و أنت تُدير مفتاحك في قفل باب فيلتك الحديديّ المصفَّح ،
تذكّر أنّ غيرَك ما زالَ بلا بيت ، و ما زال يسند بابَ كوخِه بالمكنسة .
و أنْتَ تملؤ حوض السِّباحة في إقامتِك الفارهة تحسُّبا لضيوف مفاجئين ،
تذكّر أنّ غيرَك يملؤ الأَسْطُلَ و أواني الغسيل تحسُّباً لعطشٍ مفاجيء .
و أنت تدخّن سيجاركَ الكوبيّ الفاخر ،
تذكر أنّ غيرَك يحاول توفير ثمن ما تدخِّنُه لكي يستطيع اقتناء أنبوب " الفونطولين " لأطفالِه المُصابين بالرّبو .
و عندما تختنِق أنت بسبب الضّحك و أنت تسمع نكتةً سخيفة و تغرورق عيناك من القهقهة في سهراتِك الليلية ،
تذكّر أنّ غيرك يختنقُ في سهره الليلي بسببِ السّعال ، و تغرورق عيناه بالدّموع عندما لا يجِد ما يخفّف به عن فلذات كبده المحترقة .
و أنت تشتري الخبزَ الفرنسي المُستورَد من مخبزة " شي بول " الأنيقة ،
تذكّر أنّ غيرَك يسخّن خبز الأمس اليابِس .
و أنت ترمي بقايا الأكل في القمامة ،
تذكّر أنّ غيرك مازال عندما يعثُر على كسرة خبز مرمية في الطّريق ، يحمِلها بين راحتيهِ و يقبّلها ثمّ يدّسها في ثقبٍ على الجِدار و يمضي مُرتاح البال .
و أنت تستعدّ للنّوم تذكّر أنّ غيرَك يستعدّ للأرَق .
و أنت تفتَح عيْنيك في الصّباح تذكّر أنّ غيرَك تبقى عيناه مُغلقاتان إلى الأبد .
و أنْتَ تستجمِع قواكَ و تنهض من الفِراش ، تذكّر أنّ غيرك ليْسَت له قوى يجمَعها و يبقى رهين فراشه لبقيّة العُمر .
و أنت تقرأ هذه الكلمات،
تذكرّ أن كثيرين غيرك لا يستطيعُون القراءة ، لأنّهم عوض أن يتعلموا حروف الهِجاء
تعلموا فقط حروف البؤس .. والشقاء !
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جَعَلَ الْحَمْدَ مفْتَاحاً لذِكْرِهِ وَخَلَقَ الأشْيَاءَ نَاطِقَةً بحَمْدِه
وَشُكرِهِ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى نَبِيِّهِ مُحَمَّد
الْمُشتَقِّ اسْمُهُ مِنْ اسْمِهِ الْمحْمُودِوَعَلى آلهِ الطَّاهِرينَ
أُولِي الْمَكارِمِ وَالْجُوِد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله بكم أخيتي الغالية بحر الأحزان أسأل الله أن يحفظكم ويرعاكم
ويديم لنا هذه الذكرى التي خطت من يمناكم
دمتم برعاية بقية الله الأعظم