خصائصه الخلقية
قال زيد بن علي الثائر : المعروف في كل زمان رجلٌ منّا أهلَ البيت يحتجّ اللهُ به على خلْقه ، وحجّة زماننا إبن أخي جعفرُ بن محمد .. لا يضلّ من تبعَه ولا يهتدي من خالفه .
وقال فيه مالك بن أنس إمام المذهب المالكي : والله ما رأت عيني أفضلَ من جعفر بن محمد زهداً وفضلاً وعبادةً و ورعاً ، وكنت أقصده فيكرمني ويُقبل عليّ .
وتتلمذ على يديه أبو حنيفة إمام المذهب الحنفي مدّة عامين ، وكان يقول : لولا السنتان لهلك النعمان .
وروى أحد أصحابه : كنت مع أبي عبد الله ( عليه السلام ) بالمدينة وهو راكب حماره ، فلمّا وصلنا قريب السوق ، نزل الإمام فسجد لله وأطال السجود وأنا أنتظره ، ثم رفع رأسه ، فقلت : جُعلتُ فداك رأيتك نزلت فسجدت ؟ قال الإمام : إني ذكرت نعمة الله عليّ فسجدتُ شاكراً .
وقال آخر : رأيتُ أبا عبد الله (عليه السلام) وبيده مسحاة وعليه إزارٌ غليظ يعمل في بستان له ، والعرق يتصبّب منه ، فقلت : جُعلت فداك : أعطني المسحاة أكفِك العمل فقال لي : إني أحبّ أن يتأذّى الرجل بحرّ الشمس في طلب المعيشة .
وقد بعث الإمام ذات يوم غلامه في حاجة فأبطأ ، فخرج الإمام الصادق ( عليه السلام ) على أثره يبحث عنه ، فوجده نائماً ، فجلس عند رأسه يروّح له الهواء حتى انتبه ، فعاتبه الإمام برقة وقال له : تنام الليل والنهار ؟! لك الليل ، ولنا النهار .
استأجر الإمام عمالاً يعملون في بستانه ، فلما فرغوا من عملهم ، قال لغلامه معتب : أعطيهم أجرهم قبل أن يجفّ عرقهم .
كان الإمام الصادق ( عليه السلام ) إذا مضى جزء من الليل أخذ جراباً فيه خبز ولحم ودراهم ، فحمله على عاتقه فوزّعه على ذوي الحاجة من أهل المدينة وهم لا يعرفونه .
فلما توفّي الإمام الصادق ( عليه السلام ) افتقدوا ذلك الرجل فعلموا أنه الإمام .