الجواب :
تختص الشيعة ( الإمامية ) بالقول باستحباب السجود على تربة قبر الحسين عليه السلام تبعاً لأئمتهم, بل إتباعاً لمنهج رسول الله صلى الله عليه آله وسلم : ( ومنهج أهل البيت هو منهج الرسول صلى الله عليه آله وسلم لا يخالفونه قيد شعرة أبداً ) في تكريمه للحسين سيد الشهداء عليه السلام وتكريم تربة قبره عليه السلام. فاللازم علينا إذن هو الإتيان ببعض الأحاديث عن أهل البيت عليهم السلام أولاً, وبيان منهج الرسول صلى الله عليه آله وسلم ثانياً. فهناك نصوص كلمات أهل البيت صلوات الله عليهم :
1 ) قال الصادق عليه السلام : " السجود على طين قبر الحسين عليه السلام ينوّر إلى الأرضين السبعة, ومن كانت معه سبحة من طين قبر الحسين عليه السلام كتب مسبّحاً وإن لم يسبح بها "، الوسائل 3/607, من لا يحضره الفقيه 1/268.
2 ) عن أبي الحسن عليه السلام : " لا يستغني شيعتنا عن أربع : خمرة يصلي عليها, وخاتم يتختم به, وسواك يستاك به, وسبحة من طين قبر الحسين عليه السلام "، الوسائل 3/603 و10/421, والبحار 101/132.
3 ) كان لأبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام خريطة من ديباج صفراء فيها من تربة أبي عبد الله عليه السلام, فكان إذا حضرته الصلاة صبّه على سجادته وسجد عليه قال عليه السلام : " ان السجود على تربة أبي عبد الله عليه السلام تخرق الحجب السبع "، الوسائل 3/608, البحار 101/135 و85/153.
4 ) كان الصادق عليه السلام لا يسجد إلا على تربة الحسين عليه السلام تذللاً لله واستكانة له. الوسائل 3/608, البحار 85/158.
5 ) سئل أبو عبد الله عليه السلام عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة وقبر الحسين عليه السلام والتفاضل بينهما فقال عليه السلام : " السبحة التي من طين قبر الحسين عليه السلام تسبح بيد الرجل من غير أن يسبح ". الوسائل 4/1033, البحار 101/133.
6 ) قال الحميري : (( كتبت إلى الفقيه أسأله هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر ؟!! وهل فيه من فضل ؟!!.. فأجاب وقرأت التوقيع ومنه نسخت : تسبح به, فما في شيء من السبح أفضل منه )). الوسائل 10/421, البحار 101/132و133. والظاهر أن المراد من القبر قبر الحسين عليه السلام, والألف واللام للعهد؛ لكون ذلك معهوداً مشهوراً عند أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم.
7 ) محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان عليه السلام : إنه كتب إليه يسأله عن السجدة على لوح من طين القبر هل فيه فضل ؟!!.. فأجاب عليه السلام : " يجوز ذلك, وفيه الفضل ". الوسائل 2/608 و4/1034 و10/421, البحار 85/149.
ولا غرو أن يجعل الله سبحانه الفضل في السجود على تربة سيد الشهداء عليه الصلاة والسلام وهو سيد شباب أهل الجنة وقرة عين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومهجة فاطمة البتول عليها السلام وابن أمير المؤمنين عليه السلام وأحد أصحاب الكساء, وهو وأخوه المراد من الأبناء في الكتاب الكريم في قصة المباهلة, وهو شريك أبيه وأمه في سورة هل أتى, وإحدى سفن النجاة للأمة, وأحد الأئمة الكرام الهداة, وأحد الخلفاء الإثني عشر, وهو مصباح الهدى وسفينة النجاة. ولا تخفى على من له أدنى حظ من الحديث والتأريخ فضائله عليه السلام المأثورة عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في أئمة أهل البيت عليهم السلام أجمع وفيه خاصة, فأيّ مانع من تشريف الله تعالى له وتكريمه إياه بتفضيل السجود على تربته ؟!!
قال العلامة كاشف الغطاء رحمة الله عليه في كتابه (( الأرض والتربة الحسينية )) في بيان حكمة إيجاب السجود على الأرض واستحباب السجود على التربة الشريفة :
[ ولعلّ السر في إلزام الشيعة الإمامية (استحباباً) بالسجود على التربة الحسينية, مضافاً إلى ما ورد في فضلها (إيعاز إلى ما مرّ من الأحاديث ) ومضافاً إلى أنها أسلم من حيث النظافة والنزاهة من السجود على سائر الأراضي وما يطرح عليها من الفرش والبوراي والحصر الملوثة والمملوءة غالباً من الغبار والميكروبات الكامنة فيها, مضافاً الى كل ذلك, فلعله من جهة الأغراض العالية والمقاصد السامية أن يتذكر المصلي حين يضع جبهته على تلك التربة تضحية ذلك الإمام بنفسه وآل بيته والصفوة من أصحابه في سبيل العقيدة والمبدأ وتحطيم الجور والفساد والظلم والاستبداد.
ولما كان السجود أعظم أركان الصلاة, وفي الحديث : "أقرب ما يكون العبد إلى ربه حال سجوده"، فإنه مناسب أن يتذكر بوضع جبهته على تلك التربة الزاكية أولئك الذين جعلوا أجسامهم ضحايا للحق وارتفعت أرواحهم إلى الملأ الأعلى ليخشع ويخضع ويتلازم الوضع والرفع ويحتقر هذه الدنيا الزائفة وزخارفها الزائلة, ولعلّ هذا هو المقصود من أنّ السجود عليها يخرق الحجب السبعة كما في الخبر, فيكون حينئذٍ في السجود سرّ الصعود والعروج من التراب إلى رب الأرباب ].. انتهى كلامه طيب الله رمسه. راجع كتاب الأرض والتربة الحسينية : 24.