ان الصراع على السلطة داخل الاسرة السعودية ، يعد مسالة قديمة وان مقتل الملك فيصل على يد احد اعضاء الاسرة المالكة في السعودية اعتبر كسابقة تاريخية. وفي الظروف الحالية فان تنوع وتعدد الشخصيات التي تعتبر نفسها جديرة بادارة الحكم ، ادى الى تزايد حدة الصراع والتنافس في هذا الخصوص.
وفيما يخص تشكيلة الاسرة السعودية الحاكمة يجب القول بان ثمة فرعين سريري وغير سريري في السعودية بحيث ان الملك عبد الله هو من الفرع السريري والامير سلطان من الجناح الاخر للاسرة السعودية الحاكمة. وكان هناك تنافسا جادا بين الملك عبد الله ( اي الاسرة السريرية) وابنائه وبين جناح سلطان وابنائه اضافة الى ان هناك فرعا ثالثا يعد سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي جزء منه ، حاضر في هذه المعادلة وكان يتابع لعبة مستقلة اخرى.
ان التمايز بين الفرعين الرئيسيين يكمن في ان جناح سلطان ونجله بندر بن سلطان لهما علاقات وثيقة للغاية مع مراكز السلطة وصنع القرار في الحزبين الرئيسيين في اميركا. ان الميول المتطرفة نحو اميركا وابرام صفقات السلاح مع اميركا واقامة علاقات وثيقة مع واشنطن تعد كلها من خصائص هؤلاء الاشخاص. ان الملك عبد الله يطرح دائما كشبه اصلاحي وطني في مقابل جناح سلطان وهذا التباين كان موجودا منذ البداية.
وبما ان بندر بن سلطان ، استطاع خلال السنوات الثماني من حكم بوش في اميركا ، اكتساب موقع كبير على صعيد اتخاذ القرار في السعودية والاضطلاع بدور جاد ، تحول الى المنسق الرئيسي للعلاقات بين السعودية واميركا بدرجة انه تمكن في اوائل ادارة بوش من تقديم الضمانات اللازمة لعدم حدوث احتكاك ومشاكل في النظام الملكي السعودي.
وبالتالي فان بندر اصبح يلعب دورا اكبر في قضية الصراع على السلطة. وفي هذا الاطار فان هناك فرعا رابعا يضم الامير نايف وهو من ابناء عبد العزيز ونظرا الى العلاقات التي يقيمها مع اقسام من الوسط الوهابي السعودي فانه تحول الى سلطة رابعة وقوية.
ان الامير نايف ونظرا الى الاتصالات التي يقيمها مع زعماء السلفيين والمتطرفين السعوديين يستطيع جيدا القيام بدور في مقابل التيار الاصلاحي الموالي لاميركا والتيار في داخل المجتمع السعودي بدرجة انه يعتبر نفسه صاحب الحق لتولي منصب ولي العهد او الملك بعد الملك عبد الله. ان شيخوخة افراد الاسرة الملكية السعودية تعد احد الاسباب الاخرى التي تسرع من وتيرة الصراع والكل يحاول ان يصل الى قمة السلطة في السعودية قبل وفاته.
وفي الوقت الحاضر فان ثمة همسا حول تعيين ولي عهد جديد في السعودية بسبب المرض الذي يعاني منه سلطان. وبما ان بندر هو ابن سلطان فانه يريد الحصول على منصب اكثر جدية. وقد شهدنا ابان ادارة بوش نشاطاته الواسعة على صعيد المنطقة.
ان جانبا من محاولات بندر بن سلطان يعود الى نشاطاته عن طريق السلفيين والوهابيين في العراق. وقد شهدنا استمرار هذا الوضع في لبنان ما ادى الى ايجاد توترات سياسية ومشاكل امنية للبنان ، وحتى ان بندر اسس للمحاولات السعودية ضد حكومة بشار الاسد وهذا مهد لانتزاع جميع المسؤوليات الامنية من بندر بن سلطان وان يخضع لاقامة جبرية (احتجاز عائلي) تحت اشراف الاجهزة الامنية. ومن جهة اخرى فان نايف بوصفه المسؤول الامني ووزير الداخلية وكذلك مساعد الملك عبد الله - رئيس الوزراء في الحكومة- اتخذ اجراءات ادت الى الغاء زيارة الملك عبد الله الى اميركا والمغرب.
ويقال ان نايف قام باجراءات كانت خارج نطاق مسؤولياته الحكومية. اي ان هذه القضية مهمة بالنسبة للملك عبد الله بحيث انه اضطر لارجاء هذه الزيارات. وعادة يقوم الملك عبد الله في ظروف مماثلة بتعيين شخص كنائب قبل القيام بزيارات الا ان الملك عبد الله راي ان المصلحة هذه المرة تكمن في الغاء زيارته الى اميركا رغم اهمية هذه الزيارة ، وذلك بسبب الظروف المتشنجة والصراع على السلطة. واجمالا يمكن القول بان الصراع على السلطة متجذر في السعودية.
ان الظروف الحالية ، هي بشكل حتى انه قد تتكرر ظروف عهد الملك فيصل بين كبار الاسرة الملكية الحاكمة في السعودية ، وان يقوم اي من التيارات المتنافسة باجراء ما لاخراج التيار الاخر من الساحة.
ونظرا الى ان الملك عبد الله يعتبر اكثر اعتدالا من الاخرين في الاجنحة الحاكمة ، فان ثمة احتمالا بان تتعرض له الاجنحة السلفية التابعة للامير نايف ، وان بندر بن سلطان ونظرا الى علاقاته الوثيقة مع اسرة بوش والمحافظين الامريكيين الجدد ، قد يقوم بتدبير مخططات اخرى لافتعال مشاكل ومتاعب للملك عبد الله. ان هذه الاجواء كانت شديدة بدرجة انهم حتى قالوا للمسؤولين الايرانيين اثناء زيارة خاتمي الى السعودية بان لديهم مشاكل كثيرة داخل الاسرة الملكية الحاكمة ويحاولون حلها داخل الاسرة ، لكن اليوم يظهر بان هذه الخلافات قد بلغت مرحلة قد تغير الوضع في السعودية ، وان اي تغيير في هرم السلطة قد يؤدي الى تغير التوجهات السعودية.