السلام عليكم
سنذكر بعض الايات و الروايات الدالة على الامامة و الولاية مستفيدا من السيد المحقق البهبهاني رحمه الله
في تفسير قوله تعالى : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم
نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " .
عن الشيخ في أماليه عن مولانا الصادق جعفر بن محمد عليه السلام ، عن
أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : حدثنا الحسن بن علي - صلوات الله عليه - أن الله
عز وجل بمنه ورحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة
منه إليه ، بل رحمة منه ، لا إله إلا هو ، ليميز الخبيث من الطيب ، وليبتلي ما
في صدوركم ، وليمحص ما في قلوبكم ، ولتتسابقوا إلى رحمته ، ولتتفاضل
منازلكم في جنته ، ففرض عليكم الحج ، والعمرة ، وإقام الصلاة ، وإيتاء
الزكاة ، والصوم ، والولاية ، وجعل لكم بابا لتفتحوا به أبواب الفرائض ،
ومفتاحا إلى سبيله ، ولولا محمد صلى الله عليه وآله وسلم والأوصياء من ولده عليهم السلام كنتم حيارى
كالبهائم ، لا تعرفون فرضا من الفرائض ، وهل تدخل قرية إلا من بابها ، فلما
من عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم قال : " اليوم أكملت لكم دينكم
وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " ففرض عليكم لأوليائه
حقوقا وأمركم بأدائها إليهم ، ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم ،
وأموالكم ، ومآكلكم ، ومشاربكم ، ويعرفكم بذلك البركة ، والنماء ،
والثروة ، ليعلم من يطيعه منكم بالغيب ، ثم قال عز وجل : " قل لا أسألكم
عليه أجرا إلا المودة في القربى " ) .
فاعلموا أن من يبخل فإنما يبخل عن نفسه ، إن الله هو الغني وأنتم
الفقراء إليه ، فاعملوا من بعد ما شئتم ، فسيرى الله عملكم ورسوله
والمؤمنون ، ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ،
والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين .
سمعت جدي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : خلقت من نور الله عز وجل ، وخلق أهل
بيتي من نوري ، وخلق محبوهم من نورهم ، وسائر الناس في النار .
وعن العياشي في تفسيره بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام آخر
فريضة أنزلها الله الولاية : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي
ورضيت لكم الإسلام دينا " فلم ينزل من الفرائض شئ بعدها حتى قبض
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) .
وعن ابن بابويه ، عن مولانا الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه عن
آبائه عليهم السلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خم : " أفضل أعياد أمتي وهو
اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره بنصب أخي علي بن أبي طالب عليه السلام علما
لأمتي ، يهتدون به من بعدي ، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين ، وأنا من
علي ، خلق من طينتي ، وهو إمام الخلق بعدي ، يبين لهم ما اختلفوا فيه من
سنتي ، وهو أمير المؤمنين عليه السلام ، وقائد الغر المحجلين ، ويعسوب المؤمنين ، وخير
الوصيين ، وزوج سيدة نساء العالمين ، وأبو الأئمة المهتدين .
معاشر الناس ! من أحب عليا أحببته ، ومن أبغض عليا أبغضته ، ومن
وصل عليا وصلته " ومن قطع عليا قطعته ، ومن جفا عليا جفوته ، ومن والى
عليا واليته ، ومن عادى عليا عاديته .
معاشر الناس ! أنا مدينة الحكمة وعلي بن أبي طالب عليه السلام بابها ، ولن
تؤتي الحكمة إلا من قبل الباب ، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا .
معاشر الناس ! والذي بعثني بالنبوة ، واصطفاني على جميع البرية
ما نصبت عليا علما لأمتي في الأرض ، حتى نوه الله باسمه في سماواته ،
وأوجب ولايته على جميع ملائكته .
وعن الشيخ في أماليه عن مولانا الصادق عليه السلام قال : قال
أمير المؤمنين عليه السلام : أعطيت تسعا لم يعطها أحد قبلي سوى النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لقد
فتحت لي السبل ، وعلمت المنايا ، والبلايا ، والأنساب ، وفصل الخطاب ،
ولقد نظرت إلى الملكوت بإذن ربي ، فما غاب عني ما كان قبلي ، ولا ما يأتي
بعدي ، فإن بولايتي أكمل الله لهذه الأمة دينهم ، وأتم عليهم النعم ، ورضي
لهم إسلامهم ، إذ يقول يوم الولاية لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم : يا محمد أخبرهم أني أكملت
اليوم دينهم ، وأتممت عليهم النعمة ، ورضيت لهم إسلامهم ، كل ذلك من
الله علي ، فله الحمد (.
وفي الكافي عن عبد العزيز بن مسلم ، قال : كنا مع الرضا عليه السلام بمرو
فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا ، فأداروا أمر الإمامة وكثرة
اختلاف الناس فيها ، فدخلت على سيدي عليه السلام فأعلمته خوض الناس
فيها فتبسم عليه السلام ثم قال :
يا عبد العزيز ، جهل القوم ، وخدعوا عن أديانهم ، إن الله عز وجل لم
يقبض نبيه حتى أكمل له الدين ، وأنزل عليه القرآن " فيه تبيان كل شئ "
وبين فيه الحلال والحرام ، والحدود والأحكام ، وجميع ما يحتاج إليه الناس
كملا ، وقال عز وجل : " ما فرطنا في الكتاب من شئ " وأنزل في حجة
الوداع وهي آخر عمره صلى الله عليه وآله وسلم " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي
ورضيت لكم الإسلام دينا " .
أمر الإمامة من تمام الدين ، ولم يمض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى بين لأمته
معالم دينهم ، وأوضح لهم سبيلهم ، وتركهم على سبيل قصد الحق ، وأقام
لهم عليا عليه السلام علما وإماما ، وما ترك شيئا تحتاج إليه الأمة إلا بينه ، فمن زعم
أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله ، ومن رد كتاب الله فهو
كافر .
هل تعرفون فضل الإمامة ومحلها من الأمة ، فيجوز فيها اختيارهم إن
الإمامة أجل قدرا ، وأعظم شأنا ، وأعلى مكانا ، وأمنع جانبا ، وأبعد غورا
من أن يبلغها الناس بعقولهم ، أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماما
باختيارهم . إن الإمامة خص الله عز وجل بها إبراهيم الخليل بعد النبوة ،
والخلة مرتبة ثالثة ، وفضيلة شرف بها وأشار بها ذكره ، فقال : " إني جاعلك
للناس إماما " فقال الخليل عليه السلام مسرورا بها " ومن ذريتي " قال الله تبارك
وتعالى : " لا ينال عهدي الظالمين " ( فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى
يوم القيامة ، فصارت في الصفوة .
ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته : أهل الصفوة والطهارة ،
فقال : " ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم
أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء
الزكاة وكانوا لنا عابدين " ) .
فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا ، حتى ورثها الله
عز وجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال جل وتعالى : " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه
وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين "
) فكانت له خاصة فقلدها
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا عليه السلام بأمر الله عز وجل ، على رسم ما فرض الله ، فصارت
في ذريته الأوصياء الذين آتاهم العلم والإيمان ، بقوله عز وجل : " وقال
الذين أوتوا العالم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث "
فهي
في ولد علي خاصة إلى يوم القيامة ، إذ لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فمن يختار
هؤلاء الجهال ؟
والحديث الشريف المنبئ عن إمامته - روحي فداء - مفصل ، وقد
اقتصرت منه على هذا المقدار .