|
المراقب العام
|
رقم العضوية : 51892
|
الإنتساب : Jun 2010
|
المشاركات : 1,731
|
بمعدل : 0.33 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العقائدي
تحذير من استغفال الوهابية في الرجوع الى قواميس اللغة
بتاريخ : 30-06-2010 الساعة : 04:23 PM
عنون الشيخ باسم الحلي (في كتابه : الرسول والشعائر الحسينيّة ص : 35 ) ما نصّه قائلاً :
المقولات السماويّة بين القاموسين النبوي واللغوي
ذكرت في كتبي السابقة أكثر من مرّة ، أنّ لِما جاء به الرسول محمّد 9 أدبيّات معروفة ومقولات خاصّة ؛ وكلّنا يعرف كذلك أنّ هذه المقولات ، من قبيل الصوم والصلاة والحج والزكاة و...، تعجز قواميس لغة العرب عن بيانها ؛ لتوقيفيّتها ؛ أي أنّ بيانها موقوف على مقررات النبوّة وبيانات السماء لا غير ؛ فلولا أنّ الله تعالى والرسول قد أخبرانا بمعانيها ، وضعاً أو استعمالاً ، لما وقفنا على حدودها إلى يوم القيامة .
ومن أكبر أخطاء بعض أهل السنّة ، علماء ومفسّرين ، الاكتفاء بالرجوع إلى قواميس اللغة في تفسير مقولات النبوّة كمقولة : )أهل البيت( . فلا ريب في أنّ هذا خطأ ، بل هو -لعمر الله- عملٌ محرّم مع الالتفات ؛ للإجماع ، بل للضرورة الشرعيّة القاضية بحرمة العمل بالظاهر مطلقاً مع وجود الأظهر في شؤون العقيدة وفقه الدّين ، وكذلك الأخذ بالمجمل مع وجود المبيّن ، وعلى هذا المنوال التمسّك بالمتشابه وضرب المحكم المفسِّر .
والحقّ ، فليس هذا العمل كما يقول العلماء محرّماً وحسب ، بل هو من أشدّ المحرّمات في دين الله ، وتعاطيه من أكبر الآثام في شريعة المرسلين ؛ يدلّ على ذلك صريحاً قوله تعالى : )فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة( ([1]) .
والأصل الشرعي عند عامّة علماء الأمّة ، في لزوم ترجيح قاموس النبوّة على قاموس لغة العرب وغيرها ، قوله تعالى : )وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس (([2]) ، ولا ريب في حرمة تجاوزه ، بل كفر من جحده لو جرّ للتكذيب ، ومن ثمّ فهو نصّ ظاهر ، في توقّف كلّ ما أنزل الله تعالى من ذكر ، على بيان الرسول قولاً أو فعلاً أو إمضاءً..؛ فمقولة الصلاة التي جاء بها النبيّ تعجز كلّ قواميس الأرض عن بيانها بياناً حقيقيّاً كاملاً لولا بيانه 9 ، وعلى هذا القياس بقيّة مقولات الوحي العقائديّة ، كالولاية والمودّة والمعاد والحساب والجنّة...، بل حتّى مقولات من مثل : الحبّ ، البغض ، والسبّ وغيرها . فحب الحسين عند النبي يعني دخول الجنّة ، وبغضه يعني دخول النّار ، وليس هو مجرّد حالة نفسانيّة تعني خضوع القلب للمحبوب تكويناً ، كما تذكر كتب الفلسفة واللغة والأدب .
أريد أن أقول : إنّنا في بحوث هذا الكتاب ، كما هو شأننا في بحوث كتبنا السابقة ، لا نُخضع مفاهيم الشريعة لقواميس اللغة العربيّة ولا لما قرّره أئمّتها ، إلاّ بعد فحص كامل في كتاب الله وسنّة نبيّه ؛ حذر الوقوع فيما نهى الله عنه في آية الزيغ الآنفة ، وتعبّداً بآية التبيين..
فتحديد مقولة الشعائر مثلاً ، ومثلها الحرمات ، سماويّاً ونبويّاً ، وانطباقهما على الأفراد والمصاديق سعة وضيقاً ، وحمل الأحكام بالتالي على موضوعاتهما ، مردّه إلى الدليل الشرعي قرآناً أو سنّة لا إلى ما قال أئمّة اللغة ، بلى أجمع أهل القبلة على القول بالرجوع إليهم وإلى قواميسهم ، لكن هذا في فرض واحد لا غير ، وهو خلوّ الشريعة من التفسير والبيان ؛ أي خلّوها من المخصّص والمقيّد والمحكم والمبيّن والنّاسخ وغير ذلك...، والمصحّح للرجوع كما لا يخفى هو نزول القرآن بلغة العرب..
وأنبّه محذّراً ، إلى أنّ من أجلى علامات الفتنة التي أشارت إليها آية الزيغ في تاريخ المسلمين ، أنّ بعض المعاندين قد التفتوا إلى هذه النقطة ؛ فاستغفلوا النّاس ، بل قد أوقعوا كثيراً من أهل الفضل ، بل غير واحد من العلماء في شراك هذا الاستغفال..؛ أي مزعمة الرجوع لما قاله العرب وقواميس اللغة في تفسير مقولات من قبيل : الولي ، أهل البيت...؛ تناسياً لبيانات النبي المأمورين بأخذها وترك ما سواها ، فيما جزمت آية التبيين الآنفة.
فعلى عامّة أهل الفضل أن يتنبّهوا لذلك ؛ فالمستند في تقديم قول النبيّ على أيّ قول ، هو الإجماع بل الضرورة ، ولا أقلّ من آيتي التبيين والزيغ الآنفتين ، فهما ، لعمر الله ، أصل يحرم تجاوزه . نعم لا بأس -كما ذكرنا- بالرجوع إلى قاموس العرب في صورة عدم العثور على بيان النبي صلى الله عليه واله من قول أو فعل أو تقرير ، لكن هذا مشروط بالفحص الكامل كما لا يخفى.
انتهى كلام الشيخ باسم الحلّي.
أقول : ما أريده من هذه المشاركة هو التنبيه والتحذير والإعلان عن حرمة الرجوع إلى قواميس اللغة لتفسير مقولات الشرع بضرب بيانات النبي عرض الجدار ، وهذه الحرمة مما أجمع عليها أهل السنّة علاوة على الشيعة ؛ يدلّ على ذلك أنّك لا تجد عالماً سنّياً يفسر الحج ، الصلاة ، الزكاة ، الجهاد ، الحوض ، المعراج ، جهنّم ، الجنّة ، الملائكة ، وكذلك التوحيد ، المعاد ، الحساب ...، بقواميس اللغة ، بل ببيانات النبي والوحي ، وهذا مجمع عليه بينهم ؛ فعلى الأخوة الشيعة جميعاً الحذر من ذلك وأن لا يُستدرجوا من قبل الوهابية في الحوارات التي بينهم إلى قواميس اللغة ؛ فهذا مقصود خبيث منهم ، وهو تحريف لكلام الله ورسوله ..
فالذي يمزق الفؤاد أنّ أتباع ابن تيمية ، وخاصّة الوهابيّة والسلفيّة ، أرادوا استغفال بعض الشيعة بالرجوع إلى كلمات أهل اللغة في تفسير مقولات من قبيل مثل الولاية ، أهل البيت ، حسب ما جاء في لغة العرب ، وهذا العمل كما اتضح محرّم تماماً ؛ لحرمة الرجوع لقواميس اللغة لتفسير المقولات الشرعيّة بضرب بيانات النبي عرض الجدار ؛ لكونه تحريفاً لشريعة سيّد المرسلين ، وهذا يعرفه أهل السنّة مجمع عليه بينهم ، لكنّهم –أخصّ الوهابيّة- استغفلوا النّاس فيه فيما يخص أهل البيت عليهم السلام ..
ومن أهمّ الألفاظ الشرعيّة على مستوى العقيدة والتشريع ، هو لفظ أهل البيت عليهم السلام ؛ ولقد جزم المفسرون في آية المباهلة أنّهم الخمسة علي وفاطمة والحسن والحسين علاوة على النبيّ عليهم السلام جميعاً ..
وكذلك حديث الثقلين المتواتر ؛ ففيه قال النبي : اللهم هؤلاء أهل بيتي . وهو نصّ في أنّ أهل البيت عليهم السلام هم هؤلاء الخمسة دون غيرهم من العالمين ؛ يشهد لذلك أنّه صلى الله عليه وآله وسلم رفض أن تكون أم سلمة من أهل البيت ..
ولقد جاء الوهابيّة وعامة أتباع ابن تيمية فقالوا بأنّ أهل البيت تعني كلّ عشيرته كما قال أهل اللغة ، فضربوا بيان النبي في أنّ أهل البيت خصوص الخمسة أصحاب الكساء ، استغفالاً منهم للأمّة ..
والحاصل : فإنّه يحرم الرجوع إلى اللغة لتفسير المقولات الشرعيّة بمعان لغويّة ذكرها أهل اللغة من دون بيان النبي ؛ لأنّه زيغ كما جزمت آية الزيغ ، نعم أجمع العلماء بجواز الرجوع الى اللغة لكن بعد الفحص الكامل عن بيانات النبي ؛ فإن وجدنا بيانات النبي فبها ، وإن لم نجد فاللغة متعيّنة حينئذ ..
فانتبهوا يا شيعة يا موالين رحمكم الله ، لا يستغفلنّكم الوهابيّة في ذلك
([1]) سورة آل عمران : 7 .
([2]) سورة النحل : 44 .
|
|
|
|
|