|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 49895
|
الإنتساب : Apr 2010
|
المشاركات : 266
|
بمعدل : 0.05 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الطالب313
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 11-12-2011 الساعة : 09:10 PM
الزواج بالصغيرة
أمر ترفضه الإنسانية
فضلاً عن الديانات السماوية
الباحث/عدنان الجنيد
إن الله سبحانه وتعالى ميَّز الإنسان على سائر الحيوانات بالعقل الذي به يعرف الخطأ من الصواب والصح من الغلط ، فهو – أي العقل – رسول الله إلى كل إنسان ومن لم يستعمله فيما خُلق له كان أشبه بالحيوان ( أولئك كالأنعام بل هم أضل ) 179:7 ولهذا يجب على الإنسان العاقل أن يُعمل عقله ويدقق نظره في كل ما وصل إليه من التراث الديني متجرداً عن تقديس الأبنية الفكرية السابقة وتقديس كتبهم التي وصلتنا..
فالقداسة لاتكون إلا لكتاب الله الذي ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) 42:15 والعصمة لا تكون إلاَّ لسيدنا رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ الذي ( ماينطق عن الهوى إن هو إلاَّ وحي يوحى ) 53: 3-4
فأي حديث جاءنا من التراث فلابد من عرضه على كتاب الله وعلى العقل فما وافق كتاب الله وقبله العقل أخذناه أمَّا ما تعارض مع القرآن ولم يقبله العقل والذوق وتنافى مع أخلاق سيدنا رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فهو مرفوض قطعاً كحديث هشام عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها - « أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- تزوجها وهي بنت ست سنين، وبنى بها وهي بنت تسع سنين » [ رواه البخاري برقم (5134) كتاب النكاح ] فمن عنده مسكة من عقل فسوف يرفض هذا الخبر الوارد لأن الزواج بالطفلة الصغيرة أمر ترفضه التعاليم السماوية، ولا تستسيغه العقول الإنسانية .
فإذا كان الله سبحانه وتعالى قد اشترط على أولياء اليتامى القائمين عليهم أن لا يعطوهم أموالهم إلاَّ إذا بلغوا سن النكاح ولم يكتف عند هذا الحد بل حتى يجدوا فيهم حسن التصرف وهو الرشد قال تعالى: ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم )6:4
فكيف يصح زواج الطفلة الصغيرة التي ستكون القائمة على مال زوجها وعلى كافة أعباء منزله ؟!
وانظر في الآية ( حتى إذا بلغوا النكاح ) وبلوغ النكاح هو الوصول إلى السن التي من خلالها يكون المرء مستعداً بكامل قواه للزواج _وهو الحلم_ وفي هذا السن تطالبه الفطرة الإنسانية الكامنة فيه بأهم سننها وهي سنة الإنتاج والنسل وهو بهذا يبدأ تفكيره وتتوق نفسه إلى أن يكون زوجاً وأباً وصاحب مسؤولية كبيرة....
وإذا كان كذلك ، فما عسى الطفلة الصغيرة أن تفكر في هذه الأمور التي فوق مستوى تفكيرها !! فليس لها تفكير إلاَّ في كيفية قضاء وقتها باللعب فقط .
ومن المخجل مارواه البخاري برقم ( 3894) بسنده عن هشام عن أبيه عن عائشة _ رضي الله عنها _ قالت :« تزوجني النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- وأنا بنت ست سنين ،فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث ... فأتتني أمي أم رومان وإني لفي أرجوحة ومعي صواحب لي فصرختْ بي فأتيتها لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار . وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي ثم أخذت شيئاً من ماء فمسحت به وجهي ورأسي ، ثم أدخلتني الدار – إلى – فلم يرعني إلاّ رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ضحىً ، فأسلمتني إليه ، وأنا يومئذٍ بنت تسع سنين »اه
قال ابن حجر في فتحه [7/284] وقولها :« في أُرجوحة » بضم أوله معروفة وهي التي تلعب بها الصبيان ، وقولها : « أنهج » أتنفس تنفساً عالياً
فهذا يعني أن السيدة عائشة _ رضي الله عنها _ كانت تلعب مع صويحباتها فجاءت أمها إليها فأخذتها ومسحت وجهها ورأسها من أثر الغبار الذي لصق بها أثناء لعبها مع صويحباتها ثم ذهبت بها إلى رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ . قالت عائشة : فلم يرعني – أي لم يفزعني شيء إلا رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أي بدخوله عليَّ
قال ابن حجر [7/284] : وكنَّت بذلك عن المفاجأة بالدخول على غير عالم بذلك فإنه يفزع غالباً »اه
وهذا يعني أن السيدة عائشة _ رضي الله عنها _ لم يكن لها علم بأنها ستكون زوجة رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ لأنهم لم يستأذنوها في ذلك وهذا ينافي قول رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ لا تنكح البكر حتى تستأذن كما سيأتي لاحقاً.
وعند مسلم من حديث الزهري عن عروة عن عائشة في هذا الحديث « وزفت إليه وهي بنت تسع ولعبتها معها ...»
أيعقل أن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ يتزوج بطفلة ما زالت لعبتها معها لم تفارقها ؟!
وشرف الإنصاف وعظمة الحق بأن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ منزه عن مثل هذه الروايات التي تخدش في أخلاقه وسعة رحمته .
ومن هذه الروايات أستطاع أعداء الإسلام أن يشنوا حملتهم المسعورة ضد نبي الإسلام _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وما فعلته الصحف الدنماركية ليس ببعيد فقد صوروه وبجانبه طفلة صغيرة كي يثبتوا للناس بأن نبي الإسلام كان جنسياً لدرجة أنه تزوج بطفلة . تلك الصور التي نشروها وتفننوا في تصويرها استلهموها من هذه الروايات التي هي مثبوتة في تراثنا الديني .
ثم ألم يقل الله تعالى : ( فأنكحو ما طاب لكم من النساء ...) 3:4 فهل الصغيرة التي لم تتجاوز السادسة من عمرها تعد من النساء أم من الأطفال ؟! ويقول تعالى – أيضاً - وأخذنا منكم ميثاقاً غليظاً ) 21:4
فهل تعرف الطفلة الميثاق الغليظ الذي ستأخذه من زوجها ؟! وهل لها علم بالحقوق الزوجية التي ستتحملها تجاه زوجها ؟! وانظر إلى أم هاني ماذا قالت لما خطبها رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قالت: يارسول الله لأنت أحب إلي من سمعي وبصري وحق الزوج عظيم وأنا أخشى أن أضيع حق الزوج.... كما في الإصابة[4/503] فهل الطفلة تعرف من هذا شيئاً ؟! كلا والله !!
إن الطفلة التي في سن السادسة من عمرها أو التاسعة لا تصلح للزواج البتة إذ ليس لديها الإدراك النفسي والصحي والاجتماعي بالمسؤولية التي ستلقى على عاتقها ناهيك عن عدم اكتمال نضجّها الجسدي الذي يساعد في العملية الجنسية السليمة وعظامها التي لا يكتمل نموها إلا في سن الثامنة عشرة..
أضف إلى ذلك مبايضها _ وهي في سن الطفولة _ التي لمّا تكتمل بعد وبالتالي هرموناتها الأنثوية غير كاملة ومركز التحكم الجنسي في الدماغ لا يستطيع التحكم بالعملية طالما أن الهرمونات لم تفرز بالجسم فهي التي تعطي المرأة اللذة والمتعة في العملية الجنسية ... فنكاح الطفلة بهذا السن يكون شبيهاً بالاغتصاب لأن مهبلها ضيق والأغشية الداخلية رقيقة فيحصل عند الإيلاج تمزق لهذه الأنسجة مع نزيف فتحس الطفلة بالألام والعذاب ناهيك عن الأضرار النفسية التي تلحقها ...
وكم قد سمعنا من حوادث سبَّبت أضراراً عضوية ونفسية من هذا الزواج وقد بلغني أن رجلاً كامل البنية يصل عمره إلى الأربعين عاماً تزوج بطفلة صغيرة لا تتجاوز التاسعة من عمرها ولمَّا دخل عليها لم يكن ليكمل متعته منها حتى أغشي عليها وأسعفوها من شدة النزيف الذي لحقها وبعدها أُصيبت بالشلل النصفي ...
ومثل هذه الحادثة حوادث كثيرة مشابهة لها في بلادنا .. كل هذا بسبب الحديث الذي ينص بأن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ تزوج بالسيدة عائشة وهي بنت ست سنوات...!
وهؤلاء الذين لا يخافون الله يريدون أن يتزوجوا بالأطفال بحجة أنهم يقتدون برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- الذي تزوج بالسيدة عائشة وعمرها ست سنوات ودخل عليها وهي بنت تسع وما دروا أن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ منزه عن مثل هذه الروايات فهو لم يتزوج السيدة عائشة إلا في سن الثامنة عشرة من عمرها - كما سيأتي لاحقاً -.
واعلم أن سن بلوغ الطفلة يختلف من مكان إلى آخر ففي الأماكن الحارة يكون بلوغها في الحادية عشرة من عمرها أو الثانية عشرة طبعاً مع وجود الغذاء والراحة..
وفي الأماكن الباردة يكون بلوغها في سن الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة من عمرها أو السادسة عشرة في الغالب .
وحتى لو بلغت الفتاة الحلم فهي تحتاج بعد بلوغها – كي تكون زوجة – إلى ست أو سبع سنوات كي يكتمل نموها و تحدث تغيرات عضوية من حيث النمو مثل ( الثديين – شكل الحوض – حجم الرحم ) والاكتمال الحقيقي لها يتم في سن الثامن عشر من عمرها وفي هذا السن وما فوقه تبلغ الفتاة رشدها ويحسن التصرف منها ولا تتعرض لأي أذى في حملها . أمّا إذا حملت قبل هذا السن – بشكل استثنائي – فإنها تصاب بأضرار منها : الإجهاض المبكر و معاناة من هشاشة العظام ، وتسمم الحمل وتعرضها لسرطان عنق الرحم بسبب حساسية الأنسجة الداخلية وتكون عرضة لفقر الدم والنزيف الشديد وهناك أضرار أخرى تجدها في كتب الطبّ.
قد يقول المعترضون : بأن السيدة عائشة آنذاك وغيرها من النساء كنّ يبلغن في سن مبكر ولذلك كانت كاملة البنية لما تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- .
نقول : النساء في ذلك الزمن هن نفس النساء في هذا الزمن من حيث بلوغ سن الحلم.
بل إن هذا الزمن قد يبلغن في سن مبكر أكثر من ذي قبل وذلك لرغد العيش وتوفر المأكل والمشرب والراحة النفسية ... بينما في الزمن السابق كن يعانين من شظف العيش وقساوة الأيام وو..
فهذه السيدةعائشة تقول « وكان النساء إذ ذاك خفافاً لم يهبلن و لم يغشهنّ اللحم، إنما يأكلن العلقة من الطعام..»
وتقصد السيدة عائشة بهذا الكلام نفسها لأنها بينت السبب لما أخذ القوم هودجها ظناً منهم أنها فيه بينما هي ذهبت تقضي حاجتها كما هو مفصل في حادثة الإفك – إن صحت – المهم من هذا تعلم بأن السيدة عائشة - رضي الله عنها - لم تكن كما قالوا كاملة البنية بل كانت ضعيفة هزيلة ، فكيف يعقل بعد هذا أن يتزوجها سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- وسنها كما زعموا ست أو تسع سنوات ؟!
والذي نعتقد ونجزم به أن السيدة عائشة - رضي الله عنها - كان عمرها - لما تزوجها رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ لا يقل عن ثماني عشرة سنة بدليل الأدلة النقلية والشواهد التاريخية وإليك بيان ذلك :
ذكر الإمام النووي في كتابه تهذيب الأسماء واللغات [ 2/328 ] مانصه : « أسلمت أسماء قديماً بعد سبعة عشر إنساناً وكانت أسن من عائشة - رضي الله عنها- ...»
وقال – في نفس المصدر السابق – [ 2/329 ] : وفي تاريخ دمشق قال ابن أبي الزناد « كانت أسماء أكبر من عائشة بعشر سنين، وعن الحافظ أبي نعيم قال : ولدت أسماء قبل هجرة رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ بسبع وعشرين سنة...»اه
قلت الخلاصة من هذين النصين أن أسماء بنت أبي بكر ولدت قبل هجرة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- بسبع وعشرين سنة، وهي أسن من السيدة عائشة بعشر سنوات .
وهنا نسأل كم كان عمر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- لما ولدت أسماء ؟
الجواب : كان عمره - صلى الله عليه وآله وسلم - ستة وعشرين عاماً.
لأن الله تعالى بعثه لأداء الرسالة وعمره أربعون عاماً فظل بعد بعثته بمكة ثلاثة عشر عاماً فيكون سنه لمَّا هاجر ثلاثة وخمسين عاماً وبهذا السن كانت هجرته للمدينة. فأسماء ولدت قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة فلو أنقصنا سبعة وعشرين من ثلاثة وخمسين الذي هو عمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- أثناء الهجرة كان الناتج ست وعشرين سنة وهو عمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- لمَّا ولدت أسماء...
إذاً ولدت أسماء وسنه - صلى الله عليه وآله وسلم- ستة وعشرين عاماً فإذا كانت أسماء أكبر من السيدة عائشة بعشر سنوات – كما تبين سابقاً – يكون عمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- لما ولدت السيدة عائشة – التي ولدت بعد أسماء بعشر سنوات – ستة وثلاثين عاماً .
فأسماء ولدت وسنه - صلى الله عليه وآله وسلم- ست وعشرون سنة ومرت عشر سنوات فولدت السيدة عائشة وكان عمره - صلى الله عليه وآله وسلم- ستاً وثلاثين سنة فإذا عرفت هذا فتكون السيدة عائشة ولدت قبل البعثة بأربع سنوات ثم كانت البعثة النبوية واستمرت في مكة ثلاث عشرة سنة فيكون عمر السيدة عائشة سبع عشرة سنة ثم كانت الهجرة إلى المدينة المنورة وبنى رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ بالسيدة عائشة في السنة الأولى للهجرة وعمرها ثماني عشرة سنة
[ ولدت قبل البعثة ب4 سنوات + 13 سنة في مكة الدعوة النبوية + السنة الأولى للهجرة = ثمانية عشرة يكون سنها _ رضي الله عنها _ ] .
وأمَّا ماجاء في الإصابة [ 4/359 ] لابن حجر من أن السيدة عائشة ولدت بعد المبعث بأربع سنين أو خمس فليس بصحيح
أولاً : لما مَّر - آنفاً - من الشواهد التاريخية والحساب الدقيق والتحقيق الأنيق..
وثانياً : لأن السيدة عائشة في ذاك الزمن كانت جارية تلعب فقد روى البخاري [ 8/797 فتح الباري ] كتاب التفسير. برقم ( 4876 ) بسنده أن ابن جرير أخبرهم قال : أخبرني يوسف بن ماهك قال : « إني عند عائشة أمَّ المؤمنين قالت : لقد أُنزل على محمد - صلى الله عليه وآله وسلم- بمكة، وإني لجارية ألعب ( بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر ) ».اه والشاهد من هذا هو أن هذه الآية من سورة القمر، ومعلوم أن سورة القمر من أوائل السور التي نزلت في مكة وكان نزولها على أقل تقدير في بداية السنة الرابعة للبعثة _ إن لم نقل الثانية أو الثالثة للبعثة _ ودليلنا على ذلك ما قاله السيوطي في كتابه الإتقان [ 1/14 ] : « وقال ابن الضريس في فضائل القرآن : حدثنا محمد بن عبدالله بن أبي جعفر الرازي ، أنبأنا عمرو بن هارون ، حدثنا عثمان ابن عطاء الخراساني عن أبيه عن ابن عباس قال : كانت إذا أُنزلت فاتحة سورة بمكة كُتبت بمكة ، ثم يزيد الله فيها ما يشاء ، وكان أول ما أُنزل من القرآن: ( اقرأ باسم ربك ) ثم ( ن ) ، ثم ( يا أيها المزمل ) ثم ( يا أيها المدثر ) _... إلى _ ثم ( اقتربت الساعة ) ، ثم ( ص) ، ثم ( الأعراف ) ثم ( قل أوحى ) _ إلى أن قال - ثم ( الكهف ) ... » اه
فلاحظ هنا سورة القمر نزلت قبل سورة الكهف بمدة من الزمن فبينها وبين سورة الكهف من حيث النزول إحدى وثلاثون سورة إذاً سورة الكهف متأخر نزولها عن سورة القمر ... ومعلوم قطعاً أن سورة الكهف نزلت في أواخر السنة الرابعة للبعثة وبعدها كانت – باتفاق أهل السير – الهجرة الأولى للحبشة في السنة الخامسة للبعثة ولا خلاف في ذلك عند أهل السير .
فإذا عرفت هذا ، فكيف يصح قولهم بأن السيدة عائشة ولدت بعد المبعث بأربع سنوات والسيدة عائشة – نفسها – تقول لقد أنزلت على محمد - صلى الله عليه وآله وسلم- بمكة وإني لجارية ألعب ..!!( بل الساعة موعدهم ..) وسورة القمر قد علمت متى نزولها؟!
وقول السيدة عائشة هذا يدل على أن عمرها كان أثناء نزول سورة القمر لا يقل عن ثماني سنوات لأن الفتاة لا يمكن أن تعقل وتذكر أيّ حدث في طفولتها إلا في سن الثامنة أو السابعة ، أما في أقل من هذا السن أو في المهد فمحال أن تذكر شيئاً وأزيدك على ما مرّ سابقاً ما رواه البخاري برقم (2297) [ كتاب الكفالة – باب جوار أبي بكر في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- وعقده – 4/599 فتح الباري ] بسنده أن عائشة – رضي الله عنها – قالت : « لم أعقل أبويَّ قط إلاّ وهما يدينان الدِّين ، ولم يمرَّ علينا يوم إلاَّ يأتينا فيه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- طرفي النهار بكرة وعشية ، فلما أبتلي َ المسلمون خرج أبوبكر مهاجراً قِبَل الحبشة ....»اه
فالسيدة عائشة – رضي الله عنها – في هذا الحديث لم تعقل أبويها إلاّ وهما يدينان بدين الإسلام وكانت تعلم بمجيء رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- إلى أهلها كل يوم.. وبعد كلامها هذا قالت : فلما ابتلى المسلمون خرج أبوبكر مهاجراً قِبَل الحبشة .. ومعلوم – بإجماع أهل السير- أن الهجرة إلى الحبشة كانت في السنة الخامسة للبعثة – كما مرّ سابقاً – فإذا عرفت – هذا – فكيف نصدق قولهم بأن ولادتها - رضي الله عنها – كانت في السنة الرابعة للبعثة ؟! فهل عقلت أبويها وهما يدينان الدين وعلمت بمجيء رسول الله _ صلى الله عله وآله وسلم _ كل يوم إلى أهلها وهي في سن الرضاعة لا يتجاوز عمرها سنة واحدة ؟!
لا شك أن كلامها في الحديث – الآنف الذكر – كان وسنها ثماني أو تسع سنوات فولادتها – كما علمت سابقاً – في السنة الرابعة قبل البعثة وبعد البعثة بخمس سنوات كانت الهجرة الأولى للحبشة فيكون سنها تسع سنوات لمّا عقلت أبويها وهما يدينان الدين كما في الحديث.
هذا مع أن الطبري ذكر في تاريخه بأن عائشة ولدت قبل الإسلام ويجزم بيقين بأن كل أولاد أبي بكر قد ولدوا في الجاهلية ..
وأمَّا ثالثاً : فإن السيدة عائشة - رضي الله عنها – تُعد من أوائل الذين أسلموا قديماً فقد قال ابن هشام في سيرته [ 1/252 ] – بعد أن ذكر الثمانية الذين سبقوا الناس بالإسلام – قال مانصه : « ثم أسلم أبو عبيدة – إلى أن قال – وأسماء بنت أبي بكر وعائشة وهي يومئذٍ صغيرة وخباب بن الأرت » اه
فهنا جاء ترتيب خباب بن الأرت في إسلامه بعد عائشة وابن حجر يقول في الإصابة [ 1/416 ] : وكان خباب من السابقين الأولين ... أسلم قديماً ... وروى البارودي أنه – أي خباب – أسلم سادس ستة وهو أول من أظهر الإسلام » اه
فإذا كانت السيدة عائشة – كما زعموا – ولدت في السنة الرابعة للبعثة أو الخامسة فكيف ذلك وقد تبين هنا بالدليل الواضح أنها أسلمت قبل السنة الرابعة ؟!
وحتى ماذكره النووي في تهذيبه [ 2/351 ] : بأن السيدة عائشة أسلمت صغيرة بعد ثمانية عشر إنساناً ممن أسلم فهو مؤيد لما قلناه ، فالثمانية عشر الذين أسلموا مع إسلام السيدة عائشة كان في بداية البعثة أيام ماكانت الدعوة سراً والتي استمرت ثلاث سنوات من بعد مبعثه - صلى الله عليه وآله وسلم- وهذا لا خلاف فيه فكيف بعد هذا يصح قولهم بأن السيدة عائشة ولدت بعد البعثة بأربع سنوات ؟!
والعجيب أن ابن حجر في الإصابة [ 4/377 ] يذهب إلى أن فاطمة أسن من عائشة بنحو خمس سنين .
وبقوله هذا تكون عائشة ولدت وعمره - صلى الله عليه وآله وسلم- أربعون عاماً لأن فاطمة ولدت والكعبة تبتني والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم- ابن خمس وثلاثين سنة ذكر ذلك ابن حجر في نفس المصدر السابق .
وهذا إن دلَّ على شئ فإنما يدل على تناقض الروايات التي أوردوها في ولادت السيدة عائشة فهي متخلخلة متناقضة فاعجب من صنيعهم ذلك !
وأما الرواية التي أوردها أصحاب التراجم في قضية خطبة رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ من السيدة عائشة فهي عليهم لا لهم وإليك نص الرواية روى الطبراني وأحمد في المناقب والمسند والبيهقي بإسناد حسن عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن حاطب – رحمهم الله - : عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : لمَّا ماتت خديجة – رضي الله عنها – جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون إلى رسول الله _ صلى الله عله وآله وسلم _ . فقالت: يارسول الله الا تتزوج ؟ فقال : من ؟ فقالت: إن شئت بكراً ، وإن شئت ثيِّباً . فقال : ومن البكر ومن الثيب ؟ فقالت: فأما البكر فابنة أحب الخلق إليك عائشة بنت أبي بكر، وأما الثيب فسودة بنت زمعة قد آمنت بك ، واتبعتك ، قال - صلى الله عليه وآله وسلم- : فاذهبي فاذكريهما عليَّ ، فأتيتُ أم رومان ، فقلت : يا أم رومان ، ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة ؟ قالت : وماذاك ؟ قلتُ : رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ يذكر عائشة ، قالت: وددت أنتظري أبا بكر قالت: فجاء أبوبكر فذكرت ذلك له. فقال: أوتصلح إنما هي ابنة اخيه ، فرجعت إلى رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فذكرت له ذلك . فقال رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ : ارجعي إليه وقولي له : « أنت أخي في الإسلام وابنتك تصلح لي .
قالت : وقام أبوبكر ، فقالت لي أم رومان : إنَّ المطعم بن عدي قد كان ذكرها على ابنه ، والله ما أخلف أبوبكر وعداً قط ، قالت : فأتى أبوبكر المطعم بن عدي – باختصار – فقالا له – أي المطعم وزوجه - : لعلنا إن أنكحنا هذا الصبي إليك تصبئُهُ وتدخله في دينك والذي أنت عليه فقام أبوبكر ليس في نفسه شيء من الوعد...» الحديث بطوله .
فهذه الرواية – إن صحت – نستنتج منها أموراً في عدم صحة ما ذهبوا إليه :
1- إن خولة بنت حكيم ما عرضت عائشة على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- إلاَّ لأنها تعلم بأن السيدة عائشة صالحة لأن تكون زوجة مثلها مثل سودة بنت زمعة لأنه يستحيل أن تعرض على رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ طفلة لا يتجاوز عمرها ست سنوات . ولاحظ قولها : ( إن شئت بكراً ) أي شابة وليست طفلة صغيرة
2- قوله - صلى الله عليه وآله وسلم- لخولة : ( فاذهبي فاذكريهما عليَّ ) يدل على أن عائشة لم تكن طفلة في السادسة من عمرها كما قالوا وإلاَّ فهل يعقل أن يأمرها بأن تذهب إلى طفله كي تذكره عندها ؟!
فإذا قالوا بأن خولة إنما ذهبت لأم رومان ولم تذهب إلى عائشة وهذا يدل على أنها كانت صغيرة .
نقول : إن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ يقول : « لا تنكح الأيم حتى تُستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن » رواه البخاري برقم ( 5136) .
فيستحيل أن يقول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- مالا يفعل فلا بد للبكر أن يستأذنوها في زواجها وإلا كان ذلك مخالفة لتعاليم الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- فإن التي سنها ست سنوات غير مكلفة فضلاً عن أن يستأذنوها فلا فائدة في استئذانها وهي بهذا السن فافهم .. ومن يستقرئ كتب السير والتراجم فسوف يعلم بأن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ ما تزوج نساءه إلا بعد أن يستأ مرهن ويستأذنهن ويطلب موافقتهن وهذا معروف لا يجهله احد انظر الإصابة لابن حجر [ 4/316 ، 461 ، 411 ] .
3- هذه الرواية تدل على أن عائشة _ رضي الله عنها _ قبل أن يخطبها رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ كانت مخطوبة لجبير بن مطعم ولكن لا نعلم متى طلب مطعم بن عدي من أبي بكر عائشة لابنه جبير !! والذي يبدو لي أنه طلبها لابنه جبير في ثلاث السنوات الأُول للبعثة أو قبلها ولو كان طلبها لابنه في بداية الجهر بالدعوة في السنة الرابعة أو ما بعدها لما قال لأبي بكر : لعلنا إن نكحنا هذا الصبي إليك تصبئه وتدخله في دينك ..
ولو سلمنا – جدلاً – أن السيدة عائشة ولدت في السنة الرابعة للبعثة وفي السنة العاشرة – قبل أن يطلبها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- لنفسه - طلبها قبله المطعم لا بنه جبير ومعلوم أن المطعم وابنه كانا كافرين فكيف سيرضى أبوبكر أن يزوج ابنته لمشرك والمشركون في تلك السنة وما قبلها كانوا يذيقون المسلمين ويلات العذاب ؟! إذاً لا يبعُد أن مطعم طلبها لابنه قبل البعثة لما ذكرناه سابقاً فضلاً عن أن يكون قد طلبها لابنه في ثلاث السنوات الأُول للبعثة .
المهم مما مرَّ سابقاً تعلم بأن سيدنا رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ لم يتزوج السيدةعائشة إلاَّ وقد بلغ عمرها ثماني عشرة سنة وأن ماذهبوا إليه من أنه تزوجها وعمرها ست سنوات ودخل بها وهي بنت تسع سنوات ليس صحيحاً وذلك للأدلة التي أوردناها سابقاً عقلاً ونقلاً إضافة إلى أن هذه الروايات التي رواها البخاري - وهي أن رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ تزوج عائشة وهي بنت ست سنوات ...- جاءت كلها عن هشام بن عروة عن أبيه ومعروف أن هشام كان يرسل عن أبيه مما كان يسمعه من غير أبيه وكان مالك لا يرضاه ذكر ذلك ابن حجر في تهذيبه [ 11/50 ] وجاء في ميزان الذهبي [ 4/301 ] : قال أبو الحسن بن القطان فيه – أي في هشام – وفي سهيل بن أبي صالح اختلطا وتغيرَّا ، وكان مالك لا يرضاه ونقم عليه حديثه لأهل العراق وكان يرسل عن أبيه » اه
هذا ناهيك عن أن أباه كان من المنحرفين عن الإمام علي _ كرم الله وجه – فقد حاول الخروج في معركة الجمل لكنهم ردوه لصغره إذ كان عمره ثلاث عشرة سنة كما في سير أعلام النبلاء للذهبي [ 4/423 ] والطبقات الكبرى لابن سعد [ 5/179 ] ولقد اتهمه الزهري في بني هاشم جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد [ 4/62 ] : قال معمر : كان عند الزهري حديثان عن عروة عن عائشة في علي _ كرم الله وجهه _ فسألته عنهما يوماً ، فقال : ما تصنع بهما وبحديثيهما الله أعلم بهما ! إني لاتهمهما في بني هاشم .
فإذا كان عروة متهماً في وضع الأخبار المختلقة التي نسجها خصوم بني هاشم للنيل منهم والتنقيص من منزلتهم فلا شك أنه من الذين وضعوا فضائل لأم المؤمنين عائشة على حساب رسول الله _ صلى الله عله وآله وسلم _ ليغيظ بذلك آخرين كحديثه السابق وحديثه الآخر : أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة ..» الحديث رواه البخاري برقم ( 3774 ) فلماذا ياتُرى الناس يفرحون لما تكون ليلة السيدة عائشة حتى يأتوا بالهدايا ؟ وكيف يعلمون بأنها ليلة السيدة عائشة ؟ فهل كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- يضع لهم لافتة مكتوب فيها أن في ليلة كذا سأكون عند عائشة ؟! فهذه أخبار سخيفة يخجل الإنسان من قراءتها فضلاً عن روايتها وكم من أحاديث من هذا القبيل جاءت عن عروة كي يثبت فضائل السيدة عائشة وهي بنفس الوقت تسئ إلى رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ !! هذا مع أن سيدنا رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ منزه عن مثل هذه الروايات والسيدة عائشة بريئة من هذه الروايات التي ألصقت عليها فلك الله ياأم المؤمنين أراد القوم أن يمدحوك فجرحوك عاملهم الله بعدله والحليم تكفيه الإشارة وإلى هنا نكتفي بما ذكرناه والله ورسوله أعلم .
|
|
|
|
|