اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقبة جميلة أخرى نضيفها على مناقب الامام علي عليه السلام التي أقر بها علماء المسلمين
وهي منقبة وفضيلة الاهية استحقها الامام سلام الله عليه وماكان من عند الله فهو الصواب بعينه لايستطيع أحد أن ينكرها الا معاند أو حاقد على الامام سلام الله عليه وعلى ذلك نبدأ على بركة الله سبحانه وتعالى
عند ما هاجر الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله إلى المدينة،شرع في بناء المسجد فيها،و قد كانت هناك مجموعة من المهاجرين الذين لا يمتلكون وسائل السكني أو دارا للسكن يعرفون بأصحاب الصفة،و قد اتخذوا من مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله مقرا،و دارا لهم،و لما كان المسجد يشكل قاعدة الإسلام و المسلمين و ركيزتهم،فقد أمرهم الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله أن يتركوه،و بعد ذلك اتخذ المهاجرون و الأنصار بيوتا قرب مسجد رسول الله،و جعلوا أبوابها تفتح إلى داخل المسجد،بحيث يستطيعون الذهاب و الإياب من هذه الأبواب،و أن يدخلوا المسجد للعبادة،و قد كان بيت رسول الله صلى الله عليه و آله و بيت علي عليه السلام قرب المسجد أيضا،و يفتح بابهما إلى المسجد أيضا،حتي نزل جبرئيل عليه السلام علي رسول الله صلى الله عليه و آله و أبلغه بسد كل الأبواب التي تفتح إلى المسجد،و أن يمنع الدخول و الخروج منها إلا باب الرسول صلى الله عليه و آله و باب علي عليه السلام.
و من الطبيعي أن جماعة من الصحابة قد سألوا عن السبب،و آخرين اعترضوا على الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله و تساءلوا ما الفرق بين علي عليه السلام و بين الآخرين؟.
و قد أجابهم رسول الله صلى الله عليه و آلهـبعد أن حمد الله و أثنى عليهـ:بأن هذا إنما تم بأمر من الله تعالى،و إنني لم أسد بابا و لم أفتح بابا إلا بأمره عز و جل.
و من خصوصيات هذه الحادثة أنه ليس لأحد حق المرور من المسجد جنبا إلا رسول الله و علي و فاطمة و أولادهم المعصومون (صلوات الله عليهم) ،و هذه من خصوصياتهم،و فيما يلي نذكر بعض الأحاديث الواردة في هذا الخصوص:
1ـروى الترمذي عن ابن عباس،قال:إن رسول الله صلى الله عليه و آله أمر بسد الأبواب إلاباب علي عليه السلام.
2ـو أخرج الهيثمي بسنده عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال:«أخذ رسول الله صلى الله عليه و آله بيدي فقال:إن موسى سأل ربه أن يطهر مسجده بهارون،و إني سألت ربي أن يطهر مسجدي بك و بذريتك،ثم أرسل إلى أبي بكر أن سد بابك،فاسترجع ثم قال:سمعا و طاعة،فسد بابه،ثم أرسل إلى عمر،ثم أرسل إلى العباس بمثل ذلك،ثم قال رسول الله صلى الله عليه و آله:«ما أنا سددت أبوابكم و فتحت باب علي،و لكن الله فتح باب علي و سد أبوابكم».
3ـو في تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي،بسنده عن عوف الأعرابي،عن ميمون الكردي،قالا:كنا عند ابن عباس،فقال رجل:ليته حدثنا عن علي عليه السلام،فسمعه ابن عباس،فقال:«أما لأحدثنك عنه حقا،أن رسول الله صلى الله عليه و آله أمر بالأبواب الشارعة في المسجد فسدت،و ترك باب علي عليه السلام،فقال:إنهم وجدوا من ذلك،فأرسل إليهم أنه بلغني أنكم وجدتم من سدي أبوابكم و تركي باب علي،و إني و الله ما سددت من قبل نفسي،و لا تركت من قبل نفسي،إن أنا إلا عبد،و إني و الله امرت بشيء ففعلت،إن اتبع إلا ما يوحي إلي
4ـو في المناقب لابن المغازلي الشافعي،بسنده عن البراء بن عازب،قال:كان لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله أبواب شارعة في المسجد،و إن رسول الله صلى الله عليه و آله قال:«سدوا الأبواب غير باب علي»قال:فتكلم في ذلك اناس،قال:فقام رسول الله صلى الله عليه و آله فحمد الله و أثني عليه،ثم قال،:«أما بعد،فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي،فقال فيه قائلكم،و إني و الله ما سددت شيئا،و لا فتحته،و لكني امرتبشيء فاتبعته».
5ـو روى أحمد في المسند بسنده عن زيد بن أرقم،نحو ما في المناقب.
6ـو في المناقب للخوارزمي بإسناده،عن أبي ذر،قال:لما كان أول يوم في البيعة لعثمان ليقضي الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة و يحيى من حي عن بينة،فاجتمع المهاجرون و الأنصار في المسجد،و نظرت إلى عبد الرحمن بن عوف و قد اعتجر بريطة،و قد اختلفوا و كثرت المناجزة،إذ جاء أبو الحسن عليه السلامـ فحمد الله و أثنى عليه ثم ناشدهم بمفاخره و مناقبه إلى أن قال:ـ«هل تعلمون أن أحدا كان يدخل المسجد جنبا غيري؟»قالوا:اللهم لا،قال:«فأنشدكم هل تعلمون أن أبواب المسجد سدها و ترك بابي بأمر الله؟»قالوا:اللهم نعم.
7ـو في مستدرك الحاكم،عن أبي هريرة،قال:قال عمر بن الخطاب:لقد أعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال،لئن تكون لي خصلة منها أحب إلي من أن اعطي حمر النعم.قيل:و ما هن،يا أمير المؤمنين؟.
قال عمر:تزوجه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و آله،و سكناه المسجد مع رسول الله صلى الله عليه و آله يحل له فيه ما يحل له،و الراية يوم خيبر.
و لقد روي حديث سد الأبواب إلا باب علي عليه السلام كثير من علماء أهل السنة في كتبهم بطرق مختلفة فراجعها.
وممّا يدل على ثبوت القضية ودلالتها على الأفضلية: تمنّي غير واحد من الأصحاب ذلك:
* كقول عمر بن الخطّاب: «لقد أُعطي عليّ بن أبي طالب ثلاث خصال، لأنْ يكون لي خصلة منها أحبّ إليّ من أنْ أُعطى حمر النعم.
قيل: وما هي يا أمير المؤمنين؟!
قال: تزويجه فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وسكناه المسجد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لا يحلّ فيه ما يحلّ له، والراية يوم خيبر.
(قال الهيثمي رواه أبو يعلى في الكبير، وفيه: عبداللّه بن جعفر بن نجيح، وهو متروك».
قلت من كتاب تشييد المراجعات لآية الله السيد علي الميلاني)
كيف يكون متروكاً وهو من رجال الترمذي وابن ماجة، وهما من الصحاح الستّة عندهم؟!
* وكقول عبداللّه بن عمر: «ولقد أُوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال لأنْ يكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم: زوّجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ابنته وولدت له، وسدّ الأبواب إلاّ بابه في المسجد، وأعطاه الراية يوم خيبر».
(قال الهيثمي رواه أحمد وأبو يعلى، ورجالهما رجال الصحيح».
ذكر جماعة من مخرّجيه:
أخرجه من أئمّة أهل السُنّة وأصحاب الصحاح عندهم وكبار حفّاظهم:
1 ـ أحمد بن حنبل في مسنده(1).
2 ـ الترمذي في صحيحه(2).
3 ـ النسائي في الخصائص(3).
4 ـ الحاكم في المستدرك(4).
وقد أخرجه السيّد عنهم وعن جمع من الأئمّة غيرهم.
(1) مسند أحمد 1 : 285 و ص 545، 2 : 104، 5 : 496.
(2) الجامع الصحيح 6 : 91 / 3732، باب مناقبه عليه السلام.
(3) خصائص أمير المؤمنين: 72 / 38.
(4) المستدرك على الصحيحين 3 : 125
الهدف الحاصل من واقعة سد الأبواب
لا شك أن هذه الفضيلة كانت من الفضائل الفريدة لأمير المؤمنين عليه السلام،تميز بها عن ساير الصحابة،و لعل السماح له عليه السلام بالعبور من مسجد النبي صلى الله عليه و آله و هو في حال الجنابة،الأمر الذي يعتبر من خصوصيات النبي،لم يكن نتيجة القرب العائلي من الرسول صلى الله عليه و آله لأن حمزة سيد الشهداء و عم الرسول أقرب منه إلى رسول الله صلى الله عليه و آله،لكنه لم يكن من المعصومين عليهم السلام،فالظاهر من الروايات أن الإمام عليه السلام قد اكتسب هذه الفضيلة للياقته لها و لقوة نفسه و سمو روحه،فهو قرين رسول الله صلى الله عليه و آله في مثل هذه الفضائل،بل و يتمثل فيه كل خصوصيات الرسول إلا النبوة.
و من هنا يتضح لنا بشكل جلي أن الهدف من سد الأبواب هو أن رسول الله صلى الله عليه و آله أراد أن يفهم الآخرين بسمو مقام أمير المؤمنين عليه السلام و اقترانه معه في سائر الفضائل و المناقب التي اختصه الله تعالى بها دون من عداه من الأصحاب