|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 69264
|
الإنتساب : Nov 2011
|
المشاركات : 8,606
|
بمعدل : 1.81 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العام
ألم وأمل
بتاريخ : 06-03-2012 الساعة : 09:41 PM
اللهم صلِ على محمد وال محمد
ألم وأمل
لم تكُ ببعيدة عن مثيلاتها في خط سير وقوف الحق في وجه الباطل، الحق الذي يعطي للإنسانية اتزانها ومساحتها الطبيعية في التعبير والتعمير والتفكير، فكانت كل صور الرسالات بتنوعات أشكالها وبوحدة قلبها تتحرك في فلك أن تكون الإنسانية بعناوينها العامة حاضرة حيّة تتمثل في الفرد سلوكاً وفكراً وتفاعلاً انطلاقاً من الذات وانسحاباً وانتشاراً للآخر الإنسان وما دونه. والسير في ذلك الدرب الإنساني السماوي المتجسّد في الأنبياء والأولياء والصالحين والعاملين لم يكُ محفوفاً بالورود أبداً، وأنّى له ذلك؟ بل كله ألم يعصر هذا النبي وذاك الولي ليخرج من بينه أمل، ألم من الأرض التي أثّاقل إليها الإنسان ليقاوم التغيير” بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون” الزخرف٢٢، وأمل من السماء التي ترسم صراطاً مستقيماً للإنسان (وإنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه) الأنعام ١٣٥ ذلك الدرب الإنساني صعب مجهد؛ لتربّع الأهواء والمصالح الشخصية على جانبي الطريق ترمي الأشواك وتعرقل المسيرة لتصنع في قبال مسيرة الإصلاح مأساة هنا أو مجزرة للإنسان في فطرته هناك ظنّاً منها -أي الأهواء والمصالح الدونية- أنها ستعرقل السير وتُبطأ الحركة وتبث اليأس في سالكي ذلك السبيل. لتكون بالنتيجة قلة ممن يسلكون سبيل الحق “لا تستوحشوا الحق لقلة سالكيه” كما قال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ومن منّا يسلك درباً صعباً شائكاً موحشاً موغلاً في الألم وفي غياب الأُنس البشري؟ ومن منّا يريد أن يشمّر عن ساعديه في غابة مظلمة ممطرة موحلة؟لا ليناطح طواحين الهواء كدون كيشوت، بل ليناطح فراعنة وقياصرة بجيوش جرارة. لذا يتفتّق النصر بعد حين “ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب” الطلاق ٢، فالتسلّح بالتقوى ضرورة للظفر بالمخرج لأنه يكسب أداة تغيير وثورة في اليد ومدد من السماء في اليد الأخرى، وهو الذي كان بينّاً على الدوام لأولئك العظماء الذي يرون بعين الله، وقد غفلت تلك الأهواء أن الحق قويٌ حتى في صور الضعف الظاهرية والتي يحسبها البعض أنها مؤشر تقهقر أو ضعف في شكيمة الحق، والناظر المنصف يكتشف أن صور المأساة التي تجري على يد الباطل هي في الأساس ذروة الحق في قوته.
جعفر حمزة
|
|
|
|
|