بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ،،،
وأنا اقرأ القران هذا اليوم وردت عليّ هذه الآيات المباركة من سورة الشعراء ، فالتفت الى قضية دقيقة في التعبير ، ثم بعد التامل والبحث وجدت تعبير آخر يتعرض لنفس الحدث وبتعبير وصيغة خطاب مغايرة !
نذهب معكم في جولة تأمل ومحاولة فهم لهذه النقطة .
الاية رقم 15 اعلاه ( قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآَيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ )
يخاطب الله تعالى اولا موسى ( واخيه هارون ) عليهما السلام والخطاب بصيغة المثنّـى " فَاذْهَبَا " ،،، ثم بعدها مباشرتا يقول له الله تعالى ( إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ )
و " معكــم " اشارة وخطاب للجمع ، ولم يقل الله تعالى " معكمـا " خاصة وان الاية التي بعدها يرجع الخطاب ليكون بالاشارة الى المثنى وهما موسى وهارون كما في الكلمتين : فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
الجواب الممكن لفهم المقصد والله اعلم هو كالاتي :
كلمة ( معكم ) هي جمع مع او معك ، والمثنى معكما ،،،
والمعيّة ( مع او معك او معكما او معكم ) لها معاني متعددة بحس الغاية والحيثية
وعليه - نفهم من صيغة الخطاب الإلهي لما خاطب نبيه موسى وأخيه هارون وقال لهما مخاطبا بصيغ المثنى ( فَاذْهَبَا ، فَأْتِيَا ، فَقُولَا )
انه هنا كان بمحل الظهير والساند والحافظ لهما بعد ان بين له موسى ع المخاوف والمحاذير والحاجة . فالمعية الإلهية كانت معية النصرة والله سيكون ناصرا وحافظا لهما في ذهابهما ومن ثم أتيانهما لفرعون وفي قولهما الذي ارسلوا به ولذلك وافق الموقف الإلهي الناصر لهما صيغة الخطاب الموجه لهما بالمثنى . وايضا كانت هذه الافعال الثلاثة ( ارادة الذهاب ، واتيان فرعون وملئه ، والقول له / الخطاب المرسلين به ) واقع تحت التكليف المنحصر بهما
في حين تحول الخطاب في وسط هذا ليكون الخطاب بصيغة الجمع ( معكم ) فهنا يمكن افتراض معكم بمعنى وغاية الحضور / الشهود والعلم بالموقف الذي سيجمع كلا من موسى ع وهارون ع مَـع فرعون وملئه ، وقرينته قوله تعالى بعد ( معكم ) بـ ( مستمعون ) ، مستمعون لكما كما سيستمع فرعون وملئه لكم .
اي سنرى ونعلم ما سيجري بينكما وبينه وكيف لا وهو تعالى العليم السميع البصير الشاهد الذي لا يخفى عليه شيء في السماوات والارض . ولم يقل الله ( معكما ) وان كانت لعله ممكنة ، لان الله وعد بالنصرة والاسناد مسبقا والموقف بعد اللقاء بفرعون وملئه موقف جمع وتحصيل غاية إما القبول او الرفض ، ولذلك الله اخبر هنا بانه سيكون معهم جميعا في ذلك الموقف ولم يطلع رسولاه ما في غيبه عن نتيجة الامر . ولكن دعم بالايات والحجة ووعد بالنصرة والاسناد والحفظ لهما . والله اعلم
ومما يؤيد هذا الفهم ما جاء في سورة اخرى بالخصوص : قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ( 46) / سورة طه
فالخطاب لهما بالمثنى ( مَعَكُمَا ) وهو يذكر نفس الموقف والحاثة المخصوصة المذكورة في سورة الشعراء وقد كان الخطاب فيها ( معكم ) , ويمكن ان يفهم من ( معكما ) كسابق معنى المعية الذي اشرنا اليه بقصد النصرة والحفظ من الخوف .
لذلك اشفعها بـ ( أَسْمَعُ وَأَرَى ) اي حاضر معكما اسمع ما سيقوله لكما ، وأرى ما سوف يريد ان يفعله لكما وانتما " برعايتي وحفظ مني" ( للزوم تميم مقصد المعية هنا ) ،،، في حين الخطاب الذي جاء بـ ( معكم ) اشفع فقط بـ ( مستمعون ) وهذا يوافق اكثر معنى الاستماع بمعنى الحضور والعلم الحاصل بما سيجري معهم جميعا ( معية الحضور ) من دون اشارة وتضمين المعية بمعنى الظهير والناصر والحافظ ، فتأمل .
الخلاصة : سيكون ويفهم من صيغة الخطاب الإلهي الذي جاء في سورة الشعراء بقوله تعالى ( معكم ) هو معية " حضور وعلم " بالجمع الذي بين موسى وهارون مع هارون وملئه ، في حين صيغة الخطاب بالمثنى في قواه تعالى ( معكما ) في اية ( 46 ) من سورة طه هي معيّة " الظهير والاسناد والتاييد والحفظ " .
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم
بعد ان وصلنا الى توضيح مالعله المقصد او المعنى في صيغة الخطاب التي جائت مرة بـ معكم ومرة بـ معكما لحادثة وموقف متعلقه " لعله " واحد كما وظاهر سياق الايات اول النظر اليها .
نريد الان ان نطرح سؤال مهما وهذا الحال .
وهو اذا افترضنا قاطعين " وحسب ظاهر الكلام ومتعلقه وضرفه " ان الآيات التي جائت في سورة الشعراء وكانت صيغة الخطاب هي ( معكم ) هي جائت بصيغة خطاب اخرى في سورة طه وهي ( معكما )
فالسؤال هنا : فأي خطاب وجه ( اليهما / اليهم ) كان قد ( خاطبهما / خاطبهم ) الله تعالى به ، أهو معكم او معكما ! حيث لا يستقيم عقلا ومنطقا ان يكونا خطابين مختلفين في آنٍ واحد ! والموقف والضرف هو واحد كما افترضنا وظاهر النظر للحالة . الا اذا هناك نكته ما ، او نستطيع الاستدالا بان هناك خطابين وجهَهُما الله تعالى ، احدهما جاء بصيغة ( معكم ) والاخرى بصيغة ( معكما ) لموقف وقضية واحدة .
وهذا يحتاج الرجوع مرة اخرى الى الايات القرانية التي وردت في كلا السورتين ( الشعراء ، وطه ) والتفحص والتأمل فيها لمحاولة فك غموض المسالة ، فالى هناك
يتبـــــــــع لاحقـــــــــاً
الباحث الطائي
التعديل الأخير تم بواسطة الباحث الطائي ; 13-06-2017 الساعة 09:57 AM.
اقــــول :
ظاهر بداية الخطاب الإلهي ( الآية 10 ) تبين نداء الله تعالى الى النبي موسى ع فقط ( وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى ) ، ولا يظهر منه أنّ هناك إشرك معه في الخطاب لاخيه النبي هارون ع .
وكذلك نرى إنّ جواب النبي موسى ع لله تعالى في الآية ( 11 ) هو ايضا جواب صادر عن موسى ع وحده كما في قوله تعالى ( قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ) ، بل ويظهر جلياً بعدها في الاية رقم ( 12 ) بان الموقف الذي جرى فيه هذا النداء الرباني مع موسى هو وجوابه لم يكن معهما احدٌ غيرهما كما هو في قوله تعالى ( وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ ) ، وهذا يعني أنّ أخيه هارون لم يكن حاضرا هذا الموقف وطلب موسى ع من الله بأن يرسل إلى هارون اخيه يؤازره في المهمة التي سيرسل فيها الى فرعون وملئه . فتامل .
أما اذا انتقلنا الى الآيات في سورة طـه فهي كما ادناه :
اقـــول :
فالآية ( 42 ) تبدأ بالإمر الإلهي ( أذهَبْ ) الموجه لموسى ع فقط كما ظاهر الخطاب ، وهذا قريب المعنى والمقصد الذي ورد في آية رقم (10 ) من سورة الشعراء التي جائت بصيغة ( أنْ أئْت القوم الظالمين ) .
ثم مباشرتا في الاية التالية ( 43 ) يتحول الخطاب في سورة طه من اذْهب الى اذْهبا ( اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ) ، وهذا يعني أن الخطاب اصبح موجها لكلاهما اي موسى ع وهارون ع ، وبعده ايضا الاية ( 44 ) تذكر ( فَقُولَا لَهُ ) ثم يرجع الخطاب الى الله تعالى من كلا النبيين موسى ع وهارون بـ ( قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى ) ، وهذا يعني بوضوح جيد ان آيات سورة طه تتحدث عن خطابين مختلفين زمانا موجهين من الله تعالى ،
فالاول : كان مع النبي موسى ع دون وجود / حضور اخيه النبي هارون ع وهذا آيته ( اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي ) وهو نفس المطلب والموقف الذي ذكره الله تعالى وخصه بموسى في سورة الشعراء ( وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ،،،
وأما الخطاب الثاني : فكان من الله تعالى مع رسولاه موسى وهارون عليهما السلام ( اذْهَبَا إِلَىظ° فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىظ° (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىظ°(44) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ... الخ ) .
ومن هنا وبهذا الاستظهار والتحليل للآيات الكريمة في السورتين استدللنا على ان هناك كان خطابين من الله في زمانين وضرفين مختلفين اولهما كان فقط مع نبيه موسى ، وكأنه بدأ به الأمر الإلهي للتحضير لإرساله هو واخيه هارون ع الى فرعون ، ولذلك جاء الخطاب بكلمة ( اذْهب ) أو ( أنْ ائْت القوم ) ...
والخطاب الثاني لاحق بعده ، ولعله حين جاء الوقت المناسب لتنفيذ المهمة بالذهاب الى فرعون ، فخاطبهما الله تعالى معا سويتا ( اذْهبا ) , ولقد جاوباه سويتا كما وظاهر سياق الآيات . وهذا يفسر بدوره قول الله تعالى لهما ( اني معكما ) على خلاف الاية التي في سورة الشعراء التي جائت بصيغة ( معكم ) ،،، هذا مقدار ما وفقناه لتوضيحه اذا اصبنا الحق , والحمد لله رب العالمين ، والله اعلم .
الباحث الطائي
التعديل الأخير تم بواسطة الباحث الطائي ; 13-06-2017 الساعة 02:40 PM.