تشرفات اية الله العظمى السيد المرعشي النجفي بلقاء صاحب
بتاريخ : 25-04-2009 الساعة : 12:04 PM
يروي السيد ويقول :-
أيام تحصيلي للعلوم الدينية وفقه اهل البيت عليهم السلام في النجف الاشرف ، اشتقت كثير
ا لرؤية جمال مولانا بقية الله الاعظم عجل الله فرجه الشريف ، و عاهدت نفسي أن أذهب ماشيا في كل ليلة أربعاء إلى مسجد السهلة و ذلك لمدة أربعين يوما ، قاصدا زيارة مولانا صاحب الامر عليه السلام ، لأفوز بذلك الفوز العظيم .
أدمت هذا العمل الى (36) أو (35) ليلة الاربعاء ، و من الصدفة أني تأخرت في هذه الليلة في خروجي من النجف الاشرف ، و كان الهواء غائما ممطرا ، وكان بقرب مسجد السهلة خندق ، و حين وصولي اليه في الليل المدلهم مع وحشة وخوف قطاع الطريق ، و كانوا كثيرين آنذاك ، سمعت صوت قدم من خلفي مما زاد في وحشتي و رعبي ، فنظرت الى الخلف ، فرأيت سيدا عربيا بزي أهل البادية ، اقترب مني و بلسان فصيح قال : ياسيد سلام عليكم ، فشعرت بزوال الوحشة كلا من نفسي و اطمأنت وسكنت ، و العجيب كيف التفت الى أني سيد في مثل تلك الليلة المظلمة ؟ و غفلت عن هذا ، أنه كيف يمكن التمييز في سواد الليل .
على كل تحدثنا و سرنا ، فسألني أين تقصد ؟ قلت : مسجد السهلة ، فقال بأي قصد ؟ قلت : بقصد التشرف بزيارة ولي العصر عليه السلام .
بعد خطوات وصلنا الى مسجد زيد بن صوحان ، و هو مسجد صغير بالقرب من مسجد السهلة ، فقال السيد العربي : حبذا أن ندخل هذا المسجد و نصلي فيه و نؤدي تحية المسجد ، فدخلنا و صلى ثم قرأ السيد دعاء خاصا بالمسجد و كأن الجدران و الأحجار كانت تقرأ معه ، فشعرت و أحسست بثورة عجيبة في نفسي ، أعجز عن وصفها ، ثم بعد الدعاء قال السيد العربي :
ياسيد أنت جوعان ، حبذا لو تعشيت ، فأخرج مائدة من تحت عبائته ، و كان فيها ثلاثة أقراص من الخبز و اثنتان أو ثلاثة خيارات خضراء طرية و كأنها توا قطفت من البستان و كانت - آنذاك - أربعينية الشتاء ذلك البرد القارص ، ولم التفت الى هذا المعنى أنه من اين أتى بهذا الخيار الطري في هذا الفصل الشتوي ؟
فتعشينا كما أمر السيد ، ثم قال : قم لنذهب الى الى مسجد السهلة ، فدخلنا المسجد و كان السيد العربي يأتي بالأعمال الواردة في المقامات ، و أنا أتابعه ، و صلى المغرب و العشاء فاقتديت به و كأني لا أملك خياري ، و لم ألتفت أنه من هو هذا السيد ؟
و بعد الفراغ من الاعمال قال السيد العربي : يا سيد هل تذهب مثل الاخرين بعد الاعمال الى مسجد لكوفة أو تبقى في مسجد السهلة ، فقلت : أبيت في المسجد ، فجلسنا في وسط المسجد في مقام الامام الصادق عليه السلام .
قلت للسيد : هل تشتهي الشاي أو القهوة أو الدخانيات حتى أعده لكم ؟ فأجاب بكلمة جامعة (هذه الامور من فضول المعاش ، و نحن نتجنب عن فضول المعاش) .
أثرت هذه هذه الكلمة في أعماق وجودي ، كنت متى ما أشرب الشاي و أتذكر ذلك الموقف و تلك الكلمة ترتعد فرائصي .
و على كل حال ، طال المجلس بنا ما يقارب الساعتين ، و في هذه البرهة جرت وذكرت مطالب أشير الى بعضها :
(1) جرى الحديث حول الاستخارة فقال السيد العربي : ياسيد كيف عملك للاستخارة بالسبحة فقلت : ثلاث مرات صلوات و ثلاث مرات ( أستخير الله برحمته خيرة في عافية) ثم آخذ قبضة السبحة ، و أعدها ، فإن بقي زوج فغير جيدة . و ان بقي فرد فجيدة ، فقال السيد : لهذه الاستخارة تتمة لم تصل إليكم ، و هي عندما يبقى الفرد لا يحكم فورا أنها جيدة بل يتوقف ، و يستخير مرة أخرى على ترك العمل فإن بقي زوج فيكشف أن الاستخارة الاولى كانت جيدة وإن بقي فرد فيكشيف أن الاستخارة وسط .
> و في نفسي قلت حسب القواعد العلمية علي أن أطالبه بالدليل فسألته عن ذلك ، فأجاب : وصلنا من مكان رفيع فوجدت بمجرد هذا القول التسليم و الانقياد في نفسي ، ومع هذا لم أتوجه أنه من هو هذا السيد ؟
(2) و من مطالب تلك الجلسة تأكيد السيد العربي على تلاوة هذه السور بعد الفرائض الخمس بعد صلاة الصبح ( سورة يس) و بعد الظهر ( سورة عم ) و بعد العصر ( سورة نوح ) و بعد المغرب ( سورة الواقعة) و بعد العشاء ( سورة الملك) .
(3) و من المطالب تأكيده على ركعتين بين المغرب و العشاء في الاولى تقرأ أي سورة شئت بعد الحمد ، و في الثانية تقرأ الواقعة ، و قال هذه عن قراءة سورة الواقعة بعد صلاة المغرب كما هو ( أي اذا قرأتها في الصلاة فلا داعي لقراءتها مرة ثانية بعد صلاة المغرب.
(4) ومن المطالب : تأكيده على هذا الدعاء بعد الفرائض الخمس ( اللهم سرحني من الهموم و الغموم ووحشة الصدر (1) ووسوسة الشيطان برحمتك يا ارحم الراحمين ) .
(5) ومن المطالب : التأكيد على قراءة هذا الدعاء بعد ذكر الركوع في الفرائض الخمس سيما الركعة الاخيرة ( اللهم صل على محمد و آل محمد وترحم على عجزنا و أغثنا بحقهم ) ..
(6) لقد مدح كتاب (( شرايع الاسلام )) للمحقق الحلي و قال : كله مطابق للواقع الا عدة مسائل .
(7) التأكيد على تلاوة القرآن و هدية ثوابها للشيعة الذين ليس لهم وارث او لهم و لكن لم يذكروا امواتهم .
(8) في الصلاة يوضع تحت الحنك كما عند علماء العرب فإنه يدار تحت الحنك و يوضع رأسه في العمامة ، و قال ورد في الشرع .
(9) التأكيد على زيارة سيد الشهداء عليه السلام
(10) دعا في حقي فقال : جعلك الله من خدمة الشرع .
(11) قلت له : لا ادري هل عاقبة أمري بخير و هل أنا وجهي أبيض عند صاحب الشرع المقدس فقال : عاقبتك الى خير و سعيك مشكور و أنت مبيض الوجه .
قلت لا أدري هل أبواي و أساتذتي و ذوو الحقوق علي راضون ؟ فقال : كلهم راضون عنك و يدعون لك .
فطلبت منه أن يدعو لي أن أوفق للتأليف و التصنيف فدعا لي .
و هناك مطالب أخرى لا مجال لتفصيلها (2) .
فأردت الخروج من المسجد لحاجة ، فأتيت الحوض و هو وسط الطريق و قبل أن أخرج من المسجد تبادر الى ذهني أي ليلة هذه ؟ و من هذا السيد العربي صاحب الفضائل ؟
ربما هو مقصودي فما أن خطر هذا على بالي حتى رجعت مضطربا فلم أجد لذلك السيد أثرا و لم يكن في المسجد أحد فعلمت أني وجدت من أتحسس عنه ، و لكن أصابتني الغفلة ، فبكيت ناحبا ، كالمجنون ورحت أطوف أطراف المسجد حتى الصباح كالعاشق الولهان الذي ابتلى بالهجران بعد الوصال و كلما تذكرت تلك الليلة ذهلت عن نفسي و هذا اجمال التفصيل...