|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 50970
|
الإنتساب : May 2010
|
المشاركات : 13
|
بمعدل : 0.00 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
حوزة البتول العلمية
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 22-06-2010 الساعة : 10:03 AM
التدبر
المفتاح الأول
المعاني :
الصدر : لها عدة معاني في اللغة ومنها :
التي يحيط بها الصدر
1) أول الشي فيقولون صدر النهار ويعنون به أوله .
2) جزء من جذع الإنسان بين العنق والحجاب الحاجز التي يحيط بها الصدر والضلوع .
العاقل : مأخوذ من العقل وهو ما يميز به الحسن والقبيح والخير والشر والحق والباطل وما يكون فيه التفكير والإستدلال .
والعاقل : هو الجامع لأمره ورأيه مأخوذ من عقلتُ البعيرإذا جمعت قوائمه ،
وقيل الذي يحبس نفسه ويردها عن هواها .
الصندوق : وعاء يحفظ فيه الثياب والأشياء الثمينة ، وقيل هو توريد شيء متاح للأستخدام في المستقبل .
السر : جمع أسرار وأسررت الشيء أي أخفيته ، وقيل عمل السر من خير أو شر قال الله تعالى : (( وأسروا الندامة لما رأوا العذاب ))
وقيل : ما يكتمه الإنسان في نفسه ويخفيه عن الآخرين .
التدبر :
عالج أمير المؤمنين هذا الجزء من الحكمة بالطريقة السليمة التي يجب على العاقل أن يأخذ بها وهي كتمان السر وحفظه وهو المفتاح الأول .
وبدأ الإمام عليه السلام ( بالصدر ) وهو جزء من جذع الإنسان بين العنق والحجاب الحاجز والإمام لا يقصد بها الصدر الحافظ لأعضاء الإنسان فقط ، وإنما يراد بها القلب ، لأن القلب لا يكون إلا في الصدر ، وقد أكد هذا المعنى القرآن الكريم في قوله تعالى : (( ولكن تعي القلوب التي في الصدور )) .
والقلب هو أمير الجوارح في صدر الإنسان والسمع والبصر من أدوات القلب ، ولكن الإمام عليه السلام استخدم كلمة ( الصدر ) لتكون أبلغ ودليل على سعة صدر الإنسان وإنه يستطيع أن يحفظ فيه كل ما يخالج ويجول في نفسه من أحاديث أو أسرار ، ولا يكون ذلك إلا عند العاقل الجامع لأمره ورأيه ، وهو الذي يحبس نفسه ويردها عن هواها ، كما هو الذي يزن الأمور ليجعل من صدره مفتاح لذاته يستطيع به أن يفتحه أو يقفله متى شاء .
وبهذا المفتاح يستطيع أن يعالج نفسه من المخاطر الإجتماعية التي تواجهه في حياته ، فالإنسان بطبعه معرض للمشاكل والهموم والغموم ويشعر في ذاته بالإحتياج إلى الآخرين ، ولكن لمن يلجأ في هذه الأثناء !، فهو معرض للأختيار أما أن يختار الناس ويقدم مشاكله وهمومه لهم يتنظر حلها ، وبهذا شاع سره بينهم ، وقد قيل كل سر جاوز الأثنين شاع ، وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام (( من كتم سره كانت الخيره بيده وكل حديث جاورا اثنين فشا )) " البحار 72 "
وبهذا عرض هذه المشكلة للشياع وكشف نفسه أمام الآخرين ، وعند كشف ساحته أمام الناس بيّن بها نقاط ضعفه .
وحينئذ يضعف عن مواجهة المصاعب ويعجز عن التأقلم مع الناس وقد يستقل الآخرون هذه الأمور ليشنوا من خلالها حروب ضارية ضده ولا شك سوف يكون هو الخاسر لأن ذلك سيكون مكمن ضعفه ومحطة لسقوطه .
ولكن أمير المؤمنين عليه السلام يجد العلاج المناسب الذي به يحفظ للمؤمن كرامته أمام الآخرين ولا يعرض نفسه للإهانة والأستبداد ، وليس له إلا الخيار الآخر بأن يحتفظ بهذه المشكلة لنفسه فيما بينه وبين ربه فيكون صدره وفكره هو صندوق أمين لا يفتح أمام الآخرين ليطلعوا على ما فيه .
ولا يقوم بهذا الدور إلا العاقل الحافظ لسره ، فقد وهب الله لجميع البشرية العقل وخاطبه " أقبل فأقبل وأدبر فأدبر " وكما قال الإمام علي عليه السلام (( لا غنى كالعقل ولا فقهر كالجهل )) ، والقرآن أسس الحياة والحضارية والمدنية على أساس العقل حتى قيل أن الحضارة الإسلامية حضارة عقلية ، وقد خاطب القرآن العقل ودعا إلى التفكر والتأمل ، ومنها أن يجعل من صدره صندوق لسره ، عن الإمام علي عليه السلام قال : (( على العاقل أن يحصد على نفسه مساويها في الدين والرأي والأخلاق والأدب فيجمع ذلك في صدره ، أو في كتاب ويعمل في إزالته )) " البحار ج 78 "
ومن خلال هذا المقطع من الحكمة بيّن الإمام الصورة الجمالية ذات الطابع الرفيع والذوق الأصيل والتي شبه فيها الصدر بالصندوق لحفظه للأشياء الثمينة والغالية ، فهو الضمان للأنسان بالأمان وعدم الخيانة للأسرار الذاتية الخاصة بالأنسان الحر الذي يجد من صدره وعاء مُلئ بالأسرار التي تعتبر مصدر قوة طالما حفظت ، وعلى العكس تنقلب إلى مصدر ضعف إذا صُدّرت .
وفي ذلك قول الإمام عليه السلام (( سرك سرورك أن كتمته وأن أذعته كان ثبورك )) وقوله (( سرك أسيرك فأن أفشيته صرت أسيره )) .
وهذا الأمر لا شذوذ فيه حيث يجد بعض الناس أنهم يحتاجون إلى مستودع لأسرارهم ويثقون ببعض الأشخاص فيغضون إليهم بما يملكون .
ومن هذا يجب الإنتباه إلى عدة قواعد يشير إليها الإمام عليه السلام :
الأولى : هذه الكلمات تتحدث عن صفة من صفات العقلاء ومحاسنهم وإنّ كتم أسرارهم من صفاتهم التي تنبأ عن مدى حكمتهم ودرايتهم في تحمل المسؤلية الصعبة ، ومن هذه الشخصيات نجدها متمثلة في بعض الزعماء العظام في الوقت الحالي ومن بينهم (( السيد حسن نصر الله حفظه الله )) حيث التكتم في بعض الأحيان والإفصاح في أحيان أخرى حسب الظروف المتاحة له ، فحفظه لأسرار بلده و أسرار شعبه جعل من شخصه و إنسانيته ذو ارتباط عظيم بينه وبين الله وبينه وبين الآخرين ، مما أدى إلى الإنتصارات العظيمة والمستهدفة ضد العدو الغازي لأرضه .
وهذا على الصعيد العام ، وأما على نطاق أضيق نجد أنّ حفظ الأسرار في الحروب من أجّل الأمور العظيمة لمواجهة العدو .
ونرى ذلك واضح بما فعله " نعيم بن مسعود " في صفوف العدو من قريش مما أدى إلى زعزعة الثقة في صفوفهم ، وأدى إلى حرب نفسية داخلية بينهم مما أدى إلى تقهقرهم وانهزامهم في الحرب .
الثانية : كلما كثر خزان الأسرار كثر ضياعها ، فالسر لا يعود سرا إذا علمه غيرك ، وبالتالي فلا يعود هناك مجال خصوصية ينعزل به الإنسان ليشعر بذاته بل يصبح مكشوفاً أمام الآخرين .
الثالثة : أنه لا أمان لأحد على الإطلاق حتى لو ظننت أنه كيس وأمين وعاقل ولذلك يشير انفرد بسرك ولا تودعه حازما فيزل ولا جاهلا فيخون .
وقد صدق الشاعر حيث قال :
فلا تفش سرّك إلّا إليك ...... فأن لكل نصيح نصيحا
وإني رأيت غواة الرجال ...... لا يتركون أديما صحيحا
فكأنما أنك اتخذت فلانا أميناً ونصيحاً فلا بد أن لهذا الشخص أيضاً نصيحاً يخبره بالأسرار ومن بينها سرك ، كما أن عادة الناس وخصوصاَ ذوي النوايا السيئة منهم أن يتربصوا بالأسرار ليمسكوا صاحبها أسيرا في مواطن ضعفه .
ولا يظنن من لا يحفظ سر نفسه أن هناك من يمكن أن يحفظ سّره لأن الحكمة تقول :
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه .... فصدر الذي يستودع السر أضيق .
ولأمير المؤمنين عليه السلام الكثير من الحكم التي توضح هذا المعنى فهو القائل :
ما لمت أحدا على إذاعة سري إذا كنت به أضيق منه .
هذا بالإضافة إلى أن الذي لا يستطيع أن يحفظ سر نفسه فكيف يمكن أن نتصور أمانته في مجال آخر ، ولذلك أشار أمرؤ القيس حيث يقول :
إذا المرء لم يخزن عليه لسانه .... فليس على شيء سواه بخازن
ومن ضاق بسره فلا يلومن من أفشاه والحق خاص بصاحبه ، وعلى كل إنسان أن يحترم هذا الحق ويقدسه ، ويحرم التجسس عليه ، ولكن الغرب قد انتهك هذا الحق واخترع للتجسس على الشعوب والبيوت والأفراد آلات مذهلة شديدة الدقة ، وقد هددت حرية الإنسان وأصبحت حياته وأسراره مشاعا للذين يملكون هذه الآلآت ويبيعونها كالسلعة لمن يدفع الثمن وفتحوا بنوكا وحوانيت ليبيعها علانية وعلى علم من السلطة التي تصون الأمن الحريات .
وهكذا حولوا العلم من العمل لصالح الإنسان وخدمته إلى الإضرار به والإعتداء عليه والقضاء على حريته ، وفرضوا عليه لوناً جديداً من الضغط لا نظير له حتى في عصور الجهل والتخلف .
ويضرب التجسس من الأفراد الفلسطينين والعراقيين البعثيين وخيانتهم لأوطانهم وبيع ضمائرهم للأعداء مثالاً واضحاً للأحداث التي أدت إلى قتل الناس وتدمير لأوطانهم وضياع لحقوقهم العامة والخاصة .
فوائد حفظ الأسرار :
1/ جمع خير الدنيا والآخرة عن الإمام علي عليه السلام قال : (( جمع خير الدنيا والآخرة في كتمان السّر ومصادقة الأخيار وجمع الشر في الإذاعة ومواخاة الأشرار ))
كما قال (( من كتم سره كانت الخيرة بيده وكل حديث جاوزا اثنين فشا )) " البحار ج 72 "
2/ هو مصدر قوة ومنعة حاجز للنفس البشرية ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : (( من كتم سره كانت الخيرة بيده )) أي أنه لا يهون أمام شيء ذلك أنه لا أحد يملك سره ليسقطه ويضعفه من خلاله فتبقي خيارات القوة والمنعة مفتوحة أمامه .
3/ بعض الحاجات لا يستقيم قضاؤها إلا بالكتمان ومن الجهل والحمق إفشاؤها وإذاعتها عن أمير المؤمنين عليه السلام (( انجح الأمور ما أحاط به الكتمان )) " غرر الحكم "
4/ إذاعة السر هي الذل بعينه وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال (( ورضي بالذل من كشف عن ضره وهانت عليه نفسه من أمر عليها لسانه ))
5/ كشف الأسرار المنهي عنها وإنها تعد من الجهل عن الإمام علي عليه السلام قال (( من عقل الرجل أن لا يتكلم بجميع ما أحاط به علمه )) وقال (( لا تتكلم بكل ما تعلم فكفى بذلك جهلاً )) كما قال (( العاقل لا يتكلم إلا بحاجته أو حجّته )) " غرر الحكم "
المفتاح الثاني
البشاشة حبالة المودّة
المعاني :
البشاشة : طلاقة الوجه وانشراحه ، كما يقول البشر دال على السخاء من ممدوحك وعلى الود من صديقك دلالة النور على الثمر .
حبالة : قيل إنها شبكة الصيد وهي ما يصاد بها من أي شيء كان ، وقيل الذي ينصب الحبالة للصيد ، وقيل من الحبل وهو ما يعقد من الخيوط .
والبشوش يصيد موادت القلوب .
المودة : الود والمحبة وتكون في جميع مداخل الخير .
التدبر :
المفتاح الثاني : بشاشة الوجه .
إن التركيبة الطبيعية لجسم الإنسان وعقله ونوعية صفاته حميدة كانت أم ذو صفات سئيئة لها أثرها العميق في تكوين شخصية الإنسان وتألقه في مجتمعه .
فنلاحظ كثير من الأفراد يحكمون على الآخرين من تفحص وجهوهم وكشف ملامحهم من خلال ما يلبسه الآخر أو حتى نبرات أصواتهم أو تكوينهم الجسمي ، وهذه انطباعات الشخصية عنه تحدد الإدراك لهذا الشخص ومن ثم وضعه في فئة معينة يترتب عليها بعد ذلك بقبوله أو عدمه في نفس الإنسان لأنه ذو صفات لا تتلائم ولا تتألف مع نفس الفاحص لها .
فالنظرة السريعة أو اللقاء السريع الخاطف يحدد احياناً الكثير من الأنطباعات عن الشخص المقابل له ومدى التقارب النفسي منه ، ويعيش الإنسان بعدها في تسائل في داخله ، ومنها هل يمكن أن يتقبله أم يشعر إنه ذو سمات وشخصية بعيدة عنه .
فالبعض يتقابل مع الآخر ويبدو له إنه يعرف هذا الشخص منذ زمن طويل ، رغم إنه كان اللقاء الأول لكلاهما ولكن الشعور بالتقارب جعل كلاهما يكّون انطباعات مقبولة إيجابية عن الآخر أو شيئاً من الألفة النفسية منذ الوهلة الأولى ، وتسمى في علم النفس الإجتماعي (( بالإدراك الإجتماعي )) .
إن الإمام علي عليه السلا يشير في هذه الفقرة إلى ما يتحدث عنه علم النفس فيما يسمى عملية الإدراك الإجتماعي ، وهي عملية تكوين الأنطباعات عن الآخرين وتقويمهم ومدى إمكانية الحكم على سلوكهم وخصائصهم الخارجية والداخلية ، النفسية والبدنية وخصالهم ، وتضم خصائصهم بعض أوسع مشاعرهم لحظات التفاعل الأولى ، مدى التقبل أو نقيضه ، البشاشة أو التجهم في الشكل الظاهري للشخصية ... الخ .
فإن كل شخص تقابله يحصل لديه إدراك إجتماعي منذ اللحظة الأولى وكما أن هناك حباً من النظرة الأولى فإن هناك جفاء من النظرة الأولى أيضاً , وكيف يمكنك أن تسيطر على الإدراك الأجتماعي للآخرين ؟؟
يقول الإمام عليه السلام أن العلاج إلى ذلك والطريق الموصل إليه هو من خلال إظهار البشاشة التي تعطي هالة للشخص البشوش تجذب إليه الناس ، حيث يميل البشوش عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : (( القِ أخاك بوجه منبسط )) . البحار ج74 .
وهذه النعمة التي أنعم الله بها على الأنسان أن جعل له ثغر ذو ابتسلمة براقة ومشرقة تعطي للحياة طابع خاص وتجعل التغير دارج في الحياة العامة الملئية بالأحزان والهموم والغموم والمشاكل الخاصة بالنفس البشرية اليائسة من الحياة ولكن بمنظار الحب والودّ نستطيع أن نجذب الآخرين بسلاح فتاك يعطي للحياة نفس جديدة ورسالة معبرة عن ما يكنّه الإنسان من مشاعر وأحاسيس جياشة يضع بها المعجزات الكونية للإنسان ويستميل بها القلوب المنكسرة لتنعم بحياة أفضل وتفائل أشمل للجميع ، وقد شبه الإمام البشاشة وكسب الآخرين بالحبالة وهي شبكة الصيد التي يصطاد بها الصياد فريسته وقيل أنه الحبل الذي به يتمكن من صيد الحيوانات .
كما يمكنه أن يصيد بها قلوب الناس المؤمنة ويمتلكها ويأسرها بين أضلاعه ، وذلك بالودّ والحب الذي هو الميل إلى الأشخاص أو الأشياء العزيزة أو الجذابة أو النافعة وأفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله ويأتي بعدها مودة ومحبة أهل البيت عليهم السلام قال تعالى : (( قل لا أسئلكم عليه اجراً إلا المودة في القربى )) .
فإذا كانت البشاشة في وجه المؤمن حسنة فهي في وجه السادة والعلويين من أهل بيت النبوة أعظم درجة عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وآلهِ وسلم ، كرامة للنبي ولأهل بيته عليهم السلام .
ويمكن أن نقسم الوجوه إلى قسمين :
1/ الوجه البشوش . 2/ الوجه العابس أو الكئيب .
الوجه البشوش :
وهم فئة يمتلكون وجهاً بشوشاً وحسناً بهياً ، وهذه الحالة التي تعتبر من صفات الشخصية في حسن التآلف مع المحيط الإجتماعي تبدوُ واضحة تماماً على وجوههم ، ومثل هؤلاء ليس مجبرين على تحمل العناء في التصنع والتكلف لأنهم يمتلكون وجهاً جميلاً ساحراً جذاب ، وعبارات حسن الخلق من خصالهم . فهم لا يستطيعون في الحالات الطبيعية أن يظهروا امام الآخرين وعلامات الغضب والإنفعال بادية على وجوههم ولمزيد من التوضيح يمكننّا أن نقول : إن طلاقة الوجه وحسن البشر هما من صفات الشخصية وعوامل النفوذ الأجتماعي قد اجتمعا فيهم تلقائياً .
والبشاشة فضيلة إجتماعية مميزة ، فالإنسان البشوش يسعد الناس ببشاشته ، يشركهم معه في فرحه أو في سلامه وهم يستبشرونه إذ ينقلهم إلى نفس مشاعر البهجة التي له ، إنه يشيع السلام حوله ، ويبعث الطمأنينة في قلوب الآخرين .
وبشاشته تشع من نظرات عينيه ، ومن إبتسامته ، ومن ملامح وجهه ، ومن اسلوب حديثه ، إنه نفس مستريحة من الداخل ، وقادرة على إراحة الغير ، تُشعر من حولها بأنه لا يوجد ما يدعو إلى الكآبة ، بل هناك فرح على رغم من كل شيء .
الإنسان البشوش لا يسمح للمشاكل بأن تحصره داخلها وإنما يكسر دائرتها ، ويفتح له باباً ليخرج منها ..
إنه لا يعتمد على عقله وحده ، وإنما على الإيمان بالأكثر (( الإيمان بالله )) الذي يحب البشر دائماً ، ودائماً يعمل معهم خيراً فإن كنا لا نرى هذا الخير فذلك قصور منا لا يمنع من وجود الخير أو من انتظار مجيئه .
فالإنسان البشوش ، حق إن حاربته الأحزان من كل جانب ، يقول لنفسه : (( وما ذنب الناس في أن يروني عابس الوجه فيحزنوا ؟!
لذلك فهو نيل نفسه أن أدركه الحزن يحتفظ به لذاته وحده ويقدم البشاشة للأخرين , فهو لا يشركهم في الحزن بل في الفرح , الإنسان البشوش ينتصر على المتاعب ولا تنتصر المتاعب عليه ..
إنه لا يقع في الحصر النفسي , ولا تكون نفسه عدوه له في داخله . وهنا يكون عقله صديقاً له , ودائماً يريحه .
الإنسان البشوش حقاً هو الذي يتمتع بالبشاشه الداخليه فهو ليس فقط بشوشاً في مظهره من الخارج , بل البشاشه تملك أعماق قلبه وفكره , وتتبع من داخله , فلا يعملهما .
إذا أخطأ : فبدلاً من ان يفقد بشاشه يعمل على إصلاح الخطأ , وبعدها يعيش في سلام داخلي وفي سلام مع الله ..
فأن الكثير إذا وقعوا في خطأ أو في مشكلة , يكون الرد الطبيعي عندهم الكآبه ...
الوجه العابس أو الكئيب :
وعلى العكس من الوجه الآخر نجد العابس الذي ينظر إلى الحياة نظرة تشاؤم وبمنظار أسود وأهدافه غير محدودة , كما إنه يشعر بالوحدة وعدم مرافقة الآخرين , كما إن عقله ألد أعدائه , لأنه يصور له متاعب ربما لا وجود لها , ودائماً يضخم له مايمكن أن تنتظره من مشاكل , ويغلق أمامه أبواب الحلول !
وإذا أراد أن يخرج من دائرته يقول " لا تنسى المتاعب التي ستقابلك !
وبهذه الصفات لا يستطيع أن ينشى علاقة مع الآخرين لأن حبل المودة مقطوع بينهم بخلاف البشوش فإن الإبتسامه مفتاح إلى قلوب الجميع ونستطيع أن نضع الحل المناسب لأصحاب الوجوه العابسة , بأن التغير لابد أن يكون جدرياً من الاساس يفي من داخل الإنسان وأن يحاولوا كثيراً لاكتساب البشاشه وأن يسعوا إلى التحلي بهذه الصفة عن طريق التمرين حتى يتمكنوا من تحقيق النجاح في تعاملهم الآجتماعي وتألفهم مع المحيط , فمن السهل أمتلاك قلوب الأخرين وأسرها بالإبتسامه إذا خرجت من القلب دخلت القلب تماماً ككلمة الصدق والإخلاص .
أما ابتسامة المكر فهي وكلمة النفاق سواء , تخرج من الحناجر ولا تتجاوز الأذان .
وعلى الرغم من سهولة استخدام البشاشه والإبتسامة إلا اننا نفقدها اليوم في الكثيرين من موظفين وأطباء ورجال أعمال ومدرسين وغيرهم ممن ينبغي أن يكونوا أول من يتحلى بها لإشاعه روح الحب والإخاء والمودة والبشاشه وتحل للطمأنينة محل الشك والريب , وديننا الحنيف يعلمنا ثمرات الرحمة حتى يكسب الجميع بعضهم البعض .
ونجد الرسول الكريم يوصينا بالتبسم والبشاشة قال : " تبسمك في وجه أخيك صدقة "
وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً : " لاتحقرن من المعروف شيئاَ ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق "
فوائـد البشاشة :
1 ) المفتاح الأول لحل المشكلات وفتح أبواب السعادة وقد تكون الدواء الوحيد الذي يبقى لعلاج هموم القلب .
2) من الصفات التي تميز المؤمن التقي لأنه يسعد بها نفسه والآخرين , ويصيد بها مودات القلوب ويظهره إلى الآخرين وكان يقال ثلاث تبين لك الود في صدر أخيك تتلقاه بشرك , وتبدؤه بالسلام وتوسع له في المجلس .
3 ) توازن النفوس وتزرع التفاؤل وتقرب الناس وتلطف الأجواء .
4 ) كسب الناس لايكون بالآموال وأنما ببسط الوجه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق "
5 ) إنها تسبب المحبة وتدل على كرم النفس , عن الإمام علي عليه السلآم قال : " سبب المحبه البشر "
وقال : " إن بشر المؤمن في وجهه "
وقال : " بشراك يدل على كرم نفسك " " غرر الحكم "
6 ) البشاشه تزيل الحقد والضغينة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : " حسن البشر يذهب السخيمه " " غرر الحكم السخيمة : هي الحقد والضغينة .
7 ) البشوش يغفر له ذنبه لقول الأمام علي عليه السلام : " إذا أجتمع المسلمان وتذاكرا غفر الله لإبشهما بصاحبه "
8 ) البشاشه هي أول البر والبر معبر المودة والمحبة بين الناس عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال : " البشر مبره والعبوس معرة وهو مايعبر عنه في حديث أخر " البشر أول البر "
9) منه تبدأ النظر’ الإيجابيه في الإدراك الإجتماعي للآخرين , وفيه يقول الشاعر :
أحن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان10 ) البشاشه دليل على القوة وكسر الحواجز بينه وبين الناس , وقدرته على وضع الظروف الملائمة لذلك يقول : " الطلاقة شيمة الحر "
11 ) حصانه و وقاية من الأشخاص ذوي السلوك المعاند عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : " البشر يطفىْ نار المعاندة "
12 ) مصدر الأنس لدى الإنسان وبه يخفى احزانه وهمومه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : " فالبشر يؤنس الرفاق "
ويشير أيضاً إلى أن بشر المؤمن في وجه وحزنه في قلبه .
13 ) لها رونق وجمال , وتعابير تضفي على وجه صاحبها الراحة والأستقرار .
14 ) وأخيراً ان حسن البشر يؤدي إلى كسب المحبه ودخول الجنه والبعد عن النارعن إبي عبدالله عليه السلام قال : " صنائع المعروف وحسن البشر يكسبان المحبه ويدخلان الجنة والبخل وعبوس الوجه يبعدان من الله ويدخلان النار .
الفوائد الصحية للبشاشة :
1) تحفظ الإنسان صحته النفسية والبدنية .
2 ) تنشط الدورة الدموية وتساعد على تحقيق ضغط الدم .
3 ) تزيد من مناعة الجسم ضد الأمراض والضغوطات النفسية والحياتية .
4 ) يساعد المخ على الأحتفاظ بكمية كافية من الأوكسجين .5 ) لها أثار إيجابية على وظيفة القلب والبدن والمخ .
6 ) يتمتع البشوش بنبض سليم متزن .
7 ) تسرب الهدوء والطمأنينة إلى داخل النفس .
8 ) تزيد الوجه جمالاً وبهاء .
9 ) البشاشة نوع من العلاج الوقائي لأمراض العصر .
10 ) صمام أمان من القلق والكبت والكآبة والتوتر العصبي
11 ) يخفق من حموضة المعدة ويزيد من أفرازات الغدد الصماء مثل غدة البنكرياس والكضرية والدرقية والنخامية .
12 ) تكرارها يؤدي إلى الراحة والأرتخاء ويجعل الأنسان أكثر أستقراراً .
13 ) أثبتت التجارب الحالية إلى أن البشاشة سلاح فعال ضد التجاعيد أو على أقل تقدير تؤثر في تأخير ظهور التجاعيد بسبب ارتخاء عضلات الوجه أثناء الأبتسامه والبشاشة مع الأخرين .
يتبع ..
|
|
|
|
|