|
شيعي فاطمي
|
رقم العضوية : 23528
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 4,921
|
بمعدل : 0.84 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
إشكالية الإمامة المبكرة
بتاريخ : 03-06-2010 الساعة : 04:17 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
إشكالية الإمامة المبكرة
الإمام المهدي عليه السلام انموذجاً الأستاذ: حسن عبد الأمير الظالمي/ باحث ومحرر في مجلة الإنتظار ولد الإمام المهدي عليه السلام ليلة النصف من شعبان سنة 255هـ، وتوفي والده الإمام العسكري عليه السلام في الثامن من ربيع الأوّل سنة 260هـ فيكون عمره حين تـولى الإمامة أقل من خمس سنوات، وقد أثيرت حول هذه النقطة الكثير من التســاؤلات
حول إمكانية اضطلاع صبي بمنصب الإمامة الإلهية فقال جماعة: كيف يأتم الشيعة بصبي صغير عمره خمس سنوات؟ وكيف يسندون أمور دينهم إليه وهو لم يبلغ الحلم؟ وللرد على هذه الشبهة، نبحث الموضوع تحت عنوانين هما:
أولاً: الصعيد النظري:
ونبحث هذا الاشكال في النقاط التالية:
1 ـ إن الاشكال بصغر السن قد أبطله القرآن الكريم من خلال واقعتين أوردهما في محلين مختلفين:
أ_ تحدث القرآن في سورة مريم عن تكلم عيسى في المهد وبعثه من قبل الله نبيا وإتيانه الكتاب، وذلك في قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام (قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيّا، وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّا)(1) وكان حينها رضيعاً له من العمر عدة أيام...
2- أثبت الله تعالى _ وهو يذكر يحيى بن زكريا _ له النبوة والحكمة وهو ما يزال صبيا.قال تعالى (يا يحيى خذ الكتاب بقوة وأتيناه الحكم صبيّا).(2)
2 ـ يستند أئمة الشيعة إلى الآيتين الكريمتين اللتين تتحدثان عن نبوة عيسى ويحيى في صغر سنهما في تولية الإمامة لمن هو صغير السن،فقد استند إليهما الإمام الباقر عليه السلام بقوله (في الكافي عن يزيد الكناسي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام: أكان عيسى بن مريم حين تكلم في المهد حجة الله على أهل زمانه؟ فقال عليه السلام: كان يومئذ نبياً لله غير مرسل، أما تسمع قوله حين قال: (إني عبد الله آتاني الكتاب ...الخ) قلتُ: فكان يومئذ حجة الله على زكريا في تلك الحال وهو في المهد؟ فقال: كان عيسى في تلك الحال آية للناس ورحمة من الله لمريم حين تكلم ، فعّبر عنها_وكان نبيا_ حجة على من سمع كلامه في تلك الحال، ثم صمت فلم يتكلم حتى مضت سنتان وكان زكريا بالحجة لله عز وجل على الناس بعد صمت عيسى سنين، ثم مات زكريا فورث ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير، أما تسمع لقوله عز وجل: يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا).(3)
وكذلك احتجّ بهذه الآية الإمام الرضا عليه السلام: (عن صفوان بن يحيى: قلت للرضا: قد كنا نسألك.... فان كان كون فإلى من؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر _أي الجواد _ وهو قائم بين يديه، فقلت: جعلت فداك، هذا ابن ثلاث سنين؟ قال: وما يضّره من ذلك،قد قام عيسى بالحجة وهو ابن ثلاث سنين عليه السلام.(4)
وعن بعض الأصحاب: قلت لأبي جعفر الثاني: إنهم يقولون في حداثة سنك، فقال: إن الله تعالى أوحى إلى داود أن يستخلف سليمان وهو صبي يرعى الغنم.(5)
3) قرن أئمة أهل البيت الإمامة بالنبوة من حيث جواز أن يكلف أحد الأنبياء أو الأوصياء بها في مثل هذا السن فقد (روي عن الصفار بإسناده عن عليّ بن أسباط قال: رأيت أبا جعفر قد خرج عليّ ... إلى أن قال (والكلام للإمام)إن الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج في النبوة، قال تعالى (وآتيناه الحكم صبيا) قد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبي).(6)
4 ـ عن هذا السن المبكرة تساءل علماؤنا الذين عاصروا الأئمّة المعصومين واستفهموا منهم حولها فهذا أحدهم يسأل الإمام الجواد عليه السلام كما في الرواية (روى العياش عن عليّ بن أسباط عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك، إنهم يقولون في الحداثة، قال: وأي شيء يقولون؟ إن الله تعالى يقول: (قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة انا ومن اتبعني _يوسف 108) فو الله ما كان أتبعه إلا عليّ وهو ابن سبع سنين، ومضى أبي وانا ابن تسع سنين،(7) وكذلك جاءت هذه المساءلة مع الإمام الباقر عليه السلام (عن أبي الجارود عن أبي جعفر الباقر إنه سمعه يقول (الأمر في اصغرنا سناً وأخملنا ذكراً).(8)
5 ـ ورد في أحاديث عن علماء السنة ما يثبت ذلك ،قال أبن حجر الهيثمي في صواعقه عند ذكر الإمام الحسن العسكري قال: (ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمّد الحجة وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين، آتاه الله فيها الحكمة).(9)
6 ـ (ان هذه السن ليست بعيدة عن السن التي قام بالإمامة فيها جده الأعلى محمّد الجواد ثمّ جده الأدنى عليّ الهادي عليهما السلام، فالأول اضطلع بالإمامة وهو في الثامنة (ولد الجواد سنة195 وتوفي الرضا سنة203) ولم يغب عن المجتمع، وقد اختبره المأمون ودمغ من تصدى لامتحانه قاضي القضاة يحيى بن أكثم ومن معه بما أذلّهم واخزاهم،كما ولد الهادي سنة 212 واضطلع بالإمامة سنة220 فعمره ثماني سنوات وشأنه شأن أبيه).(10)
وهذا ما أوجزه الشيخ المفيد رضي الله عنه بالقول (كان سنّه عند وفاة أبيه خمس سنين آتاه الله فيها الحكمة وفصل الخطاب وجعله أية للعالمين وآتاه الحكمة كما آتاها يحيى صبيا وجعله إماماً في حال الطفولية الظاهرة كما جعل عيسى بن مريم في المهد نبياً، وقد سبق النص عليه في ملة الإسلام من نبي الهدى).(11)
ثانياً: صعيد الواقع العملي.
وأما إذا عدنا إلى أرض الواقع لنستقرئ التاريخ والحوادث التي وقعت في بدايات حياة الإمام الحجة عليه السلام فأننا نرى وبما لا يقبل الشك إماما كامل الأهلية من خلال ما قام به من أعمال وما أصدره من أوامر، ونبحث هذا الدليل بما يأتي:
1) لا يمنع الدليل القائم على التجربة الحسية ظهور بعض المواهب والقابليات الخارقة للعادة، وقد أفرد بعضهم باباً خاصاً للموهوبين الذين أثبت العلم قابلياتهم وقدراتهم الفائقة وهم لا يزالون صغاراً وقال الكاتب معقباً (إن وقوع ما يجاوز المستويات المعروفة في الذكاء والقدرة على الاستيعاب بالصورة التي يرى فيها الأمر خارقاً للعادة بالمقاييس العلمية في عدد من الأطفال يصح إشارة إلى تلك المواهب الاعجازية الاسمى التي لا يشارك الرسل والأئمة فيها أحد بحكم وظيفتهم كأنسان معبر عن الله تعالى ـ).(12)
2) لقد اضطلع الإمام المهدي بأعباء الإمامة فعلاً وهو بهذه السن، وقد أصدر عليه السلام خلال توقيعاته وإجاباته إلى وكلائه الكثير من الأوامر التي أخذوها عنه وسلموا بها وأرسلوها الى شيعتهم في بقاع الأرض وهم علماء كبار من علماء الأمة عرفوا بجلالة قدرهم علماً وعملاً، ولاتجد الناس حرجاً في مراجعتهم والاخذ عنهم طيلة فترة الغيبة الصغرى، وقد ظهرت لهم معجزات تكفي للدلالة على إمامته عليه السلام ، وكمثال على ذلك: إستقبل الإمام المهدي عليه السلام وفداً من القميين الذين جاءوا عند وفاة الإمام العسكري ورفضوا تسليم الحقوق إلى أخيه جعفر، في رواية طويلة موضع الشاهد منها: (....فلما خرجوا من البلد خرج إليهم غلام أحسن الناس وجهاً كأنه خادم فناداهم يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان اجيبوا مولاكم.
فقالوا: أنت مولانا
قال: معاذ الله، أنا عبد مولاكم.
قال: فسرنا معه حتّى دخلنا دار مولانا الحسن بن عليّ عليه السلام فإذا ولده القائم سيدنا عليه السلام قاعد على سرير كأنه فلقة قمر، عليه ثياب خضر، فسلمنا عليه فردّ السلام ثمّ قال: جملة المال كذا وكذا دينار،حمل فلان كذا وحمل فلان كذا، ولم يزل يصف حتّى وصف الجميع،ثمّ وصف ثيابنا ورحلنا وما كان معنا من الدواب، فخررنا سجداً لله عز وجل شكراً لما عرفنا، وقبلنا الأرض بين يديه، وسألناه عما أردنا، فأجاب، فحملنا إليه الأموال، وأمرنا القائم عليه السلام أن لا نحمل إلى سرّ من رأى بعدها من المال،فانه ينصب لنا ببغداد رجلاً تحمل إليه الاموال وتخرج التوقيعات).(13)
3) عند وفاة أبيه الحسن العسكري عليه السلام في الثامن من ربيع الثاني سنة 260هـ تجمع الشيعة في داره وانتظروا من يصلي عليه وكان معهم من أركان الدولة العباسية وقادة الجند وعلية القوم، فلما قام جعفر بن علي ليصلي عليه أمام الناس ظهر الإمام بخطوات ثابتة رابط الجاش قوي العزيمة وهو يعلم أنه مطلوب للدولة وجذب عمه جانباً ووقف بنفسه ليؤم الناس مصليا على جثمان أبيه وهو ما دعا المعتمد إلى إصدار أمره بالهجوم على بيت الإمام العسكري عليه السلام.
4) ومن خلال الواقع العملي أيضاً فاننا نجد أن الإمام الحسن العسكري عليه السلام قد أوصى لولده الإمام الحجة عليه السلام وهو صبي بأنه هو الإمام المنتظر، وهو يعلم ما يمتلكه ولده بهذا العمر من القابلية على الاضطلاع باعباء الإمامة، قال العسكري عليه السلام قبيل وفاته (إبشر يا بني فأنت صاحب الزمان وأنت المهدي وأنت حجة الله في أرضه وأنت ولدي ووصيي وأنت خاتم الأئمّة الطاهرين).(14)
ونختم البحث بهذه الكلمات (فأية غرابة في أن يصطفي الله تعالى من خلقه لهدي الناس وإرشادهم أفراداً يؤتيهم المواهب بصورة أسمى من كل ناحية، مع خصوصية في المكانة منه تعالى، واذا كان من يتصل باولئك روح بشرية متوفاة او روح سفلى فان من يتصل بهؤلاء من الرسل وأوصيائهم عليهم السلام ملك قدسي يحمل معرفة حقة، وقد جاء عنهم عليهم السلام: إن من علمهم ما هو نقر في الاسماء ونفث في القلوب).(15)
الهوامش
(1) سورة مريم الاية 31-33.
(2) سورة مريم /12.
(3) الحائري / الزام الناصب/ج1 ص 48.
(4) ن.م. ج1 ص49.
(5) ن.م. ج1 ص49.
(6) الحائري / الزام الناصب /ح 1 ص49.
(7) سعيد أبو معاش /الإمام المهدي في القرآن والسنة/ص 349.
(8) الغيبة للنعماني/ص339.
(9) ابن حجر / الصواعق المحرقة /ص127/ ط مصر /1308.
(10) البكاء السيد عدنان / الإمام المنتظر/ص143.
(11) الارشاد / الشيخ المفيد ص346 باب القائم.
(12) البكاء السيد عدنان / الإمام المنتظر ص 135.
(13) الصدوق / كمال الدين / ص 506.
(14) بحار الانوار /المجلسي / ج52 ص17.
(15) البكاء / السيد عدنان / المهدي المنتظر ص141.
|
|
|
|
|