|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 82198
|
الإنتساب : Aug 2015
|
المشاركات : 1,114
|
بمعدل : 0.32 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
كالشمس إذا سترها السحاب:
بتاريخ : 06-01-2025 الساعة : 11:45 AM
في توقيع لصاحب الزمان (عجّل الله فرجه) خرج على يد السفير الثاني محمد بن العثمان العمري:
«وَأمَّا وَجْهُ الانْتِفَاع بِي فِي غَيْبَتِي فَكَالانْتِفَاع بِالشَّمْس إِذَا غَيَّبَتْهَا عَن الأبْصَار السَّحَابُ، وَإِنّي لأمَانٌ لأهْل الأرْض كَمَا أنَّ النُّجُومَ أمَانٌ لأهْل السَّمَاءِ، فَأغْلِقُوا أبْوَابَ السُّؤَال عَمَّا لاَ يَعْنِيكُمْ وَلاَ تَتَكَلَّفُوا عِلْمَ مَا قَدْ كُفِيتُمْ وَأكْثِرُوا الدُّعَاءَ بِتَعْجِيل الْفَرَج، فَإنَّ ذَلِكَ فَرَجُكُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يَا إِسْحَاقَ بْنَ يَعْقُوبَ وَعَلى مَن اتَّبَعَ الْهُدى»(١٠).
وهذا ما تكرر صدوره عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) لبيان دور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في غيبته، وهو تمثيل وحياني فيه مداليل عظيمة. فإن الإنسان في سلوكه لطريق معين لا يكفي أن تكون عنده الخريطة ولا يكفي كونه عالماً بالطريق، بل يحتاج لإشراق نور الشمس في كل آن ولحظة ليتمكن من السير وفق المخطط ولا يشتبه عليه الأمر. فعدم نور الشمس يجعل الخريطة لا يستفاد منها ولا حجية فيها، ففاعلية دورها تكون بالشمس وضيائها، ولا يشترط ظهور قرصها في السماء، بل حتى ولو كان وراء السحاب إلّا أن نورها الواصل إلينا هو الذي يُفعّل أدوار الحجج وينشّط الحياة.
إنّ ما أتى به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إنما يتمثل في إعطاء الخريطة للسلوك نحو الصراط المستقيم وهذا هو دور الهداية الإرائية، لكنه لا يُكتفى بها من دون الهداية الإيصالية التي ترافق الإنسان في كل خطوة خطوة وتنير له الدرب ليتمكن من التطبيق والعمل بالوحي والدستور الإلهي وليهتدي إلى الصراط المستقيم.
وهذا الدور إنما يفعله الإمام الغائب، وغيبته لا تعطل دوره في حفظ الحجج وإبقائها والهداية الإيصالية والرقابة. ولا يمكن الاستغناء عنه بوجود الأئمة الماضين (عليهم السلام) ولا بوجود سيد الرسل (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن كل يوم نحتاج لإشراقة الشمس، فهل يا ترى يستغنى عن طلوع الشمس اليوم بطلعتها يوم أمس؟
وهل يستغنى اليوم عن الإمام الحي بوجوده في يوم أمس؟
كلا، بل كل يوم وكل ساعة نحتاج لإشراقه وإطلاله وهيمنته وقيادته، وهذا هو مؤدى قوله تعالى: ﴿إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ﴾ (الرعد: ٧) فلم يكتفِ بوجود الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في الهداية، إلّا وضمَّ إليه وجود الهادي الرباني لكل قوم وفي كل زمان. وتدل الآية الكريمة على أنه بفقد الهادي يبطل سبيل الهداية وتبطل حجج الله تعالى وبيناته كما صرح بذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيته لكميل:
«إِنَّ هَاهُنَا لَعِلْماً جَمّاً -وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ- لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً... كَذَلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَامِلِيهِ اللَّهُمَّ بَلَى لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلهِ بِحُجَّةٍ، إِمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، وَإِمَّا خَائِفاً مَغْمُوراً لِئَلَّا تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وَبَيِّنَاتُهُ وَكَمْ ذَا وَأَيْنَ أُولَئِكَ؟ أُولَئِكَ وَاللهِ الْأَقَلُّونَ عَدَداً، وَالْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللهِ قَدْراً، يَحْفَظُ اللهُ بِهِمْ حُجَجَهُ وَبَيِّنَاتِهِ، حَتَّى يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ، وَيَزْرَعُوهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ»(١١).
مقتطف من مقالة في مركز الدراسات التخصصية ف الامام المهدي عليه السلام بعنوان (دور الإمام الغائب (عجّل الله فرجه) في بقاء حجج الله تعالى وبيّناته وفي هداية البشر
الشيخ حسن الكاشاني
الهوامش:
(١٠) كمال الدين وتمام النعمة: ج١، ص٤٨٥.
(١١) نهج البلاغة: حكمة ١٤٧.
|
|
|
|
|