[صدى المهدي]

أشهر المخطوطات الإسلامية في مكتبة الفاتيكان… كنوز معرفية نادرة تروي تاريخ الحضارة الإسلامية






تحتفظ مكتبة الفاتيكان، إحدى أعرق المكتبات العالمية وأكثرها ثراءً بالتراث الإنساني، بمجموعة مميّزة من المخطوطات الإسلامية والقرآنية التي تعكس العمق الروحي والعلمي للحضارة الإسلامية. ورغم ما ارتبط باسمها من طابع ديني مسيحي، إلا أنّ أروقتها تضم نفائس نادرة من التراث العربي والإسلامي، شكّلت على مرّ العصور جسراً للحوار الحضاري والثقافي.
وقد أوضح السيد حسين صادق الحسيني الإشكوري، الذي زار المكتبة برفقة والده وأعدّ فهرساً خاصاً بعنوان “المخطوطات العربية في مكتبة الفاتيكان”، أنّ المكتبة تحتوي على نحو ألف مخطوطة عربية من أصل يزيد على 150 ألف مخطوط بمختلف اللغات. وتتنوع هذه الكنوز بين مصاحف مخطوطة ومؤلفات في الفقه والحديث واللغة والتصوف والوعظ، فضلاً عن كتب نادرة لا تتوافر إلا في نسخ محدودة.
وتبرز بين هذه المقتنيات مصاحف مزخرفة بزخارف مذهلة تعود إلى العهد العثماني والمغاربي، ونسخ فاخرة من جامع الزيتونة في تونس تعود إلى عام 1488م، إلى جانب مخطوطات أندلسية مثل كتاب الحديث لأبي القاسم بن بشكوال المحبوس على مدرسة غرناطة، ومؤلفات كبرى مثل “جواهر القرآن” للغزالي و”الأنوار المحمدية” لأبي الحسن البكري، إضافة إلى نسخ من رسائل إخوان الصفا كُتبت بخط راهب مصري في القرن الثامن عشر. كما تحتفظ المكتبة بنصوص لغوية بارزة مثل أجزاء من “القاموس المحيط” للفيروزابادي وشرح “الآجرومية”.
أما المصاحف القرآنية، فهي تحظى بمكانة مميزة داخل المكتبة، حيث تشير الدراسات إلى وجود 144 نسخة نادرة، جاء معظمها من المغرب الكبير والدولة العثمانية، إلى جانب مصاحف من المشرق العربي وفارس والهند. وتتميّز هذه النسخ بجودة خطها وزخرفتها، وتوجد من بينها نسخة فريدة مكتوبة بالحرف العبري تعود إلى القرن الخامس عشر الميلادي.
ولتعزيز الاستفادة من هذه الكنوز، أطلقت مكتبة الفاتيكان منصتها الرقمية “DIGIVATLIB”، التي تتيح للباحثين من مختلف أنحاء العالم الاطلاع على فهارس المخطوطات وصورها عالية الدقة، بما في ذلك المخطوطات الإسلامية المصنفة تحت الرمز “Vat.ar”. وبذلك لم تعد هذه المخطوطات حبيسة الرفوف، بل أصبحت متاحة للدراسة والبحث، بما يعكس الدور المعرفي الكبير الذي لعبه التراث الإسلامي في تشكيل الحضارة الإنسانية عبر القرون.

​​