مصطفى الهادي.
...
((الصدّيق)) ! هذه الكلمة وجدناها في كتب الأديان الأخرى ومنها التوراة كأقدم كتاب ديني نجت فيه الكثير من النصوص من يد التحريف ذكرالقرآن جانبا منها .
وردت هذه المفردة في آيات كثيرة ولكنها تميزت حتى عن كلمة نبي أو رسول ، هذه رؤية توراتية لهذه الكلمة ولانغالي إذا قلنا أنها تطرفت حتى طغت على مصطلح النبي أو الرسول والسبط ، فقد أضفت التوراة على ((الصدّيق)) مستويات عالية جدا من الصفات حتى أوصلته إلى شواهق قمم التكامل . وألبسته مواصفات راقية جعلت منه ومن كلامه (نورا وخيرا وحكمة وقداسة وطهارة ونقاء وشعاع رباني وبر وتقوى) .
فالصديّق (بار وصالح وتقي ورع مستقيم السيرة والسريرة كما تعني الصادق أيضا) .
والأكثر من ذلك أن الأنبياء كانوا يصفون الله تعالى بأنه (صدّيق) كما في قول داود النبي في التوراة : (( هو حنان ورحيم وصدّيق )). مزمور 112 : 4. أو قوله : (( إله أمانة لا جور فيه صدّيق وعادل هو )).سفر التثنية 132:4.
إضافة إلى ما تقدم فقد أجمعت الكتب السماوية على أن الصدّيق الحق هو (( الله تعالى)) (1) وإذا أضفى تعالى على ولي من أولياءه هذه الصفة وجب على هذا الشخص أن تتوفر فيه مزايا كثيرة كثيرة جدا .
نأتي على ذكر بعضها، ليتبين لنا حجم هذه الكلمة وخطورتها والصفات والمزايا التي تحيط بها وهل أن بعض من انتحلها تتوفر فيه تلك المزايا ولو مزية واحدة حتى يستحق عن جدارة ما قام بإضفائه على نفسه وزعم أنه (الصدّيق)؟.
أجمعت الكتب السماوية على أن الصدّيق يجب أن يكون :
(بار تقى ورع صالح مستقيم السيرة والسريرة ، الصادق . حكيم فى كلامه فم الصديق يلهج بالحكمة فم الصديق ينبوع حياة ينمو فى النعمة الصديق كالنخلة يزهو ثمر الصديق شجرة حياة طريق الصديق استقامة وأعماله صالحة الصديق يسلك بكماله إجراء الحق فرح للصديق الصديق يعرف دعوى الفقراء أفكار الصديقين عدل الظالم مكرهة الصديقين ذكرى الصديق تدوم إلى الأبد الصديق يتراءف ويعطى وأعماله خالدة يسلك فى طريق الصلاح ويلتزم بالصدق والعدل وحنون على المحتاج يفرح الصديق بالرب ذكر الصديق للبركة يفرح بالحياة مع الله الصديق يبغض كلام الكذب وهو صادق فى جميع أقواله الصديقون يحمدون اسمك دائم الشكر لله على عطاياه بركات إلهية للصديقين الأبرار يقيم عليهم الحاقدون الحرب ، ولكن الرب ينجيهم كثيرة هى بلايا الصديق ومن جميعها ينجيه الرب . مبغضوا الصديق يُعاقبون ينال الصديق بركة نجاحه ، فى امتحان الرب له الرب لا يُجيع نفس الصديق بركات على رأس الصديق يبارك الله ذريته ، ويجعل منزله مملوءاً سلاماً وتعزية من الروح القدس ، وينال الخير الكثير وبيت الصديق يثبُت يسمع صلاة الصديقين الصديقون يرثون الأرض ،مزامير ، 37:29 وعينا الرب نحو الصديقين. أي أنهم في عين الله يرعاهم يسددهم يطهرهم يفيض عليهم من معارفه إلهاما وإكراما لأن بالمعرفة ينجو الصديق ، أمثال ، 9: 11 وحتى نسلهم ينجو ، أما نسل الصديق فينجو) . انظر أمثال ، 21:11 .
وفي شرع منّو أو منّوسمرتي قال العالم المتبحر في البرهمية ((سريلا)) (أن روح الإله سيفا حلت على الصديق بهادور فكان يخرج من تحت رجليه نهر الخير ، وفي يديه شعلة الحياة ، وسيف نقمة بين عينيه فمه ينطق بالحكمة وعيناه ترعيان الامم وأذناه تستمعان للملهوف تموت الامم التي حاربته ويبقى اسمه يرفرف على نهر الحياة أبد الدهر) .
وأما القرآن الكريم فقد ذكر مرتبة الصديقية لمن اختارهم من أولياءه ورسله ومن ذلك قوله : (وأمه صديقة) وكذلك عن النبي يوسف (أيها الصديق أفتنا في) .....الآية .
وكذلك عن النبي:إبراهيم (واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقاً نبيا) .
وكذلك عن النبي إدريس (واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقاً نبيا).
والإنجيل أيضا نقرأ من النصوص بأن هابيل كان صدّيقا : (من دم هابيل الصديق) إنجيل متى ،23: 35.
فإذا كانت مرتبة الصديقية في الأمم السابقة لا تُنال إلا بهذه الشروط والمواصفات .فمن المستحيل أن يتساهل الإسلام بأي شرط من شروطها وهو الدين الكامل الشامل الذي جاء مصححا لأخطاء الأديان والانحرافات الخطيرة التي صاحبتها .
من كل ما تقدم يفرض السؤال التالي نفسه : هل حاز أبو بكر على أي مرتبة من المراتب التي مر ذكرها لكي يُدعى (صديقا)؟؟
توضيح .
1- فمن أسماء الله الجمالية الكريم فيُقال أيضا للبشر ممن يتصف بصفات معينة بأنه كريم . ويُقال أيضا أن الله عادل ، وتستعار هذه المفردة أيضا للرجل أو القاضي فيقال له عادل . ولكن هذه المفردات لم يطلقها رب العزة على البشر كما في لقب الصديقية ، التي أمر الله نبيه بأن يطلقها على علي بن ابي طالب عليه السلام فقال له : انت الصديق الأكبر وفاروق هذه الأمة . فإذا عرفنا بأنه ص لا ينطق عن الهوى عرفنا أيضا إن هو إلا وحيٌ يوحى .مشاهدة المزيد