في غرفةٍ مظلمة تستلقي امرأة كبيرةٌ في السن على سريرها بتعب
فقد مضى وقتٌ طويل على وجودها في دار الرعاية و هي تأبى أن تتحدث و دموعها جارية طيلة الوقت
تقدمت الدكتورة هبه بحنان و أشعلت النور بعد أن اعتادت على رؤية الغرفة مظلمة : السلام يمه سلمى شخبارج اليوم ؟
ردت السلام بصوت منخفض و متعب كعادتها
الدكتورة هبه : يا يمه تكلمي يمكن ترتاحي حرام الي تسويه بنفسج
انتي متضايقة مني مثلا ً
فلم تجد إجابة غير الدموع المنحدرة على خديها
أقتربت الدكتورة لتمسح دموع هذه المسكينة وقالت : يمه سلمى الدنيا ما تسوى دمعة منج والله من أول يوم حبيتج كأنج أمي تكلمي و ارتاحي
سلمى : بتكلم بس اذا قاطعتيني ما بكمل
الدكتورة هبه بابتسامة : اسمعج
( و بدأت بسرد قصتها )
ما أن بلغت الرابعة عشر من عمري حتى دخلت إلى عالم آخر عالم غريب بالنسبة لي فلقد زوجني والدي رغما ً عني
فوالدي رجل متسلط جداً لم أشعر يوما بحنانه وعطفه بل صوته الغليظ وصراخه ماكان يتردد على مسمعي
إلى أن رزقني الله بزوجي حسين فقد أعطاني كل ما حُرمت منه فشعرت بالحنان الذي حرمت منه عندما كنت في أسرتي فوالدي يكرهني و لا يطيق أن يراني أبدا ً و أنا جاهلةٌ للسبب
ربما يضن أنني السبب بوفاة والدتي أو كما يدعي بأنه لا يحب البنات و أنني عار عليه فأنا الفتاة الوحيده أتوسط سبعة صبية
فلدي سبعة أخوة لم يعرفوا للأخوةِ معنى يذكر فلم توجد اي لغة للحوار بيننا
و إن اضطروا للحديث معي فمن أجل طعام ٍ أو ما شابه ذلك
كنت أعيش معهم مهمشة لا أهمية لي عندهم و لكن الآن أصبح لدي منزل و زوج
لم أعد أشعر بالحزن و لم تعد الدموع تلازمني فقدحاولت نسيان الماضي ومايحمل من قسوة وان أعيش حياة جديدة مع زوجي
ولا أنكر أن بعض الخلافات تدخل بيننا و لكنها لم تكن حاجزا ً أبدا ً
فقد كان التفاهم سائدا ً على حياتنا بالرغم من وجود فارق العمر
فقد تزوجته و أنا في الرابعة عشر من عمري و هو في السابعة و العشرين من عمره
و كالعادة أيام فرحنا تمضي مسرعة
لقد مضت السنين ونحن في أمل كبير
بأن نرزق بطفل فقد مضى على زواجنا 5 سنين ونحن في اشتياق لطفل يضيء ايامنا ويملأها حياة ً و نشاط
سلمى : حسين اشفيك ؟
حسين : سلامتك مافيني شي
سلمى بحزن و أنا أقاوم دمعتي : حسين أدري انك مضايق
و تبي عيال ( لازمت الصمت قليلا ) حسين اذا أني ما أجيب عيال تزوج ما عندي مانع
و تساقطت دموعي بصمت لم أستطع فالألم يعتصر قلبي
حسين : امسحي دموعج يا سلمى أنا مستحيل أتركج الا اذا الله أخذ امانته
كيف تفكري بهالتفكير انتي عندي أهم من أي شي.. صحيح مافي أحد ما يتمنى يكون عنده طفل من زوجته و حبيبته
بس يكون عندي طفل على حسابج مستحيل
فلكلماته وقع خاص على علي لم أميزه هل اسعدتني أم أثارت أشجاني
حسين : سعادتي وياج يا عمري ... يالله عاد ابتسمي
لم يكن بوسعي الا أن أرسم إبتسامة لكلماته اللطيفة و حنانه
سلمى : الله لا يحرمني منك يارب
صباح يوم جديد
توجه حسين إلى عمله فدعيت جارتي الطيبة أم فاضل أن تأتي
لنشرب القهوه مع بعضا
و أثناء حديثي معها تطرقنا إلى موضوع الإنجاب والذهاب للمستشفى ...كم أكره الحديث في مثل هذا الموضوع
سلمى : يا أم فاضل اني ما أبي أروح مستشفيات و لاشي لأني مؤمنه بالله و كل شي بيده
أم فاضل : أكيد الله كريم و بيرحم حالج بس ما فيها شي
طيب ما أبي اضايقج توسلي بأهل البيت و فاطمة الزهراء عليهم السلام ما تردي خايبة
سلمى : اكيد و الله يرزقني بالولد الصالح
و بعد عدت أشهر فقط شعرت بتعبٍ و إرهاق و قررت التوجه إلى المستشفى برفقة زوجي
حسين : ان شاء الله خير يا دكتور
الدكتور : ألف مبروك زوجتك حامل
لحظة صمت عمت الأرجاء لم أصدق ماسمعته ولم أعد أرى سوى علامات الفرح والسرور على وجه حسين
كيف لي أن أصف فرحتنا لحظة سماعنا للخبر
فما ينقصنا رزقنا الله إياه وستزهو أيامنا بطلته
حمدت ربي كثيرا ً و قام زوجي بالإنفاق على الفقراء باسم الأئمة عليهم الصلاة والسلام
حسين : الحمد لله
سلمى : ما تدري اشقد اني فرحانه
حسين : دوم يارب و الله يجيب البركة والخير مع طفلنا
سلمى : ان شاء الله و الله يخليك لي و لولدنا
حسين : يمكن بنت
ابتسمت له و قلت بكل رضا : خير وبركة
فهاهي الأيام تمضي وبمرور كل يوم تزداد فرحتي و تزداد لهفة حسين لرؤية طفله لقد جهزنا كل شيء لقدومه منذ أن علمنا أنه طفل حتى اسمه اتفقنا أن نسمية علي
حسين : يا ربي متى تولدي ؟
سلمى : ههههه مدري على حسبة الدكتورة عطتني موعد من ذاك الأسبوع
حسين : ليكون ولدك بصير كبير و ما بطلع الا في الشهر العاشر
ازداد ضحكي للهفته : هههه خلاص لا تضحكني الدكتور ما حسب عدل و انت كل ما تقول شي الدكتورة لازم يصير و يكون صح