إعداد الإنسان لتكوين شخصيته
بقلم: سيد صباح بهبهاني
بسم الله الرحمن الرحيم
( وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) .
أن من المهام الأساسية للتربية والتعليم هي مهمة إعداد الإنسان ليكون عضوا صالحا في مجتمعه، قادرا على تأدية واجبه الاجتماعي . لذا فإن برامج التربية وخطط الأعداد التربوي تؤثر تأثيرا بالغا في مستقبل التنمية في البلاد، ذلك لأن من عناصر إعداد الإنسان الصالح في مجتمعه هو إعداد الإنسان المنتج المتحرك حركة تصاعدية أدبيا وماديا، ليكون الشخصية التي يعتمد عليها الجامعة، ويأتي تأثير التربية من المجال غير المباشر: هو مجال إعداد الشخصية الطموحة القوية صحيا أدبيا ونفسيا .
بصورة غير مباشرة وذلك بانعكاس الطريقة التربوية والاتجاه التربوي العام على شخصية الإنسان فمثلا، الطفل الذي يربى على الكسل والاتكالية على الوالدين، وعدم الثقة بالنفس، ولا يوجه للاستفادة من الوقت والفرص،! ينشأ على الاتجاه المعاكس المطلوب، عنصر بطيء الحركة والعطاء لنفسه ومجتمعه، محدود الطموح، بعكس الطفل الذي يربى على الاعتماد على النفس وروح الجد والمثابرة، والتدريب على العمل وكيفية البوادر التي أن يكون منفعة خير في سنين حياته الأولى مثل هذا الطفل ينشأ عنصرا طموحا محب للعمل صاحب ثمرا ويؤد تحقيق وتنمية أكبر قدر ممكن من شخصيته المثابرة في مجالات الحياة المطلوبة، ويكون عنصرا ناميا وقوة بناءة في مسير تنمية وطنه وهنا نلاحظ الانعكاس، والأثر التربوي للمقارنة وفلسفة التربية وطريقتها في إعداد الإنسان المثابر المثمر القادر لتطوير نفسه إلى الأحسن. والمجال المباشر، هو مجال التخطيط والإعداد من خلال التربية والتعليم والبرمجة المعدة من قبل المسئولين لها. فالتربية والتعليم هي مسؤولية كبرى في إعداد الأجيال وتهيئتها للمساهمة في تطوير التنمية في شتى مجالاتها .
على مواجهة التحديات، وسعادة الفرد والجماعة وحفظ سيادة الوطن واستقلاله ونهوضه بدوره الرائد في العالم. ولقد اهتمت الرسالة الإسلامية اهتماما بالغا بمسألة التربية والأخلاق والسلوك والبشري فقد اعتبر القران الكريم مصير الإنسان في الدنيا والآخرة مرتبطا بنوع سلوكه كما ذكرت في بداية الموضوع من سورة العصر أعلاه. وجاء في الحديث الشريف: (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ).
وفقد ركز الدعوة الربانية على بناء الذات البشرية وتنمية ملكات الخير في الإنسان كما اهتمت بالفعل والممارسة، و جدير ذكره أن الأخلاق تعني الملكات النفسية الباعثة على موقف إنساني معين، وأما السلوك فهو الموقف الإنساني من المثير والداعي، سواء أكان موقفا فكريا، أو نفسيا، أو ممارسة فعلية.
والأخلاق في الإسلام هي أخلاق عملية اجتماعية، وليست أخلاقا فردية مثالية مجردة، والإسلام دين عمل وممارسة اجتماعية وأن ما سعى إلى تحقيقه من أخلاق وسلوك هو متناسق مع أهدافه الكبرى في الحياة، لذا فان مفهوم الفضيلة والرذيلة في الأخلاق ومفهوم الحلال والحرام في التشريع، ومفهوم الهدى والضلال في الاعتقاد، كلها حقائق متناسقة تسير باتجاه واحد،وتحقيق هدفا واحدا .
ومن هنا نستطيع أن نفهم أثر الأخلاق والسلوك في عمليات التنمية الاقتصادية والخدمية إذا عرفنا أن النوازع البشرية الشريرة، والحالات النفسية المرضية، والممارسات السلوكية الشاذة هي السبب الرئيس وراء الجرائم والأمراض وتبذير الأموال والجهود. فجرائم القتل والاغتصاب والاعتداء والتخريب والسرقات والتهريب والاحتيال والتزوير والدجل بسم الدين،.الخ التي تقلق أمن المجتمعات اليوم،.!
وتدمير أوضاعه التنموية تكمن وراءها الحالات النفسية والأوضاع الأخلاقية والسلوكية، كشرب الخمر وتعاطي المخدرات والزنا والسلوك العدواني نحو الجريمة والدمارالخ.
وأن مكافحة الجريمة والحفاظ على المجتمع غدا من أبرز مجالات الإنفاق الضائع التي تتحملها خزينة المجتمعات كافة،. فمكافحة الجريمة في كل بلد تكلف نسبة عالية من الميزانية، فبدلا من أن يوظف هذا المال في التنمية والأعمار وبناء المشاريع يصرف في مكافحة الجريمة والآثار المترتبة عليها. وإن من أبرز الأمثلة اليوم على ذلك هو تصاعد الجريمة في جميع المجتمعات التي لا تلتزم بقيم الأخلاق، ولا تؤمن بالجزاء الأخروي، وأسفا، !.
وانتقلت هذه السلوكية المنحرفة والممارسات الشاذة بشكل وباء،! في المجتمعات التي تلتزم بالأخلاق وتؤمن بالجزاء الأخروي، ولكن أقل من هو في البلدان المتقدمة، وشذوذ هذه السلوكية والانحراف هو التعبير الواضح لفقدان التربية. وإذا كانت النتائج الاقتصادية والمالية للسلوك الشاذ والمحرم في هذه البلدان والشعوب الأخرى تنعكس انعكاسا سلبيا على عمليات التنمية في الدول الإسلامية.ولا أريد أن أعمل بحثا، والإنسان المثقف يدرك ما أقول،! ونرجع، ما بينه القرآن الكريم والسنة لنا وقال سبحانه : في سورة الأعراف / 33: في تحريم الفواحش ما ظهر وما بطن .
وقال سبحانه: في سورة الإسراء /32 في تحريم الزنا. وقال سبحانه في سورة المائدة /90 في تحريم الخمر والميسر والأنصاب والأزلام.
وكما حرم هذه الممارسات الهدامة حرم كذلك الربا الذي هو السبب الأساسي في تدمير الاقتصاد العالمي وإعاقة نمو العالم المستضعف إلى درجة جعل الشعوب المدينة لا تستطيع دفع أرباح ديونها.
وقال تعالى: في سورة البقرة /275 ا لمعادلة بين البيع والربا وتحريم الربا.
وقال تعالى: في سورة البقرة أيضا الآية 279 ينذر بحرب وعقوبة ربانية للمصرين على الربا.
ومن الممارسات المحرمة التي تبعث بالمال والثروة وتحول دون استخدامها في مشاريع التنمية البناءة عي ممارسة الإسراف والتبذير التي قد لايحسها الإنسان أحيانا لا سيما الإسراف في الوسائل الكمالية والخدمية التي غدت تستهلك جزاءا كبيرا من دخل الفرد استهلاكا غير ضروي ، ومضيع أحيانا، لذا حرم الإسلام الإسراف والتبذير ودعا إلى الاعتدال في النفقة والمؤونة والاستهلاك.
وقال تعالى: ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) الأعراف/31.
وقال أيضا في سورة الفرقان /67 محذرا الإسراف. وقال تعالى: في سورة الإسراء /26ـ 27 ).
وثمة آفة اقتصادية أخرى تشارك في إعاقة مشاريع التنمية، وهي آفة التدخين. فهناك مئات الملايين من البشر يمارسون عادة التدخين، وإن معدل كلفة التدخين الفردية لا تقل عن دولار يوميا تقريبا إذا ما أخذنا المعدل الوسط لقيمة علبة السجائر في مختلف أسواق العالم. فهذا يعني أن الإنسان يستهلك مليارات الدولارات سنويا، بسبب ممارسة التدخين. والإسلام، وإن لم يحرم التدخين ابتداء ( أو بالعنوان الأولى كما يصطلح الفقهاء ).
غير أنه ينتهي مع الدراسات الصحية والاقتصادية التي تثبت تضرر العالم من ممارسة التدخين، ينهي ( بالعنوان الثانوي ) لا لي تحريمه عملا بقاعدة : ( لا ضرر ولا ضرار). والشريعة الإسلامية حثت العاملين ابتداء بالأمير والمأمور،على الإخلاص في العمل كقول الرسول الكريم صلى الله عليه واله: ( رحم الله امرأ عمل عملا فأتقنه). فأنها تعتبر عدم الإخلاص في العمل موقفا محرما،وان ما يأخذه الأجير المتهاون في إخلاصه هو مال حرام وبذأ يجعل من ضميره وإحساسه الذاتي رقيبا عليه، ودافعا له على تحسين العمل ويقظة الضمير .
وبعدما عرفنا الأسس التربوية والالتزام بها هي التي تبنى الحضارة وتثقف الجامعة , ويداً بيد للتعاون والتآخي وحث الأباء من الابتعاد عن التدخين والتزام بالاقتصاد التي هي مصدر انتقال الشعوب نحو الإنعاش ودعم التنمية ودعم المنتجات الوطنية ورفع مستواها حتى نكون من الدول المنتجة نحو الرقى والله خير حافظ وهو ارحم الراحمين.