لا يمكننا تحقيق الوئام الوطني الا من خلال مبدأ التكافؤ في الحقوق وفي الواجبات
بتاريخ : 22-11-2010 الساعة : 08:57 PM
في صبيحة عيد الأضحى المبارك الموافق الأربعاء 17/11/2010 ،أمّ سماحة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي المصلين لأداء صلاة العيد التي أقيمت في مكتب سماحته الخاص ببغداد بحضور جمع غفير من المؤمنين الذي توافدوا من مختلف مناطق العاصمة وبحضور عدد من كبار القادة السياسيين وعلى رأسهم معالي وزير المالية الأستاذ باقر جبر الزبيدي وعدد من النواب .
والقى سماحته خطبتي صلاة العيد حيث أشار في العبادية منهما الى العيد بمعناه الأعمق ومعناه الأكبر وهو التحول الى بداية وانطلاقة لحياة جديدة ليكون الانسان فيه انساناً جديداً ويحول هذا اليوم الشريف الى احتفالية كبرى لذلك التحول العميق الذي يشهده الانسان في وجوده ، مشددا على ان هذا التحول العميق يتمثل بخروج الانسان من انانيتة ومن حبه لذاته ومن انشغاله بنفسه ومن تفكيره بقضاياه الخاصة لينتقل من كل مزاجية وكل أنانية و كل شخصنه الى التفكير بالمجموع وحمل همومهم وتحسس الآمهم ومعاناتهم وتطلعاتهم وطموحاتهم .
فيما تناول سماحته في الخطبة الثانية الحديث حول الشؤون السياسية الجارية في العراق وآفاق تشكيل الحكومة المقبلة ومعالجة العقبات التي تقف في طريق تقدمها .
وفيما يلي نص الخطبة :
فرحة ابناء الشعب باتفاق الكتل السياسية على تشكيل الحكومة
" لقد استبشر ابناء شعبنا العراقي الكريم وكل الحريصين على الشأن العراقي باتفاق الكتل السياسية على تشكيل حكومة الشراكة الحقيقية واختيار الرئاسات الثلاث مما وضع حداً لأزمة خانقة مرت لمدة ثمانية أشهر من الانتخابات التشريعية والى يومنا الحاضر ، وبهذه المناسبة الكريمة أجدد الشكر والتقدير والاعتزاز والعرفان لجميع أبناء شعبنا العراقي على صبره وتحمله ومواكبته للواقع السياسي ولهذه الأزمة التي عشناها طوال الأشهر الماضية وعلى تشجيعه لجميع الكتل والأطراف السياسية في ان توحد كلمتها وان تنطلق في تشكيل هذه الحكومة مما أدى الى الوصول الى هذه النتيجة التوافقية بين الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات .
شكر سماحته الى القوى السياسية العراقية
كما اشكر القوى السياسية الرئيسية في البلد التي تعاملت بشجاعة ومرونة للوصول الى الشراكة الوطنية والاتفاق الذي اثلج صدور أبناء شعبنا ، اننا في المجلس الأعلى نشعر بأننا حققنا انتصاراً كبيراً من خلال الانتصار لمشروعنا الوطني في تحقيق الشراكة الحقيقية وفي حل الإشكاليات والاتفاق على الرؤى من خلال الطاولة المستديرة التي أصبحت طاولة مستطيلة بمبادرة الرئيس البارزاني ، ان الرؤى قد ثبّتت مما يساعد على تعزيز الشراكة الوطنية وتوفير الآليات والضمانات لهذه الشراكة كما ان رؤانا التي ترتبط بالعلاقات الوطنية والعلاقات الإقليمية مع دول الجوار ثبّتت بشكل واضح وأخذت طريقها الى حيز التنفيذ وكذلك الالتزام بالدستور والقانون كمرجع أساسي لحل الإشكاليات فيما بيننا ، اننا سنبقى بأذن الله تعالى وكما كنا دوماً مدافعين عن هذا الوطن وعن العملية السياسية وعن المبادئ التي نؤمن بها ونثبت في الدفاع عنها .
الدعم والمساندة للحكومة المقبلة
سندعم بقوة الحكومة المقبلة مادامت ملتزمة بالشراكة الحقيقية والاتفاقات المبرمة بين الأطراف السياسية ، اليوم حيث توافقت الأطراف على حكومة الشراكة الوطنية فالجميع مدعو للتخلي عن الجدل السياسي والانشغال في الخطوات المهمة لتشكيل الحكومة ولخدمة المواطنين وتوفير الرفاه والعيش الكريم لهم وحل مشاكلهم والتوجه لمعاناتهم ، ان الشراكة الوطنية والخدمة الوطنية مفهومان لايمكن ان ينفكّ احدهما عن الاخر حيث ان الشراكة الوطنية تعد المقدمة الضرورية لتحقيق النجاح والخدمة الوطنية هي نتيجة متحققة ، لقد ذكرنا لمرات عدة ان خارطة الطريق للنجاح في هذا البلد تتمثل في الاصول الخمسة ، الشراكة الوطنية لما تنتجه من ثقة بين الاطراف السياسية والثقة تساعد عل تحقيق الاستقرار السياسي والاستقرار السياسي ينتج استقراراً امنياً والاستقرار الامني يوفر فرصة للخدمة والأعمار والبناء فتجدون ان هذه الأصول الخمسة تبدأ من الشراكة وتنتهي بالخدمة وهذا هو الطريق الذي يوصلنا الى خدمة المواطن وهذه نتيجة طبيعية ، ولازلنا نعتقد ان الشراكة الوطنية هي المدخل الوحيد لتحقيق الخدمة لأبناء شعبنا في الوقت الراهن .
اولويات واجبات ومسؤوليات الحكومة القادمة
اننا بحاجة الى حملة علاقات واسعة بين الأطراف السياسية ان الثقة المفقودة بين الأطراف السياسية يجب ان تعود وبقوة وهذا ما يتطلب حملة علاقات عامة للتخلص من كل السلبيات وتجاوز المضاعفات السياسية التي افرزتها الأزمة الراهنة والسابقة في البلاد والتي اصبحنا على مشارف الانتهاء والخروج منها ، كما ان بيئتنا المناخية تتطلب اهتماماً ورعاية من خلال مكافحة التصحر وغرس الأشجار والنخيل وكذلك بيئتنا الاجتماعية تتطلب ايضا معالجة حقيقية والفضاء الأخلاقي والمعنوي للمجتمع يتطلب تنقية حقيقية ولابد لنا ان نرفع شعار ازرع شجرة ، انطق كلمة طيبة ، ارسم ابتسامة عريضة ، فنحن بحاجة الى معالجة كل هذه الإشكاليات في بيئتنا الاجتماعية وعلينا ان نتفنن في اختيار الكلمات الرقيقة والطيبة التي تطيب الخواطر وتريح الأعصاب وتهدى النفوس وتساعد على تعميق اللحمة الوطنية بين ابناء شعبنا ، ان اخطر الأمراض التي يمكن ان تستهدف الإنسان هي تلك الأمراض التي تستهدف المناعة الشخصية للإنسان ، وان اخطر الأمراض السياسية هي تلك الأمراض التي تستهدف المناعة الاجتماعية من خلال إشاعة البغضاء والشحناء بين الناس وإرباك العلاقة بينهم او تستهدف المناعة الأمنية التي تمنع المؤسسة الأمنية من أداء واجباتها ومن السيطرة واخذ المبادرة من تحركات وخطط الاعداء والارهاب ، لذلك فاننا اليوم مدعوون الى تطوير مفهوم المصالحة الوطنية الى مفهوم الوئام الوطني ولايكفي ان نكون متصالحين وانما علينا ان نكون متوائمين متحابين يقف بعضنا ويساند الاخر ويتحسس الامه ، اننا لايمكن ان نحقق الوئام الوطني الا من خلال مبدأ التكافؤ في الحقوق وفي الواجبات ، وكما قلنا دائماً ان الحقوق حقيقة واحدة لاتتجزأ لايمكن ان نضمن حقوق العرب في العراق دون ان نضمن حقوق الكرد والتركمان والشبك وسائر القوميات الاخرى في بلادنا ، ولايمكن ان نضمن حقوق المسلمين في العراق الا حينما نضمن حقوق المسيحيين والصابئة والايزيديين وغيرها من الديانات الاخرى ولايمكن ان نضمن حقوق المسلمين الشيعة الا حينما نضمن حقوق المسلمين السنة في هذا البلد الكريم ، انها حقيقة واحدة ولايمكن لأي عراقي ان يضمن حقه دون ان يضمن حقوق الاخرين هذا هو الواقع الذي من خلاله يمكن ان نحقق الوئام الوطني ، وكذلك في الواجبات وفي المسؤوليات الملقاة على عواتقنا هي وحدة واحدة يشترك فيها الجميع ويتحمل المسؤولية تجاهها وان اختلف مستوى المسؤوليات بقدر الصلاحيات التي تتوافر لهذا او ذاك من الناس ، ان الفساد الاداري والمالي لازال ينخر في مجتمعنا والتطاول على القانون وعلى المال العام وعلى الوقت العام وعلى كرامة المواطنين يمثل اولى اولويات الحكومة المقبلة لانه الخطر والتحدي الاكبر الذي يواجه الحكومة القادمة وسنقف بأذن الله تعالى صفاً واحداً مدافعين عن خطة النزاهة والاصلاح في الحكومة القادمة وكل خطوة تتخذها لإصلاح الأمور لأشاعة النزاهة ستكون مدعومة بقوة من قبلنا ، اننا نؤكد على ابقاء هذا الموضوع من اولى اولويات الحكومة القادمة وابعاده عن التسيس فالشخص النزية لابد من الوقوف الى جانبه والدفاع عنه أياً كان انتماءه مذهبياً او قومياً او سياسياً والشخص الفاسد يجب الوقوف بوجهه أياً كان انتماءه وتوجهاته السياسية ، ولابد من اعتبار الكفاءة والنزاهة معايير اساسية ونحن اليوم بصدد اختيار الوزراء والمسؤولين للمواقع الحساسة ، ايها الكتل السياسية الكريمة هذا حقكم خذوه كاملاً ولكن رشحوا الأكفاء والنزهاء الذين سيقفون ويساعدون الناس على حل مشاكلهم كما اننا سندعم الحكومة القادمة بقوة في سياساتها لبناء السكن وتوفيره لكل العوائل العراقية والخدمات البلدية من الماء والكهرباء والصرف الصحي والمعالجات الجذرية المطلوبة والزراعة التي تعاني من اشكاليات كبيرة في بلادنا ، ان هذه الخطوات ستساعد على توفير فرص العمل الكثيرة لشبابنا العاطل عن العمل لتعالج أزمات حقيقية ومحنة ومعاناة يومية يعيشها المواطنون .
تحية لرؤساء الرئاسات الثلاث
احيي فخامة رئيس الجمهورية الأستاذ الطالباني ودولة رئيس الوزراء الأستاذ المالكي وسيادة رئيس مجلس النواب الأستاذ النجيفي وأتمنى لهم كل النجاح والتوفيق في مهمتهم الجديدة وأتمنى ان تتحول التجربة الوليدة لهذه الحكومة ومؤسسات الدولة الأخرى في بناء صورة لفريق العمل المنسجم الذي يضع يداً بيد من اجل خدمة ابناء شعبنا وتحقيق الرفاه لهم ، واحيي عوائل الشهداء والمتضررين الذين قدموا الغالي والنفيس من اجل بناء العراق الجديد وأتمنى ان نوفق جميعاً لخدمتهم وللتقليل من محنهم ومعاناتهم والتحية متواصلة لأبناء شعبنا العراقي الكريم بكل مواقعه وبكل انتماءاته ويسعدنا ان نكون خداماً صغاراً له .
كما اشكر القوى السياسية الرئيسية في البلد التي تعاملت بشجاعة ومرونة للوصول الى الشراكة الوطنية والاتفاق الذي اثلج صدور أبناء شعبنا ، اننا في المجلس الأعلى نشعر بأننا حققنا انتصاراً كبيراً من خلال الانتصار لمشروعنا الوطني في تحقيق الشراكة الحقيقية وفي حل الإشكاليات والاتفاق على الرؤى من خلال الطاولة المستديرة التي أصبحت طاولة مستطيلة بمبادرة الرئيس البارزاني ، ان الرؤى قد ثبّتت مما يساعد على تعزيز الشراكة الوطنية وتوفير الآليات والضمانات لهذه الشراكة كما ان رؤانا التي ترتبط بالعلاقات الوطنية والعلاقات الإقليمية مع دول الجوار ثبّتت بشكل واضح وأخذت طريقها الى حيز التنفيذ وكذلك الالتزام بالدستور والقانون كمرجع أساسي لحل الإشكاليات فيما بيننا ، اننا سنبقى بأذن الله تعالى وكما كنا دوماً مدافعين عن هذا الوطن وعن العملية السياسية وعن المبادئ التي نؤمن بها ونثبت في الدفاع عنها .
كلام درر حقيقي لابد أن يتم تقديم الشكر والأمتنان لهذه الرؤية الصادقة التي أخرجت البلاد والعباد من هذه المحنة المستعصية على الآخرين السهلة على فكر سماحة السيد عمار الحكيم رعاه الله.
شكراً أخي على نقلك الموفق.