|
بــاحــث مهدوي
|
رقم العضوية : 65883
|
الإنتساب : May 2011
|
المشاركات : 1,191
|
بمعدل : 0.24 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
((القضيةُ المهدويَّةُ بين ثنائيَّة الميتافيزيقا والفيزيقا ))
بتاريخ : 24-03-2012 الساعة : 03:31 PM
((القضيةُ المهدويَّةُ بين ثنائيَّة الميتافيزيقا والفيزيقا ))
========================
قراءةٌ في المُتّفق و المُختَلَف في الفهم البشري:
========================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
إنّ ثنائية الميتافزيقا والفيزيقا في المعرفة البشرية قد تشاطرتا ماهية الفهم البشري وتصوراته عن الوجود منذ بدء التأريخ البشري.
فالميتافيزيقا قد آمنتْ بماوراء الطبيعة من خالقٍ مُديرٍ ومدبّرٍ للكون والوجود.
وأزلية وسرمدية الوجود .
بخلاف الفيزيقا في إتجاهها الطبيعي
التي تفهم الظواهر الطبيعية التى تحدث فى الكون بالإعتماد على الملاحظات التجريبية والقياسات الكميّة
بمعزل عن التدبير الغيبي للظاهرة الوجودية .
وإن تمكنت من إستنباط القوانين التى تحكم الظواهر الطبيعية وطوّرتْ نظريات يمكن لها أن تتنبأ بنتائج التجارب
وتصوغ القوانين الأساسية لهذه النظريات بلغة الرياضيات التى تمثل الجسر الذى يربط بين النظرية والتجربة.
لكن لاشكَّ عند الميتافزيقا والفيزيقا:
أنَّ كلَّ فكرة تعرض للذهن البشري
فإنَّها حتماً ستقع تحت حيز العقلنة
والتحليل للخروج منها بنتيجة إما رفضاً أوقبولا.
فمن هنا تعددتْ القراءآت المختلفة في
فهوماتها في التعاطي مع فكرة المهدوية
ومقولاتها لاسيما مقولة العدل والحق
وتطبيقاتها وجوديا
وأشهر هذه القراءآت هما :
القراءة الوحيانية :الميتافيزيقا:
والقراءة الوضعية : الفيزيقا:
فكل قراءة من هاتين القراءتين تحمل في
سطورها ونصوصها فهماً مُعيناً عن مقولة
المهدوية كفكرة نهائية تتعاطى معها بشريا .
فتجتمعان برابط معين :
وهو فطرية مَطلب العدالة والحق وإمكانية تحقيقه
وتختلفان في عنصر الغيب وتحكُماته في الوجود وشؤوناته
فالقراءة الوحيانية:الميتافيزيقا:
والتي تجعل من الله تعالى أقوى مؤثِّرا في الوجود
في هذه الحياة وتعتبر ذلك قطباً متينا في فهمها للمهدوية ومقولاتها الإصلاحية
كالعدل والحق ورفع الظلم البشري وبسط مناهج الله في أرضه
تسعى جاهدةً لتقريرحقيقة ليست هي
بمعزل عن الله كما يتصور أصحاب الإتجاه
الوضعي:الفيزيقي:
في قرائتهم للمهدوية ومقولاتها الإلهية
وهذه الحقيقة تنصُ على أنّ إتمام وبسط
العدل إطلاقيا لايتحقق من دون ممارسة
الإمام المهدي:عليه السلام: لدوره الوجودي الذي اُوكِلَ إليه ربانيا
طبقاً لقانون الله تعالى في كتابه العزيز
((إنما أنتَ مُنذر ولكل قوم هاد)):7:الرعد.
وهنا يتضح الأمرُ أكثر في منهج القراءة
الوحيانية معرفيا :
وهو أنّ الهادي الحقيقي
هو الله تعالى في الوجود
والإمام المهدي:عليه السلام: هو مَظهَرٌ لهادوية الله تعالى
كما عززتْ الروايات الصحيحة هذا الفهم وخاصة
حينما نزلت ذات الأية الشريفة
((إنما أنتَ مُنذر ولكل قوم هاد)):7:الرعد.
فعن أبي بصير أنه سأل الإمام الباقر:عليه السلام:
عن معنى قوله تعالى
((إنما أنتَ منذرُ ولكل قوم هاد))
فقال :ع: قال رسول الله:صلى الله عليه وآله وسلّم:
((أنا المنذر وعلي الهادي))
هذا في وقت نزول الأية الشريفة بإعتبار
أنّ علياً:ع:
هو مصداق الهادي المقصود في
متن الأية الشريفة:
: الحاكم الحسكاني : شواهد التنزيل :ج 1 : ص 294 .
وفي رواية أخرى أيضا عن الإمام الباقر:ع:
في بيان معنى الأية أعلاه
قال:ع:
( رسول الله :ص: المنذر
وفي كل زمان منّا هاديا يهديهم إلى ما جاء به نبي الله
ثُمّ الهداة من بعد علي:ع:
ثمّ الأوصياء واحد بعد واحد )
:بصائر الدرجات:محمد بن الحسن الصفار:ص49 .
:و كفاية الأثر : الخراز القمي : ص88.
تفسيراً عن رسول الله :ص:
في تطبيق مفهوم الأية الشريفة على شخص
الرسول:ص: والأئمة المعصومين:عليهم السلام:
وأعني أخرهم الإمام المهدي:ع: يقيناً.
وقد قال الرسول الأكرم محمد :ص :حكايةً عن التطبيق:
((ومنّا مهدي هذه الأمة))
:كفاية الأثر: الخزاز القمي:ص 21.
في تطبيق مفهوم الهادي على الإمام المهدي:ع:
هذا من جهة القران الكريم والروايات
الصحيحة
وأما من جهة الرؤية العقلانية الإلهية
فتؤكد القراءة الوحيانية:الميتافيزيقا:
على أنّ الله تعالى له
غايات وأهداف يبغيها لمخلوقاته وخاصة البشر
فبمقتضى حكمة الله تعالى وعنايته الربانية
أنْ يُوصل هذه البشرية إلى غاية وجودية حقيقية في خلقها :
وهي التكامل والنضوج العبادي
والحياتي من تطبيق منهج الله
وبسط نظامه على الارض إستناداً للقانون
الإلهي الحَكمي الذي نصّ عليه قوله تعالى :
((ألَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى )): طه ـ 50 .
فالله تعالى قد بين :
أنَّ كل شيء مَهدي إلى غايته وما يبتغيه بوجوده
والهداية تعم التكوينية والتشريعية
فالسنّة الإلهية جارية على بسط الهداية ، ومنها هداية الإنسان هداية دينية
ودنيوية في تمكينه من الوصول إلى تحقيق العدل ودفع الفساد والظلم .
وهذا هو ما يدركه العقل البشري القويم الذي يؤمن بوحيانيّة القضية المهدوية وتطبيقاتها .
بمعنى أنّ العقل يدرك تماما وبنحو الإستقلال
أنّ الإعتقاد و التشريع من دون قوة مُجرية لهما في الوجود يُعتبر لغوا.
فمهمة تطبيق العدل الإلهي الإطلاقي
هي مهمة يُمارسها المعصوم الهادي والمهدي :ع:
وهوالإمام المهدي:ع: ومنحصرةٌ به قطعا
ولايحق لأحدٍ تنحية فهمنا الديني والعقلي
لما نذهب إليه في مهدوية الإمام المهدي :ع: ومقولاتها القيمية.
كما يذهب أصحاب القراءة الوضعية :الفيزيقية:
بأنّ مهمة تطبيق العدل الفطري وهو الجامع
بيننا وبينهم يكون بيد البشر وبمعزل عن
الله تعالى.
هذا ما يذهبون إليه وفقا لمرتكزاتهم
الفكرية و السياسية والإقتصادية والإجتماعية
فقد صرّحَ مفكرهم الأمريكي فرانسيس
فوكوياما بذلك في كتابه الشهير:
(نهاية التاريخ والإنسان الأخير)
حيُث قال
( وقد يبدوا أنَّ زمن المزيد من التوسع الحضاري الإسلامي قد ولّى.
فإنْ كان بوسع الإسلام أن يكسب من جديد ولاء المرتدين عنه
فهو لن يُصادف هوى في قلوب شباب برلين أو طوكيو أو موسكو
ورغم أنّ المسلمين يبلغون خمس تعداد سكان العالم
فليس بوسعهم تحدي الديمقراطية الليبرالية الجديدة في أرضها على المستوى الفكري
:في إشارة منه إلى المهدوية التطبيقية المستقبلية: )
:نهاية التأريخ وخاتم البشر: فرانسيس فوكوياما:ص56.
ويقصد أنّ البشرية قد جرّبت جميع النظم الفكرية و السياسية والإقصادية والإجتماعية المُختلفة
وقد وصلت آلان إلى نظام معين من النظم
الفكرية و السياسية والإقتصادية والإجتماعية بحيث ينبغي عليها
أن تعيش في إطار هذا النظام بالذات:
أي: النظام الديمقراطي الليبرالي :
و يقصد أيضا أنّ المتغيرات والتحولات التي ستقع في المستقبل
(في إشارة منه إلى فكر المهدوية وتطبيقاته الفعلية )
لاتُمثل خروجاً عن إطار هذا النظام الفيزيقي التغيير.
فإذاكان هناك تحول وتغيير
فإنّه يمثل حركة بإتجاه تقوية وكمال هذا النظام بالذات :النظام الديمقراطي الليبرالي:
وللقراءة الميتافيزيقية :الماورائية الوحيانية
ملاحظاتٌ على هذا المبنى الوضعي :
وهو أننا نؤمن بالتحول القادم والتغيير الإطلاقي في مسيرة البشرية
ولكن لابمعزل عن الله تعالى كما
يُحاول الوضعيون :الفيزيقيون تصوير ذلك
وأنّ التغيير القادم سيمارسه الإمام المعصوم الهادي :المهدي:ع: وفق منهج الله تعالى
لاوفق مايُؤسّسه الليبراليون والديمقراطيون اليوم .
وإنّ جوهر الخلل في قراءة الإتجاه الوضعي
للمهدوية كفكرة يكمن في بنائهم على أنّها
إنْ آمنوا بها حقّاً
فستُكمل ما بدأوه للبشرية من منهاجهم
السياسي والفكري والإقتصادي
والإجتماعي
في حين أنّ المهدوية بدأت بنقطة العدل و الحق ومشت عليه شرعة و منهاجا وستنتهي بنتيجة العدل والحق تطبيقاً وختاما
ولاحاجة لمهدويتنا في حذوها حذوا بشريا
تأسس في أغلبياته على نقاط ظالمة
وخاطئة كما يُشاهد اليوم عالميا
هذا من جهة
ومن جهة اخرى ليس لله تعالى
ولا للمعصوم أن يسمح للأخرين في
تفويت أغراضه تعالى وأهدافه:
وذلك بإتباع مناهج بشرية في رسم مسار الحياة وجوديا
فالتغيير القادم مَهدويا إلهيّا بإمتياز
لابشريا وضعيا.
ولذا كان تلقيب الإمام المهدي :ع:بالمهدي:
فيه شيء من الرمزية لهذه الحقيقة الدينية
فالمهدي:ع: مَهديٌّ به
وبه سيتحقق الإهتداء البشري في نهايات التاريخ عندنا لاعندهم .
حاله حال رسول الله:ص: حينما قال عنه
تعالى
{وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى } الضحى:7.
أي : فوجدكَ مَضلولاً عنك :
بمعنى لا أحد يهتدي إليك فهدى الناس إليك
وكذلك سيصنع الله تعالى مع الإمام
المهدي الهادي:ع: في البشرية
إذ قال تعالى:
{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ }الأنبياء18.
((فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ)) :الرعد:17 .
بمعنى:
أنَّ الباطل كغثاء الماء يتلاشى أو يُرْمى إذ لا فائدة منه.
والحقُ كالماء الصافي والمعادن النقية تبقى في الأرض للإنتفاع بها
كما بيَّن لكم هذه الأمثال
كذلك يضربها للناس ليتضح الحق من الباطل والهدى من الضلال.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
: مرتضى علي الحلي:النجف الأشرف .
|
|
|
|
|