قال رسول الله : إن أعمالكم تُعرض عليّ كل اثنين و خميس، فما كان من حسن حمدت الله تعالى عليه، و ما كان من سيء استغفرت لكم.
يروي موسى بن سيار، يقول: كنت مع الإمام الرضا و قد أشرف على حيطان طوس، فالإمام كان في طريقه وسمعت واعية فاتبعتها، يعني: صوت بكاء، فإذا نحن بجنازة رجل ميت، قد وضعوه في جنازته، وهم يأخذونه إلى قبره.
فلما بصرت بها رأيت سيدي الإمام الرضا وقد ثنى رجله عن فرسه ثم أقبل نحو الجنازة, فرفعها هو, الإمام بذاته، وبيديه المباركتين أخذ تلك الجنازة وهو يلوذ بها كما تلوذ العنزة بأمها، كأن معنى العبارة وهو يقول: كيف أن العنزة تلوذ بأمها و تدور حولها، أخذ الإمام الرضا يدور حول هذه الجنازة يرفع هذا الجانب ويرفع ذلك الجانب، كأن معنى العبارة هو هذا الذي نقرأه بزيارته:السلام على الإمام الرؤوف، منبع اللطف والرحمة والرأفة.
ثم أقبل علي وقال: يا موسى مَنْ شيَّع ولي من أولياءنا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه لا ذنب عليه)، حتى إذا وضع الرجل على شفير قبره رأيت سيدي قد أقبل فأخرج الناس عن الجنازة حتى بدا له الميت فتقدم نحوه فوضع يده على صدره، يعني: وضع الإمام يده على صدر ذلك الميت ثم قال له: (يا فلان بن فلان أبشر بالجنة فلا خوف عليك بعد هذه الساعة)، فقلت: جعلت فداك هل تعرف الرجل؟ فوالله لم تطأها قبل يومك هذا، من أين تعرف هذا الرجل، طوس أرض غريبة عليك؟
أجابه الإمام : أما علمت أنا معشر الأئمة, تعرض علينا أعمال شيعتنا صباحاً ومساءً.
يعني: كل يوم كل أعمالنا، كل كلماتنا، كل نظراتنا، كل مواقفنا تعرض على هؤلاء الصفوة.
أما علمت أنا معاشر الأئمة تعرض علينا أعمال شيعتنا صباحاً ومساءً، فما كان من التقصير في أعمالهم سألنا الله تعالى الصفح لصاحبه، وما كان من العلو سألنا الله الشكر لصاحبه.
هذا جانب من جوانب رأفة الإمام ورحمته.