|
بــاحــث مهدوي
|
رقم العضوية : 65883
|
الإنتساب : May 2011
|
المشاركات : 1,191
|
بمعدل : 0.24 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى القرآن الكريم
: مفهوم القَلب في القرآن الكريم:
بتاريخ : 27-02-2013 الساعة : 08:53 AM
: مفهوم القَلب في القرآن الكريم:
==================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
إنَّ كلمة القلب لفظاً قد وردتْ مرارا في آيات القرآن بصورة الإفراد والجمع
لكن ليس المقصود من ذلك
هو القلب المادي اللحمي الموجود في جسم الإنسان.
ذلك كون القرآن الكريم حينما تحدَّث عن ماهيّة ومفهوم القلب
أراد به معنىً آخر يستبطن في ذاته عناصر
ومقومات العقل والتدبر والفقه :الفهم:
والوعي والإيمان والبصيرة .
وهذا هو المائز بين القلب في المصطلح القرآني والقلب المادي.
وحتى في اللغة العربيّة قد يُعبَّر بالقلب عن العَقْل
قال الفرّاءُ في قوله تعالى:
((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)) ق : 37
أَي عَقْلٌ.
و قال الفراءُ أيضاً: وجائزٌ في العربية
أَن تقولَ: ما لَكَ قَلْبٌ، وما قَلْبُك معك
تقول: ما عَقْلُكَ معكَ، وأَين ذَهَبَ قَلْبُك؟
أَي أَين ذهب عَقْلُكَ؟
وقال غيره:أي غير الفراء
لمن كان له قَلْبٌ أَي تَفَهُّمٌ وتَدَبُّرٌ.:لسان العرب : ابن منظور :مادة قلب .
وربّما يكون معنى القلب قرآنيّا هو مفهوم عام يندرج تحته كل قوى العقل والنفس والوجدان .
بدليل تنوع النسب المفاهيميّة الوظيفية إلى القلب في صياغات الآيات القرآنيّة الشريفة.
والشاهد على ذلك هو قوله تعالى.
(( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)) محمد24
وهنا نلحظ في الإستفهام التوبيخي نسبة التدبر إلى القلب وهي نسبة وظيفية للعقل .
بعبارة أخرىأفلا يتدبرون القرآن ويتفكرون في حججه؟
بل هذه القلوب مُغلَقة لا يصل إليها شيء من هذا القرآن فلا تتدبر مواعظ الله وعبره.
(( لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا )) الأعراف179
وهنا أيضا قد نسبَ القرآن التفقه أي التفهم والتفطِّن للشيء إلى القلب.
(( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )) الحج46
لاحظوا مرة أخرى نسبة التعقل والعمى إلى القلب
إذاً كل ذلك يعني أنَّ القلب في مفهومه القرآني
يُمثِّل أداة معرفيّة عامة لها أدواتها الوظيفية ومنها العقل وقواه والوجدان ومجساته .
وإنَّ المُتتبع في آيات القرآن الكريم بخصوص مفهوم القلب
يجد لهذا المفهوم منظومة متكاملة في أبعادها الإيجابية وحتى السلبيّة
بمعنى أنَّ لمفهوم القلب وجهة إيجابية وأخرى سلبيّة
تتحدد كلٌّ منهما بمحددات واقعيّة
تجعل صاحبهما إما في مرتبة الهدى أو في مرتبة الضلال والعمى.
لذا نلحظ توصيفات الإيجاب أيضا قد أخذت طريقها إلى القلب وإلتصقت به .
ومثله أيضا توصيفات السلب قد أخذت طريقها إلى القلب إكتسابا.
وكشاهد على ذلك في جانب الإيجاب
قوله تعالى.
(( إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ )) الشعراء89
(( إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ )) الصافات84
(( وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ )) النحل106
((وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )) التغابن11
أما التوصيف بالسلب لمفهوم القلب فهذا ما تعرَّضتْ له الآيات الشريفة بصورة ملفتة للنظر والتأمل.
ومنها قوله تعالى:
(( وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ )) البقرة283
(( وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً )) الكهف28
(( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً)) البقرة74
(( وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ )) المائدة41
(( بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِن دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ )) المؤمنون 63
بمعنى:
بل قلوب الكفار في ضلال غامر عن هذا القرآن وما فيه ولهم مع شركهم أعمال سيئة. .
((إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ )) النحل22
و يظهرُ أيضاً أنَّ جنبة الإختيار في إظهار الفعل القلبي هي مُنحَفظة تماماً عند صاحبها
لاسيما في التعاطي مع الإيمان واليقين والتقوى.
بمعنى أنَّ المحدد الواقعي للفعل الإيماني هو القلب لا اللسان ومن ذلك يُفهم مشروعيّة التقيّة .
وهذه الحقيقة قد أشار إليها القرآن الكريم في مواضع متعددة أهمها
قوله تعالى:
(( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي )) البقرة260
لا حظوا كيف تصل الحقيقة الإختيارية في قناعاتها إلى القلب طوعا .
((مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ )) الأحزاب4
والمعنى هنا هو إستحالة وقوع التضاد في قناعات القلب ووظيفته المعرفيّة .
وهذا يُدلل على أنَّ القلبَ هو مركز القرار والفعل الإيماني والتعقلي وحتى العاطفي .
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
|
|
|
|
|