(اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرج قائم ال محمد)
هناك بعض البسطاء إذا سألتهم: مَن خلقنا؟ يجيب بسرعة: الطبيعة؟.
ولنا أن نتساءل:
أولاً: ما هي الطبيعة؟ هل هي الهواء، والحرارة، والماء؟ إذا كان الجواب إيجابياً، فمن خلق هذه الأشياء نفسها؟.
ثانياً: إننا نلمس آثار العلم، والحكمة في الكون مع أن الطبيعة لا تعلم، ولا تفهم، ولا تعي.
ثالثاً: إن النظام الذي نتلمسه في كل أجزاء الكون، لا يمكن أن يكون بفعل الطبيعة، لأن الطبيعة هي خاضعة له، من دون أن تشعر بذلك!.
فمن أوجد النظام للطبيعة؟ أي: مَن أجبر الطبيعة على الخضوع لهذا النظام المعين الذي بدأ يتكشفه الانسان، مع تقدم العلوم؟
يقولون .. الصدفة!
ولكن هل بإمكان الصدفة أن تصنع النظام؟
معنى ((الصدفة)) هو الشذوذ عن النظام، وكلمة ((هذا صدفة)) تعني: هذا خلاف المقرر.
فهل من الممكن أن يتولد النظام من اللانظام؟.
بالإضافة إلى أن الصدفة محال رياضياً، فلو جلس مَن لا يحسن الحروف العربية وراء آلة الكاتبة وأخذ يضرب بها بصورة عميائية، فكم يحتاج من الوقت ليحدث عنده ـ صدفة ـ كتابة البيت التالي:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة وان خالها تخفي على الناس تعلم؟
ثم لماذا كانت الصدفة في النظام، ولم تكن في اللانظام؟ ولماذا لا تنقلب صدفة النظام إلى صدفة اللانظام، ما دامت الصدفة هي الحاكمة، وهي المؤثرة؟.
مثلاً إننا نعلم أن الأرض خاضعة لنظام دقيق في بعدها عن الشمس، وفي دورانها حول نفسها وحول الشمس، وفي مقدار جاذبيتها، وهذه الدقة في النظام هي التي تحفظ التوازن للأرض، وتدعها تحمل، وتولد، وتنمي، فلماذا لا تبتعد فجأة عن الشمس أكثر مما عليه الآن؟ أو لماذا لا ترتطم ـ فجأة ـ بالشمس وتذوب فيها؟.
لماذا توقفت ((الصدفة)) عن العمل وأخذ النظام مكانها؟.
إن الإنسان قد يدعي الصدفة في خلق جبل، أو انفتاح عين للماء، أو ما شابه ذلك أما بالنسبة إلى الأمور الدقيقة كخلق الإنسان فلا يمكن له ادعاء ذلك لأن دقة الأجهزة يحيلها، بالإضافة إلى أن الصدفة ـ على فرض الاعتراف بها ـ تكون في التركيب، أي في ترتيب الأمور حسب القانون، أما في تبدل العدم إلى الوجود، فإنه غير محتمل إطلاقاً.
ترتبت عن هذا الطريق، ولكن بعد أن يعترف: أن هذه القطع كانت موجودة قبل ذلك على وجه الأرض، وليس هناك مَن يسمح لنفسه أن يدعي أن القطع الحديدية أيضاً وجدت عن طريق الصدفة.
ونتساءل الآن: لنفرض أننا آمنّا بأن العشرين مليون عصب الموجودة في المخ تمّ تركيبها، وتوزيع المسؤوليات عليها عن طريق الصدفة، ولكن المشكلة ا لأساسية ليست هنا بل في كيفية وجود هذه الأعصاب، أي في سؤال: مَن أوجد المادة الأولى التي ـ لنفرض أنها ـ تحولت ـ بالتطور ـ إلى الكون المتوازن؟ أي أن المشكلة في الإجابة على سؤال: مَن أوجد الأعصاب؟.
إن العلم الحديث يثبت: أن التركيب لا يولد الحياة، فنحن قد نركب آلات مختلفة فتصبح ((سيارة)) ولكن هل هذا التركيب يولد فيها الحياة، فتقوم السيارة مثلاً بتوليد السيارات، وتغذيتها، وهكذا؟.
يقولون: إن الذي نراه ونلمسه لا يتعدى حدود المادة أما ما وراء المادة، فلسنا نراه، وليس هناك أية حاجة إلى الاعتراف به، خاصة وأن المؤمن كالملحد، كلاهما يتوقف عند السؤال التالي:
((مَن أوجد الله))؟
أو: ((مَن أوجد المادة))؟
فالمؤمن يقول: لا موجد لله!
والملحد أيضاً يقول: لا موجد للمادة الأولى!
وحسب تعبير بعضهم، فإن المؤمن يكون قد اعترف بالعجز بعد الملحد بدرجة واحدة!
إن الذي يجعل المؤمن يعترف بالله ويكفر بالمادة هو ما يراه من آثار العقل، والعمد، والحكمة، وإذا تمكن الماديون من إثبات عقل، وفهم، وحكمة المادة، عند ذاك تنتهي المشكلة لأن النزاع يكون حينذاك في ... الاسم!
لنأخذ العين كمثال صغير لوجود آثار العمد، والتعقل: فالشبكية التي لا يتجاوز حجمها ورقة رقيقة جداً تتكون من تسع طبقات منف3صلة، والطبقة الأخيرة منها تتكون من ثلاثين مليوناً من الأعواد وثلاثة ملايين من المخروطات، وبما أن الأشعة الضوئية ترتسم عليها بالدرجة الأولى بصورة معكوسة، فإنها زودت بجهاز إبصار وراء الشبكة، ويتألف من ملايين من خريطات الأعصاب وبفعل ذلك يحدث بعض التغييرات الكيميائية، ويحصل أخيراً إدراك الصورة بوضعها الصحيح.
هل يمكن أن تصنع الطبيعة مثل هذه الدقة اللامتناهية؟
إن طالب كلية الطب يدرس قرابة تسع سنوات حتى يتخصص في الأذن، أو في العين فقط، فما الذي يدرسه خلال هذه السنوات؟
إنه يدرس النظام الموجود في هذه الجزئية الصغيرة التي لو قيست إلى الكون لانعدمت النسبة، أي يدرس النظام، وانحلال النظام، وكيفية ارجاع اللانظام إلى النظام في هذا الجزء الصغير من الكون. ترى هل كان خالق هذا الجزء، وخالق هذا الكل، جاهلاً بالنظام الموجود فيه؟ هل يمكن ـ مثلاً ـ أن يكون خالق العين غير عارف بقوانين انعكاس الضوء، والغرفة المظلمة، وارتباط الأعصاب، الخ؟
إننا عندما نؤمن بالله إنما ننسجم مع عقولنا وضمائرنا التي تؤكد وجوده، أما الماديون فإنهم عندما يكفرون بالله إنما يخالفون عقولهم وضمائرهم. فإذا كان المؤمن يتوقف عند السؤال: مَن خلق الله، فلا يعني ذلك أن عليه أن يكفر بالله، إنما عليه أن يعتقد أنه لا يستطيع أن يفهم ذلك. كما أن الذي لا يعرف من اختراع السيارة لا يجوز له أن يكفر بمخترعه.
أما الملحد فهو عندما يتوقف عند السؤال: مَن خلق المادة ويكفر بالله إنما يخالف عقله وضميره وكل جزء في الكون
احسنت اخي
ومبادرة رائعة وضع هذا الموضوع في المنتدى
حتى نستطيع ان نفحم بالكلام من يخالف الاسلام وليس من يخالف المذهب
ارجو الاكثار من هذه المواضيع حتى نكتسب خبرة للرد على الملحدين والمسيحيين واليهود