الأدلة من السنة النبوية على إمامة أهل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 15-05-2012 الساعة : 02:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
الأدلة من السنة النبوية على إمامة أهل البيت عليهم السلام
(مـن كتـب أهـل الســنة)
لا نريد في هذا الموضوع أن نحصي ونجمع كل ما ورد في كتب أهل السنة من الأحاديث النبوية الدالة على إمامة أهل البيت عليهم السلام ولزوم التمسك بهم، بل الإحصاء والاستقصاء التام صعب مستصعب؛ لكثر الأحاديث النبوية وتواترها في هذا الموضوع.. وإنما نريد في هذا الموضوع أن نأتي بشواهد وأمثلة؛ حتى يعرف أولو الألباب وأهل الإنصاف مكانة إمامة أهل البيت في الموروث الروائي السني، فإذا كان مخالفو أهل البيت يروون كل هذه المتون، فما هو القدر الحقيقي لتلك المتون، وماذا لو تطرقنا إلى الأحاديث الشريفة في مصادر شيعة أهل البيت عليهم السلام؟
فيما يلي نستعرض بعض أدلة إمامة أهل البيت في الأحاديث النبوية من كتب أهل السنة.
1 ـ حديث الثقلين:
وله ألفاظ متقاربة، منها قول النبي صلى الله عليه وآله: (يا أيها النَّاس ! إنِّي تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلُّوا : كتابَ الله ، وعترتي أهلَ بيتي) ، أخرجه التِّرمذي في سُننه : (5 / 327) . ومنها قول النبي صلى الله عليه وآله: (قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلُّوا : كتابَ الله ، سَبَبُهُ بيده ، وسَبَبُهُ بأيديكم ، وأهل بيتي) ، أخرجه بهذا اللفظ إسحاق بن راهويه في مُسنده كما في المطالب العالية لابن حجر العسقلاني : (4 / 252) برقم (3943) . ومنها قول النبي صلى الله عليه وآله: (إنِّي تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلُّوا بعدي ؛ أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتَّى يردا علَيَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما) أخرجه بهذا اللفظ التِّرمذي في سُننه: (5 / 329) . ومنها قول النبي صلى الله عليه وآله: (إنِّي تارك فيكم خليفتين: كتابَ الله عزَّ وجلَّ ، حبلٌ ممدود ما بين السماء والأرض ، أو ما بين السماء إلى الأرض ، وعترتي أهلَ بيتي ، وإنَّهما لَن يتفَرَّقا حتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوض) ، أخرجه بهذا اللفظ أحمد بن حنبل في المسند: (5 / 181 ـ 182 ، 189) . إلى غير ذلك من الألفاظ، وفيما يلي قائمة ببعض مصادر حديث الثقلين في كتب أهل السنة:
مسند أحمد بن حنبل: (3 / 14 ، 17 ، 26 ، 59) و(4 / 366 - 367) و(5 / 181 - 182 ، 189 ـ 190) دار صادر ـ بيروت.
سنن الدارمي: (2 / 431 ـ 432) دار الفكر ـ بيروت.
صحيح مسلم: (4 / 1873 ، 1874) دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
سنن الترمذي: (5 / 327 ، 328) دار الفكر ـ بيروت. وفي طبعة أخرى للدار نفسها: (5 / 621 ، 622).
السنن الكبرى للنسائي: (5 / 45 ، 51 ، 130) دار الكتب العلمية ـ بيروت.
صحيح ابن خزيمة: (4 / 62 ـ 63) المكتب الإسلامي ـ بيروت.
المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري: (3 / 118 ، 160 ـ 161) دار الكتب العلمية ـ بيروت.
سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني: (4 / 356 وما بعدها) ، المكتب الإسلامي ـ بيروت.
2 ـ حديث السفينة:
رُويَ عن أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام [ذخائر العقبى للمحب الطبري : 20] ، وأبي ذر [المستدرك للحاكم: 3/150 - 151] ، وأبي سعيد الخدري [المعجم الصغير للطبراني: 2/22] ، وابن عباس [المعجم الكبير للطبراني: 3/46] ، وأنس بن مالك [تاريخ بغداد للخطيب : 12/90] ، وعبد الله ابن الزبير [مجمع الزوائد للهيثمي : 9/168] ، وسلمة بن الأكوع [مناقب أمير المؤمنين لابن المغازلي: 188 ، برقم 174] .
ومن ألفاظه: قوله صلى الله عليه وآله وسلم - وهي روايةُ أبي سعيد الخدري - : "إنَّما مَثَلُ أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلَّف عنها غرق، وإنَّما مَثَلُ أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له" .
وقد أخرج حديث السفينة كلٌّ من:
1 - الحافظ ابن أبي شيبة الكوفي (ت 235 هـ) في "المُصنَّف" (7/503) .
2 - الحافظ الطبراني (ت 360 هـ) في "المعجم الصغير" (1/139 - 140) و(2/22) ، وفي "المعجم الأوسط" (4/10) و(5/306 ، 354 - 355) و(6/85) ، وفي "المعجم الكبير" (3/45 - 46) و(12/27) .
3 - الحافظ ابن سلامة القضاعي (ت 454 هـ) في "مسند الشهاب" (2/273 - 275) .
4 - الحافظ الخطيب البغدادي (ت 463 هـ) في "تاريخ بغداد" (12/90) .
5 - ابن المغازلي الشافعي (ت 483 هـ) في "مناقب أمير المؤمنين عليه السلام" : 100 ـ 101 .
وهو في "كنز العمال" (2/434 ـ 435) عن القطان في "أماليه" و"ابن مردويه" ، وفي (12/95) عن "البزَّار" .
وعن هذه المصادر وغيرها أورده الكثير من علماء أهل السنة.
3 ـ حديث الأمان:
وهو قول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : (النُّجوم أمان لأهل السماء، وأهلُ بيتي أمان لأُمَّتي) ، أورده بهذا اللَّفظ السيوطي في الجامع الصغير (2 / 680) . وفي لفظٍ آخر: (النُّجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمَّتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلةٌ من العرب اختلفوا فصاروا حزبَ إبليس) ، أورده بهذا اللَّفظ المُتَّقي الهندي في كنز العُمَّال (12/102).
وممَّن روى هذا الحديث في إطار أهل السنَّة والجماعة: الحافظ الطبراني في المعجم الكبير (7 / 22) ، والحاكم افي المستدرك على الصحيحين (2 / 448) و(3 / 149) و (3 / 457) ، ورواه الحافظ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق (40 / 20) ، وأورده الطبري في ذخائر العقبى: ص17 ، وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير (2 / 680) ، والصالحي الشامي في سبُل الهدى والرشاد (11 / 6 ـ 7) .
4 ـ قول النبيِّ ـ صلى الله عليه وآله ـ : (في كلِّ خلف [خلوف] من أُمَّتي عدول من أهل بيتي، ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين، وانتحال المُبطلين، وتأويلَ الجاهلين، ألا وإنَّ أئمَّتَكم وفدكم إلى الله تعالى، فانظُروا من تُوفِدُون) . أورده الطبري في ذخائر العقبى: ص17 مكتبة القدسي، والقندوزي في ينابيع المودة (2 / 113 ـ 114) دار الأسوة.
5 ـ قول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : (يا معاشـر أصحابي إنَّ مثلَ أهل بيتي فيكم مثلُ سفينة نوح، وباب حطَّة في بني إسرائيل، فتمسَّكوا بأهل بيتي بعدي، الأئمَّةِ الراشدين من ذُرِّيَّتي، فإنَّكم لن تضلُّوا أبدًا . فقيل: يا رسول الله؛ كم الأئمَّةُ بعدك؟ قال: اثنا عشر من أهل بيتي ـ أو قال ـ من عترتي). أخرجه الحافظ أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي في مسند الفردوس عن أبي سعيد الخدري، نقله عنه في خلاصة عبقات الأنوار (4 / 211) .
6 ـ قول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : (أنا وأهل بيتي شجرة في الجنَّة وأغصانها في الدنيا، فمَنْ تمسَّك بنا اتَّخذَ إلى ربِّه سبيلاً) .
قال المحب الطبري في ذخائر العقبى (ص16) : أخرجه أبو سعد في شرف النبوّة.
7 ـ عن الإمام عليٍّ ـ عليه السلام ـ قال: قلت: يا رسول الله؛ المهدي منَّا أئمَّةَ الهدى أم من غيرنا؟ قال: (بل منَّا، بنا يختم الدين كما بنا فتح، وبنا يستنقذون من ضلالة الفتنة، كما استنقذوا من ضلالة الشرك، وبنا يُؤلِّف الله بين قلوبهم في الدين بعد عداوة الفتنة، كما ألَّف الله بين قلوبهم ودينهم بعد عداوة الشرك) . رواه الحافظ نعيم بن حمّاد في كتاب الفتن: ص229 .
8 ـ قول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : (مَنْ سَرَّهُ أن يحيا حياتي، ويموت مماتي، ويسكنَ جنَّة عدنٍ غرسها ربِّي، فليُوالِ عليًّا من بعدي، وليُوالِ وليَّهُ، وليقتدِ بالأئمَّة من بعدي، فإنَّهم عترتي، خُلقوا من طينتي، رُزقوا فهماً وعلماً، وويل للمُكذِّبين بفضلهم من أُمَّتي، للقاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي) . رواه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء (1 / 86) ، ومن طريقه الحافظ الحمويني في فرائد السمطين (1 / 53) برقم (18) ، وأخرجه الرافعي في التدوين في أخبار قزوين (2 / 485) ، وعنه في كنز العمال (12 / 103) .
9 ـ قول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : (من أحبَّ أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويدخل الجنَّة الَّتي وعدني ربِّي، فليتولَّ عليَّ بن أبي طالب، وذريَّته أئمَّة الهدى ومصابيح الدُّجى من بعده، فإنَّهم لن يخرجوكم من باب الهدى إلى باب الضلالة) . أخرجه أبو المؤيد الموفَّق بن أحمد الخوارزمي في المناقب: ص75 ، برقم (55) . وأخرجه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء (4 / 349 ـ 350) من طريق أخرى باختلاف يسير في اللَّفظ.
10 ـ قول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قال: (الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت) . أورده المحب الطبري في ذخائر العقبى، ص20 ، وقال: خرجه أحمد في المناقب.
11 ـ قول رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ لعليٍّ عليه السلام: (إنَّ أوّل أربعة يدخلون الجنَّـة: أنا وأنت والحسن والحسين، وذرارينا خلف ظهورنا، وأزواجُـنا خلفَ ذرارينا، وشـيعتُنا عن أيماننا وشمائلنا) . أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (1 / 319 ـ 320) ، وعنه الهيثمي في مجمع الزوائد (9 / 131) ، والسمهودي في جواهر العقدين: ص294 ، والمتَّقي الهندي في كنز العمال (12 / 104 ـ 105) ، والصالحي الشامي في سُبُل الهدى والرشاد (11/7) .
12 ـ قول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : (أتاني جبريل عليه السلام فقال: تختَّموا بالعقيق فإنَّه أوّل حجر شَهِدَ لِلّه بالوحدانية، ولي بالنبوة، ولعليٍّ بالوصية، ولولده بالإمامة، ولشيعته بالجنة) . رواه ابن المغازلي الشافعي في المناقب برقم (326) ، ورواه الموفَّق بن أحمد الخوارزمي في المناقب، ص326 باختلاف يسير.
13 ـ قول رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : ( [مَثَلِي مَثَل] شجرة ، أنا أصلها، وعليٌّ فرعها، والحسن والحسين ثمرها، والشيعة ورقها، فهل يخرج من الطيِّب إلاَّ الطيِّب ، وأنا مدينة وعليٌّ بابها فمن أرادها فليأت الباب) . رواه الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق (42/383) .
14 ـ عن الإمام علي ـ عليه السلام ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ أوصى أهل بيته بتقوى الله ولزوم طاعته، وأوصى أُمَّتَه بلزوم أهل بيته. وأنَّ أهل بيته يأخذون بحُجْزَة نبيِّهم، وأنَّ شيعتهم آخذون بحُجزهم يوم القيامة، وأنَّهم لن يُدخلوكم في باب ضلالة، ولن يُخرجوكم من باب هُدًى. أخرجه الحافظ جمال الدين الزرندي في نظم دُرَر السمطين، ص240 ، وعنه الشريف السمهودي في جواهر العقدين: ص241 ، والقندوزي في ينابيع المودة: 273 .
15 ـ قول رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : (إنَّ الله خلق الأنبياء من شجر شتَّى، وخلقني وعليًّا من شجرة واحدة، فأنا أصلها، وعليٌّ فرعها، والحسن والحسين ثمارها، وأشـياعنا أوراقها، فمن تعلَّق بغصن من أغصانها نجا، ومن زاغ هوى . ولو أنَّ عابدًا عَبَدَ اللهَ ألف عام، ثمَّ ألف عام، ثمَّ ألف عام، ثمَّ لم يُدركْ مَحبَّتنا أهلَ البيت، أكبَّه الله على منخريه في النار. ثمَّ تَلا : (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) . أخرج الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (1 / 642 ـ 643) برقم 592 . ورواه ثانية في (2 / 243) برقم 844 .
16 ـ قول النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : (إنَّ الله جعل عليًّا وزوجته وأبناءه حُجَجَ الله على خلقه، وهم أبواب العلم في أُمَّتي، مَن اهتدى بهم هُدِيَ إلى صراط مستقيم) . رواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (1 / 91) برقم (90) .
17 ـ قول الإمام عليٍّ عليه السلام: إنِّي لنائم يوماً إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فنظر إليَّ وحرّكني برجله وقال: (قم يفدي بك أبي وأمِّي، فإنَّ جبرائيل أتاني فقال لي: بشِّرْ هذا بأنَّ الله تعالى جعل الأئمَّة من صُلبه، وأنَّ الله تعالى ليغفر له ولذريته ولشيعته ولمُحبِّيه، وأنَّ من طعن عليه وبخس حقَّه فهو في النار) . أورده الشيخ القندوزي في ينابيع المودة (ص244) عن كتاب (مودَّة القُربى) للهمداني .
18 ـ قول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : (توضع يوم القيامة منابر حول العرش لشيعتي وشيعة أهل بيتي المخلصين في ولايتنا، ويقول الله تعالى: هلمُّوا يا عبادي لأنشر عليكم كرامتي فقد أوذيتم في الدنيا) . أورده الشيخ القندوزي في ينابيع المودة (ص245) عن كتاب (مودَّة القُربى) للهمداني.
19 ـ قول رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : (مَن أحبَّ أن يركب سفينة النجاة، ويستمسك بالعروة الوثقى، ويعتصم بحبل الله المتين، فليُوالِ عليًّا، وليأتمَّ بالهُداة من ولده) . رواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (1/201) برقم (179) .
20 ـ حديثُ الدّار يوم الإنذار:
رُويَ عن الإمام عليِّ بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: لمَّا نزلت هذه الآية: (وأنذر عشيرتك الأقربين) .... ثمَّ تكلَّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ....فأيُّكم يُؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصِيِّي وخليفتي فيكم؟ فقلتُ: أنا يا نبيَّ الله أكون وزيرك عليه. فأخذ برقبتي ثمَّ قال: (هذا أخي ووصيِّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعُوا) . رواه بهذا اللفظ الطبري في تاريخ الأمم والملوك: (2/62 ـ 63) ، وقال ابن كثير في تفسيره (3/364) إنَّ له شاهدًا عند ابن أبي حاتم في تفسيره ، وحكى السيوطي في جمع الجوامع ـ كما في كنز العمال (6/396) ـ تصحيحَ ابن جرير الطبري للحديث بهذا اللفظ.
21 ـ حديث الغدير:
في مسند أحمد بن حنبل ما نصه: (جمع عليٌّ رضي الله تعالى عنه الناسَ في الرحبة، ثمَّ قال لهم: أنشد الله كلَّ امرِئٍ مُسلِمٍ سمع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم ما سمع لمَّا قام. فقام ثلاثون من النَّاس، وقال أبو نعيم: فقام ناسٌ كثير، فشهدوا حين أخذه بيده فقال للناس: أتعلمون أنِّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهمَّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه. قال: فخرجت وكأنَّ في نفسي شيئًا، فلقيت زيد ابن أرقم، فقلت له: إنِّي سمعت عليًّا رضي الله تعالى عنه يقول: كذا وكذا. قال: فما تُنْكِر؟!! قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك له) . أورده محمد فؤاد عبد الباقي في (مناقب علي والحسنين) : ص29 ، وقال: (أخرجه الإمام أحمد في مُسنده ص370 ج4 ط . الحلبي) . وله الكثير من المصادر في كتب أهل السنة، وهو حديث متواتر. قال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء (5/415) : (الحديث ثابتٌ بلا ريب) ، وصرّح بتواتره في سيَر أعلام النبلاء (8/335) . وأورده السيوطي في كتاب الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة: ص76 ، برقم (102) ، وأورده الكتّاني في كتاب نظم المتناثر من الحديث المتواتر: ص206 ، برقم (232) ، وقد توسَّع الألبـاني في تخريج الحديث، وتناول العديد من أسـانيده بالدراسـة والتحقيق، وحكم على العديد منها بالصحَّة.. انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة : (4/330) برقم (1750) .
22 ـ حديث المنزلة:
روى مسلمٌ (ت 261 هـ) في صحيحه (7/119 ـ 120) دار الفكر ـ بيروت ، قال : "حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وأبو جعفر محمد بن الصباح وعبيد الله القواريري وسريج بن يونس كلهم ، عن يوسف بن الماجشون ـ واللفظ لابن الصباح ـ حدثنا يوسف أبو سلمة الماجشون ، حدثنا محمد بن المنكدر ، عن سعيد ابن المسيب ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: أنت مِنِّي بمنزلة هارون من موسى إلاَّ أنَّهُ لا نَبِيَّ بعدي . قال سعيدٌ: فأحببت أن أُشافِهَ بها سعدًا، فَلَقِيتُ سعدًا فحدَّثْتُه بِمَا حدَّثني عامرٌ . فقال: أنا سمعته . فقلت: آنت سمعتَهُ؟ فَوَضَعَ إصبعَيْهِ على أذنيه فقال: نعم وإلاَّ فاستكَّتا".
وفي لفظ السنن الكبرى للنسائي (5/121 دار الكتب العلمية ـ بيروت) وخصائصه: أنَّ سعيدَ بنَ المسيب قال لسعدٍ: "ما حديثٌ حدَّثني به عنك عامرٌ؟! ، فأدخل سعدٌ إصبعيه في أُذُنيه وقال: سمعتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلاَّ فاستكَّتا".
وهذا اللفظ يؤكد أن سؤال سعيد بن المسيب كان على سبيل الاستنكار والتعجب؛ حتى أدى ذلك لأن يؤكد له سعدٌ سماعه بالجملة المذكورة.
أما بالنسبة لمصادره فهذا الحديث الشـريف قد اتَّفق على روايته البخاري ومسلم في صحيحيهما، وله كثير من المصادر، وكثير من الأسانيد، وقد أورده مصطفى العَدْوي في "الصحيح المسند من فضائل الصحابة" عن البخاري في "صحيحه" برقم (4416) ، ثم قال: وأخرجه مسلم (2404) والنسائي في فضائل الصحابة (38) وأحمد (1/182) وفي الفضائل (960) والنسائي في الخصائص (53) وأبو يعلى (1/285 ـ 286) والطيالسي في مسـنده (209) وابن أبي شـيبة في المصنَّف (12123) . انتهى
وهو من الأحاديث المتواترة.
23 ـ حديث وجوب طاعة الإمام عليٍّ:
هو قول النبي صلى الله عليه وآله: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع عليًّا فقد أطاعني، ومن عصى عليًّا فقد عصاني) ، أخرجه الحاكم في المُستَدرَك على الصحيحين (3/121) .
24 ـ عليٌّ مع القرآن والقرآن مع عليٍّ:
هو قول النبي صلى الله عليه وآله: (عليٌّ مع القرآن ، والقرآن مع عليٍّ ، لن يفترقَا حتى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوضَ) ، أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (3/124) .
25 ـ من فارقك يا عليُّ فقد فارقني:
وهو قول النبي صلى الله عليه وآله: (يا عليُّ ! مَن فَارقني فقد فارقَ الله ، ومَن فَارَقَكَ يا عليُّ فقد فارقني) ، أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (3/123) ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/135) ، وقال: (رواه البزار ورجاله ثقات) ، وأقرَّه المنَّاوي في فيض القدير (4/470) . أقول: وهو في مسند البزار (9/455) . ورواه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة (2/704 ـ 705) برقم (962) . ورواه الموفَّق بن أحمد الخوازمي في المناقب برقم (109) .
26 ـ عليٌّ وليُّ كلِّ مؤمن بعدي:
هو قول النبي صلى الله عليه وآله: (إنَّ عليًّا منِّي ، وأنا منه ، وهو وليُّ كلِّ مُؤمِنٍ بعدي) ، أخرجه الترمذي في سننه (5/296) ، والنسائي في الخصائص: ص97، والحاكمُ في المستدرك (3/132) .
27 ـ حديث مدينة العلم:
هو قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب) ، أخرجه الحاكم في المستدرك (3/137) ، وممن روى هذا الحديث أيضاً: الطبراني في المعجم الكبير (11/55) ، والخطيب في تاريخ بغداد (5/110) و (7/182) ، وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق (42/378 ـ 379) ، والموفق بن أحمد في المناقب (ص82) برقم (69) ، وابن المغازلي في المناقب (ص136 فما بعدها) .
28 ـ السؤال عن ولاية عليٍّ:
قال الفقيه الشافعي ابن حجر الهيتمي في كتابه الصواعق المحرقة (2/436) : (أخرج الديلمي عن أبي سعيد الخُدري أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: وقفوهم إنَّهم مسؤولون) عن ولاية عليٍّ) .
29 ـ حديث الوصية:
عن سلمان، قال: قلت يا رسول الله لكل نبيٍّ وصيٌّ فَمَن وصيُّك؟ فسكت عنِّي ، فلمَّا كان بعدُ رآني فقال: يا سلمان! فأسرعت إليه قلت: لبَّيكَ، قال: تعلم مَنْ وصيُّ موسى؟ قلت: نعم؛ يوشع بن نون، قال: لِمَ؟ قلت: لأنَّه كان أعلمَهُم، قال: (فإنَّ وَصيِّي وموضع سرِّي وخير مَن أتركُ بعدي يُنْجز عدَتِي ويقضي ديني : عليُّ بنُ أبي طالب) ، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (6/221) ، وعنه المتقي الهندي في كنز العمال (11/610) ، ورواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (1/116) برقم (116) .
30 ـ حديث آخر في الوصية:
هو قول النبي صلى الله عليه وآله لعليٍّ عليه السلام: (لك في هذا المسجد ما لي، وعليك فيه ما عَلَيَّ، وأنت وارثي، ووصيِّي، تقضي ديني وتنجز عداتي، وتُقتل على سنَّـتي، كذب مَن زعم أنه يبغضك ويحبني) ، أخرجه ابن المغازلي الشافعي في المناقب، برقم (309) .
31 ـ حديث ثالث في الوصية:
هو قول النبي صلى الله عليه وآله: (لكل نبي وصي ووارث، وإن علياً وصيي ووارثي) ، رواه الموفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب، برقم (74) ، وهو في كتاب (الفردوس) للحافظ الديلمي (3/336) برقم (5009) .
32 ـ حديث رابع في الوصية:
هو قول النبي صلى الله عليه وآله: (إذا كان يوم القيامة نُصب لي منبر ، فيُقال لي : ارقَ ، فأكون أعلاه ، ثم ينادي مناد : أين علي؟ فيكون دوني بمرقاة ، فيعلم جميع الخلائق أنَّ محمَّداً سيِّد المرسلين ، وأنَّ علياً سيِّد الوصيِّين) ، رواه الحافظ الحمويني في فرائد السمطين (1/134) برقم (97) .
33 ـ حديث خامس في الوصية:
هو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إنَّ الله عزَّ وجل أنزل قطعةً من نور فأسكنها في صلب آدم، فساقها حتَّى قسمها جزأين: جزءًا في صلب عبد الله، وجزءًا في صلب أبي طالب، فأخرجني نبيًّا وأخرجَ عليًّا وصيًّا) ، أخرجه ابن المغازلي الشافعي في المناقب، برقم (132) .
34 ـ من ناصب علياً الخلافة فهو كافر:
هو قول النبي صلى الله عليه وآله: (مَن ناصبَ عليًّا الخلافة بعدي فهو كافرٌ، وقد حارب الله ورسولَه، ومن شكَّ في عليٍّ فهو كافر) ، أخرجه ابن المغازلي الشافعي في المناقب، برقم (68) .
35 ـ حديث عليٌّ راية الهدى وإمام الأولياء:
هو قول النبي صلى الله عليه وآله: (إن الله تعالى عهد إلي عهداً في علي، فقلت: يارب بينه لي، فقال: اسمع، فقلت: سمعت، فقال: إن علياً راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه أحبني، ومن أبغضه أبغضني) ، أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (1 / 34) ، وابن المغازلي الشافعي في المناقب برقم (69) .
36 ـ علي سيد المسلمين وإمام المتقين:
هو قول النبي صلى الله عليه وآله: (يا عليُّ إنَّك سيِّدُ المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغُرِّ المحجَّلين، ويعسوبُ المؤمنين) ، أخرجه ابن المغازلي الشافعي في المناقب، برقم (93) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/148) بلفظ: (أوحي إليَّ في عليٍّ ثلاث: أنَّه سيِّد المسلمين، وإمام المُتَّقين، وقائد الغُرِّ المحجلين) ، وأورده باللَّفظ نفسه الطبري في ذخائر العقبى: ص70 ، وقال: (أخرجه المحاملي، وأخرجه الإمام علي بن موسى الرضا...) ، وأورده بلفظ المغازلي في الفردوس: (5/315) .
37 ـ حديث علي أمير البررة:
هو قول النبي صلى الله عليه وآله: (هذا أمير البررة ، قاتل الفجرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله) ، أخرجه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين (3/140) ، وعنه السيوطي في الجامع الصغير (2/177) برقم (5591) ، وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (3/181) و (4/441) ، وابن المغازلي في المناقب برقم (120) .
38 ـ حديث في علي الخلافة:
هو قول النبي صلى الله عليه وآله: (كنتُ أنا وعليٌّ نورًا بين يدي الله عز وجل، يُسبِّحُ اللهَ ذلك النورُ ويُقدسُه قبل أن يخلقَ اللهُ آدم بألف عام، ولمَّا خلق الله آدم ركَّبَ ذلك النور في صُلْبه، فلم يزل في شيء واحدٍ حتَّى افترقنا في صلب عبد المطَّلب، ففيَّ النبوَّةُ وفي عليٍّ الخلافة) ، أخرجه ابن المغازلي الشافعي في المناقب، برقم (130) ، وأورده الديلمي في الفردوس (2/191) .
39 ـ علي مثل الكعبة:
هو قول النبي صلى الله عليه وآله: (مَثَلُ عليٍّ فيكم ـ أو قال في هذه الأمَّة ـ كمثل الكعبة المستورة ـ أو المشهورة ـ النظرُ إليها عبادة والحجُّ إليها فريضة) ، أخرجه ابن المغازلي الشـافعي في المناقب، برقم (149) ، والحافظ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق (42/356) .
40 ـ حديث آخر فيه أنَّ الإمام عليًّا بمنزلة الكعبة:
هو قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (يا عليُّ! إنما أنت بمنزلة الكعبة، تُؤْتَى ولا تَأتي، فإن أتاك هؤلاء القوم فمكَّنوا لك هذا الأمر، فاقبله منهم، فإن لم يأتوك فلا تأتهم). أورده الحافظ الديلمي في الفردوس برقم (8300) ، وأخرجه ابن الأثير في أسد الغابة (4/31) وفيه: (...فسلَّموها إليك يعني الخلافة...) الحديث.
إلى غير ذلك من الأحاديث النبوية.
ومن الآثار التي رُويت عن الصحابة، والتي لا ريب أنهم أخذوها من المنهل النبوي المبارك:
قول الإمام عليٍّ ـ عليه السلام ـ في قوله تعالى (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ) قال: (عن ولايتنا) . أخرجه الحافظ الحمويني في فرائد السمطين (2 / 300) برقم (556) ، وعنه القندوزي في ينابيع المودّة: 114 . ولكن فيه: (الصراطُ ولايتُنا أهلَ البيت) .
قول أبي بريدة في قول الله تعالى (اهدنا الصراطَ المُستقيم) قال: (صراط مُحمَّد وآله) . أخرجه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (1 / 74) برقم (86) ، والثعلبي في تفسيره (1/120) .
قول الإمام عليٍّ ـ عليه السلام ـ : (نحن النجباء، وأفراطنا أفراط الأنبياء، وحِزبُنا حزب الله، وحزبُ الفئة الباغية حزب الشيطان، ومن سوَّى بيننا وبين عدونا فليس منَّا) . الحديث من زوائد القطيعي على فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (2 / 844 ـ 845) برقم 1160 . وأخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق (42/459) ، وعنه المتقي الهندي في كنز العمال (11/356) .
وعن ابن عباس، قال: (هل يستوي الذين يعلمون) يعني بـ (الذين يعلمون) : عليًّا وأهل بيته من بني هاشم، (والذين لا يعلمون) : بني أمية، و(أولو الألباب) : شيعتهم. أخرجه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (2 / 211) برقم 813 .
وعن سلمان ـ رضي الله عنه ـ قال: (أنزلوا آل محمّد ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بمنزلة الرأس من الجسـد وبمنزلة العينين من الرأس؛ فإنَّ الجسد لا يهتدي إلاّ بالرأس وإنَّ الرأس لا يهتدي إلا بالعينين) . رواه الطبراني في المعجم الكبير (3 / 47) ، وعنه الهيثمي في مجمع الزوائد (9 / 172) .
وعن عبد الله بن عمر [في قوله تعالى] : (اتَّقُوا اللهَ) قال: أَمَرَ اللهُ أصحابَ مُحمَّد بأجمعهم أن يخافوا الله، ثمَّ قال لهم: (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) يعني: مُحمَّداً وأهلَ بيته. أخرجه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل (1 / 345) برقم (357) . وأخرجه الثعلبي في تفسيره (5 / 108 ـ 109) ، وفي طبعةٍ (4 / 165) بسنده عن ابن عباس والإمام الباقر، باختلاف يسير. وقال السيوطي في تفسيره الدر المنثور (3/290) : أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله (...اتَّقُوا اللهَ وكونُوا مع الصادقين) قال: (مع عليِّ بن أبي طالب) . وأخرج ابن عساكر عن أبي جعفر في قوله (وكونُوا مع الصادقين) قال: (مع عليِّ بن أبي طالب) .
نكتفي بهذا القدر، مع التنبيه على أننا تركنا ـ للاختصار ـ التوسع في ذكر الأسانيد والمصادر، وتقييم الأسانيد، وتعليقات علماء أهل السنة على جملة من تلك الأحاديث.. فليطلبها المُجدُّ من مظانها.