من كتاب القصص العجيبة / المؤلف السيد عبد الحسين دستغيب الشيرازي
القصة الاولى : الصدقة تؤخر الموت
سمعت من السيد محمد الرضوي قوله ان مرضا مستعصيا عرض لخاله الميرزا ابراهيم المحلاتي حتى ياس الاطباء من علاجه , فطلب منا نقل الخبر مرضه الى العالم الرباني الشيخ محمد جواد البيدابادي الذي كان من اصدقائه , فارسلنا له بريقة الى اصفهان و اخبرناه بمرضه المستعصي , فاجابه : على الفور تصدقوا عنه بمبلغ مائتي تومان ليشفيه الله بعنايته . ومع ان هذا المبلغ انذاك يعد كبيرا الا اننا جهزناه ووزعناه على الفقراء فشفي الميرزا بعدها مباشرة .
ثم مرض الميرازا مرة اخرى مرضا شديدا وياءس منه الاطباء , فبادرت الى اخبار البيدابادي ببرقة , لكنه لم يجب , حتى توفي الميرزا المحلاتي من مرضه هذا , فعلمت ان سبب عدم اجابته هو حلول الاجل الحتمي الذي لا يدفع بالصدقة .
نستفيد من هذه القصة امران :
الاول يمكننا بواسطة التصدق عن المريض الاسراع في شفائه , بل وحتى تاخير موته ولدينا في هذه المجال الكثير من الروايات عن اهل البيت النبي تتحدث عن تاثير الصدقات في شفاء المرضى و تاخير الموت و اطالة العمر و دفع سبعين اقساما من اقسام البلاء . هناك مئات القصص الشاهدة على صحة ذالك
الثاني اذا حل الاجل المحتوم و صار بقاء الشخص مخالفا لحكمة الله المحتمية عندها ينعدم اثر الدعاء و الصدقة رغم بقاء ثوابهما
الفقيه العادل و الزاهد الشيخ جواد مشكور و كان من اجلة العلماء و الفقهاء في النجف الاشرف , و مرجع تقليد لجميع من المسلمين الشيعة في العراق , و من ائمة الجماعة في الصن المطهر , و قد توفي عام 1337
نقل انه في ليلة كنت في النجف الاشرف فرايت في منامي ملك الموت فسلمت عليه و قلت من اين اتيت ؟
فقال ملك الموت اتيت من شيراز بعد ان قبضت روح الميرزا ابراهيم المحلاتي
فسالته كيف حال روحه في البرزخ ؟
فقال ملك الموت هي في افضل الحالات وفي افضل دائق عالم البرزخ , و قد وك الله بها الف ملك يطيعون امرها
فقلت باي عمل من الاعمال بلغ هذه المنزلة ؟ابمقامه العلمي و تدريسه التلاميذ ؟
قال كلا
فقلت : فهل بصلاة الجماعة و بتبليغ الاحكام الشرعية للمسلمين
قال كلا
قلت اذن فيمن
قال بزيارة عاشوراء
فقد كان المرحوم الميرزا ابراهيم المحلاتي مواظبا على قراءة زيارة عشوراء في كل يوم من ثلاثين سنة الاخيرة من عمره , و كان اذا منعه المرض او اي سبب اخر عن قراءتها كان ينيب عنه احدا .
المخلص المتقي , و الصفي الزكي الحاجى غلام حسين المعروف ببائع التبغ نقل لي هذه القصة منذ اربعين عاما تقريبا فقال : كنت من محبين المرحوم السيد اوطالب و من مريديه و كنت اصلي جماعة مقتديا به في المسجد النور الحالي , و كنت اتداول مع بعض المؤمنين قصصا و بحوثا عن معجزات اعل البيت عليهم السلام في الكتب و ذالك في فترة العصر حتى صلاة المغرب , و شيئا فشيئا ازداد عدد الحضور الى ان ظهر في نيتي حالة من الوسواس , و كنت في خوف و قلق شديد من الرياء و التظاهر امام الناس وطلب الوجاهة عند الناس , الى ان تركت ذالك المسجد لشكي في اخلاصي فيه .
و في احدى الليالي شاهدت في عالم الواقعة مركبا اعد لي فركبته , فسار بي بسرعة النور نحو السماوات , و احسست في بهجة و سرور و لذة في طيراني ذالك و مما شاهدته من عجائب الخلقة التي لا توصف , الا ان بلغت الى السماء السابعة و هناك انفصل عني المركب , فهويت الى ان وقعت و سط المسجد بحالة صعبة و نصب و غصة , و انا في تلك الحال سمعت نداء يقول : من هنا ارتفعت و الى هنا ايضا سقطت , و ان كنت تريد الارتقاء مجددا فمن هنا .
فلما انتبهت من نومي علمت بخطاي , و لمت نفسي لترك ذالك المجلس , فصرت اذهب عصر كل يوم لكنه لم يعد يحضر احد , و لم اوفق لتجديد ذالك الخير الكبير , و حرمت من فيضه العظيم .
الغرض م نقل هذه القصة هو انه اذا المؤمن وفق الى عمل خير يجب عليه احترام تلك النعمة و تقديرها و تعظيمها , وان يجد في استمراريتها , و ان يخشى زوال تلك النعة و ان يلجا الى الله في ذالك , اذا وفق لا نفاق يومي او سبوعي او شهري فليواضب عليه ولا يتركه , كذا لو وفق لاقامت او حضور المجالس الدينية
الخوف من عدم الاخلاص علامة على الاخلاص
لا يخفى انه على الانسان اذا ارد ان يعمل عمل خير يجب عليه ان يسعي في الاخلاص في نيته وتصحيحها , ثم يقدم على ذالك العمل , لا يترك العمل مجرد انه وسواس في اخلاصه فيه يفرح الشيطان , بل ان الخوف من عدم الاخلاص هو دليل على بلوغ مرتبة الاخلاص .
السيد باقر خان الطهراني و العروف الحاج ساعد السلطان تحرك في عام 1323 هجري قاصدا زيارة الائمة في العراق و عندما بلغ الكاظميين ابتلى ابنه السيد محمد و عمره 4 سنوات بوجع شديد بعينه , فراجع الاطباء لعدة ايام لعلاجه فلم ينفع , ثم نحركوا نحو سامراء للبقاء فيها عشرة ايام , و في الطريق من سبب الحر و الغبار المنبعث من حركة العبرة تضاعف وجع عين ابنه , ولما وصل الى سامراء اخذه الى قدس الحكماء المعروف ب حافظ الصحة , فعالجه ولم يوفق لعلاجه و قال له , عليك ان تذهب سريع الى بغداد الى الطبيب المتخصص في العيون الطبيب الفلاني ولا تتاخر في ذالك فوضعه خطر .
عند سماعه ذالك اخذه القلق و الحيرة من امره فلم يكن له ابن سواه , وبما انه قد قرر البقاء عشرة ايام فلم يغادر فورا , بل انشغل بالدعاء و الزيارة الى اليوم السابع حيث اشتد الم عين ابنه ول يتوقف في الليل عن البكاء و النحيب ولم يسمح لاهله و الجيران بالنوم طوال الليل ,
فاتو بمحافضة الصحة لمعاينته , ولما راه فتح عينه و دقق فيها تغيرت حالة و ضرب على يده و اعترض على الوالد الطفل وقال له : لقد عمية عين ابنك , فقد اوصيتك ان تاخذه الى بغداد سريعا وقد اكدت عليك ذالك , لكنك لم تصغ لي الى ان عميت عين ولدك و ولا فائدة الذهاب الى بغداد بعد الان , و هذا الوجع الحالي بسبب الجرح الذي ظهر في عينه وقد ذهب بنظره ,
تاثر الوالد كثيرا بسماعه هذه الكلام و اصابه العجز و الياس , و شرع حافظ العين بمعالجة القرح في العين و كان يشبه اللوزتين قد خرج من عينيه ليخفف من وجعه ولا يجمع العمى مع الوجع , و بعد جهد و تعب تمكن من اعادة عينيه الى مكانها بعد ان كان قد اخرجهما و عالجهما وكان الطفل مغشيا عليه من الالم
وبلغ الخبر اية الله الميرزا محمد تقي الشيرازي و سائر العلماء فاخذ براحتهم و اعقب عصة فيهم .
و عند انتهاء مدة عشرة ايام استاجر عربة و عزم على الرحيل , و ذهب الى الحرم لزيارة الوداع , و بعد الزيارة جلس قرب الضريح و شرع بقراءة زيارة عشوراء , و هو في تلك الحال جاء خال الطفل الحاج فرهاد حامل الطفل ودخلا الحرم و قد لفت عين الطفل بضمادة , فيزوران ويمسح الطفل بالضريح ويخرجان من الحرم .
عندما يرى الاب منظر ابنه بهذه الحال ويتذكر كيف انه اتى بعين سليمة الى العراق , وسيعود بعين عمياء , اخذه البكاء دون ارادة ورفع صوته متوسلا مرتجفا ونسي اتمام بقية زيارة عاشوراء وتمسك بضريح الامامين ع وخاطبهما دون رعاية الاحترام والالقاب قائلا : هل من المناسب ان اعود بولدي وهو اعمى . حتى انهار و جلس في زاوية , و بينما هو كذالك اذ يرى ابنه يدخل الحرم وخاله يجري خلفه , فياتي الطفل ويجلس في احضان والده ويقول له : والدي الحبيب شفيت من العمى وكلتا عيني سالمتان دون الم .
تحير الاب من ذالك ووضع يديه على عينيه فلم يجد فيهما اي اثر للقرح , بل و حتى لا اثر للاحمرار فسال خال الطفل : ما الذي جرى ؟ قبل ربع ساعة كان في الحرم و عيناه مربوطة و اعمى
قال خال الطفل : نعم عندما خرجنا من الحرم كان الطفل على يدي وسرنا في الصحن وكنا ننتظرك وفجاة رفع راسه عن كتفي ورفع بيده الضمادة عينه و قال لي : انظر يا خالي فقد شفيت عيني , و اردت ان ابشرك فارسلته قبلي الى الحرم لتسر به .
سجد الاب سجدة الشكر و اعتذر من الامامين الهمامين وشكرهما و خرج من الحرم مسرورا .