كان كبيرا في كل شيء انفته، كبرياؤه، التزامه ذكاؤه، ملاحظاته
كان شامخا في كل شيء خجله مشاكسته ثورته اصالته...
رغم قسوته واحيانا عدوانيته اقتنعت ان هناك انسانا رقيقا يقبع بداخله
يحاول خنقه كي يبدو قويا لا يهزم
يضع حاجزا من حديد سرعان ما ينصهر لاحظى بشرف لقاء الكائن اللطيف الموعود
لاكون مع انسان مليء بالاحاسيس الرائعة المستترة
لكنه للاسف مجرد كاذب
حينما يكذب المرء يبدو تافها صغيرا مهما كبر
متخلفا مهما تحضر عاريا من انسانيته مهما توقر
ينهار امامك خائبا منكسرا غارقا في وحل ادعاءاته
لكنه للاسف مجرد كاذب
هكذا بدا لي حين تعثرت بكذبته الكبرى
حتى اني تمنيت في قرارة نفسي لو اني لم اجعله قط ندا لي وصديقا وحيدا لي
حتى احتفظ ولو واهمة بصورته الملائكية التي حاول لسنوات عديدة رسمها بقلم قوي
يسيل مداده من الدم والدمع والعرق دفاعا عن الكرامة والخبز والصدق والامانة
دفاعا عن الاهل والوطن والاصدقاء والاحباب
اصالة عن نفسه ونيابة عن جيل باسره
لكنه للاسف مجرد كاذب
لا الومه كثيرا فاحيانا نخطئ تقدير انفسنا
نظن اننا ملائكة باجنحة بيضاء ناصعة ونحن منبع الشياطين
ننصب انفسنا مدافعين عن الناس ونجلد اقرب اهلنا
نظن اننا محاطون بالبلداء ونحن الاذكى
نعتبر انفسنا مواطني درجة اولى والاخرون الادنى
رغم كل شيء ضحكت من غرابة الموقف
ضحكت من ضاٌلة الحجم وتراجيدية الموقف
ضحكت كثيرا حتى تخيلت للحظات لو ان قدر كل الكاذبين مثل قدر اللعبة الخشبية
لفضح كبار الزعماء والرؤساء والدعاة والاصدقاء
لكان العالم احسن بكثير
لكنه للاسف مجرد كاذب
لست معصومة من الكذب فالنفس امارة بالسوء الا من رحم ربي
لكنني الجأ اليه احيانا مسيرة ومجبرة لا مخيرة
افعله مستسلمة رافضة
فتحمر بذلك وجنتاي واعلى ادني
ويتلعثم لساني ويجف حلقي ويتملكني الندم قبل ان انطق كاذبة
فيعود صدى كلماتي مدويا قاسيا جارحا
فانظر حولي ظنا منى ان الجميع يدرك اني مدعية
لذلك اتبنى الصدق مبدءا والتزاما واسلوبا في احترام الذات والاخر
لكنه ولشدة الاسف مجرد كاذب
حينما تكون صادقا مع نفسك ومع الاخرين تتولد فيك السكينة
تتملكك من اخمص قدميك الى ام راسك
وتتفرغ بذلك للاستمتاع بتفاصيل الحياة لا اوهامها
تهجرك الكوابيس ويباغتك النوم بسهولة
تتخلص من الرقيب لانك تصبح رقيب نفسك وحاميها
اما الكذب فاهانة للذات وتمريغ للكرامة في الوحل
طعنة وجهها لمصداقيته
هواية سخيفة متعبة قد يتعود لسانه ممارستها فيقع فريسة في ادمانها
وينتهي بان يكذب هو واصدق انا
لم يكن مجبرا على الكذب طوال هذه السنوات
فقد كان موعدا على هامش الحياة
لم يدفعه كائن لاخفاء اشياء كانت لابد وان ترسو يوما على شاطئ الحقيقة
كان ولازال -للاسف- في جوارحي ارقى من ان يتحول الى مجرد كاذب