ذكر الأسانيد وإنما الاعتماد فيها على المعنى ))
قلت:هذه المباحث هي أجل المباحث وأعظمها على الإطلاق إذ هي مباحث الأسماء والصفات الإلهية؛ فإما أن تؤخذ عن المعصومين أو لا تؤخذ؛ فإن أخذت فلابد من أسانيد صحيحة -على أقل تقدير إذا لم نقل بالتواتر- تكون مروية عن المعصوم حتى نثق بصدروها عنه, ولا نرتاب ونشك؛ وإن قالوا بعدم الحاجة للأخذ عن المعصوم في أمثال هذه المباحث !
قلنا:إن كانت أمثال هذه المباحث الأصْليَّة الغيبية التي لا طريق لتحقيقها إلا بالوحي والأخذ عن المعصوم لا تؤخذ عن المعصوم؛ فما الحاجة للمعصوم إذن ؟! هل نحتاجه للعصمة في فرع, وقد ضيعنا الأصل؟!
2- السؤال المهم: كيف ثبتت أصول المذهب ؟!
والجواب على هذا السؤال لا تحتمل إلا وجهين:
الأول: ثبتت عن طريق الإمام المعصوم.
الثاني: ثبتت عن طريق غيره.
فإن قلتم بالأول طالبناكم بصحة بل بتواتر المرويات الأصولية التي ثبتت بها أصول المذهب !
فإن عجزتم عن هذا سقطت أصول المذهب المدعى ثبوتها عن المعصوم, وعند هذه النقطة يسقط الدين الإمامي كلُّهُ !!
وإن أتيتم بها -وهو محال عندي- لَزِمَ أن توافق العقلَ الصريح؛ فتكون مهيمنة عليه؛ وإذا حَكَمَ العقلُ بحكم ظَهَرَ منه مخالفة لهذه الأصول رُدَّ حكمه إلى هذه الأصول فإن طريق ثبوتها أقوى من طريق ثبوت حكم العقل المدعى.
فإن قيل:إن العقل حَكَمَ بالمخالفة بحكم قطعي يقيني مخالف لهذه الأصول فوجب الرد إليه !
قلنا:هذا لا يَحتَمِلُ إلا أن يكون العقل قد أصاب بحكمه فيرجعُ على أصولكم بالنقض لأن تعارض اليقينيات ممتنع؛ فإن حصل تعارض ولم يُستطع أن يُحلَّ إشكاله؛ عُلِمَ أن أحدهما ليس بيقيني ابتداءاً, ولذلك نستحسن أن نحكم بخطأ العقل هنا لأن ثبوت الأصول المزعومة كان يقينيا؛ فوجب الرد إلى الأصول فحسب..كيف لا وهي الأصول المعصومة صدوراً ونقلاً !!
والمقصود أنه لا حاجة لجعل العقل حَكَمَاً في المسألة كما هو الحال في كلام الميرزاالشعراني !!
3-قوله: ((ولذلك نرى أكثر أحاديث الأصول ضعافا وهو من أهم كتب الشيعة وأصحها معنى وأوفقها لأصول المذهب))
قلنا:إذا اتفقنا أن الأصل في الدين الإمامي هو النقل اليقيني عن المعصوم؛فيقال هنا:هل كتاب أصول الكافي أصل مهم جليل في تثبيت أصول المذهب أم لا ؟!
فإن قلتم: لا -وهو من أعظم المستبعدات- !!
قلنا:إذن وجب اطِّراحه كلياً, وعدم الاستدلال به في التدليل على ثبوت أصول المذهب الإمامي !
وإن قلتم: نعم وهو من أجلِّ الكتب التي ثبتت بها أصول المذهب -وهو المتوقع- !
قلنا:إن كان الأمر كذلك؛ فإن العلامةالشعراني يقرر أن أكثر أحاديثه ضعافا؛ فهل ثبتت أصول المذهب بأمثال هذه الأحاديث الضعاف ؟!
فإن قلتم: نعم !
قلنا:سقط المذهب المُدَّعى الذي لم تسلم أصوله وقواعده من الضعف في نقلتها؛ فكيف فروعه, ولذلك لا يسلَّمُ للإمامي أنه يعبد الله على مذهب أهل البيت؛ بل يقال له: أن تتعبد هذه الرويات الضعيفة التي لا تصح عمن بَعُدَ عن عهد النبي صلى الله عليه وسلم, وقَرُبَ من عهد المصنف (الكليني)؛ فكيف بمن قَرُبَ من عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ فمن باب أولى -كما لا يخفى- !
فإن قيل:ليس أصول الكافي هو الكتاب الوحيد الذي ثبتت به هذه الأصول !!
قلنا:إذا كان أصول الكافي وهو من أجل الكتب على الإطلاق عندكم هذا حاله؛ فكيف بالدون ؟؟!!
ويقال أيضا: من الحسن والأفضل أن لا تتكلموا حول هذه النقطة المفصلية؛ لأن كلامكم فيها سيكون مآله فضيحة كبرى ستشمل المذهب الإمامي كلهُ؛ فإن حال رواتكم على لسان علمائكم أشهر من ان يذكرَ !!
4- مما تقدم تبين أنه لا يصح للإمامي أن يتعلق لا بصحيح رواية مسندة؛ فضلا عن أصول مذهب مدعاةٍ؛ بل مدار الأمر عندهم العقل البشري الذي يجب الرد إليه عند المشكلات والمعضلات !!
فلعلهم يقصدون بالإمام الحجة العقل البشري, وهذا لا يُستبعد بعد ما قدمناه !!
===000 يمنع وضع الروابط 000===