العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام

منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام المنتدى مخصص بسيرة أهل البيت عليهم السلام وصحابتهم الطيبين

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية صدى المهدي
صدى المهدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 82198
الإنتساب : Aug 2015
المشاركات : 871
بمعدل : 0.26 يوميا

صدى المهدي غير متصل

 عرض البوم صور صدى المهدي

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي دور السيدة زينب(السيدة زينب(عليها السلام) النهضة الحسينية) في النهضة الحسينية بأقلام المفكرين
قديم بتاريخ : 10-08-2022 الساعة : 09:12 AM






انفردت السيّدة زينب(عليها السلام) بمكانة خاصّة في التاريخ، وتواضعت الأقلام لعظم مكانتها، ولم تفِ حقّها، فهي وُلدت وترعرعت في حضن الرسالة المحمدية والبيت العلوي، وبرزت بعفّتها وحيائها ولم يُرَ لها شخص، إلّا أنّه عندما اقتضت الضرورة، وبلغ الأمر حدّاً لا يُطاق، نجدها مارست دورها بشجاعة قلّ مثيلها، بحيث تولّت قيادة الركب الحسيني بعد استشهاد الإمام الحسين(عليه السلام) وبتوصية منه، وهذا الأمر وحده كفيل ببيان عظمة السيّدة زينب(عليها السلام).

وانطلاقاً من مبدأ أنّ تلاقح الأفكار بين المفكّرين عملية منتجة؛ لأنّ الفكر في عالم النقد يكون أقرب إلى الفاعلية والاستنتاج، حاول البحث بجهد متواضع الكشف عن رؤية كلّ مفكّر، والصورة التي رسمها عن السيّدة زينب(عليها السلام)، ودورها في النهضة الحسينية، وقد اخترنا أربعة مفكرين، اثنين من الرجال، واثنتين من النساء؛ اكتشافاً لتنوع الوعي، والمعالجة، ووجهة نظر الطرف الآخر، بما لكلّ واحد منهم من وجهة نظر أو رأي اتفاقاً، أو اختلافاً.

قُسّم البحث على مقدّمة وثلاثة محاور وخاتمة، تضمّن المحور الأول النشأة والتهيئة والإعداد الفكري والعقدي للسيدة زينب(عليها السلام)، ومعالجة كلّ مفكّر لهذا المحور، في حين تناول المحور الثاني التفاعل مع الظروف والأحداث، حيث تضمّن الأحداث التي عاصرتها السيّدة زينب بدءاً من وفاة الرسول(صلى الله عليه واله) وما شهدته من أحداث ومصائب، انتهاءً بمعركة كربلاء التي هي أشدّ الأحداث على السيّدة زينب(عليها السلام). أمّا المحور الثالث فتضمّن قيام السيّدة زينب(عليها السلام) بأداء الرسالة؛ لمواصلة ما بدأ به الإمام الحسين(عليه السلام) من ثورة ضدّ الظلم والجور، وإصلاح الأُمّة، ولفضح سياسة بني أُمية، وبعملها هذا (سلام الله عليها) مثّلت تطبيقاً حيّاً لقول الرسول الأعظم(صلى الله عليه واله): (أفضل الجهاد كلمة حقّ عند سلطان جائر)[2].

المحور الأول: النشأة والتهيئة والإعداد الفكري

تُعدُّ السيّدة زينب(عليها السلام) إحدى شخصيات التاريخ المهمّة، ولها قدسية خاصّة، بوصفها أُنموذجاً ومثالاً بارزاً للعقيدة والثورة في سبيل الحقّ، والمتتبع آثارها يتمثّل أمام عينيه رمز العفاف والحقّ والفضيلة والشجاعة؛ لدورها في معركة كربلاء التي استُشهد فيها أخوها الإمام الحسين()، وأهل بيته(عليهم السلام)[3].

والسيّدة زينب(عليها السلام) هي ثالث أولاد السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) من الإمام علي بن أبي طالب(). واختلف المؤرّخون في تحديد تاريخ ولادتها، والأرجح قولان: الأوّل: أنّ ولادتها في السنة الخامسة، في الخامس من شهر جمادى الأُولى، الثاني: أنّ ولادتها في السنة السادسة، في مطلع شهر شعبان، أي بين سنتي (626م) و(627م)[4].

وأخذت علمها من باب مدينة العلم والدها الإمام علي()، ووالدتها السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، وبقيت مع أُمّها الزهراء ستّ سنوات. ولو استأنسنا بما يذكره علماء النفس التربوي، بأنّ الطفل بعد أن يتمّ السنة الثالثة تبدأ مرحلة التوافق بينه وبين بيئته، والتمييز بين الألفاظ والمعاني، والنمو العقلي، ويتجه إلى كشف ما يحُيط به مما يُسمع ويُرى، وأنّ هذا الكشف يترك آثاراً تعمل في نفس الطفل إلى آخر يوم في حياته، فقد كانت السيّدة زينب(عليها السلام) ترى في هذه المرحلة أُمّها فاطمة الزهراء(عليها السلام) تقوم للصلاة حتّى تتورّم قدماها، وتبيت على الطّوى هي وصغارها، وتُطعم الطعام، بل تتجلّى لأولادها بحقيقتها القدسية، فهي الحوراء الإنسية بضعة سيّد الأنبياء(صلى الله عليه واله)[5]. ومن هنا؛ فقد انعكست صفات السيّدة الزهراء(عليها السلام) على ابنتها السيّدة زينب(عليها السلام)، وظهرت جلية واضحة في زهدها، وعبادتها، وصبرها.

وبعد هذا العرض الموجز جداً عن السيّدة زينب(عليها السلام) سنعرض رؤى المفكرين عنها، وكيف رسموا لنا صورةً عن حياتها وجهادها.

1ـ الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)[6]

ذكرت بنت الشاطئ بهذا الصدد، قائلة: (لم تظفر صبية من لداتها فيما نحسب بمثل ما ظفرت هي به في تلك البيئة الرفيعة من تربية عالية... قيل: إنّها كانت تتلو شيئاً من القرآن الكريم بمسمع من أبيها، فبدا لها أن تسأله عن تفسير بعض الآيات، ففعل ثمّ استطرد متأثراً بذكائها اللامع يُلمّح إلى ما ينتظرها في مستقبل أيامها، من دور ذي خطر، ولشدّ ما كانت دهشته حين قالت له زينب في جدّ رصين: أعرف ذلك يا أبي، أخبرتني به أُمي، كيما تهيّئني لغدي)[7].

ممّا تقدّم يتضح لنا أنّ هذا الاهتمام بالسيّدة مثّل إدراكاً واضحاً للقضية، وإعداداً وتهيئة نفسية وفكرية من والدها الإمام علي()، ووالدتها السيّدة فاطمة الزهراء()، ونلحظ أنّ بنت الشاطئ عرضت في كتابها ملامح واضحة من عناصر الوعي لديها()، منها دور هذا البيت العلوي وكفاءته في تربية السيّدة زينب(عليها السلام)، وإعدادها لحمل الرسالة، بما يجعل من قضية عاشوراء ونهضة الإمام الحسين(عليه السلام) حاضرة في الأذهان، فقد لمس المعصومون في زينب(عليها السلام) على صغر سنّها ملامح الكفاءة والقدرة الواضحة في شخصيتها()، وهي طفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها الشريف بضع سنوات، فهي أهل لإدراك مدى عظمة القضية الحسينية، ولِتفهُّم الدور الذي سوف تقوم به.

وتنوّه بنت الشاطئ باليقظة الفكرية التي كانت تتمتّع بها السيّدة زينب(عليها السلام)، فقد كان لها مجلس علمي حافل، تحضره العديد من النساء اللواتي يرغبن التفقّه في الدين، وكان من بين مَن روى عنها: عبد الله بن عباس؛ إذ يقول: (حدّثتني عقيلتنا زينب بنت علي)[8].

2ـ الشهيدة آمنة الصدر (بنت الهدى)[9]

ترى العلوية بنت الهدى أن السيّدة زينب(عليها السلام) قد أُعدّت منذ اليوم الأول من ولادتها لهذه القضية، مؤكدة أنّ الأُسرة عامل أساس في إعداد أفراد أكفّاء قادرين على أداء أدوار مهمّة في التاريخ، أي: إن بنت الهدى لها رؤية بنت الشاطئ نفسها في مسألة الإعداد لحمل الرسالة، مشيرة إلى ذلك بقولها: إنّها بنت الإمام علي، وأخت الحسنين، وسليلة البيت الهاشمي العريق، وعقيلة الطالبيين، وريحانة النبوة السماوية، وقدّاحة الشجرة المباركة، هي التي دبت وترعرعت في البيت الفاطمي، والتي هُيئت منذ اليوم الأول لتُسجّل أروع صفحة في جهاد المرأة، والتي أحاطتها ظلال عاشوراء منذ الفجر الأول لولادتها[10].

ومن الجدير بالذكر أنّ بنت الهدى انفردت في الإشارة إلى دور مهمّ في إعداد السيّدة()، وهو أثر عقيدة الإسلام ودوره المهم في صنع الإنسان، وإيجاد طاقة عظيمة فيه[11].

3ـ الشيخ مرتضى مطهّري[12]

يرى الشيخ مرتضى مطهّري[13] بأنّ عظمة السيّدة زينب(عليها السلام)، وما مثّلته من شخصية بارزة يُشار لها، ويقف التاريخ لعظمتها إجلالاً، مرجعه إلى ما تلقته من تربية وتنشئة في ظل الإمام علي(عليه السلام)، والسيّدة فاطمة الزهراء()[14].

4ـ الشيخ حسن موسى الشيخ الصفّار[15]

انطلق الأستاذ الشيخ الصفّار في رسمه صورة تنشئة السيّدة زينب(عليها السلام) من منطلقات، أوّلها: أنّ البيئة والتربية والظروف المحيطة بالإنسان لها دورها في تنمية تأثيرات العامل الوراثي أو كبحها، عبر إرادة الإنسان وحرية اختياره، والآخر: التأثير الاجتماعي[16].

وأشار إلى أنّ التاريخ خلّد العديد من النساء اللواتي ارتقين سنام العظمة، وتأتي في مقدّمة ذلك السيّدة زينب(عليها السلام)، فقد مثّلت العالمة العارفة، والمعلمة المحدَّثة التي كانت تُعلّم النساء، ويروي عنها الرجال، والثائرة المجاهدة، ونراها الحاضرة الشاهدة في جميع أحداث النهضة الحسينية، ونراها الخطيبة المفوّهة[17].

ويرى كذلك أنّ دور السيّدة زينب(عليها السلام) تمثّل في التوجيه الروحي والفكري؛ إذ عملت على نشر المعرفة في أوساط المجتمع حتّى لا يحرم أحد من حقّه في الثقافة والوعي. كما أنّه يقف على عهد الإمام علي(عليه السلام) لابنته زينب(عليها السلام) أن تتصدى لتعليم النساء، وأن تبثّ المعرفة والوعي في صفوفهنّ، فكانت(عليها السلام) تفسر القرآن لهنَّ، وتروي لهنَّ أحاديث جدّها المصطفى(صلى الله عليه واله)، وأخبار أُمّها الزهراء()، ووالدها الإمام علي(عليه السلام)[18].

ويشير الشيخ الصفّار كذلك إلى أنّ السيّدة زينب(عليها السلام) تمثّل امتداداً لشخصية الإمام علي(عليه السلام)، فقد عاصرت الإمام علياً(عليه السلام) خمسة وثلاثين عاماً، وكانت القريبة إلى قلبه، والعزيزة عليه، وكان هو الأقرب إلى نفسها والأشد تأثيراً عليها؛ لذلك تقمّصت السيّدة زينب شخصية أبيها في شجاعته وإقدامه، وفصاحته وبيانه، وفي سائر الفضائل والخصال الكريمة[19]، وشهادة الإمام زين العابدين(عليه السلام) بحقّ السيّدة(عليها السلام) لم تكن جزافاً ولا مبالغاً فيها، وهو الإمام المعصوم، حيث قال(عليه السلام) لها: (أنتِ بحمد الله عالمة غير معلَّمة، فهمة غير مفهَّمة)[20].



يتبع


من مواضيع : صدى المهدي 0 عمارة العتبة العباسية المقدسة
0 النسيان... العوامل المؤثرة والعلاج
0 حول مفهوم الانثروبولوجيا (علم دراسة الإنسان)
0 جواهر علوية.. "الرزق ليس حكرا على أصحاب العقول"
0 سبب تسابق الخراساني والسفياني إلى الكوفة

الصورة الرمزية صدى المهدي
صدى المهدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 82198
الإنتساب : Aug 2015
المشاركات : 871
بمعدل : 0.26 يوميا

صدى المهدي غير متصل

 عرض البوم صور صدى المهدي

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : صدى المهدي المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 10-08-2022 الساعة : 09:15 AM




المحور الثاني: التفاعل مع الظروف والأحداث
لم تكن حياة السيّدة زينب(عليها السلام) بعيدة عن أثر تغيّرات القضايا التي روى وسجل التاريخ أحداثها، بل إنّها كانت تعايش وتقاسي ذلك، فقد فُجعت بفقدها جدّها الرسول الأعظم محمد(صلى الله عليه واله)، وكان لها من العمر خمس سنوات، وما جرى بعد ذلك على الإمام علي(عليه السلام) والسيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، من السقيفة، وغصب حقّ أُمّها الزهراء(عليها السلام)، وحادثة الضرب وإسقاط الجنين، وما فُجعت به بعد شهور بفقدها أُمّها الزهراء(عليها السلام)، وما عانته جرّاء مشاهدتها والدها(عليه السلام) وهو صابرٌ على المحنة.
ولقد استجدّت بعد وفاة الرسول على امتداد خمسين سنة وطرأت تغيُّرات كثيرة في الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية والمعيشية في المجتمع الإسلامي، وتغيّرت معها أفكار وسلوكيات المسلمين عمّا كانت عليه في عصر النبي(صلى الله عليه و اله)، وبعد تولّي الإمام علي(عليه السلام) الخلافة، ومحاولة أعدائه عرقلة سياسته؛ بإثارة الاضطرابات الداخلية والمتمثّلة بالحروب أثناء خلافته(عليه السلام)، والتي انتهت باستشهاده(عليه السلام) على يد الشقي عبد الرحمن بن ملجم.
وبعدها قام الإمام الحسن(عليه السلام) بأعباء الإمامة، ولكن تخاذل أصحابه حينئذٍ عن إطاعته في حربه مع معاوية، فاضطر إلى مهادنة معاوية؛ حقناً لدماء المسلمين، ولكشف حقيقة معاوية لهم، وقد غدر الأخير بالإمام الحسن(عليه السلام)، فدسّ له السّم، وقضى الإمام بذلك شهيداً، وحينها بلغ الظلم الأُموي أكبر حدوده، فانصبّت المصائب الفادحة على شيعة أهل البيت(عليهم السلام) وأنصارهم.
لم يقتصر الأمر عند ذلك، بل ازداد الأمر سوءاً بتولي يزيد الملعون الحكم بعد معاوية، وبدء صراع الإمام الحسين وأهل بيته(عليهم السلام)، وفي مقدّمتهم السيّدة زينب(عليها السلام)، ضدّ سياسة يزيد بن معاوية، ومحاولة الأخير إضفاء صفة الشرعية على حكمه بأخذ البيعة من الإمام الحسين(عليه السلام)، وكان رفض الإمام ذلك معلوماً، فبدأت حركة الإمام الحسين(عليه السلام) وثورته الإصلاحية لمواجهة حكومة يزيد؛ رافعة شعار استنهاض الأُمّة بدعوة جهادية، يعمل الإمام فيها على إحياء الدين.
ومع العصمة التي تعتقد بها الإمامية في حقّ الأئمّة تصبح جميع أعمالهم وتحرّكاتهم مطابقة للحقّ، ومصونة عن أيّ نوع من الخطأ. ومن هذا المنطلق؛ لا يعود هناك أيّ شكّ في شرعيّة ثورة الإمام الحسين(عليه السلام)، ولا في عدم شرعيّة حكومة يزيد من أصلها، ولا في عدم شرعيّة الطريقة التي تعاطى فيها مع الإمام. وبالتالي لا يتصوّر أبداً البحث في الفكر الشيعي حول وجود تناقض بين قيام الإمام وبين حكومة يزيد.
وتجسّد رفض الإمام لحكومة يزيد بكلمته(عليه السلام): (ومثلي لا يبايع مثله)، فلم يرضخ للبطش والسلطة، ولم يرضَ بالذلّ والهوان بديلاً عن الإباء والرفعة؛ لأنّه(عليه السلام) قال: (فإنّي لا أرى الموت إلّا سعادة، والحياة مع الظالمين إلّا برماً)، فظلّ ثابتاً على موقفه، قاتل وأُثخن بالجراح حتّى قُتل، وكانت وقفته أمام الظالمين وقفة رسولٍ ظلمه قومه، فختم ذلك الصراع بين الحقّ والباطل، وبين الإيمان كلّه والكفر كلّه، بواقعة عاشوراء، وهذه الفاجعة يمكن عدّها أعظم ما مرّ على السيّدة زينب(عليها السلام).
1ـ بنت الشاطئ
نظرت بنت الشاطئ إلى دور السيّدة زينب(عليها السلام) في ظل الظروف والأحداث التي عاشتها، من وفاة رسول الله(صلى الله عليه واله)، وبعده وفاة أُمّها السيّدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) من منظار اجتماعي، هو اقتصار دور السيّدة زينب(عليها السلام) على مسؤولية رعاية الإمامين الحسن والحسين(عليهما السلام)، فكانت لهما كأُمّ رؤوم بمعنى الكلمة، وعدّت هذا عاملاً آخر عزز من شخصية السيّدة زينب(عليها السلام) وزادها قوّة وكياناً خاصاً.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ معالجة بنت الشاطئ في تحليل شخصية السيّدة زينب(عليها السلام) تظهر مقيّدة بالجانب الاجتماعي؛ بسبب قلّة الروايات حول السيّدة زينب(عليها السلام) ونزرها؛ لأنّ المؤرّخ لا يستطيع أن يتكهّن بالوقائع التاريخية، ولكنّه يلتقط الروايات والإشارات ويعالجها ويعرضها وفق منهج مُعيّن؛ لذلك نجد بنت الشاطئ اكتفت بسرد الأحداث التاريخية التي مرّت على البيت الذي نشأت فيه السيّدة زينب(عليها السلام)، دون بيان دورها وموقفها، وخاصة في فترة خلافة أمير المؤمنين والإمام الحسن(عليهما السلام).
وفيما يتعلّق بواقعة عاشوراء ترى بنت الشاطئ أنّ دور السيّدة زينب(عليها السلام) برز بعد واقعة الطف، وهذا الأمر يخالف الحقائق التاريخية، بل يناقض ما ذكرته بنت الشاطئ نفسها، وأنّ ما تقدّم ذكره يؤكّد ذلك. وفي الحقيقة فإنّ ما أبرزته بنت الشاطئ من أحداث ووقائع وأصالة النسب، وما حظيت به السيّدة زينب(عليها السلام) من رعاية جدّها رسول الله(صلى الله عليه واله) وأبويها الإمام علي(عليه السلام) والسيّدة الزهراء(عليها السلام)، كان له الأثر في غرس بذور العلم وسموّ الأخلاق، والإعداد لممارسة دورها جنباً إلى جنب مع أخيها الإمام الحسين(عليه السلام).
ففي عاشوراء أشارت بنت الشاطئ إلى ثناء الإمام الحسين(عليه السلام) على أصحابه وأهله قائلة: (أمّا بعدُ، فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعاً عنّي خيراً)، وفي ثناء الإمام الحسين(عليه السلام) على أصحابه وأهل بيته(عليهم السلام) دلالة بيّنة وإشارة واضحة إلى مراتبهم العالية في نصرة الإمام، ومشاركتهم الفعلية في نهضته، ولا سيّما عقيلة البيت الهاشمي السيّدة زينب(عليها السلام).
كذلك أشارت بنت الشاطئ إلى دور السيّدة زينب(عليها السلام) في رعاية الإمام زين العابدين(عليه السلام) أثناء مرضه، وإلى أنّه لم يبقَ على المسرح السياسي سوى السيّدة زينب(عليها السلام) التي لم تغبْ لحظة عن الواقعة، إذ واكبت الإمام خطوة فخطوة، واستحقّت لقب بطلة كربلاء، فقد كانت إلى جانب المريض تُمرّضه، والمحتضر تواسيه، والشهيد تبكيه، وهي التي كانت إلى جانب الإمام(عليه السلام) منذُ أن بدأ القتال حتّى انتهى، والتي بدأت معه وختمت ما بدأت به بنشر القضية الحسينية.
2ـ آمنة الصدر بنت الهدى
اتفقت رؤية العلوية آمنة للسيدة زينب(عليها السلام) مع الكتّاب الآخرين في أنّها مثّلت جيشاً صامداً أمام الحوادث التي واجهتها في حياتها. وتشير بنت الهدى إلى أنّ السيّدة زينب(عليها السلام) هي أوّل مَن تحسّس مواطن الخطر في كربلاء، ومن نماذج مواساتها لأبي الأحرار أنّها حينما سمعت الإمام الحسين(عليه السلام) يقول: (يا دهر أُفٍّ لك من خليل... فلم تملك نفسها أن وثبت تجرّ ثوبها وهي حاسرة حتّى انتهت إليه وقالت: وا ثكلاه، ليت الموت أعدمني الحياة...)، وهنا بدأ الإمام(عليه السلام) بتسلية السيّدة زينب(عليها السلام) وتوجيهها، وشرح لها الوضع الراهن على حقيقته، وأوصاها بوصاياه، ومنذُ تلك اللحظة أخذت على عاتقها التدرّع بالصبر، وتحمل المسؤولية الكبرى.
3ـ الشيخ مرتضى مطهّري
ركّز الشيخ مطهّري على دور أهل بيت سيد الشهداء في النهضة الحسينية، وبخاصّة السيّدة زينب(عليها السلام)، ونحى منحىً يختلف عن بنت الشاطئ وبنت الهدى، ولم يُشر إلى دور السيّدة زينب وموقفها خلال حياتها المباركة، وإنّما اقتصر على الإشارة إلى واقعة عاشوراء وأحداثها، ووفق هذا المحور ناقش مطهّري الأسباب التي جعلت الإمام الحسين(عليه السلام) يأخذ أهل بيته معه في هذه الرحلة الخطرة، مشيراً إلى أنّه على وفق معتقدات ومذهب أهل البيت(عليهم السلام)، فنحن نؤمن بإمامة الإمام الحسين(عليه السلام)، وأنّ أيّ أعمال صادرة من الإمام تكون قائمة منذُ اليوم الأوّل على أساس المنطق والحساب العقلي المدعوم بالدليل والبرهان، وأنّ إحدى المسائل التي تعرّض إليها المؤرّخون وبحثوا فيها، الأسباب التي جعلت الإمام الحسين(عليه السلام) يأخذ أهل بيته معه في هذه الرحلة الخطرة؛ لأنّ كلّ مَن قابل الإمام من الأصحاب كانوا مجمعين وبدون استثناء بناءً على المنطق والحسابات المتداولة في المستوى العادي، واستناداً إلى معايير حفظ النفس، والمحافظة على حياة الإمام وأهل بيته(عليهم السلام)، بأنّ في رحلته بحدّ ذاتها خطراً كبيراً يعرّض حياة أبي عبد الله(عليه السلام) للفناء، وليس فيها مصلحة له، ناهيك عن أخذ أهل بيته في مثل هذه المرحلة. لكنّ ردّ الإمام كان قاطعاً، وأنّه يجب أخذهم؛ استناداً إلى الرؤيا التي جاءته بهذا الشأن، والتي هي بحكم الوحي القاطع. فكان مما قاله لأخيه محمد بن الحنفية: (أتاني رسول الله، فقال: يا حسين، اُخرج فإنّ الله شاء أن يراك قتيلاً. فقال محمد بن الحنفية: إنّا لله وإنّا إليه راجعون. فقال: فما معنى حملك هؤلاء النساء معك وأنت تخرج على مثل هذا الحال. فقال(عليه السلام): قال لي(صلى الله عليه واله): إنّ الله قد شاء أن يراهنّ سبايا).
والإمام كان يهدف من أخذ أهل بيته معه أن يجعل لهم دوراً ورسالةً عليهم أن يؤدّوهما. وقد أشار مطهّري في موضع آخر إلى أنّ ثورة الإمام الحسين(عليه السلام) قائمة على الوعي والإدراك الكاملين بضرورتها، سواء عنده هو أو عند أهل بيته، وبخاصة السيّدة زينب(عليها السلام)، أو لدى أصحابه، وأنّ مثل هذه الثورة لا يقال عنها: بأنّها وليدة الانفجار النفسي أو العاطفي، بل إنّها ثورة واعية ذات حقائق وماهيّات متعدّدة، وأنّ تاريخ كربلاء مثّل تاريخ واقعة اشترك فيها الرجال والنساء معاً، وكانت مرسومة بحدود وبشكل متكامل، فقد كانت المرأة في مدارها وفلكها، والرجل في مداره وفلكه، ومعجزة الإسلام تكمن في هذا الطرح؛ لأنّ الإمام عندما قرر تحريك أهل بيته في تلك القافلة، إنّما أراد منهم أن يؤدّوا الرسالة التي تنتظرهم في هذا التاريخ العظيم، وبالتالي أداء الدور المباشر في صناعة هذا الحدث العظيم من خلال أميرة القافلة السيّدة زينب(عليها السلام)، ولكن ضمن مدارها وفلكها النسائي، فابتداء من عصر يوم عاشوراء تبدأ السيّدة تتجلّى، ومنذُ تلك اللحظة انتقلت المهمة الأُولى إليها، فقد أصبحت هي رئيسة القافلة؛ ذلك لأنّ الرجل الوحيد الذي بقي من أهل بيت الإمام الحسين(عليه السلام) هو الإمام زين العابدين(عليه السلام)، حيث كان في حالة صحيّة يحتاج فيها إلى الرعاية والعناية الصحية.
4ـ الشيخ حسن موسى الشيخ الصفّار
رؤية الشيخ الصفّار لدور السيّدة زينب(عليها السلام) خلال هذه الأحداث، هي أنّ ما مرّت به في حياتها كان بمثابة إعداد وتهيئة للدور الأكبر الذي ينتظرها في هذه الحياة، وأوضح مبيناً أنّ السنوات الخمس التي عاشتها مع جدّها المصطفى(صلى الله عليه واله) وهو يقود معارك الجهاد لتثبيت أركان الإسلام، ويتحمّل هو وعترته ظروف العناء والخطر، والأشهر الثلاثة التي رافقت فيها أُمّها الزهراء(عليها السلام)، بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه واله)، ورأت أُمّها تدافع عن مقام الخلافة الشرعي وتطالب بحقّها المصادر، والفترة الحساسة الخطيرة التي عاصرت فيها حكم أبيها(عليه السلام) وخلافته، وما حدث فيها من مشاكل وحروب، ثمّ مواكبتها لمحنة أخيها الإمام الحسن(عليه السلام)، وما تجرّع فيها من غصص وآلام. كلّ تلك المعايشة للأحداث والمعاصرة لتطوّرات هذه الظروف مجتمعة؛ أسهمت في صقل شخصية السيّدة زينب(عليها السلام) وإعدادها؛ لتؤدّي دورها الخطير في ثورة الإمام الحسين(عليه السلام)، وما كان للسيدة زينب(عليها السلام) أن تنجح في أداء ذلك الامتحان وممارسة ذلك الدور، لو لم تكن تمتلك ذلك الرصيد الضخم من تجارب المقاومة والمعاناة، ولو لم يتوفّر لها ذلك الإرث الكبير من البصيرة والوعي.
وواقعة كربلاء أهمّ الأحداث التي عصفت بالأُمّة الإسلامية، فقد تجلّى تيار الردّة إلى الجاهلية والانقلاب على الأعقاب، ووصل إلى قمّته وذروته في المعسكر الأُموي، كما تجسّد وتبلور خطّ الرسالة والقيم الإلهية في الموقف الحسيني العظيم، وكان للسيدة زينب(عليها السلام) دور رئيس في هذه الثورة العظيمة، فهي الشخصية الثانية على مسرح الثورة بعد شخصية أخيها الإمام الحسين(عليه السلام).
ويرى الشيخ الصفّار أنّ السيّدة زينب(عليها السلام) قد وقفت إلى جانب الإمام الحسين(عليها السلام) في أغلب الفصول والمواقف، بل إنّها قادت مسيرة الثورة بعد استشهاد الإمام الحسين(عليه السلام)، وأكملت حلقاتها، ولولا السيّدة زينب(عليها السلام) لما حقّقت كربلاء أهدافها ومعطياتها وآثارها في واقع الأُمّة والتاريخ. لقد أظهرت كربلاء جوهر شخصية السيّدة زينب(عليها السلام)، وكشفت عن عظيم كفاءتها وملكاتها القيادية، كما أوضحت السيّدة زينب للعالم حقيقة الثورة وأبعاد حوادثها.
بيّن الشيخ الصفّار أنّ قضية كربلاء بأحداثها المروّعة لم تكن مفاجئة للسيدة زينب(عليها السلام)، وأنّ دورها لم يكن عفوياً، ولا من وحي الصدفة، فقد كانت مهيأة نفسياً وذهنياً لتلك الواقعة، وكانت تعلم منذُ طفولتها الباكرة، بأنّ الحادثة ستقع، وأنّها ستؤدّي فيها دوراً رئيساً بارزاً، معززاً كلامه بقول الإمام زين العابدين: (قال(عليه السلام): فإنّه لما أصابنا بالطف ما أصابنا، وقُتل أبي(عليه السلام)، وقُتل مَن كان معه من وُلده، وإخوته وسائر أهله، وحُملت حرمه ونساؤه على الأقتاب، يراد بنا الكوفة، فجعلت أنظر إليهم صرعى ولم يواروا، فعظم ذلك في صدري، واشتدّ لما أرى منهم قلقي، فكادت نفسي تخرج، وتبينتْ ذلك منّي عمّتي زينب الكبرى بنت علي(عليه السلام)، فقالت: ما لي أراك تجود بنفسك يا بقيّة جدّي وأبي وإخوتي؟ فقلت: كيف لا أجزع وأهلع وقد أرى سيّدي وإخوتي وعمومتي وولْد عمّي وأهلي مضرجين بدمائهم، مرمّلين بالعرى، مسلّبين لا يكفّنون ولا يوارون، ولا يعرّج عليهم أحد، ولا يقربهم بشر، كأنّهم أهل بيت من الديلم والخزر؟! فقالت: لا يجزعنّك ما ترى، فو الله، إنّ ذلك لعهد من رسول الله(صلى الله عليه واله) إلى جدّك وأبيك وعمّك، ولقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأُمّة لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض، وهم معروفون في أهل السماوات أنّهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرّقة فيوارونها، وهذه الجسوم المضرجة، وينصبون لهذا الطف علماً لقبر أبيك سيّد الشهداء(عليه السلام) لا يُدرس أثره، ولا يعفو رسمه، على كرور الليالي والأيام، وليجتهدن أئمّة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه؛ فلا يزداد أثره إلّا ظهوراً وأمره إلّا علوّاً).
كان حضور السيّدة زينب(عليها السلام) في واقعة الطف بمحض إرادتها. ويرى الشيخ الصفّار أنّ السيّدة زينب(عليها السلام) اختارت دورها في الثورة العظيمة بوعي سابق وإدراك عميق، وأنّها كانت المبادرة للمشاركة، كما احتفظت بزمام المبادرة في مختلف المواقف والوقائع الثورية، ويحدّثنا التأريخ أنّ السيّدة استأذنت زوجها عبد الله بن جعفر، والذي كان مكفوف البصر، فأذن لها بذلك، بل أمر ولديه عون ومحمد بالالتحاق بقافلة الإمام الحسين(عليه السلام)، وقد حاول شيوخ بني هاشم ثني الإمام عن خروج النساء والأطفال معه، ومنهم: عبد الله بن العباس، ومحمد بن الحنفية، وكان جواب الإمام لهم: (شاء الله أن يراهنّ سبايا)، وقد اعترضت السيّدة(عليها السلام) على نصيحة ابن عباس بقولها: (تشير على شيخنا وسيّدنا أن يخلفنا ها هنا ويمضي وحده؟! لا والله، بل نجيء معه ونموت معه، وهل أبقى الزمان لنا غيره؟)، وكما أنّ أصل اشتراكها في الثورة كان بقرارها الواعي، فإنّ أغلب مواقفها في ميادين الثورة كانت تنبثق من مبادرتها الوثابة، فهي التي تهرع للإمام الحسين(عليه السلام) حينما تدلهم المصائب؛ لتشاركه المواجهة.


من مواضيع : صدى المهدي 0 عمارة العتبة العباسية المقدسة
0 النسيان... العوامل المؤثرة والعلاج
0 حول مفهوم الانثروبولوجيا (علم دراسة الإنسان)
0 جواهر علوية.. "الرزق ليس حكرا على أصحاب العقول"
0 سبب تسابق الخراساني والسفياني إلى الكوفة

الصورة الرمزية صدى المهدي
صدى المهدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 82198
الإنتساب : Aug 2015
المشاركات : 871
بمعدل : 0.26 يوميا

صدى المهدي غير متصل

 عرض البوم صور صدى المهدي

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : صدى المهدي المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 10-08-2022 الساعة : 09:17 AM



المحور الثالث: إتمام أداء الرسالة

إنّ القضية الحسينية قضية ليست كأية قضية، والملحمة الحسينية فريدة لا واقعة تضاهيها، وشخصية الإمام الحسين(عليه السلام) ليست كبقيّة الشخصيات التاريخية الأُخرى، فقد مثّل الإمام الحسين(عليه السلام) جميع الأنبياء والمرسلين، حاملاً إرث رسالاتهم الإلهية إلى الإنسانية، فلا تقتصر معرفته على قومية معيّنة، وإنّ حديث الإمام وعمله وروحه وواقعه وكلّ شيء فيه، عبارة عن حركة وثورة معطاء تنبض حياة ودروساً وعبرة وتدفّقاً للقوّة[42]. فلم يُقتل الحسين من أجل حداد الأُمّة إلى أبد الآبدين، وإنّما قدّم نفسه وضحّى بروحه ليُحيي الأُمّة ويُجري في عروقها روح الحريّة والعزة.

إنّه خرج للإصلاح في أُمّة جدّه، ألم يقل: (إنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي)؟ ألم يقل: (لكم بي أُسوة)، إنّه أُسوة في الإصلاح ومقارعة الظلم، وليس ذريعةً لالتزام الرثاء والبكاء فقط، وتهميش أهداف عاشوراء الحقيقية[43]. فالعلّة الأساسيّة لثورة عاشوراء هي تطهير أنواع الانحرافات التي كانت موجودة، وهذه الانحرافات لم توجد في المجتمع الإسلامي إلّا بواسطة أجهزة بني أُميّة، بدءاً بخلافة عثمان، ووصولاً إلى خلافة يزيد بن معاوية. وقد عبَّر الإمام الحسين(عليه السلام) في خطبته ببعض العبارات التي تدلّ على هذا الفهم، وذلك حين استخدم عبارة الإصلاح[44].

وقد علمت السيّدة زينب أنّ عليها إتمام ما بدء به الإمام الحسين وأهل بيته(عليهم السلام) من رسالة، والمتمثّلة بخدمة الدين والإصلاح ونصرة الحق والوقوف بوجه الظلم. وهنا ندرس دور السيّدة زينب(عليها السلام) بعد واقعة عاشوراء، وسبي النساء وحملهن من كربلاء إلى الكوفة، ومرورهن بأجساد الضحايا وهي مقطعة قطعاً، وجسد الإمام الحسين(عليه السلام) العاري، ثمّ دخولهم مجلس ابن زياد، وما حدث فيه، ثمّ دخولهم الشام، وكذلك دخولهم المدينة[45].

1ـ الدكتورة بنت الشاطئ

ترسم الدكتورة عائشة صورة للسيدة زينب(عليها السلام) بأنّها مثّلت رمزاً للشجاعة والإباء، لا يقلّ عن دور الإمام الحسين(عليه السلام)، فتجد السيّدة زينب(عليها السلام) على الرغم من وقع المعركة وفقدها الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه(عليهم السلام)، إلّا أنّها بدت قوية صابرة محتسبة راضية بقضاء الله، لم تظهر ضعفاً قط؛ إذ كرهت أن تلقى عدوّ الله وعدوّها منكسرة، وكان دفاعها عن الإمام الحسين(عليه السلام) دفاعاً يؤكّد صلابتها، سواء أكان في الكوفة أَم في الشام[46]، وعلى الرغم من أنّ بنت الشاطئ رسمت صورة أدبية، إلّا أنّها حاولت الاقتراب من الحقيقة التاريخية.

كما أشارت كذلك إلى دفاعها عن السيّدة فاطمة بنت الحسين(عليها السلام) في مجلس يزيد الملعون، وكذلك موقفها حين كشف يزيد رأسَ الإمام(عليه السلام)، قاصداً بهذا المنظر زعزعة السيّدة زينب(عليها السلام)، إلّا أنّها ازدادت قوةً وإيماناً، وبيّنت احتقارها لطغيانه، وفضحت ضعفه وهوانه، أمام الاستعراض الذي أُعدّ له، وأبكت جميع النساء دون أن تبكي، بل ردّت عليه بجوابها الذي أخرسه في خطبتها المعروفة[47].

وبعد وصول السيّدة زينب والإمام زين العابدين وأهل البيت(عليهم السلام) إلى المدينة مدينة جدّهم(صلى الله عليه واله) لم يُتركوا بسلام؛ لأنّ هذا الأمر أقلق بني أُمية أصحاب الجريمة، فقد كانت السيّدة زينب(عليها السلام) ومَن معها من أهل بيتها يقصّون على المؤمنين ما جرى على الإمام الحسين وأهل بيته(عليهم السلام) في الطف، والوحشية والقسوة التي عامل بها الظالمون أهل بيت رسول الله(صلى الله عليه واله). واعتبرت بنت الشاطئ أنّ هذا الأمر لم يرق ليزيد؛ لأنّ وجود السيّدة في المدينة كفيل أن يُلهب حماس القوم ويُؤلّب الرأي العام ضدّ بني أُمية وسياستهم التعسفيّة، وحسبما تَذْكُر: كاد الأمر يفسد على بني أُمية، فكتب واليهم في المدينة إلى يزيد: (إنّ وجودها بين أهل المدينة مهيّج للخواطر، وإنّها فصيحة عاقلة لبيبة، وقد عزمت هي ومَن معها الأخذ بثأر الحسين)[48]؛ فأمر يزيد أن يُفرّق البقيّة الباقية من آل البيت(عليهم السلام) في الأقطار والأمصار، وطلب من السيّدة زينب(عليها السلام) مغادرة المدينة[49].

وهنا تقع بنت الشاطئ في تناقض، فقد ذكرت أنّه بعد خروج السيّدة زينب(عليها السلام) من بلاد الشام، فإنّ يزيدَ دعا الإمام زين العابدين(عليه السلام)، فقال له مودّعاً بعد لعنه ابن زياد: (أَما والله، لو أنّي صاحب أبيك ما سألني خصلةً أبداً إلّا أعطيته إيّاها، وَلَدفعتُ الحتف عنه بكلّ ما استطعت، ولو بهلاك بعض ولدي)[50]، وسأله أن يكتب إليه إذا احتاج شيئاً[51].

ونجد هذا الكلام يُخالف ما تقدّم، فأفعال وتصرّفات يزيد (لعنة الله عليه) تعكس خلاف ذلك، ولو كان لديه أدنى قدر من الندم، لم يستكمل إجراءات تنكيله ومحاربته لآل الرسول(عليهم السلام)، ولبقايا أسرة الحسين المثقلة بالهموم والمثخنة بالجراح، ولم يكن يطلب من أهل بيت النبوة مغادرة مدينة رسول الله(صلى الله عليه و اله)، بل على العكس من ذلك نجده في كلّ موقف من مواقفه كانت قسوته وكفره يبرّران له أعماله خوفاً على مصالحه.

هذا، وقد توجّهت السيّدة زينب(عليها السلام) حسب ما ذكرته بنت الشاطئ إلى مصر، ووصلت إليها سنة (61هـ)، واحتشدت جموع من الناس لاستقبالها، وبقيت في مصر إلى أن توفيت في شهر رجب سنة (62هـ) ودُفنت هناك[52].

2ـ آمنة الصدر بنت الهدى

عدَّت بنت الهدى خطبة السيّدة زينب(عليها السلام) في الكوفة الشرارة الأُولى للأخذ بالثأر، والصرخة الموقظة لحركة التوّابين، واستمرّت السيّدة زينب(عليها السلام) تدعو لرسالة الإسلام على يقين وبصيرة، ولم تقعد بها الشدائد عن المضي قدماً في طريق الدعوة والهداية، وكانت امتداداً لنهضة الإمام الحسين وآل محمد(عليهم السلام). وترسم لنا بنت الهدى هذه الصورة للسيّدة زينب(عليها السلام)، وتعدّها قوةً وطاقةً يجب علينا الاقتباس من نورها؛ لنحتفظ بكياننا الاجتماعي الذي بنته لنا تحت راية الإسلام الشامخة[53]. فالسيّدة زينب خرجت من الطف وهي أرفع ما تكون روحاً، وأرسخ ما تكون عقيدةً وثباتاً[54].

وترى بنت الهدى أنّ السيّدة زينب(عليها السلام) قد اضطلعت بأروع مهمّة تاريخية، وهي تركيز نداء الحقّ الذي استُشهد لأجله آل البيت الميامين، فهي(عليها السلام) قد خرجت من المعركة بعد أن فقدت فيها أعزّ ما يُفقد شامخة كالطود، راسخة كالجبل الأشم، تخاطب يزيد، فتقول: (أظننت يا يزيد، حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء؛ فأصبحنا نُساق كما تُساق الأسارى، أنّ بنا على الله هواناً وبك عليه كرامة؟! وأنّ ذلك لعظم خطرك عنده؟! فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك، جذلان مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والأُمور متّسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا، مهلا مهلا، أنسيت قول الله تعالى: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ)، أمِن العدل يابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا، قد هتكت ستورهنّ، وأبديت وجوههنّ، تحدو بهنّ الأعداء من بلد إلى بلد، ويستشرفهنّ أهل المناهل والمناقل، ويتصفّح وجوههنّ القريب والبعيد، والدنيّ والشريف، ليس معهنّ من رجالهنّ ولي، ولا من حماتهنّ حمي، وكيف يُرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء، ونبت لحمه بدماء الشهداء؟!)[55].

3ـ الشيخ مرتضى مطهّري

اختلفت قراءة مطهّري عن قراءة بنت الشاطئ وبنت الهدى؛ إذ ركّز على قضية أُخرى، اكتشف فيها أنّ أوّل مَن أقام العزاء على الإمام الحسين(عليه السلام) هي السيّدة زينب(عليها السلام)، في يوم الحادي عشر من المحرّم[56]، ولا بدّ من التنويه إلى أنّ أهمّ معطيات مجالس العزاء منذُ تأسيسها وحتّى وقتنا الحاضر، هو دورها السياسي، وأنّ مراسم العزاء يمكنها وبشكل جيّد أن تؤدّي دور مؤتمر ديني ودنيوي، فكان الطابع السياسي متناسباً مع الظروف وتقلّباتها وفقاً للمرحلة الأُولى، ونظراً لطبيعة هذه المرحلة التأسيسية، يمكن اعتبار دعوة السيّدة زينب(عليها السلام) وبعدها الأئمة(عليهم السلام) إلى إقامة مجالس العزاء، موقفاً سياسيّاً في قبال محاولات الأُمويين والعباسيين لقمع الشيعة والعلويين، وتهميش دور أتباع أهل البيت(عليهم السلام)، فجاءت المجالس لتسدّ الفراغ وتمدّ الجسور، كأداة فاعلة بيد الأئمة في توجيه شيعتهم، فهي المنبر الناطق والوسيلة الإعلامية الفاعلة في تلك الأجواء الموبوءة بالصراع ومناوأة التشيّع.

والهدف من هذه المجالس هو التأكيد على بيان ثلاثة محاور، هي: ذكر فضائل أهل البيت(عليهم السلام) ومناقبهم والإعلان عن مظلوميّتهم، والعمل على سلب الشرعية من النظام الحاكم، ورواية مصائب الأئمة وحقوقهم المغتصبة. وثمّة مؤشرٌ آخر على الصبغة السياسية لمجالس العزاء والمواكب الحسينية، وهو اختيارهم لعنصر تحريك العواطف والأحاسيس اختياراً موفّقاً، بوصفه عاملاً مساعداً في تحقيق بعض المرامي السياسية، فبشكل عامّ يمكن اعتبار المجالس في هذه المرحلة الملاذَ والكهف الحصين لأتباع أهل البيت(عليه السلام)، المناهضين لحكم الدولة الأُموية والعباسية فيما بعد؛ وذلك عبر النشاطات السرّية في مقارعة الظلم من جانب، والحفاظ على مبادئ الإسلام العلوي في مقابل الإسلام الأُموي من جانب آخر، وفضلاً عن الاستفادة من استمالة الأحاسيس الصادقة والعاطفة الدينية [57]، نجد أنّ السيّدة زينب(عليها السلام) قد جسّدت هذا الكلام في يوم الحادي عشر من المحرّم، عند حمل ركب السبايا، فطلبن من العدو أن يمرّ بهنّ على مصرع الإمام الحسين(عليه السلام)، وما إن وصلت القافلة حتّى نزلن جميعاً عن دوابهن، وصرن يبكين ويضربن على وجوهنّ، وتنطلق السيّدة زينب(عليها السلام) نحو جسد الإمام الحسين(عليه السلام)، فتراه جسداً مقطع الأعضاء، مرمّلاً بالدماء، مسلوب الثياب، فتقترب منه وتعتنقه، وتقول: (بأبي المهموم حتّى قضى، بأبي العطشان حتّى مضى...)[58]، وأبكت كلّ عدوٍّ وصديقٍ، كما أنّها في الوقت ذاته لم تهمل أو تغفل عن واجباتها الأُخرى، كرعاية الإمام زين العابدين(عليه السلام)، فهي عندما نظرت إليه(عليه السلام) ورأته في حالة من الأسى والحزن الشديد، شرعت وهي في تلك الظروف بتهدئة خاطر ابن أخيها، ومواساة روحه، ونقلت له حديث أُمّ أيمن وروايتها التي جاء فيها: أنّ الإمام الحسين(عليه السلام) لم يُقتل هكذا عبثاً، بل إنّ مقتله ضمن حسابات المصلحة العليا، وأنّ دمه هذا لن يذهب هدراً، وأنّه سيُدفن في هذا الموقع الذي صُرع فيه هكذا بدون كفن، وأنّ قبره سيتحوّل إلى مطاف للزائرين على مرّ الأيام[59]. والسيّدة زينب(عليها السلام) هنا لا تبكي أخاً فقط، بل إنّها تبكي سبط رسول الله(صلى الله عليه و اله) وسيد شباب أهل الجنة، تبكي إماماً معصوماً مفترض الطاعة[60].

وعليه؛ فإنّ الشعائر التي أُقيمت على الإمام الحسين(عليه السلام)، وتحت لواء الثورة الحسينية، كان منها المنطلق والمنهل الأساس في ديمومة عطاء الإسلام، فما كان لثورة الإمام أن تصل إلينا إلّا عبر هذه الشعائر، وهي التي حفّزت في نفوس الشيعة روح المقاومة، وميزتهم عن سائر الفرق والمذاهب الأُخرى، وهذه الشعائر إرث رسالي يستقي ويتصل بمنهج موضوع من أهل البيت(عليهم السلام) وتحت رعايتهم، من أجل بثّ القيم التي نادوا بها في نفوس أشياعهم[61].

وصلت السيّدة(عليها السلام) إلى الكوفة، وها هي(عليها السلام) صاحبة الشخصية الفريدة تورد خطبتها الشهيرة أمام الملأ، فقد كانت(عليها السلام) تنتظر تلك اللحظة، (وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا، فارتدّت الأنفاس، وسكنت الأجراس)[62]، وهكذا تكون الشخصية التاريخية؛ إذ بإيماءة منها سكت الجميع وهدأ الكلّ. نعم، هي زينب(عليها السلام) التي خطبت في الناس، وكانت في منتهى الحياء والعفة والعظمة، وبذلك تكون قد عجنت في شخصيتها حياء الزهراء(عليها السلام)، وشجاعة الإمام علي(عليه السلام)، وعندما خطبت(عليها السلام) تبادرت إلى أذهانهم خُطب الإمام علي(عليه السلام)[63].

ويعتمد مطهّري في النهاية على عنصر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في تحليل الحدث، ويرى أنّ الإمام الحسين كان مناهضاً للدولة الفاسدة في زمانه، فهو ثائر وثوري[64]، وأنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الفرائض الأسمى والأشرف، وقد جاء في الحديث: (إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة تُقام بها الفرائض)[65]، وفي حديث آخر: (إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء)[66]. وإحياء شعار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمثّل أعظم جهاد، ولا سيّما أمام فساد حكومة بني أُمية وظلمها، وانحرافاتها الفكرية والعملية التي كانت مخبّأة تحت عنوان الخلافة وتولي أُمور المسلمين، بل تعدّ وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنزلة الحارس الإجرائي، والضامن للعمل بالأحكام الأُخرى، وتعمل على تقوية مبدأ رقابة المجتمع على نفسه، ومنع أفراده من الانحراف والتلوّث بالمعاصي، ويمكن لهذه الفريضة أن تهدي المجتمع الإسلامي إلى السعادة والكمال.

كما يمكن أن يُعتبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحد دوافع نهضة عاشوراء[67]، فما كان من الحسين(عليه السلام) إلّا أن يرفع راية الحرب عليهم؛ حتّى يضع قانوناً عامّاً للرقابة، أي: تفعيل واجب (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) الذي كان قد أُهمل ونُسي بين الناس، وبإعادته يمنح الأُمّة الشجاعة والإحساس بالمسؤولية، ويعرّفهم تكليفهم الديني في كلّ الظروف؛ لذلك بيّن الإمام الحسين(عليه السلام) هدفه بقوله: (أُريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر)[68].

وقيام السيّدة زينب(عليها السلام) بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد واقعة كربلاء، كان بمنزلة المحرّك والباعث والواعز الداخلي للحركة الحسينية، وأنّ الوجود المقدّس للإمام الحسين(عليه السلام) بحدّ ذاته في هذه النهضة يُعتبر عملياً، حضوراً مباشراً للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الأول في هذه الواقعة، وبعد استشهاده(عليه السلام) مباشرة في هذه الواقعة أخذ الطابع الأوسع في ترجمة هذا الأصل والمبدأ أهل بيته(عليهم السلام)؛ إذ تحوّلوا إلى مجموعة عمل فاعلة لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهم(عليهم السلام) لم يظهروا كمجموعة منكسرة؛ إذ إنّهم كانوا مثل الإمام الحسين(عليه السلام)، لا يرون خواتيم الأعمال في بقاء الإنسان حياً على قيد الحياة أو ميتاً، بل ظلّوا يتابعون المسيرة الحسينية في نفس السياق، وأنّ استشهاد الإمام(عليه السلام) كان بالنسبة لهم في أحد جوانبه بداية للنشاط والعمل، وليس خاتمة المطاف لهذه المسيرة.

وفي الحقيقة، فإنّ الإنسان عندما يُحلّل تلك الصورة يجد نفسه يقف حائراً متعجباً أمام تلك القوّة والطاقة الروحية، وذلك الإيمان واليقين، فلا يملك سوى أن يخرّ متواضعاً منبهراً بمَن اختارهم الله لأعلى المقامات، فقد قاموا بتبليغ القضية الحسينية حتّى اللحظة الأخيرة من حياتهم، ونهوا عن المنكر وأمروا بالمعروف، ودعوا إلى الإسلام حتّى الرمق الأخير.

ويُشير مطهّري إلى أنّه في بلاد الشام لم يكن أحد من الناس يُكنّ للإمام علي(عليه السلام) الحبّ، ولا حتّى يعرف مَن هو علي؟ ولا مَن هم أهل البيت؟ وإن كان أحد قد عرفهم، فقد عرفهم بصورة بالغة السوء[69].

يمكن تصوّر وضع السيّدة زينب(عليها السلام) وأسرى أهل البيت(عليهم السلام) بعد كلّ تلك المعاناة الروحية والجسمية، وقد أُدخلوا على مجلس ابن زياد. تدخل السيّدة(عليها السلام) ذلك المجلس المعادي الجائر مرتفعة الجلال وحسب تعبير البعض (حفّ بها إماؤها)[70]، نعم، واصطلاح الإماء هنا، ليس بالمعنى المجازي؛ إذ إنّ جميع النساء اللواتي اشتركن في معركة الطف، ورافقن السيّدة إلى الكوفة، يعترفن بالسيادة والزعامة والقيادة للعقيلة زينب(عليها السلام). هذا، وإنّها عندما دخلت مجلس دار الإمارة لم تسلّم على الأمير، ولم تكترث بطغيانه؛ لذلك انزعج كثيراً وأحسّ بروح المقاومة العالية لدى السيّدة(عليها السلام)، وأنّ تصرّفها هذا يدلّ على أنّها تقول له: إنّ إرادتنا نحن أهل البيت لا تزال حيّة لم تمت، ولسنا نكترث بمكانك وموقعك، ولا تزال روح الحسين في أبداننا، وكانت على قدر كبير من الشجاعة في الردّ عليه من خلال خطبتها، والتي مثلّت الإيمان العملي بعزّتها الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر.

والسيّدة زينب(عليها السلام) على الرغم مما مرّ عليها في أسر أولئك الظالمين، ومع كلّ تلك المعاناة الروحية والجسمية، إلّا أنّها واجهت يزيد، وردّت عليه ردّاً شافياً فاضحاً لسياسة بني أُمية. وعلى هذا الأساس؛ لا بدّ من النظر إلى النهضة الحسينية من زاوية كونها نهضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا سيّما في بلاد الشام التي انقلبت انقلاباً شاملاً بعد ورود آل البيت(عليهم السلام) إليها[71].

يتّفق مطهّري مع الرأي الذي يؤكّد أنّ تاريخ كربلاء إنّما أحياه وخلّده الأسرى، أي: إنّهم تمكّنوا من المحافظة على هذا التاريخ، وأنّ جهاز الحكم الأُموي ارتكب خطأً بالغاً في أسر أهل البيت(عليهم السلام)، والانتقال بهم من ساحة المعركة إلى الكوفة، ثمّ إلى الشام، ولو لم يرتكبوا مثل هذا الخطأ، لكان بإمكانهم ربما دفن تاريخ وقصة هذه النهضة، أو الحدّ من تأثيراتها، لكنّهم هيّأوا الفرصة السانحة بأيديهم أمام أهل بيت النبي؛ ليقوموا بدور المسجّل والمدوّن لهذه الواقعة الكبرى، ولم يكن يخطر في بال جهاز الحكم الأُموي أصلاً بأنّ هؤلاء الصبية والنساء المروّعين والمفجوعين بتلك الواقعة المأساوية، سيتمكنون من استغلال تلك الفرصة أقصى استغلال، ويقومون بدورهم التبليغي على أحسن وجه[72].

يشير مطهّري إلى عدد من الموضوعات المطروقة في خطبة السيّدة زينب(عليها السلام) في الكوفة منها[73]:

1ـ العتاب:

(يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والغدر، أتبكون؟! فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنّة، إنّما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثاً، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم، أَلا وهل فيكم إلّا الصلف والنطف)[74].

2ـ تنبيههم على أخطائهم:

(أتبكون؟ إي والله، فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنآنها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً، وأنّى ترحضون قتل سليل خاتم الأنبياء، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم، ومنار حجّتكم، ومدرة سنتكم)[75].

3ـ تحريك عواطف المعسكر الآخر إزاء ما فعلوه مع النبي(صلى الله عليه و اله):

(ويلكم يا أهل الكوفة، أيّ كبدٍ لرسول الله فريتم؟! وأيّ كريمةٍ له أبرزتم؟! وأيّ دمٍ له سفكتم؟! وأيّ حرمةٍ له انتهكتم؟!)[76].

4ـ النقمة الإلهية المتوقّعة:

(فلا يستخفنّكم المهل، فإنّه لا تحفزه البدار، ولا يخاف فوت الثأر، وإنّ ربكم لبالمرصاد)[77].

عدّ مطهّري حمل الإمام الحسين(عليه السلام) لأهله وعياله في القافلة الحسينية، وبهذه الطريقة، تخطيطاً إلهياً، يكون الإمام فيه قد استخدم العدو استخداماً غير مباشر، بفرض هؤلاء الناس كحركة تبليغية ورُسُل دعاية للإسلام الحسيني ضدّ يزيد والإسلام اليزيدي[78]. واعتبر مطهّري أنّ من شروط نجاح أية رسالة في التبليغ، هو أن تكون غنية المحتوى، ولا بدّ من استخدام الوسائل المشروعة، واجتنابها لاستخدام الوسائل المضادة، ولا بدّ من استخدام المنهج والطريقة الصحيحين، وأخيراً لا بدّ من جدارة الشخصية الحاملة للرسالة، وبخاصّة دور السيّدة وأهل بيت الإمام الحسين(عليهم السلام).

وحول تأثير شخصية السيّدة زينب(عليها السلام) في التبليغ الذي حمل دورين، دور التعريف بالإسلام، ودور إعلام الناس ووضعهم في الصورة الصحيحة عمّا كان يجري من أحداث[79]؛ لذلك علينا الإشارة إلى الأرضية التي اعتمدها بنو أُمية وأتباعهم، والحُجُب التي وضعوها أمام أعين الناس، والانطباع المعين الذي أرادوا للناس أن تخرج به عن مجريات الأمور، وكيف تمكّنت السيّدة وأهل البيت(عليهم السلام) من تمزيق حُجُب النفاق؟ فهذا ابن زياد مثلاً يخاطب السيّدة زينب(عليها السلام) في المجلس بقوله: (الحمد لله الذي قتلكم وفضحكم وأكذب أُحدوثتكم)[80]، فهو يريد أن يقول: أليس ما حصل لكم دليلاً على كون ابن زياد مع الحقّ، وأنّ الحكم في النهاية من مسؤوليتنا؟! وإلّا لما جعلت الغلبة لنا، وهذا على كلّ حال هو منطق الذين يرون الحق إلى جانب الواقع المعاش باستمرار، فيزعمون أنّه تعالى لو لم يكن راضياً على ما يجري لما ترك الأُمور تحصل كما حصلت، ولما كانت قد وقعت، فكان ردّ السيّدة زينب(عليها السلام): (إنّما يفتضح الفاسق، ويكذّب الفاجر، وهو غيرنا. فقال ابن زياد: كيف رأيتِ صُنع الله بأخيك وأهل بيتكِ؟ فقالت: ما رأيت إلّا جميلاً، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل؛ فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتُحاجّ وتُخاصم، فانظر لمن الفلج يومئذٍ، ثكلتك أُمك يابن مرجانة)[81].

يُشير مطهّري إلى أنّ ابن زياد أراد أن يُبرهن على صحّة ما فعله من خلال الاستناد إلى الفلسفة الجبرية الملازمة للعدل، وكلّ حركة سياسية لا بدّ وأن تستند في أعمالها إلى فلسفة وخلفية فلسفية تبرّر لها أعمالها، وما الحرب الدعائية إلّا عبارة عن المواجهة بين الفلسفات المتعارضة أو المتحاربة، وكان أهمّ شيء فعلته السيّدة زينب(عليها السلام)، وهو من أهم آثار وجودهم؛ كونهم لم يتركوا مجالاً لفلسفة العدو الإقناعية بأن تأخذ مجالها في التأثير، والعمل الآخر للسيدة وأهل بيت الإمام الذي تمكّنوا من إنجازه هو تحقيق الاتصال الجماهيري، والتحدّث إلى الجمهور العام من على منبر العدو نفسه، في الوقت الذي لم يكن مثل ذلك الأمر ممكناً قبل الحادثة، أو أثنائها لخوف الناس، وعدم جرأتهم على الاتصال بآل البيت بسهولة؛ وبهذا تكون العقيلة زينب(عليها السلام) وسائر أهل البيت(عليهم السلام)، قد نقلوا الحرب إلى داخل بيت العدو، واستطاعت السيّدة(عليها السلام) استغلال الفرصة المناسبة للتعريف بالشخصية الواقعية والحقيقية للإمام وأهل بيته(عليهم السلام)؛ الأمر الذي حوّل أهل الكوفة إلى معسكر للثورة، وصار أهل الكوفة يقولون عن آل البيت(عليهم السلام): (كهولهم خير الكهول وشبابهم خير شباب)[82].

وبشكل عامّ، فإن الكوفة وبلاد الشام قبل دخول آل البيت(عليهم السلام) إليها هي غيرها بعد دخولهم إليها، وقد تطورت الأُمور في الكوفة إلى الدرجة التي ظهر فيها مَن عُرفوا فيما بعدُ بالتوّابين، بل إنّ الكوفة هذه نفسها قامت ضدّ الشام وابن زياد، وقد قُتل الأخير في الحرب التي أعلنها الكوفيون ضدّه، كما أنّ تأثير أهل البيت(عليهم السلام) على وضع الشام والشاميين قد امتدّ حتّى وصل إلى المسجد الأُموي هناك، وما يقال عن تغيير يزيد الملعون سياسته في الفترة الأخيرة، إنّما يبيّن علامات الضعف والانهزام التي بدأت تظهر عليه[83].

أشار مطهّري إلى التحوّل في سياسة يزيد تجاه السيّدة زينب(عليها السلام)وأهل بيت النبوة، ويُعلّل سبب ذلك وهو أقرب للصواب بقوله: (هل تعرفون السبب الكامن وراء ذلك؟ فهل يُعقل أنّ يزيد قد تحوّل إلى رجل شريف مثلاً؟ أو أنّ نفسية يزيد قد تغيّرت؟ أبداً، كلّ ما هنالك أنّ الأجواء والأوضاع المحيطة قد تحوّلت، وسبب ذلك التحوّل، هو [أنّ] السيّدة والإمام زين العابدين(عليهما السلام)، كانا قد قلبا أوضاع الشام وأحوالها رأساً على عقب)[84].



من مواضيع : صدى المهدي 0 عمارة العتبة العباسية المقدسة
0 النسيان... العوامل المؤثرة والعلاج
0 حول مفهوم الانثروبولوجيا (علم دراسة الإنسان)
0 جواهر علوية.. "الرزق ليس حكرا على أصحاب العقول"
0 سبب تسابق الخراساني والسفياني إلى الكوفة

الصورة الرمزية صدى المهدي
صدى المهدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 82198
الإنتساب : Aug 2015
المشاركات : 871
بمعدل : 0.26 يوميا

صدى المهدي غير متصل

 عرض البوم صور صدى المهدي

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : صدى المهدي المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 10-08-2022 الساعة : 09:19 AM



ـالشيخ حسن موسى الصفّار
أمّا الشيخ الصفّار، فيشير إلى أنّ السيّدة زينب(عليها السلام) على رغم ما مرّت به من المصائب والمآسي وظروف السبي والأسر، وطبيعتها الأُنثوية من الخفارة والخدر، وما كابدته السيّدة زينب(عليها السلام) من أجواء الشماتة، والأعداء المحيطين بها في الكوفة والشام، إلّا أنّها تميّزت بنظرتها الإيجابية، واعتبرت ذلك امتحاناً إلهياً لا بدّ من نجاحها فيه، فتسامت على كلّ هموها، وامتلكت زمام المبادرة، مسيطرة على كلّ ما حولها من ظروف وأوضاع، وفي أشدّ المواقف وأفظعها، شاكرة حامدة آلاء الله ونعمه، معلنة تقبلها لقضاء الله، واستعدادها لتحمّل الأكثر من ذلك في سبيله، فنجدها مثلاً في خروجها بعد انتهاء المعركة إلى ساحة المعركة تبحث عن جسد أبي عبد الله(عليه السلام)، فلما وقفت على جثمانه الشريف، جعلت تطيل النظر إليه، ثمّ رفعت بصرها نحو السماء، وهي تدعو بحرارة ولهفة: (اللهم تقّبل منّا هذا القربان)[85].

واعتبر الشيخ الصفّار أنّ ذروة المأساة وقمّة المصيبة في الوقت نفسه مورد تقرّب إلى الله تعالى عند السيّدة زينب(عليها السلام)، وذلك قمّة الوعي وأعلى مستويات الإرادة والاختيار، فحين يسألها عبيد الله بن زياد في مجلسه سؤال الشامت المغرور بالنصر الزائف قائلاً: كيف رأيت فعل الله بأخيك؟ فإنّها تجيبه بجرأة وصمود: ما رأيت إلّا جميلاً، وتختم خطابها في مجلس يزيد بتأكيد رؤيتها الإيجابية لما حصل لها ولأهل بيتها من مصائب وآلام، قائلة: (والحمد الله ربّ العالمين، الذي ختم لأوّلنا بالسعادة والمغفرة)[86]. فالسيّدة لم تكن مستدرجة، ولم تجد نفسها متورّطة في معركة فُرضت عليها، بل اقتحمت ساحة الثورة بملء إرادتها وكامل اختيارها، وهنا تتجلّى عظمة السيّدة زينب(عليها السلام)[87]. ونورد فيما يأتي ملاحظات أُخرى:

1ـ يُشير الشيخ الصفّار إلى أنّ من أمضى أسلحة جبهة الحقّ التي تجلّت في ثورة الإمام الحسين(عليه السلام) هو سلاح المظلومية، بإبراز عدوانية الطرف الآخر، وبشاعة جرائمه، وإظهار عمق المأساة وشدّة الآلام والمصائب التي تحمّلها معسكر الإمام، وأكثر مَن برع في إظهار ظلم بني أُمية هي السيّدة زينب(عليها السلام)؛ إذ كانت تسلّط الأضواء وتلفت الأنظار إلى مواقع الظلامة، كما أنّها كرّست باقي حياتها للقيام بهذا الدور العظيم، ومن تلك المواقف العاطفية التي قامت بها السيّدة زينب(عليها السلام) بكاؤها وتألّمها ونعيها واستغاثتها التي لم تكن بمجموعها مجرّد أفعال عاطفية، بل كانت تلك المواقف فوق ذلك سلاحاً مشرعاً تُصوّبه نحو الظلم والعدوان، وتُدافع به عن معسكر الحقّ والرسالة.

2ـ رأت في الإمام الحسين(عليه السلام) الإمام القائد المفترض الطاعة، وفوق ذلك يجسّد شخصية الرسول الأعظم وأبيها الإمام علي وأُمّها فاطمة الزهراء وأخيها الإمام الحسن(عليهم السلام)، إنّه البقيّة والامتداد للبيت النبوي، وليس مجرّد أخٍ عزيز، وأنّ ما أقدم عليه بنو أُمية يُعدّ أعظم جريمة في التاريخ؛ لأنّها استهدفت النبي وأهل بيته(عليهم السلام) عبر قتل مَن يُمثّلهم ويجسّدهم جميعاً آنذاك[88].

وعند وصولها المدينة أصبح برنامجها اليومي والدائم في المدينة، تذكير جماهير الأُمّة بمظلومية الإمام وأهل بيته(عليهم السلام)؛ لتؤجج بذلك العواطف، وتُلهب المشاعر، وتُحرّض الناس على الحكم الفاسد، فكتب والي المدينة عمرو بن سعيد الأشدق إلى يزيد، فأمره الأخير بالتفريق بينها وبين الناس، وأمرها بالخروج من المدينة، وبالفعل قامت ثورة في المدينة ضدّ الحكم الأُموي وأُخمدت (بواقعة الحرة)[89].

يُشير الشيخ الصفّار إلى دور السيّدة(عليها السلام) في رعاية القافلة؛ إذ إنّ الإمام الحسين(عليه السلام) كان مدركاً هذا الأمر وأراد منهم أن يواصلوا دورهم الجهادي في خدمة نهضته المقدّسة، وكانت السيّدة هي المرشّح الوحيد والكفوء، وعلى الرغم من وجود الإمام زين العابدين الذي حال به المرض عن هذا الأمر كما هو معروف، فقد تربّص بنو أُمية واجتهدوا في طلبهم أدنى مبرر للقضاء عليه؛ لذلك أوصاها الإمام برعاية القافلة، فنهضت بهذه المسؤولية على أكمل وجه، وكانت مرجع النساء والأطفال، يلوذون بها في حوائجهم وشؤونهم، وتتحمّل هي(عليها السلام) مسؤولية رعايتهم والدفاع عنهم، ومن الصور التي رسمها الشيخ الصفّار لرعاية السيّدة زينب(عليها السلام) للقافلة[90] ما يلي:

1ـ بدأت بحراسة القافلة بعد انتهاء المعركة، وأخذت تجمع الأطفال الذين هاموا في الصحراء، وتُصبّرهم وتسهر على حراستهم.

2ـ تُصبّر الإمام زين العابدين(عليه السلام) حين غادرت القافلة كربلاء، ومرّوا بأرض المعركة، فتقول له: (ما لي أراك تجود بنفسك يا بقيّة جدّي وأبي وإخوتي؟)[91].

3ـ تمنع الأطفال من أخذ الصدقة.

4ـ ترفض استقبال الشامتات من نساء أهل الكوفة، والمتفرّجات على مصابهم، فأمرت بعدم دخول النساء إلّا مملوكة أو أُم ولد، فإنهنَّ سُبين كما سُبيت(عليها السلام).

5ـ كانت(عليها السلام) ملاذاً للعيال، فحين يواجه أحد من عيال الإمام الحسين(عليه السلام) أي مشكلة، فإنّ الملجأ والملاذ هي السيّدة زينب(عليها السلام)، ومن ذلك إشارة الشيخ الصفّار إلى ما تعرّضت له السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسين(عليه السلام)، لما سمعت الرجل الشامي يطلبها من يزيد عليه اللعنة، فبرزت السيّدة(عليها السلام) وتصدّت له، متحدّية سلطان يزيد وبطشه.

6ـ حماية الإمام زين العابدين(عليه السلام) عند استغاثة الإمام الحسين(عليه السلام)، بعد أن قُتل أتباعه من أصحابه وأهل بيته(عليهم السلام)، ورفع الإمام صوته يطلب النصرة، وكان لنداء الاستغاثة وقع كبير على قلب الإمام زين العابدين(عليه السلام)، فوثب من فراشه على الرغم مما ألمّ به من مرض، فرمقه الإمام(عليه السلام)، فأمر أُخته بإرجاعه إلى الخيمة حتّى لا تخلو الأرض من نسل آل محمد(عليهم السلام). كذلك عند هجوم معسكر بني أُمية على الخيام بعد انتهاء المعركة، ومحاولة الملعون شمر بن ذي الجوشن قتل الإمام زين العابدين(عليه السلام)؛ حيث تعلّقت به السيّدة زينب(عليها السلام)، ومنعتهم عن قتله، أو حتّى تقتل دونه، وكذلك إنقاذ الإمام(عليه السلام) من بطش ابن زياد؛ إذ لم يتحمّل الأخير ردّ الإمام(عليه السلام) عليه ردّاً منطقياً، فاضحاً إيّاه وأسياده بني أُمية، فأصدر أمره بقتل الإمام، إلّا أنّ السيّدة تمسّكت بالإمام واعتنقته، موجّهة كلامها إلى ابن زياد، قائلة: (يابن زياد، حسبك من دمائنا...)[92].

ونلحظ كيف أفشل الإمام الحسين(عليه السلام) مخطّطات بني أُمية الإعلامية، وأجهض محاولاتهم في تشويه صورة الثائرين؛ إذ كانت مبادرة الإمام الحسين(عليه السلام) في ردّه على هذه التساؤلات، إجابة حكيمة قوية، وهي استعانته بأخته زينب(عليها السلام) لتقوم بذلك الدور العظيم، فالحسين(عليه السلام) بنفسه كان يوضّح للأُمة أسباب ثورته، وأهداف حركته، وكان يكشف انحرافات الحكم الأُموي وفساده، ويؤكّد المسؤولية الملقاة على كاهل المسلمين، للتصدي لهذا الجور والظلم.

لقد تصدّى الإمام بنفسه للقيام بالمهمّة الإعلامية يوم كان في المدينة المنورة، وحين انتقل إلى مكّة المكرمة، والتقى بجموع الحجيج، وأثناء سيره إلى العراق، وفي أرض كربلاء، وقُبيل استشهاده بلحظات، وكان يخاطب الجيش الأُموي محرّضاً وموجّهاً، لكنّ حاجة الثورة إلى الإعلام بعد استشهاده، تكون أشدّ وأكبر؛ لأنّ الأُمويين ستأخذهم نشوة الانتصار الظاهري، فالإعلام بعد استشهاده أكبر أهمية[93].

وقد مثّل خطاب السيّدة زينب(عليها السلام) في الكوفة أوّل تصريح وتعليق يصدر من أهل البيت(عليهم السلام) على واقعه كربلاء بعد حدوثها، وتكمن أهمّية الخطاب في أنّه موجّه للمجتمع المسؤول عمّا حدث بصورة مباشرة، وهو المجتمع الكوفي. والخطاب أيضاً يعتبر الجولة الأُولى في معارك السيّدة زينب(عليها السلام) ضدّ الإجرام والظلم الأُموي. وقد سلّط الشيخ الصفّار الأضواء على بعض آفاق ذلك الخطاب المهمّ، منها[94]:

1ـ تحميل المجتمع الكوفي المسؤولية المباشرة، عمّا حدث للإمام الحسين وأهل بيته(عليهم السلام)، وعن مصير الثورة المقدّسة، فالكوفيون هم الذين كاتبوا الإمام الحسين(عليه السلام) والحّوا عليه بالقدوم إليهم، ثمّ إنّ الجيش الذي زحف لقتل الإمام، وصنع تلك الجريمة الكبرى، كان في أغلب قياداته وجنوده من أبناء المجتمع الكوفي.

2ـ التركيز على نقاط ضعف المجتمع الكوفي ومساوئ أخلاقه، فالجريمة لم تنطلق من فراغ، وإنّما هي نتيجة طبيعية لتلك الأخلاقيات المنحرفة؛ ولذلك نبهتهم(عليها السلام) على أبرز مساوئ أخلاقهم، بقولها: (وهل فيكم إلّا الصلف والنطف، ومَلَق الإماء، وغَمز الأعداء؟!)[95].

3ـ توضيح أبعاد الفاجعة، فما حدث في كربلاء لم يكن أمراً سهلاً، وليس شيئاً عادياً بسيطاً، إنّه كارثة مروعة، وفجيعة عظمى، وجريمة نكراء.

4ـ منزلة الحسين(عليه السلام) ومقامه، لا بدّ أنّ الإعلام الأُموي سيسعى جاهداً للتقليل من شأن الحسين(عليه السلام)، والافتراء على شخصيته، كما حصل لأبيه الإمام علي(عليه السلام)؛ لذلك ركّزت السيّدة زينب(عليها السلام) في خطابها على بيان منزلة الحسين(عليه السلام) ومقامه، فهو: (سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة)[96].

5ـ الإنذار بالانتقام، فعدالة الله تأبى أن تمرّ تلك الجريمة النكراء دون عقاب يتناسب مع خطورتها، لكنّ العقاب قد لا يأتي عاجلاً، (فلا يستخفنّكم المهل، فإنّه لا يحفزه البدار، ولا يخاف فوت الثأر، وإنّ ربكم لبالمرصاد)[97]، وكان الانتقام الإلهي من قتلة الحسين(عليه السلام) ومن المجتمع المتواطئ معهم، شديداً وقوياً؛ حيث لم يعرف ذلك المجتمع بعدها أمناً ولا استقراراً.

وفي مجلس ابن زياد كان موقفها(عليها السلام) يتطلّب ممارسة دورها الرسالي في الدفاع عن ثورة أخيها الإمام الحسين(عليه السلام) وتأكيد موقعيّة أهل بيتها العظيمة في الأُمة، وتمزيق هالة السلطة والقوّة التي أحاط بها ابن زياد نفسه؛ لذلك بادرت بالردّ عليه قائلة: (الحمد الله الذي أكرمنا بنبيه محمد(صلى الله عليه واله)، وطهّرنا من الرجس تطهيراً، إنّما يُفتضح الفاسق، ويُكذّب الفاجر، وهو غيرنا يابن مرجانة)[98].

كان موقف السيّدة زينب(عليها السلام) في مجلس يزيد من أروع مواقف الدفاع عن الحقّ، وتحدّي جبروت الطغيان والظلم، فيزيد كان أمامها متربّعاً على كرسي ملكه، وتحفّ به قيادات جيشه، ورجالات حكمه، وتُشير الروايات التاريخية إلى حضور بعض الدبلوماسيين الأجانب كرسول قيصر الروم. كما أنّ السيّدة زينب(عليها السلام) كانت تعرف فظاظة يزيد وغلظته، وتهوره في القمع والظلم، وكان قد أعدّ مجلسه مهرجاناً للاحتفال بانتصار الحاكم على ثورة أهل البيت(عليهم السلام).

من ناحية أُخرى، كانت السيّدة زينب(عليها السلام) في ظروف بالغة القسوة والشدّة جسدياً ونفسياً، فهي ما تزال تعيش وطأة الفاجعة، ولأجواء الشماتة والإذلال التي استقبلتها في الشام وقع كبير على نفسها، ومجرّد حضورها سبية أسيرة في مجلس عدو ظالم، كان وحده كفيلاً بتحطيم المعنويات وهزيمة الروح، أضف إلى ذلك أنّها كانت متعبة من الناحية الجسدية؛ وذلك لأنّ السفر كان مرهقاً وشاقّاً، حيث كان السير حثيثاً؛ تنفيذاً لرغبة السلطة في الوصول بأسرع وقت إلى الشام، والمرافقون العسكريون لقافلة السبايا كانوا جُفاة صلفين قُساة في تعاملهم مع النساء والأطفال، كزجر بن القيس، وشمر بن ذي الجوشن، حيث كانوا يقذفون السبايا بالشتم، ويضربونهم بالسياط لأدنى مناسبة، وعامل الجوع والعطش كان له دور في إنهاك السيّدة وإرهاقها، حيث كان الجنود يقتّرون عليهم بالطعام والشراب؛ مما دفع السيّدة زينب(عليها السلام) للتنازل عن حصّتها؛ لسدّ جوع الأطفال وعطشهم، متحمّلة مضاضة الجوع والعطش، إضافة إلى ذلك، فقد أُحيط دخول السبايا إلى الشام وحضورهم مجلس يزيد بإجراءات بالغة الصعوبة، قُصد منها إيقاع أكبر قدر من الإذلال والهوان في نفوس السبايا، فقبل إدخالهم على الملعون أوقفوهم فترةً من الزمن على درج باب المسجد، حيث مكان إيقاف سبايا الكفار، ثمّ أتوا بحبل وثّقوهم به كتافاً، وكان بداية الحبل بالإمام زين العابدين(عليه السلام) ونهايته بالسيّدة زينب(عليها السلام)، وساقوهم بإذلال[99].

عدّ الصفّار خطاب السيّدة زينب(عليها السلام) في مجلس يزيد وثيقة فكرية سياسية، سلّطت الضوء على خلفيات المعركة بين أهل البيت(عليهم السلام) والأُمويين، وقدّمت تصوّراً مستقبلياً لآثار المعركة ونتائجها، وأهمّ آفاق ذلك الخطاب هي[100]:

1ـ إنّ الأُمويين يتظاهرون بالإسلام ويحكمون باسمه، إلّا أنّهم ينظرون إلى الأُمور حسب المعادلات المادّية، بعيداً عن القيم والمبادئ، ويريدون أن تنظر الأُمّة إلى كربلاء من المنظار المادّي الجاهلي؛ حيث صرّح يزيد بأنّه أخذ بثارات بدر، ومعارك الإسلام الأُولى ضدّ المشركين، ويرى أنّ القوّة بأيديهم، والانتصارات التي أحرزوها تكفي دليلاً على أحقيّتهم وشرعيتهم كواقع يفرض نفسه، وفي مواجهة هذا المنطق كانت السيّدة زينب(عليها السلام) في خطابها تؤكّد على الرجوع إلى القيم والمبادئ الدينية، والاحتكام إليها في تقويم الواقع، وتفسير أحداثه في ضوء كتاب الله وأحكامه؛ لذلك فهي تذّكر يزيد بأن لا ينظر إلى نفسه من خلال ما يملك من قوّة وسلطة، وذلك قولها: (الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على رسوله وآله أجمعين، صدق الله كذلك يقول: (ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون)، أظننت يا يزيد، حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبحنا نُساق كما تُساق الأسارى، أنّ بنا على الله هواناً وبك عليه كرامة، وأنّ ذلك لعظم خطرك عنده؟!)[101]، فذلك لا يدلّ على الأحقية والمشروعية والرضا الإلهي، فقد يُفسح المجال أمام الكافرين لتضاعف قوّتهم وإمكانيتهم، دون أن يعني ذلك أحقيتهم أو رضا الله عنهم، والحسين وأهل بيته(عليهم السلام) شهداء خالدون على وفق مقياس المبادئ الإلهية، وليسوا مهزومين؛ ولأنّهم يحملون رسالة الله، ويدافعون عن دينه. وحسب المبادئ والقيم، فهناك عدالة إلهية، وهناك دار آخرة تكون فيها النتائج الحاسمة؛ لذا تقول(عليها السلام): (حسبك بالله حاكماً، وبمحمد خصيماً، وبجبرئيل ظهيراً، وسيعلم مَن سوّى لك ومكّنك من رقاب المسلمين، بئس للظالمين بدلاً)[102]، وبالتالي فإنّ الصراع بين الطرفين من وجهة نظر السيّدة(عليها السلام) صراع بين الخير والشرّ، وليس صراعاً قبلياً على الزعامة.

2ـ إدانتها للجرائم الأُموية، ففي مجلس يزيد، وبحضور أتباعه، أعلنت السيّدة(عليها السلام) الإدانة والاستنكار لما ارتكبه من جرائم بحقّ أهل البيت(عليهم السلام)، وأوضحت مظلوميتهم وعمق مأساتهم بقتل رجالاتهم، وسوق نسائهم سبايا، وترك جثثهم الشريفة دون مواراة، كما أنّها وبّخته بشدّة على أقواله التي تنضح كفراً وتشكيكاً في الدين.

3ـ تُذكّر في خطابها(عليها السلام) يزيد بجذوره العائلية الفاسدة، وخاصّة جدّته هند أُم معاوية وزوج أبي سفيان، التي قادت حملة التأليب والتحريض على قتال رسول الله(صلى الله عليه و اله) والمسلمين، وبخاصّة حمزة بن عبد المطلب عمّ النبي(صلى الله عليه واله)، ثمّ مثّلت بجسمه وانتزعت كبده، حيث قالت(عليها السلام): (وكيف يُرتجى مراقبة مَن لفظ فوه أكباد الأزكياء، ونبت لحمه بدماء الشهداء؟)[103].

4ـ أشادت(عليها السلام) بأهل البيت(عليهم السلام)، وأنّهم القادة الحقيقيون لهذه الأُمة، وهم الأَوْلى بالسلطة والحكم، وتعتز السيّدة زينب(عليها السلام) بفضل أُسرتها وأمجادها العظيمة، قائلة: (فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة، ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يُكمل لهم الثواب، ويُوجب لهم المزيد، ويُحسن علينا الخلافة، إنّه رحيم ودود، وحسبنا الله ونعم الوكيل)[104].

5ـ تضمّن خطابها ليزيد الكشف عن أنّ نصره الذي حقّقه، هو في الواقع هزيمة، وأنّه سقط في حضيض الهوان، كما تحدّته في أن يتمكّن من تحقيق هدفه في طمس خط أهل البيت(عليهم السلام)، مهما جنّد من قواه، ورهان السيّدة ليس مقتصراً على أمر الدنيا فقط، بل تتطلّع إلى الآخرة، حيث عدالة الله تعالى، وأنّ العاقبة للمتقين، والنار والخزي للظالمين، فقد خاطبت(عليها السلام) يزيد قائلة: (فكد كيدك واسعَ سعيك، وناصب جهدك، فو الله لا تمحو ذكرنا، ولا تُميت وحينا، ولا تُدرك أمدنا، ولا ترحض عنك عارها، وهل رأيك إلّا فند، وأيامك إلّا عدد، وجمعك إلّا بدد؟! يوم يناد المناد أَلا لعنة الله على الظالمين)[105].

6ـ مثّلت نموذجاً للبطولة، ورمزاً للعزّة الإيمانية؛ إذ تقف أمام حاكم جائر متغطرس، صارخة به: (يابن الطلقاء)، ومنذرةً له وداعية عليه: (اللهمّ خذْ بحقنا، وانتقم ممَّن ظالمنا، وأحلل غضبك بمَن سفك دماءنا، وقتل حماتنا)، وتتحدّاه قائلة: (فو الله، ما فريت إلّا جلدك، ولا جززت إلّا لحمك)[106]. كما أنّها تُبدي احتقارها له، وأنّها أكبر وأسمى من أن تخاطبه لولا ما فرضت عليها الظروف: (ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك، إنّي لأستصغر قدرك، وأستعظم تقريعك، وأستكبر توبيخك)[107].

يُشير الشيخ الصفّار إلى أنّ هدف يزيد من مجيء السبايا من أهل بيت النبوة إلى الشام، هو أن يخلق جوّاً مضادّاً لثورة الحسين(عليه السلام)، ويدعم عرش حكمه وسلطته، إلّا أنّ الذي حدث عكس ذلك تماماً، حيث انتشر الاستياء في مختلف أوساط العاصمة الأُموية، ومن مظاهر الاستنكار: مواقف ممثّل ملك الروم، والحبر اليهودي، وهند زوجة يزيد، وغيرهم[108].

ويرى الشيخ الصفّار أنّ يزيد صدرت عنه كلمات عديدة أبدى ندمه فيها لمِا فعله بالإمام وأهل بيته(عليهم السلام)[109].

وفي الحقيقة، هذا الرأي بعيد عن الصواب، ولا تُعزّزه الوقائع؛ لأنّ تصرفات يزيد وأفعاله وجرائمه اللاحقة، تثبت جزماً أنّه لا يُبدي ندماً لمِا فعل، بل يزداد كفراً وانتهاكاً للحرمات، وربّما انخدع المراقبون بتظاهره بالندم؛ لأنّ تعنيفه ولومه والثورة عليه جاءت حتّى من بيته الأُموي، بل من أُسرته نفسها، كزوجته وأبنائه وحاشيته.

كما يعتبر الصفّار أنّ مصائب السيّدة(عليها السلام) تربو أضعافاً مضاعفة على مصاب أخيها الحسين(عليه السلام)، فإنّها شاركته في جميع مصائبه، وانفردت عنه بالمصائب التي رأتها بعد قتله من السلب والنهب، وحرق الخيام والأسر، وشماتة الأعداء، فقد كانت في كلّ لحظة من لحظاتها تُقتل معنوياً، ومع ذلك، تصف كلّ ما جرى، وما رأته من مصائب، بقولها: (ما رأيت إلّا جميلاً)[110].

ويتّفق الشيخ الصفّار مع الرأي الذي يذهب إلى أنّ السيّدة(عليها السلام) ماتت ودفنت في الشام[111].



من مواضيع : صدى المهدي 0 عمارة العتبة العباسية المقدسة
0 النسيان... العوامل المؤثرة والعلاج
0 حول مفهوم الانثروبولوجيا (علم دراسة الإنسان)
0 جواهر علوية.. "الرزق ليس حكرا على أصحاب العقول"
0 سبب تسابق الخراساني والسفياني إلى الكوفة

الصورة الرمزية صدى المهدي
صدى المهدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 82198
الإنتساب : Aug 2015
المشاركات : 871
بمعدل : 0.26 يوميا

صدى المهدي غير متصل

 عرض البوم صور صدى المهدي

  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : صدى المهدي المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 10-08-2022 الساعة : 09:20 AM




الخاتمة

من خلال ما تقدّم عرضه من حقائق يمكن إيجاز مجموعة من النتائج:

1ـ اتّفاق المفكّرين وتأكيدهم على أنّ السيّدة زينب(عليها السلام) تمّ تنشئتها منذُ اليوم الأول لولادتها لقضية عاشوراء، وللقيام بدورها الرسالي في النهضة الحسينية بعد استشهاد الإمام الحسين(عليه السلام).

2ـ بلحاظ ما تقدّم، رسمَ المفكّرون صورة السيّدة زينب(عليها السلام) بوصفها أُنموذجاً للمرأة المسلمة، ومثالاً يُحتذى به، وقدوةً في سيرتها العطرة؛ للسير على خطاها في العفّة والحياء، والتفقه في الدين، والوقوف بوجه الظالمين، وفق القوانين الإلهية، فعلى الرغم مما جرى عليها(عليها السلام) إلّا أنّنا نجدها تتحرّك بحسب قيم ومبادئ الدين الإسلامي، ولم تزل عن الطريق القويم.

3ـ كان للسيدة زينب(عليها السلام) دور كبير في النهضة الحسينية بإجماع المفكرين، ولا يختلف في هذا الأمر أحد، وتجسّد هذا الدور الكبير في المحافظة والعناية بقافلة الركب الحسيني، وكان ذلك في وجود الإمام الحسين وبعد استشهاده(عليه السلام)، وكذلك مواصلة ما بدأ به الإمام، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما أنّها(عليها السلام) مثّلت شاهد عيان لسياسة بني أُمية وجريمتهم بحقّ أهل بيت النبوة(عليهم السلام)، وفضح ذلك على الرغم من تسلّط الظالمين. فحين خرست ألسن المسلمين، وعجزوا عن مواجهة الظالمين، وخضعوا لظلم وجبروت بني أُمية، نطقت السيّدة زينب(عليها السلام)، فلم تخف ولم تخشَ من سطوتهم وظلمهم، بل أخرست كلماتها الطاغية يزيد، فلم ينطق إلّا ببيت شعر يدلّ على خزيه ومهانته وذلّه.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

1-الاستراتيجية الحربية في معركة عاشوراء، نبيل قدوري حسن الحسني، قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينية المقدسة، كربلاء، 2014م.

2-الإمام محمد باقر الصدر.. معايشة من قريب، محمد الحيدري، مطبعة السالمي، بغداد، 2003م.

3-الانتفاضات الشيعية عبر التاريخ، هاشم معروف الحسني، دار التعارف، بيروت، 1990م.

4-بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، مؤسسة الوفاء، بيروت.

5-بلاغة الإمام علي بن الحسين(عليهما السلام) (خطب، رسائل، كلمات)، جعفر عباس الحائري.

6-تاريخ ومناقب ومآثر الست الطاهرة (البتول السيّدة زينب وأخبار الزينبيات) للعبيدلي النسابة، حسن محمد قاسم، الطبعة الثانية، مصر، 1934م .

7-جهاد الحسين ومصرعه، محمد الحسيني الشيرازي، مكتبة جنان الغدير، الكويت، 1998م.

8-الحسين وبطلة كربلاء، محمد جواد مغنية، تحقيق: سامي الغريري، دار الكتاب الإسلامي، قم، 2005م.

9-الحسين ومسؤولية الثورة، حسن موسى الصفار، دار البيان العربي، بيروت، الطبعة السابعة، 1991م.

10-رؤى جديدة في الفكر الإسلامي، مرتضى مطهّري، مراجعة وتصحيح: عبد الكريم الزهيري ومحمد هاني الثامر، شريعت، قم، 1427هـ.

11-زينب الكبرى(عليها السلام) من المهد إلى اللحد، محمد كاظم القزويني، تحقيق: مصطفى القزويني، دار المرتضى، بيروت.

12-السيّدة زينب عقيلة بني هاشم، عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ، دار الكتاب العربي، بيروت، 1985م.

13-شجرة طوبى، محمد مهدي الحائري، منشورات المكتبة الحيدرية، الطبعة الخامسة، النجف، 1385هـ.

14-الشعائر الحسينية في العصرين الأُموي والعباسي، محمد باقر موسى جعفر، العتبة الحسينية، كربلاء، 2014م.

15-صفحات من نور الشهيد الصدر وبنت الهدى سيرة وجهاد، كاظم الجابري، دار الصادق، النجف الأشرف، الطبعة الثانية، 2001م.

16-الكافي، محمد بن يعقوب الكليني، تحقيق: علي أكبر غفّاري ومحمد آخوندي، دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الرابعة، 1407هـ.

17-كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه القمّي، تحقيق: جواد القيومي، قم، 1417هـ.

18-كلمة ودعوة.. أُمنية ودعوة للمرأة المسلمة، آمنة الصدر بنت الهدى، مطبعة القضاء، منشورات دار الأضواء، النجف الأشرف.

19-م .ا .ن س، سيري در زندگي، سند شمارة، 1 00000 11 2؛ م .ا .ن .س، وزارات ارشاد ملى اداره كل مدارك وامور سمعى وبصرى، زندگينامه استاد مطهرى، 1 اردبيهشت 1359ش، شماره 210000016؛ م .ا .ن .س، بدر شهيد مجتبى مطهّري سند شماره، 7 00000 213 ء، موسسة مطهّري العلمية والثقافية، الملفة الشخصية، هوية الأحوال المدنية، طهران.

20-مجلّة الأضواء، دور المرأة المسلمة في واقعة الطف، آمنة الصدر بنت الهدى، العدد3، السنة الأُولى، مطبعة النعمان، النجف الأشرف، 1960م.

21-مجلّة الفيصل، إطلالة على المكتبات الخاصة في القطيف، عبد الرحمن بن محمد بن عقيل، العدد 435 و436، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1432هـ.

22-البكاء على الحسين في مصادر الفريقين، حسن بن محمد بن جمعة المطوري، العتبة الحسينية، كربلاء المقدّسة، 2014م.

23-مجلّة نصوص معاصرة، الثورة الحسينية وإشكاليّة تعارض (أُولي الأمر) مع (أُولي الأرحام)، محمد حسن قدردان قراملكي، العدد30و31، السنة الثامنة، بيروت. 2013م.

24-مجلّة نصوص معاصرة، الثورة الحسينية وتعزيز فقه المواجهة، جواد فخّار الطوسي، العدد30و31، السنة الثامنة، بيروت، 2013م.

25-مجلّة نصوص معاصرة، الرؤية الفقهية والحقوقية لثورة الإمام الحسين، مصطفى مير أحمدي زاده، العدد30و31، السنة الثامنة، بيروت، 2013م.

26-مجلّة نصوص معاصرة، الشعائر الحسينية بين الشرعية والعقلانية، محمد أمين أحمدي، العدد30و31، السنة الثامنة، بيروت، 2013م.

27-مجلّة نصوص معاصرة، الشهيد الصدر والتحليل العقلي للإمامة، قاسم جوادي، ترجمة: حسن علي مطر، العدد27، السنة الثامنة، بيروت، 2012م.

28-مجلّة نصوص معاصرة، العزاء الحسيني، قراءةٌ في الأُصول الفقهية الاجتهادية، عبّاس كوثري، العدد 32و33، السنة الثامنة والتاسعة، بيروت، 2014م.

29-مجلّة نصوص معاصرة، النظريّات في ثورة عاشوراء، علي إلهام، العدد30و31، بيروت، السنة الثامنة، 2013م.

30-مجلّة نصوص معاصرة، بقاء النهضة الحسينية بين الشيعة.. تفسيرات سيكولوجية وسيسيولوجية وسياسية، محمد منصور نجاد، ترجمة: مشتاق الحلو، العدد8، السنة الثانية، بيروت، 2006م.

31-مجلّة نصوص معاصرة، تاريخ المأتم الحسيني من الشهادة وحتّى العصر القاجاري، محمد صالح الجويني، ترجمة: فرقد الجزائري، العدد9، السنة الثالثة، بيروت، 2007م.

32-مجلّة نصوص معاصرة، تـاريخيـة تدويـن المقتـل الحسـينـي.. من التدوين إلى العاطفة إلى التوثيق، محمد جواد صاحبي، ترجمة: محمد عبد الرزاق، العدد9، السنة الثالثة، بيروت، 2007م.

33-مجلّة نصوص معاصرة، ثورة عاشوراء.. دراسةٌ في العوامل السياسية والاجتماعية، أبو الفضل سلطان محمّدي، العدد32و33، السنة الثامنة والتاسعة، بيروت، 2014م.

34-مجلّة نصوص معاصرة، العزاء سنّة دينية أم فعل اجتماعي؟ (القسم الأول) ، حسن إسلامي، ترجمة: حيدر حبّ الله، العدد8، السنة الثانية، بيروت، 2006م.

35-مجلّة نصوص معاصرة، العـزاء سنّة دينية أم فعل اجتماعي؟ (القسم الثاني)، حسن إسلامي، ترجمة: حيدر حبّ الله، العدد9، السنة الثالثة، بيروت، 2007م.

36-مجلّة نصوص معاصرة، شروط النهي عن المنكر.. قراءةٌ فقهية وفقاً لحركة الإمام الحسين، الشيخ محمد رحماني زروندي، العدد 32و33، السنة الثامنة والتاسعة، بيروت، 2014م.

37-مجلّة نصوص معاصرة، عاشوراء الحسين وعاشوراء الشيعة.. تعدّد الأهداف والوسائل، محمد إسفندياري، ترجمة: محمد عبد الرزاق، العدد9، السنة الثالثة، بيروت، 2007م.

38-مجلّة نصوص معاصرة، فلسفة النهضة الحسينيّة.. قراءةٌ جديدة في النظريات القائمة، أحمد مبلّغي، العدد30و31، السنة الثامنة، بيروت، 2013م.

39-مجلّة نصوص معاصرة، مجالس العزاء الحسيني.. بدعة أم سنّة؟ رضا بابائي، ترجمة: محمد عبد الرزاق، العدد8، السنة الثانية، بيروت، 2006م.

40-مجلّة نصوص معاصرة، مجـالـس العـزاء.. الأدوار والوظـائف الفـرديـة والاجتماعية، محسن حسام ظاهري، ترجمة: محمد عبد الرزاق، العدد9، السنة الثالثة، بيروت، 2007م.

41-مجلّة نصوص معاصرة، نهضة عاشوراء.. قراءةٌ فقهية، نور الدين شريعتمداري الجزائري، العدد 32و33، السنة الثامنة والتاسعة، بيروت، 2014م.

42-مجلّة نصوص معاصرة، الإمام الحسين(عليه السلام) والشهادة (هل كان الإمام عالماً بشهادته؟)، محمد حسن قدردان قراملكي، ترجمة: حسن علي حسن، العدد 24و25، السنة السادسة والسابعة، بيروت، 2012م.

43-مدينة معاجز الأئمة الاثني عشر ودلائل الحجج على البشر، السيّد هاشم البحراني، تحقيق ونشر: مؤسسة المعارف الإسلامية، الطبعة الأُولى، 1414هـ.

44-المرأة العظيمة.. قراءة في حياة السيّدة زينب بنت علي(عليهما السلام)، حسن موسى الصفّار، الطبعة الثانية، 2000م.

45-المرأة مسؤولية ومواقف، حسن موسى الصفّار، دار الزهراء، بيروت، 1985م.

46-المسيرة الفكرية.. قراءة في مؤلّفات الشيخ حسن موسى الصفّار، حسين منصور الشيخ.

47-الملحمة الحسينية، مرتضى مطهّري، تحقيق: عبد الكريم الزهيري، شريعت، قم، 2009م.

48-نساء النبي(صلى الله عليه واله) وبناته، نجاح عطا الطائي، لندن، 2002م.

49-النهضة الحسينية، عبد الحسين دستغيب، الدار الإسلامية، لبنان، 1988م.


من مواضيع : صدى المهدي 0 عمارة العتبة العباسية المقدسة
0 النسيان... العوامل المؤثرة والعلاج
0 حول مفهوم الانثروبولوجيا (علم دراسة الإنسان)
0 جواهر علوية.. "الرزق ليس حكرا على أصحاب العقول"
0 سبب تسابق الخراساني والسفياني إلى الكوفة

الصورة الرمزية صدى المهدي
صدى المهدي
عضو برونزي
رقم العضوية : 82198
الإنتساب : Aug 2015
المشاركات : 871
بمعدل : 0.26 يوميا

صدى المهدي غير متصل

 عرض البوم صور صدى المهدي

  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : صدى المهدي المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 10-08-2022 الساعة : 09:21 AM




[1] جامعة البصرة/كلّية التربية للبنات/العراق.


[2] الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين: ج4، ص506.




[3] اُنظر: قاسم، حسن محمد، تاريخ ومناقب ومآثر الست الطاهرة البتول السيّدة زينب وأخبار الزينبيات للعبيدلي النسّابة: ص3. الطائي، نجاح عطا، أزواج النبي(صلى الله عليه واله) وبناته: ص40ـ41. الحسني، هاشم معروف، الانتفاضات الشيعية عبر التاريخ: ص295.



[4] اُنظر: الصفار، حسن موسى، المرأة العظيمة.. قراءة في حياة السيّدة زينب بنت علي(عليهما السلام): ص21. وأيضاً: مغنية، محمد جواد، الحسين وبطلة كربلاء: ص385.



[5] اُنظر: مغنية، محمد جواد، الحسين وبطلة كربلاء: ص290.



[6] عائشة محمد علي عبد الرحمن، المعروفة ببنت الشاطئ (1912ـ 1998م) مفكّرة وكاتبة مصرية، وأستاذة جامعية وباحثة، كانت عائشة عبد الرحمن تحبّ أن تكتب مقالاتها باسم مستعار، فاختارت لقب بنت الشاطئ؛ لأنّه يشير إلى حياتها الأُولى على شواطئ دمياط، والتي وُلدت فيها بشمال دلتا مصر، وقد تلقّت تعليمها الأول في كتّاب القرية، فحفظت القرآن الكريم، ثمّ أرادت الالتحاق بالمدرسة عندما كانت في السابعة من العمر، ولكن رُفض ذلك؛ فتلقّت تعليمها بالمنزل، وقد بدأ يظهر تفوّقها ونبوغها في تلك المرحلة عندما كانت تتفوّق على قريناتها في الامتحانات، بالرغم من أنّها كانت تدرس في المنزل وقريناتها في المدرسة. وهي أوّل امرأة تحاضر في الأزهر الشريف.



كانت بنت الشاطئ أُنموذجاً للمرأة المسلمة التي حررّت نفسها بنفسها بالإسلام، وتدرّجت في المناصب الأكاديمية إلى أن أصبحت أستاذة في التفسير والدراسات العليا في كلّية الشريعة بجامعة القرويين في المغرب، حيث قامت بالتدريس هناك ما يقارب العشرين عاماً، واتخذت مواقف حاسمة دفاعاً عن الإسلام، فخلّفت وراءها سجلاً مشرّفاً من السجالات الفكرية التي خاضتها بقوّة، وكان أبرزها موقفها ضدّ التفسير العصري للقرآن الكريم ذوداً عن التراث، ودعمها لتعليم المرأة واحترامها بمنطق إسلامي وحجّة فقهية أصولية.

وأبرز مؤلفاتها: التفسير البياني للقرآن الكريم، والقرآن وقضايا الإنسان، وتراجم سيدات بيت النبوة.

هذا، وقد توفّيت بنت الشاطئ عن عمر يناهز (86) عاماً في يوم الثلاثاء، أوّل ديسمبر، سنة 1998م. اُنظر: أفشان، نور، عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ، على الرابط: (http://diae.net/24358).



[7] بنت الشاطئ، عائشة عبد الرحمن، السيّدة زينب عقيلة بني هاشم: ص32.

[8] المصدر السابق: ص53.



[9] آمنة الصدر: هي بنت آية الله السيّد حيدر الصدر، واختارت اسماً لها، وهو ما نعرفها به (بنت الهدى)؛ تجنباً للشهرة والرياء وحب الذات، ولم يكن هناك ضير في كتابة اسمها الحقيقي، لا شرعاً ولا عرفاً، كما لم يكن ذلك بسبب الظروف الأمنية؛ لأنّ (جهاز مراقبة المطبوعات) في العراق لا يتعرف إلّا بالاسم الحقيقي لإصدار إجازة الطبع، والسبب فقط هو نكرانها لذاتها وعزوفها عن الشهرة.



ولدت عام (1937م) في مدينة الكاظمية، في بيت عريق في العلم والجهاد والتقوى. تعلّمت الشهيدة بنت الهدى القراءة والكتابة في البيت على يد والدتها، فكانت الأُمّ هي المعلم الأول، وكانت والدتها تثني على ابنتها وقدرتها على التعلّم والاستيعاب والفهم، ثمّ استكملت مراحل تعليمها القراءة والكتابة على يد أخويها، وكانت حريصة على تثقيف نفسها ثقافة إسلامية رفيعة، فتمكّنت من توسيع أفق ثقافتها توسعاً شاملاً متعدّد الأبعاد، وكتاباتها في مجلّة الأضواء في تلك الفترة (1966م) تعكس لنا جوانب من تلك الأبعاد؛ ذلك أنّ مجلّة الأضواء التي كانت تصدرها جماعة العلماء في النجف الأشرف لم تكن منبراً إلّا للنتاجات المتميّزة فقط، وكانت بنت الهدى من أبرز مَن كتـب فيها، بل كانت الرائـدة الأُولى في الكتابة والتأليف، ورائدة في مجال الكتابة الموجّهة والهادفة لتثقيف المرأة المسلمة بما يضمن لها كرامتها ويحصّنها من الانحراف والضياع.

وتعتبر السيّدة الشهيدة بنت الهدى من المؤسسين أو المساهمين في إنشاء مدارس الزهراء في بغداد والكاظمية والنجف، وكان ذلك في عام (1967م)، ولم يكن الهدف منها سدّ حاجة المجتمع من المدارس الابتدائية والثانوية، فإنّ المدارس الحكومية كانت كافية لاستيعاب كلّ ما هو موجود من طالبات، وإنّما كانت هناك ضرورات اقتضت إنشاء هذه المدارس، منها: مواجهة الثقافات المادّية التي تدعو إلى الفساد والانحراف والتردّي الأخلاقي، ومنها: السعي لنشر الثقافة الإسلامية الصحيحة والوعي الذي يجب أن ترقى إليه المرأة.

كان الهدف الحقيقي من إقامتها لحلقات التدريس في البيت ليس فقط تثقيف طالباتها، وإنمّا إعدادهن لتحمّل المسؤولية في المستقبل؛ لممارسة نفس الدور، وخلق طاقات علمية نسائية قادرة على إيجاد حوزات علمية نسائية تتحمل دوراً كبيراً في نشر الثقافة الإسلامية من مصادرها النقية.

بدأت مسيرة المواجهة الجهادية للسيدة الشهيدة منذُ الاعتقال الأوّل لأخيها السيّد محمد باقر الصدر عام (1971م)، لقد قام صدام بقتل السيّد الصدر وأخته بنت الهدى بنفسه. اُنظر: الحسيني، أحمد، فارس من وراء الغمام الراحل العظيم محمد باقر الصدر (حياته العلمية والسياسية): ص248ـ249. الحيدري، محمد، الإمام محمد باقر الصدر (معايشة من قريب): ص79. الجابري، كاظم، صفحات من نور الشهيد الصدر وبنت الهدى (سيرة وجهاد): ص90 وما بعدها.



[10] اُنظر: بنت الهدى، آمنة الصدر، كلمة ودعوة.. أُمنية ودعوة للمرأة المسلمة: ص48ـ49. بنت الهدى، آمنة الصدر، دور المرأة المسلمة في واقعة الطف، مجلّة الأضواء: العدد3، ص77.

[11] اُنظر: بنت الهدى، آمنة الصدر ، كلمة ودعوة.. أُمنية ودعوة للمرأة المسلمة: ص48.



[12] الشيخ مرتضى مطهّري من أبرز علماء الدين في إيران، ساهم بدور كبير في إغناء الفكر من خلال مؤلفاته. ولد في مدغŒنة فرغŒمان في محافظة خراسان في 31 يناير (1919م)، وينتمي إلى عائلة علمائية، أبوه الشيخ محمد حسين مطهّري من الوجهاء. ‏تلقى مرتضغŒ مطهّري تعليمه الأوّلي في فريمان، حيث أكمل دراسته الابتدائية عند والده، وعندما بلغ عمره اثنتي عشرة سنة ذهب إلى مدينة مشهد؛ لتحصيل العلوم الدينية، وبقي مشغولاً بطلب العلوم الحوزوية إلى عام (1936م)، ثمّ حضر الحوزة العلمية في مدينة قم (1944ـ1952م)، وتتلمذ على يد كبار الحوزة؛ فحضر دروس آية الله روح الله الخميني، وآية الله حسين البروجردي، ثمّ سافر إلى مدينة أصفهان وتعرف هناك على الميرزا آغا علي الشيرازي، حيث تعلم عنده التحقيق في نهج البلاغة، ثمّ عاد إلى مدينة قم والتحق بدرس العلّامة الطباطبائي، ثم غادر إلى طهران سنة (1953م) وانضم إلى جامعة طهران، حيث كان يُدرّس فيها الفلسفة في كلّية الإلهيات والمعارف الإسلامية التابعة لجامعة طهران، لمدّة (22) عاماً. كان له دور سياسي بارز في إيران، ولم يقتصر على الدور الثقافي والاجتماعي، واعتُبر المنظّر الأبرز للثورة الإسلامية في إيران بقيادة آية الله الخميني. قدّم محاضرات منتظمة في حسينية الإرشاد في شمال طهران، وكتب العديد من الكتب عن الإسلام، وإيران، والموضوعات التاريخية، وبناءً على هذا؛ فإنّ شخصيته بدأت من فريمان عندما كان مع أبيه المؤمن، وختمت في طهران. اُنظر: م.ا.ن.س، سيري در زندگي، سند شماره: 211000001؛ م .ا .ن .س، وزارات ارشاد ملى اداره كلّ مدارك وامور سمعى وبصرى، زندگينامه استاد مطهّري، 1 اردبيهشت (1359ش)، شماره 210000016، م .ا .ن .س، بدر شهيد مجتبى مطهّري سند شماره، 7 00000 213، موسّسة مطهّري العلمية والثقافية، الملفة الشخصية، هوية الأحوال المدنية، طهران.



[13] خاض مطهّري في موضوعات كثيرة، وقبل أن يكون عالم اجتماع، كان مؤرِّخاً فقيهاً، وباحثاً في القضايا الدينية، وكان فيلسوفاً ينظر إلى المسائل الاجتماعية بذهنية فلسفية، وبالاستفادة من قدرات تحقيقيّة هائلة، وعموماً كان يُخضع نظرته تلك إلى إطار منضبط ومنظَّم. هذا السعي الدائم من قِبَل مطهّري نحو الاهتمام في مختلف المجالات بالمعارف المرتكـزة على المنطق والعقل، أدّى به ـ على مستوى التحليل لنهضة الإمام الحسين(عليه السلام) ـ إلى القيام بدراسة جذريّة حولها، وإنجاز تحقيق لم ينحَزْ فيه إلى أيّ نظريّة من النظريات الأُخرى، وإلى عرض الإشكاليّات العامّة المطروحة على تلك النظريّات. اُنظر: مبلّغي، أحمد، فلسفة النهضة الحسينيّة.. قراءةٌ جديدة في النظريات القائمة، مجلّة نصوص معاصرة: العدد30و31: ص38ـ40.



[14] اُنظر: مطهّري، مرتضى ، الملحمة الحسينية، ج1: ص159ـ160.



[15] الشيخ حسن بن موسى بن الشيخ رضي الصفّار، وُلِد سنة (1958م) في مدينة القطيف بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، ينتمي إلى أسرة علمية دينية، تعلّم القرآن الكريم ضمن الكتاتيب الأهلية في المنطقة، انضمّ إلى مدرسة زين العابدين الابتدائية بالقطيف، ثمّ التحق بمدرسة الأمين المتوسطة بالقطيف. هاجر بعد ذلك إلى مدينة النجف الأشرف للدراسة في الحوزة العلمية سنة (1971م)، وبعد سنتين انتقل إلى الحوزة العلمية في مدينة قم في إيران سنة (1973م)، ثمّ التحق بمدرسة الرسول الأعظم في دولة الكويت سنة (1974م) وبقي مدّة ثلاث سنوات، وواصل دراساته العلمية في مدينة طهران، من سنة (1980م) إلى سنة (1988م).



قام بتدريس عدد من المواد العلمية والدينية لمجاميع من طلاب العلوم الشرعية، ومن الشباب المثقفين. بدأ ممارسة الخطابة عام (1968م) وعمره أحدى عشرة سنة. تدور معظم خطاباته حول بناء الشخصية، وتنمية المجتمع، وبثّ ثقافة الوحدة والتسامح، وحماية حقوق الإنسان. صدر له أكثر من مائة كتاب في مختلف مجالات المعارف الدينية والثقافية، وترجم بعضها إلى لغات أُخرى. اُنظر: الشيخ، حسين منصور، المسيرة الفكرية.. قراءة في مؤلّفات الشيخ حسن موسى الصفّار: ص13 وما بعدها. ابن عقيل، عبد الرحمن بن محمد، إطلالة على المكتبات الخاصّة في القطيف، مجلّة الفيصل: العدد 435و436: ص19ـ24. موقع الشيخ حسن موسى الصفّار:




[16] اُنظر: الصفار، حسن موسى، المرأة العظيمة.. قراءة في حياة السيّدة زينب بنت علي(عليهما السلام): ص20.

[17] اُنظر: المصدر السابق: ص16.



[18] اُنظر: المصدر السابق.



[19] اُنظر: المصدر السابق: ص135.



[20] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص164.



[21] اُنظر: جوادي، قاسم، الشهيد الصدر والتحليل العقلي للإمامة: ص42 وما بعدها.



[22] اُنظر: القزويني، محمد كاظم، زينب(عليها السلام) الكبرى من المهد إلى اللحد: ص126ـ130. إلهام، علي، النظريّات في ثورة عاشوراء: ص288.



[23] اُنظر: قدردان قراملكي، محمد حسن، الثورة الحسينية وإشكاليّة تعارض (أُولي الأمر) مع (أُولي الأرحام)، مجلّة نصوص معاصرة: العدد30ـ 31، ص251ـ 252.



[24] ابن طاووس، علي بن موسى، اللهوف في قتلى الطفوف: ص17.



[25] المصدر السابق: ص17.



[26] اُنظر: إسفندياري، محمد، عاشوراء الحسين وعاشوراء الشيعة.. تعدّد الأهداف والوسائل، مجلّة نصوص معاصرة: العدد9، ص12ـ13. صاحبي، محمد جواد، تـاريخيـة تدويـن المقتـل الحسـينـي.. من التدوين إلى العاطفة إلى التوثيق، مجلّة نصوص معاصرة: العدد9، ص70.



[27] اُنظر: بنت الشاطئ، عائشة عبد الرحمن، السيّدة زينب عقيلة بني هاشم: ص42.



[28] اُنظر: المصدر السابق: ص10.



[29] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج44، ص392.



[30] اُنظر: بنت الشاطئ، عائشة عبد الرحمن، السيّدة زينب عقيلة بني هاشم: ص115.



[31] اُنظر: المصدر السابق: ص127ـ 128.



[32] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص2.



[33] اُنظر: بنت الهدى، آمنة الصدر، كلمة ودعوة.. أُمنية ودعوة للمرأة المسلمة: ص48ـ49. الشيرازي، محمد الحسيني، جهاد الحسين ومصرعه: ص54ـ55.



[34] مطهّري، مرتضى، الملحمة الحسينية: ج1، ص279ـ281. الحسني، هاشم معروف، الانتفاضات الشيعية عبر التاريخ: ص280ـ281.



[35] اُنظر: مطهّري، مرتضى، رؤى جديدة في الفكر الإسلامي: ج1، ص70.



[36] اُنظر: مطهّري، مرتضى، الملحمة الحسينية: ج1، ص295.



[37] اُنظر: الصفّار، حسن موسى، المرأة العظيمة.. قراءة في حياة السيّدة زينب بنت علي(عليهما السلام): ص148ـ 149. وأيضاً للمؤلّف نفسه: المرأة.. مسؤولية ومواقف: ص63ـ65.



[38] اُنظر: الصفّار، حسن موسى، المرأة العظيمة.. قراءة في حياة السيّدة زينب بنت علي(عليهما السلام): ص166.



[39] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص179.



[40] البحراني، هاشم، مدينة المعاجز: ج3، ص485.



[41] اُنظر: الصفار، حسن موسى، المرأة العظيمة.. قراءة في حياة السيّدة زينب بنت علي(عليهما السلام): ص170ـ172.



[42] اُنظر: مطهّري، مرتضى، الملحمة الحسينية، ج1، ص113. نجاد، محمد منصور، بقاء النهضة الحسينية بين الشيعة.. تفسيرات سيكولوجية وسيسيولوجية وسياسية، مجلّة نصوص معاصرة: العدد8، ص35ـ55.



[43] اُنظر: الحسني، نبيل قدوري حسن، الاستراتيجية الحربية في معركة عاشوراء: ص38. إسفندياري، محمد، عاشوراء الحسين وعاشوراء الشيعة.. تعدّد الأهداف والوسائل، مجلّة نصوص معاصرة: العدد9، ص16.



[44] اُنظر: محمدي، أبو الفضل سلطان، ثورة عاشوراء.. دراسةٌ في العوامل السياسية والاجتماعية، مجلّة نصوص معاصرة: العدد 32و33، ص85.



[45] اُنظر: دستغيب، عبد الحسين، النهضة الحسينية: ص18.



[46] اُنظر: بنت الشاطئ، عائشة عبد الرحمن، السيّدة زينب عقيلة بني هاشم: ص135ـ 138.



[47] اُنظر: المصدر السابق: ص142ـ143.



[48] المدرسي، محمد تقي، الصدّيقة زينب(عليها السلام) شقيقة الحسين(عليه السلام): ص58.



[49] اُنظر: بنت الشاطئ، عائشة عبد الرحمن، السيّدة زينب عقيلة بني هاشم: ص152.



[50] ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية: ج8، ص212.



[51] اُنظر: بنت الشاطئ، عائشة عبد الرحمن، السيّدة زينب عقيلة بني هاشم: ص145.



[52] اُنظر: المصدر السابق: ص154ـ 155.



[53] اُنظر: بنت الهدى، آمنة الصدر، كلمة ودعوة.. أُمنية ودعوة للمرأة المسلمة: ص50.



[54] اُنظر: المصدر السابق: ص48ـ 49.



[55] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص132.



[56] اُنظر: كوثري، عباس، العزاء الحسيني.. قراءةٌ في الأُصول الفقهية الاجتهادية، مجلّة نصوص معاصرة: العدد 32 و33، ص179.



[57] اُنظر: ظاهري، محسن حسام، مجـالـس العـزاء (الأدوار والوظـائف الفـرديـة والاجتماعية)، مجلّة نصوص معاصرة: العدد9، ص47ـ 48. إسلامي، حسن، العـزاء سنّة دينية أم فعل اجتماعي؟ (القسم الثاني)، مجلّة نصوص معاصرة: العدد9، ص153.



[58] ابن طاووس، علي بن موسى، اللهوف في قتلى الطفوف: ص79.



[59] اُنظر: مطهّري، مرتضى، الملحمة الحسينية: ج1، ص297ـ 298. الجويني، محمد صالح، تاريخ المأتم الحسيني من الشهادة وحتى العصر القاجاري، مجلّة نصوص معاصرة: العدد9، ص81.



[60] اُنظر: جعفر، محمد باقر موسى، الشعائر الحسينية في العصرين الأُموي والعباسي: ص126.



[61] اُنظر: الصفار، حسن موسى، الحسين ومسؤولية الثورة: ص89.



[62] ابن طاووس، علي بن موسى، اللهوف في قتلى الطفوف: ص86.



[63] اُنظر: مطهّري، مرتضى، الملحمة الحسينية:ج1، ص299.



[64] اُنظر: إسلامي، حسن، العزاء سنّة دينية أم فعل اجتماعي؟ (القسم الأول)، مجلّة نصوص معاصرة: العدد8، ص25. مبلّغي، أحمد، فلسفة النهضة الحسينيّة.. قراءةٌ جديدة في النظريات القائمة، مجلّة نصوص معاصرة: العدد30و31، ص40. أحمدي، محمد أمين، الشعائر الحسينية بين الشرعيّة والعقلانيّة، مجلّة نصوص معاصرة: العدد30و31، ص105.



[65] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج5، ص55ـ56.



[66] مطهّري، مرتضى، الملحمة الحسينية: ج2، ص518ـ519. الطوسي، جواد فخّار، الثورة الحسينية وتعزيز فقه المواجهة، مجلّة نصوص معاصرة: العدد 30و31، ص195ـ 196.



[67] اُنظر: الجزائري، نور الدين شريعتمداري، نهضة عاشوراء.. قراءةٌ فقهيّة، مجلّة نصوص معاصرة: العدد32و33، ص35. زروندي، محمد رحماني، شروط النهي عن المنكر.. قراءةٌ فقهية وفقاً لحركة الإمام الحسين، مجلّة نصوص معاصرة: العدد32و33، ص75.



[68] اُنظر: علي إلهام، النظريّات في ثورة عاشوراء: ص312. الجزائري، نور الدين شريعتمداري، نهضة عاشوراء.. قراءةٌ فقهيّة، مجلّة نصوص معاصرة: العدد32و33، ص22.



[69] اُنظر: مطهّري، مرتضى، الملحمة الحسينية: ج2، ص505.



[70] القندوزي، سليمان بن إبراهيم، ينابيع الموّدة: ج3، ص87.



[71] اُنظر: مطهّري، مرتضى، الملحمة الحسينية: ج2، ص508 ـ510.



[72] اُنظر: المصدر السابق: ص524.



[73] اُنظر: المصدر السابق: ج3، ص362.



[74] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص108ـ 109.



[75] المصدر السابق.



[76] المصدر السابق.



[77] المصدر السابق.



[78] اُنظر: مطهّري، مرتضى، الملحمة الحسينية: ج3، ص348.



[79] اُنظر: المصدر السابق: ص363.



[80] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص115.



[81] المصدر السابق.



[82] المصدر السابق: ص164.



[83] اُنظر: مطهّري، مرتضى، الملحمة الحسينية: ج3، ص365ـ366.



[84] المصدر السابق: ج2، ص527.



[85] الصفّار، حسن موسى، المرأة العظيمة.. قراءة في حياة السيّدة زينب بنت علي(عليهما السلام): ص172.



[86] ابن طاووس، علي بن موسى، اللهوف في قتلى الطفوف: ص108.



[87] اُنظر: الصفّار، حسن موسى، المرأة العظيمة.. قراءة في حياة السيّدة زينب بنت علي(عليهما السلام): ص173.



[88] اُنظر: الصفّار، حسن موسى، المرأة العظيمة.. قراءة في حياة السيّدة زينب بنت علي(عليهما السلام): ص177ـ 178.



[89] اُنظر: المصدر السابق: ص184ـ 185.



[90] اُنظر: المصدر السابق: ص189ـ193.



[91] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج28، ص57.



[92] المصدر السابق: ج45، ص117.



[93] اُنظر: الصفّار، حسن موسى، المرأة العظيمة.. قراءة في حياة السيّدة زينب بنت علي(عليهما السلام): ص204ـ205.



[94] اُنظر: المصدر السابق: ص213ـ 218.



[95] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص109.



[96] المصدر السابق: ص163.



[97] المصدر السابق.



[98] المصدر السابق: ص115.



[99] اُنظر: الصفّار، حسن موسى، المرأة العظيمة.. قراءة في حياة السيّدة زينب بنت علي(عليهما السلام): ص227ـ 228.



[100] اُنظر: المصدر السابق: ص233ـ 237.



[101] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص132.



[102] المصدر السابق.



[103] المصدر السابق.



[104] المصدر السابق.



[105] المصدر السابق.



[106] المصدر السابق.



[107] المصدر السابق.



[108] اُنظر: الصفّار، حسن موسى، المرأة العظيمة.. قراءة في حياة السيّدة زينب بنت علي(عليهما السلام): ص242.



[109] اُنظر: المصدر السابق: ص247ـ 248.



[110] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج45، ص116.



[111] اُنظر: الصفّار، حسن موسى، المرأة العظيمة.. قراءة في حياة السيّدة زينب بنت علي(عليهما السلام): ص287.



مؤسسة وارث الانبياء للدراسات التخصصية ف النهضة الحسينية


من مواضيع : صدى المهدي 0 عمارة العتبة العباسية المقدسة
0 النسيان... العوامل المؤثرة والعلاج
0 حول مفهوم الانثروبولوجيا (علم دراسة الإنسان)
0 جواهر علوية.. "الرزق ليس حكرا على أصحاب العقول"
0 سبب تسابق الخراساني والسفياني إلى الكوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 10:44 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية