بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
يعترف الجميع بأن الإمام الصادق (ع)أبو المذاهب الفقهية وأستاذ أئمتها ! ويروون تعظيم أئمتها وعلمائها للإمام الصادق (ع)!
1- قال ابن حجر في الصواعق: ( ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان... روى عنه الأئمة الأكابر كيحيى بن سعيد ، وابن جريح ، ومالك ، والسفيانين ، وأبي حنيفة ، وشعبة ، وأيوب) .
2- قال الشيخ محمد أبو زهرة: (لا نستطيع في هذه العجالة أن نخوض في فقه الإمام جعفر ، فإنّ أُستاذ مالك وأبي حنيفة وسفيان بن عيينة ، لا يمكن أن يدرس فقهه في مثل هذه الإلمامة) . (موسوعة أصحاب الفقهاء:2/30).
3- قال ابن أبي الحديد: (أما أصحاب أبي حنيفة فأخذوا عن أبي حنيفة ، وأما الشافعي فهو تلميذ تلميذ أبي حنيفة ، وأما ابن حنبل فهو تلميذ الشافعي . وأبو حنيفة قرأ على جعفر الصادق وعلمه ينتهي إلى علم جده علي (ع)).
4 - قال الإمام مالك بن أنس: (ما رأت عيني أفضل من جعفر بن محمد ، فضلاً وعلماً وورعاً وكان لا يخلو من إحدى ثلاث خصال: إما صائماً ، وإما قائماً ، وإما ذاكراً . وكان من عظماء البلاد ، وأكابر الزهاد الذين يخشون ربهم ، وكان كثير الحديث طيب المجالسة كثير الفوائد ، فإذا قال: قال رسول الله ، اخْضَرَّ مرةً واصْفَرَّ أخرى حتى لينكره من لا يعرفه ). (مناقب آل أبي طالب:3/396) .
وقال مالك أيضاً: ( اختلفتُ إلى جعفر بن محمد زماناً ، وما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصل ، وإما صائم ، وإما يقرأ القرآن ، وما رأيته يحدِّث عن رسول الله (ص) إلا على طهارة . وكان لا يتكلم فيما لا يعنيه ، وكان من العلماء العباد الزهاد الذين يخشون الله ، ولقد حججت معه سنة ، فلما أتى الشجرة أحرم فكلما أراد أن يُهِلَّ كاد يغشى عليه فقلت له: لا بد لك من ذلك ، وكان يكرمني وينبسط إلي ، فقال: يا أبن أبي عامر إني أخشى أن أقول لبيك اللهم لبيك ، فيقول: لا لبيك ولا سعديك ! قال مالك: ولقد أحرم جده علي ابن حسين ، فلما أراد أن يقول اللهم لبيك أو قالها ، غُشِيَ عليه وسقط عن ناقته). (التمهيد لابن عبد البر:2/67، وبعضه تهذيب التهذيب:2/88).
ولو سألت مالكاً: ما دامت هذه عقيدتك في أستاذك ، فلماذا أسست مذهباً ضده ولماذا لم ترو عنه في كتابك الموطأ إلا خمسة أحاديث ؟!
فلا جواب له إلا أن المنصور العباسي أمره بذلك ، والمأمور معذور !
9- ترجم الحافظ أبي نعيم إمام الأئمة في حلية الأولياء:3/192، للإمام الصادق (ع) بتفصيل ، وروى موقفه من أبي حنيفة وقياسه ، قال: ( الإمام الناطق ذو الزمام السابق ، أبو عبدالله جعفر بن محمد الصادق ، أقبل على العبادة والخضوع ، وآثر العزلة والخشوع ، ونهى عن الرئاسة والجموع... مالك بن أنس قال: لما قال سفيان الثوري: لا أقوم حتى تحدثني ! قال له: أنا أحدثك ، وما كثرة الحديث لك بخير...
عن الهياج بن بسطام قال: كان جعفر بن محمد يطعم حتى لا يبقي لعياله شئ..
كان من دعاء جعفر بن محمد: اللهم أعزني بطاعتك ، ولا تخزني بمعصيتك . اللهم ارزقني مواساة من قتَّرْتَ عليه رزقه ، بما وسعت عليَّ من فضلك..
هشام بن عباد قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: الفقهاء أمناء الرسل ، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركبوا الى السلاطين فاتهموهم...
الأصمعي قال: قال جعفر بن محمد: الصلاة قربان كل تقي . والحج جهاد كل ضعيف . وزكاة البدن الصيام . والداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر...الخ.
نصر بن كثير قال: دخلت أنا وسفيان الثوري على جعفر بن محمد فقلت: إني أريد البيت الحرام فعلمني شيئاً أدعو به ، فقال: إذا بلغت البيت الحرام فضع يدك على الحائط ثم قل يا سابق الفوت يا سامع الصوت ويا كاسيَ العظام لحماً بعد الموت ، ثم ادع بما شئت .
أحمد بن عمرو بن المقدام الرازي قال: وقع الذباب على المنصور فذبه عنه فعاد فذبه حتى أضجره ، فدخل جعفر بن محمد عليه فقال له المنصور: يا أبا عبدالله لم خلق الله الذباب؟ قال: ليُذَلَّ به الجبابرة !..
يحيى بن الفرات قال: قال جعفر بن محمد لسفيان الثوري: لا يتم المعروف إلا بثلاثة بتعجيله وتصغيره وستره..
روى عن جعفر عدة من التابعين منهم: يحيى بن سعيد الأنصاري ، وأيوب السختياني ، وأبان بن تغلب ، وأبو عمرو بن العلاء ، ويزيد بن عبدالله بن الهاد ، وحدث عنه من الأئمة والأعلام: مالك بن أنس ، وشعبة بن الحجاج ، وسفيان الثوري ، وابن جريج ، وعبدالله بن عمر ، وروح بن القاسم ، وسفيان بن عيينة وسليمان بن بلال ، وإسماعيل بن جعفر ، وحاتم بن إسماعيل ، وعبدالعزيز بن المختار ، ووهب بن خالد ، وإبراهيم بن طهمان .. في آخرين . وأخرج عنه مسلم بن الحجاج في صحيحه محتجاً بحديثه .
ثم روى عنه (ع)عدة أحاديث، منها: يحيى بن العلاء عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر قال: جاء أعرابي الى النبي(ص) فقال: يا محمد ، أعرض عليَّ الاسلام ، فقال: تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله . قال: تسألني عليه أجراً؟ قال: لا ، إلا المودة في القربى . قال: قربايَ أو قرباك ؟ قال: قرباي . قال: هات أبايعك ، فعلى من لا يحبك ولا يحب قرباك لعنة الله ! قال(ص): آمين .
ومنها، عن جابر أن رسول الله (ص) قال لعلي (ع): سلام عليك أبا الريحانتين أوصيك بريحانتي من الدنيا خيراً ، فعن قليل ينهد ركناك والله خليفتي عليك !
عبدالله بن شبرمة قال: دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد فقال لابن أبي ليلى ليلى: من هذا معك؟ قال: هذا رجل له بصر ونفاذ في أمر الدين . قال: لعله يقيس أمر الدين برأيه؟قال: نعم . قال فقال جعفر لأبي حنيفة: ما اسمك؟ قال نعمان ، قال: يا نعمان هل قست رأسك بعد؟ قال كيف أقيس رأسي؟ قال: ما أراك تحسن شيئاً، هل علمت ما الملوحة في العينين والمرارة في الأذنين والحرارة في المنخرين والعذوبة في الشفتين؟ قال: لا . قال: ما أراك تحسن شيئاً ، قال: فهل علمت كلمة أولها كفر وآخرها إيمان؟ فقال: ابن أبي ليلى: يا ابن رسول الله أخبرنا بهذه الأشياء التي سألته عنها ! فقال: أخبرني أبي عن جدي أن رسول الله (ص) قال إن الله تعالى بمنه وفضله جعل لابن آدم الملوحة في العينين لأنهما شحمتان ولولا ذلك لذابتا ، وإن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل المرارة في الأذنين حجاباً من الدواب فإن دخلت الرأس دابة والتمست الى الدماغ فإذا ذاقت المرارة التمست الخروج ، وإن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل الحرارة في المنخرين يستنشق بهما الريح ولولا ذلك لأنتن الدماغ ، وإن الله تعالى بمنه وكرمه ورحمته لابن آدم جعل العذوبة في الشفتين يجد بهما استطعام كل شئ ويسمع الناس بها حلاوة منطقه . قال: فأخبرني عن الكلمة التي أولها كفر وآخرها إيمان . فقال: إذا قال العبد لا إله فقد كفر ، فإذا قال إلا الله فهو إيمان . ثم أقبل على أبي حنيفة فقال: يا نعمان حدثني أبي عن جدي أن رسول الله(ص)قال: أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس قال الله تعالى له اسجد لآدم ، فقال: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ. فمن قاس الدين برأيه قرنه الله تعالى يوم القيامة بإبليس لأنه اتبعه بالقياس ! زاد ابن شبرمة في حديثه: ثم قال جعفر: أيهما أعظم قتل النفس أو الزنا؟ قال قتل النفس. قال: فإن الله عز وجل قبل في قتل النفسس شاهدين ولم يقبل في الزنا إلا أربعة ، ثم قال: أيهما أعظم الصلاة أم الصوم؟ قال: الصلاة ، قال: فما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فكيف ويحك يقوم لك قياسك ؟! إتق الله ولا تقس الدين برأيك) !
5- وسئل أبو حنيفة: ( من أفقه من رأيت؟ قال: جعفر بن محمد ، لمَّا أقدمه المنصور بعث إليَّ فقال: يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد ، فهئ له مسائلك الشداد ، فهيأت له أربعين مسألة ، ثم بعث إليَّ أبو جعفر وهو بالحيرة فأتيته فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه ، فلما بصرت به دخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر ، فسلمت عليه فأومأ إلي فجلست ، ثم التفت إليه فقال: يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة فقال: نعم أعرفه . ثم التفت إليَّ فقال: ألق على أبي عبد الله من مسائلك ، فجعلت ألقي عليه ويجيبني فيقول: أنتم تقولون وكذا ، وأهل المدينة يقولون كذا ، ونحن نقول كذا ، فربما تابعنا ، وربما تابعهم، وربما خالفنا جميعاً ، حتى أتيت على الأربعين مسألة فما أخل منها بشئ ! ثم قال أبو حنيفة: أليس قد روينا: أعلم الناس ، أعلمهم باختلاف الناس). (مناقب آل أبي طالب:3/378 ، وتهذيب الكمال:5/79، وسير الذهبي:6/258، وكامل ابن عدي:2/132، وغيرها).
(جاء أبو حنيفة ليسمع منه ، وخرج أبو عبد الله يتوكأ على عصا فقال له أبو حنيفة: يا ابن رسول الله ما بلغت من السن ما تحتاج معه إلى العصا ! قال: هو كذلك ، ولكنها عصا رسول الله (ص) أردت التبرك بها ، فوثب أبو حنيفة وقال له: أقبِّلُها يا ابن رسول الله؟ فحسر أبو عبد الله عن ذراعه وقال له: والله لقد علمت أن هذا بَشَرُ رسول الله (ص) وأن هذا من شعره ، فما قبلته وتقبل عصاه) ! (المناقب:3/372).
ولو سألت أبا حنيفة: ما دامت هذه عقيدتك في أستاذك ، فلماذا أسست مذهباً ضده ، وخالفت فقه من تعترف بأنه أفقه الناس وأعلم الناس؟!
فلا جواب له ، إلا أن يقول إن قلبه أشرب حب ذلك ثم شجعه المنصور !
ورويَ أن أم أبي حنيفة كانت أمَة الإمام الصادق (ع)ففي المناقب:3/372: (قال أبو عبد الله المحدث في رامش أفزاي إن أبا حنيفة من تلامذته ، وإن أمه كانت في حبالة الصادق (ع)...قال: وكان أبو زيد البسطامي طيفور السقاء خادمه وسقاءه ثلاث عشرة سنة . قال أبو جعفر الطوسي: كان إبراهيم بن أدهم ومالك بن دينار من غلمانه). والبحار:3/373 .
6- وقال الإربلي في كشف الغمة:2/367: (قال كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي: هو من عظماء أهل البيت وساداتهم ، ذو علم جم ، وعبادة موفورة ، وأوراد متواصلة وزهادة بينة ، وتلاوة كثيرة ، يتتبع معاني القرآن الكريم ويستخرج من بحره جواهره ، ويستنتج عجائبه ، ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات بحيث يحاسب عليها نفسه . رؤيته تذكر الآخرة ، واستماع كلامه يزهد في الدنيا ، والإقتداء بهداه يورث الجنة ، نور قسماته شاهد أنه من سلالة النبوة ، وطهارة أفعاله تصدع بأنه من ذرّية الرسالة . نقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعة من الأئمّة وأعلامهم ، مثل يحيى بن سعيد الأنصاري ، وابن جريج ، ومالك بن أنس ، والثوري ، وابن عيينة ، وأبي حنيفة ، وشعبة ، وأيوب السجستاني وغيرهم ، وعدوا أخذهم منه منقبة شرفوا بها وفضيلة اكتسبوها . إلى أن قال: وأما مناقبه وصفاته فتكاد تفوق عدد الحاصر ، ويحار في أنواعها فهم اليقظ الباصر ، حتى أنه من كثرة علومه المفاضة على قلبه من سجال التقوى ، صارت الأحكام التي لا تدرك عللها، والعلوم التي تقصر الأفهام عن الإحاطة بحكمها، تضاف إليه وتروى عنه).
7- وقال الإيجي في المواقف:3/638: (وهما سيدا شباب أهل الجنة كما ورد في الحديث ، ثم أولاد أولاده ممن اتفق الأنام على فضلهم على العالمين ، حتى كان أبو يزيد (البسطامي) مع علو طبقته سقاء في دار جعفر الصادق رضي الله عنه . وكان معروف الكرخي بواب دار علي بن موسى الرضا ، هذا مما لا شبهة في صحته ، فإن معروفاً كان صبياً نصرانياً فأسلم على يد علي بن موسى وكان يخدمه ، وأما أبو يزيد فلم يدرك جعفراً بل هو متأخر عن معروف ، ولكنه كان يستفيض من روحانية جعفر). والطرائف في معرفة مذاهب الطوائف/520.
8- (عن عمرو بن أبي المقدام قال: كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين ! قد رأيته واقفاً عند الجمرة يقول: سلوني ، سلوني . وعن صالح بن أبي الأسود ، سمعت جعفر بن محمد يقول: سلوني قبل أن تفقدوني ، فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي) ! (سير الذهبي:6/257) .