عاش حياة العربدة بكل معانيعا ورغم النعم التي أنعمها الله عليه إلا أنه أبى شكر النعمة والنعمة لا تدوم إلا بالشكر لكنه كان أبعد ما يكون عن مثل هذه المثل السامية رغم مكانته إلا أنه أثر حياة الصعلكة والصعاليك ينتقل من شلة فساد إلى أخرى ومن أحضان باغية إلى حنايا فاسقة مضيعا ماله وصحته فيما فيه أوزار وعصيان بمرور الوقت أصبح أشهر من أن يعرف في عالم السكر والفواحش رغم قرب بيته من المسجد إلا أن لم يسجد لله سجدة شكر واحدة كما يمر على المسجد ليل نهار ولربما التفت في الجهة الأخرى حتى لا يفكر مجرد التفكير بدخوله وهكذا تمضي الليالي والأيام..
في يوم وفاته إذا به يسهر مع شلة الفساد والإفساد التي رافقها زمنا طويلا وكعادته يفوق الجميع في القدرة على تعاطي الخمر محققا الإنجاز تلو الإنجاز في عالم العهر والانحلال وخرج من عندهم على غير هدى وبدون وعي كامل ركب السيارة راجعا إلى بيته ليصطدم وحها بوجه مع سيارة أخرى وتكون النهاية..
النهاية التي لم يعمل لها حسابا ولم يفكر يوما أنه ملاقيها رغم العدد الكبير من الأموات الذين سمع بهم ولكن غشاوة المعصية طغت على قلبه فما عاد يتعض..
أحضر إلى بيته كي يلقي عليه أهله النضرة الأخيرة في هذه الدنيا وحتى يتم تغسيله وتكفينه في تلك المزرعة التي أعطته من خيراتها الشيء الكثير أملا في أن يشكر لكنه لم يفعل حتى رحل..
بعد أن تم تكفينه حمل على الأعناق كي يذهب به إلى تلك المقبرة القريبة من دارهم كما أوصل غيره إليها حملته الأعناق مسرعة الخطى وكأنها تريد أن تطوي صفحته سريعا من حياتها..
قبل الوصول إلى القبر المعد له تذكر الناس أنهم لم يصلوا عليه بعد برغم أنهم قد تعدوا المسجد لكن كأنما أغشيت أبصارهم عن رؤيته... سبحان الله... كاد يدفن قبل أن يصلى عليه..
بعدما تذكر الحاضرون ذلك انقسمت الآراء بين قائل نعود به إلى المسجد ونصلي عليه وبين قائل ضعوه هنا في مكانه وصلوا عليه وكان ما اراد الطرف الثاني حيث وضع على قارعة الطريق ليصلى عليه صلاة الجنازة رغم أن المسجد لا يبعد سوى أمتار قليلة لكن كأنما حال المسجد يقول لم تدخلني في حياتك ولن تدخلني في مماتك ... والله في خلقه شؤون... نسأل الله السلامة..