كشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن وجود معطيات تشير إلى أن السعودية (لم يسمّها صراحة) اتخذت قرار أخذ لبنان إلى التفجير. ورد نصر الله هذا القرار إلى غضب السعودية وفشلها وحقدها، مكرراً الدعوة إلى حكومة جامعة. واتهم إسرائيل باغتيال الشهيد حسان اللقيس متوعداً القتلة بالقصاص
أطلق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس سلسلة مواقف هادئة اللهجة، لكن حادة المضمون، من مختلف الأحداث في لبنان وسوريا والإقليم، وأبرزها في الشّق اللبناني تأكيده أن الحزب لا يطلب سلطة، ناصحاً بعدم تأليف حكومة أمر واقع، ومحذّراً أخصام حزب الله من «اللّعب» معه. وغمز من قناة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، مشيراً إلى أن «الرجولة هي في تأليف حكومة مصلحة وطنية جامعة ووضع السعودية عند حدها، وكذلك إيران وسوريا إذا كانتا تعطلان حكومة كهذه». وكذلك نبّه إلى أن «هناك في الإقليم من يريد تفجير لبنان»، داعياً إلى الصبر والتحمّل.
كلام نصر الله جاء خلال حفل تأبيني أقامه حزب الله للشهيد حسان اللقيس في مجمع سيد الشهداء أمس. وتوجه في مستهله إلى عائلة اللقيس والى جميع اللبنانيين بـ«التبريك بشهادة القائد». وأكد أن«هؤلاء الإخوة الشهداء قبل شهادتهم هم ليسوا معروفين إلا في الدائرة الخاصة أو في حدود دائرة العمل المباشر، لأن طبيعة المهمة الملقاة على هذا النوع من الشهداء لا تتيح لنا أن نعرّفهم للناس».
وأشار إلى أن حزب الله «لا يستطيع التحدث عن إنجازات هؤلاء الشهداء، لأنه ما زال في قلب المعركة مع العدو الصهيوني»، مؤكداً أن «كلّ القرائن والمعطيات تؤكد اتهامنا للعدو الإسرائيلي فيما لو أضفنا محاولات الاغتيال السابقة للشهيد حسان»، لافتاً إلى أن «الصهاينة لامسوا التبني الرسمي لعملية الاغتيال». وأوضح أنه «من خلال استشهاد الحاج حسان نعبّر عن حالة معينة، وهي دفع الثمن، وعلى جمهور المقاومة أن يعرف أننا في هذه الوضعية الطويلة حتى تحسم المعركة»، مشدداً على أن الحزب «يدفع ثمن الانتصار على العدو الإسرائيلي».
وأكد السيد أن «انتصار 2006 أسقط مشروع المحافظين الجدد على مستوى المنطقة بكاملها»، متسائلاً «هل يتصوّرن أحد أن يسقط مشاريع الكبار ثمّ يصفقوا له، أم أنهم سيثأرون منه ويجعلونه يدفع ثمناً غالياً؟». ولفت إلى أن «اغتيال الحاج حسان يأتي في سياق الثأر من انتصارات المقاومة وضرب أركان وأساسيات في قدرتها على التطور»، وإذ أكد أن «جزءاً كبيراً في الحزب همّه الدفاع عن هذا البلد ومواجهة العدو»، أوضح أن «هناك جزءاً كبيراً من حزب الله آخر همّه 14 آذار، وهذا يتعلّق بتنظيم الأولوية». وقال: «عندما نتحدّث عن الانتصارات السابقة وجاهزية المقاومة، فهذا يخلق مشكلة مع أناس نظّروا ليبيعوا فلسطين»، مشيراً إلى أن «دفع الثمن ليس في الأرواح والشهداء، بل في مكانة المقاومة وثقة الناس بها ومعنويات جمهورها من خلال الحرب الإعلامية الشرسة عليها». وسأل «إذا كان يومياً يسقط لنا 200 شهيد في سوريا، أما آن لهذا الحزب أن ينتهي؟»، مؤكداً أن «هناك حرباً نفسية تشنّ على الحزب لأن المطلوب المسّ بالمعنويات».
وإذ أكد السيد نصر الله أن «الحساب لا يزال مفتوحاً مع العدو الإسرائيلي، وأن القتلة سيعاقبون عاجلاً أم آجلاً»، شدد على أن «دماء شهدائنا لن تذهب هدراً في يوم من الأيام، ومن قتلوا إخواننا لن يأمنوا في أي مكان في العالم، والقصاص آت». وفي الوضع الداخلي رأى السيد نصر الله أن «ما حصل في طرابلس خطر جداً، والخطاب الأخير المتعلق بطرابلس خلفيته إقصائية وإلغائية والمقصود هو إعلان حرب»، وسأل «هل المطلوب إعلان حرب؟ قرارنا نحن ليس كذلك و«مش فاضينلكن»، فمعركتنا مع الإسرائيلي ولا أحد يلعب معنا، ونحن لسنا في وارد قتالكم».
وفيما تساءل عما إذا كنا قد وصلنا إلى مكان لا إمكانية فيه لعيش مشترك وشراكة، قال: «طالما أن هناك قناعة أو إرادة أو ثقافة بالجلوس معاً على طاولة حوار، فليترك محل للصلح».
وعن الاعتداءات المتكررة على الجيش، أكد نصر الله أن لا استهانة في هذا الموضوع، مشيراً إلى أنه «على صعيد البعد الفكري والعقائدي ما جرى مع الجيش خطير بدلالاته، وأخطر من تفجير السفارة الإيرانية وسيارة مفخخة وإطلاق صواريخ على الهرمل»، وإذ دعا إلى وقفة تأمل حقيقية أمام حادثة الاعتداء على الجيش، لأنها قد تكون بداية مسار، أكد ضرورة حماية المؤسسة العسكرية وعدم التشكيك فيها. وقال «نتيجة خطورة الوضع في المنطقة، فلنحافظ على الجيش ونحرسه، فإذا سقط الجيش وصدقيته، ذهب كلّ شيء».
وفي الموضوع الحكومي نصح نصر الله، بـ «عدم تأليف حكومة أمر واقع»، ورأى أن «البديل عن الفراغ هو تأليف حكومة المصلحة الوطنية، الحكومة الجامعة التي لا تقصي أحداً، والشجاع من يؤلف حكومة جامعة ويتحدى الدول الإقليمية، ويضع السعودية عند حدها، وان كانت إيران أو سوريا تريد أن تعطل تأليف الحكومة، يوقفما عند حدها»، وقال: «هذه هي الرجولة، لا الهروب إلى حكومة حيادية». وأسف «للاتهامات المتبادلة بالفراغ في استحقاق الرئاسة، بدل العمل على خارطة طريق، تمكننا من تحويل يوم 25 أيار إلى عيد للسيادة والاستقلال، بدلاً من عيد المقاومة والتحرير فقط».
وعن المعطيات الحالية في سوريا رأى أن «الاتجاه التكفيري تهديد لكلّ من هو سواه. فالسنّة هم البدن الأساسي في هذه الأمة، والجزء الأكبر من الجيش السوري الذي يقتل هو من الطائفة السنية». وعما يقوله البعض عن أن «كلّ ما يحصل في لبنان سببه وجود حزب الله في سوريا»، سأل نصر الله «قبل توجّه حزب الله إلى سوريا هل كان الأمن مستتباً والتعايش «ما شاء الله» ولا وجود لتكفيريين، والحكومة موجودة؟».
وأضاف:«مهما قلتم ومهما ضغطتم، فلن يغيّر هذا شيئاً في موضوع وجودنا في سوريا، فهذه معركة وجود لبنان وسوريا والقضية الفلسطينية ومشروع المقاومة في المنطقة، وقرارنا نهائي حاسم قاطع ولا يبدّل فيه شيء».
وأكد السيد نصر الله أهمية الشهداء وقال: «شهداؤنا عرضُنا، ومن يسِئْ إليهم يسئ إلى عرضنا». وردا على قول نائب في 14 آذار «فليخرج حزب الله من سوريا وليؤلف الحكومة التي يريد في لبنان»، قال نصر الله: « نحن لسنا طلاب سلطة. ولا نقاتل في سوريا من أجل الحصول على سلطة أو امتيازات، بل للدفاع عن سوريا ولبنان وفلسطين»، معلناً انه «في الـ2005 عرضت علينا كلّ السلطة مقابل التخلي عن المقاومة».
وأشار إلى أن «هناك في مكان ما في الإقليم من وصل نتيجة غضبه وفشله وحقده، إلى مرحلة أن يأخذ البلد إلى التفجير»، لافتاً إلى أن ذلك «يتطلب من المسؤولين ووسائل الإعلام الدقة والصبر والتحمّل».