كلمة حق يراد بها باطل . .. الصلاة واجبة والزيارة مستحبة !!
بتاريخ : 18-10-2014 الساعة : 02:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
كلمة حق يراد بها باطل .
نشاهد في أيام الزيارات كلمات تنشرها بعض الهيئات العزائية او الاحزاب السياسية او المنظمات الدينية والخ من هذه التشكيلات مثل عبارة الصلاة واجبة والزيارة مستحبة , وغيرها من الدعوات الى الصلاة ..
كاتب تلك العبارات والمروج الرئيسي لها ليس احمق او جاهل بل هو خبيث , لا اعلم هل يريد إيصال رسالة ان تلك الجموع المليونية لا تصلي او لا تؤدي الصلاة على وقتها ؟!
هل كل تلك الملايين لا تعرف ان الصلاة واجبة مثلاً ؟! ام ان الموضوع كله دس للسم في العسل ومحاولة للتقليل من شعائر المولى ابي عبد الله الحسين صلوات الله وسلامه عليه !!
انما هذه العبارات للتنبيه
على الواجب قبل المستحب
وهكذا حالات موجود وخاصة في ايام محرم الحرام
تخرج المواكب قبل صلاة المغرب ويعودون بعد الصلاة ب3 ساعات واكثر ولم يصلوا بعد
مشهور الإماميّة على أنّ زيارة الحسين (صلوات الله عليه) مستحبَّةٌ ليست بواجبة، لكن ورد في بعض الأخبار الصحيحة ما هو صريحٌ في وجوب زيارته، فلقد أخرج الصدوق قائلاً: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، قال: حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ (عليهما السلام) قال: «مُرُوا شيعتنا بزيارة الحسين بن علي (عليهما السلام)، فإنّ زيارته تدفع الهدمَ والغرق والحرق وأكل السَّبُع، وزيارتَه مفترَضةٌ على مَن أقرّ للحسين بالإمامة من الله (عزّ وجل)» (الأمالي للصدوق: 206 ح 226).
أقول: رواته ثِقات، وأبو أيّوب ثقة جليل، اسمه إبراهيم، وقد اختُلف في اسم أبيه هل هو عثمان أو زياد أو عيسى؟ ولا يضرّ مع القطع بالاتّحاد، وإن كان الأرجح أنّه عثمان، وأحمد بن أبي عبد الله هو البرقيّ الثقة الجليل، والبقيّة أجلّةٌ ثقات، لكنّ الحديث موثَّقٌ بابن فضّال فيما تعرف.
هذا طريق، وهناك طريقٌ آخر صحيح، أخرجه ابن قولويه (رضوان الله عليه) بلفظٍ مقارب، قال: حدّثني أبي (رحمه الله) وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبد الله ومحمّد بن يحيى العطار وعبد الله بن جعفر الحِمْيري جميعاً، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بَزيع، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «مُرُوا شيعتنا بزيارة قبر الحسين (عليه السلام)، فإنّ إتيانه يزيد في الرزق، ويمدّ في العمر، ويدفع مدافع السوء، وإتيانُه مفترَضٌ على كلّ مؤمنٍ يقرّ للحسين بالإمامة من الله» (كامل الزيارات: 284 ح 456).
ورجاله ثقاتٌ كبار، بل أجلّةٌ عيون فيما يعرف الخبير، وأبو أيّوب هو الخزّاز الثقة.
وهو بلفظَيه نصٌّ صريحٌ في أنّ زيارة الحسين (عليه السلام) مفترَضة، وفيه ظهورٌ في الوجوب كما لا يخفى، وإلى هذا ذهب جماعةٌ من كبار الفقهاء، فيظهر من الشيخ المفيد أنّه قائلٌ بالوجوب في كتاب (المزار)، فلقد قال هناك: باب وجوب زيارة الحسين (عليه السلام). وفي كتاب (الإرشاد) قال: وقد وردت روايات كثيرة في فضل زيارته بل في وجوبها (الإرشاد: 2 / 134). وهذا ما يظهر من الشيخ ابن قولويه، حيث عَنْوَن باباً في (الكامل) رسَمَه قائلاً: باب أنّ زيارة الحسين (عليه السلام) فرضٌ وعهدٌ لازم له ولجميع الأئمّة. وكذلك ما يظهر من صنيع المجلسيّ في (بحار الأنوار)، حيث قال: باب أنّ زيارته (صلوات الله عليه) واجبةٌ مفترضةٌ مأمورٌ بها. وعلى هذا المنوال الحرّ العامليّ في (وسائل الشيعة)، حيث قال بوجوبها كفاية (وسائل الشيعة: 14 / 409)، هذا علاوةً على جماعة آخرين من أهل العلم والفتوى.
أقول: وهو الأحوط، ولا عبرة بالمشهور في مثل ما نحن فيه، لكثرة النصوص في هذا الشأن واستفاضتها، نعرض لبعضها:
منها: ما أخرجه ابن قولويه بسندٍ قويّ، قال: حدّثني محمّد بن جعفر الرزّاز، قال: حدّثني محمّد بن الحسين، عن أبي داوود المسترقّ، عن أُمّ سعيد الأحمسيّة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قالت: قال لي: «يا أُمَّ سعيد، تزورين قبر الحسين (عليه السلام)؟». قالت: قلتُ: نعم، فقال لي: «زُورِيه، فإنّ زيارة قبر الحسين (عليه السلام) واجبةٌ على الرجال والنساء» (كامل الزيارات: 237 ح 354).
أقول: ورواته ثقات، وأُمّ سعيد من أصحاب الصادق (عليه السلام)، إماميّة ــ فيما ذكر الشيخ في رجاله ــ لم تليّن بشيء، روى عنها أجلّة الثقات، ورواياتها مقبولةٌ معمولٌ بها عند قاطبة العلماء على قلّتها غير متروكة، والحديث كما ترى نصٌّ صريحٌ في الوجوب.
وأخرج الثلاثة (الكلينيّ والصدوق والطوسي)، عن الوشاء قال: سمعتُ الرضا (عليه السلام) يقول: «إنّ لكلّ إمامٍ عهداً في عنق أوليائه وشيعته، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارةَ قبورهم، فمن زارهم رغبةً في زيارتهم وتصديقاً لما رغبوا فيه، كان أئمّتُهم شفعاءَهم يوم القيامة» (الكافي: 4 / 567 ح 2، من لا يحضره الفقيه: 2 / 577 ح 3160، تهذيب الأحكام: 6 / 78 ح 155).
أقول: مرويٌّ في أكثر من موضع، ورجال بعض طرقه ثقات وإن ضعّف بعضها الآخر، ولقد توهّم بعضهم فقال متسرّعاً بضعف إسناده، فطريق الكافي ضُعّف بعبد الله بن موسى لكونه ــ فيما قيل ــ مجهول الحال، وكذلك طريق الشيخ في التهذيب لنفس العلّة، كما أنّ طريق الشيخ إلى الوشّاء ضعيف في الفهرست بابن بطة وأبي المفضّل فيما ذكروا.
لكن هذه زلّة، فطريق الصدوق في (الفقيه) إلى الوشّاء صحيحٌ بالاتفاق، فقد قال الصدوق (رحمه الله) في مشيخة الفقيه: وما كان فيه عن الحسن بن عليّ الوشاء، فقد رويتُه عن محمّد بن الحسن (رضي الله عنه)، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم، جميعاً عن الحسن بن علي الوشاء (من لا يحضره الفقيه: 4 / 484). ومعلومٌ أنّ رجال هذا الطريق ثقاتٌ كبار وجهابذةٌ عظام، فالحديث صحيحٌ من دون كلام.
ومن الضروريّ إرجاع خبر الوشاء ــ على ما تقتضيه الصناعة ــ إلى ما تقدّم من رواية أُمّ سعيد وصحيحة محمّد بن مسلم وغيرهما، فكلام المعصوم يفسّر بعضه بعضاً، وعدم الإرجاع خطأٌ وقع فيه بعض مَن قال بأنّه أدلُّ على الاستحباب منه إلى الوجوب.
لكن مع ذلك، وحتّى لو خُلِّينا مع هذا الخبر بنفسه، فدلالته على الوجوب قد لا تخلو من قوّة، بتقريب أنّ الإمام (عليه السلام) يقول: «إنّ مِن تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارةَ قبورهم ...»، ولقد أمر الله تعالى قائلاً: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ (سورة الإسراء: 34)، كما قد قال سبحانه : ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ﴾ (سورة النحل: 91)، وهما ظاهران في وجوب الوفاء بمطلق العهد الشرعيّ مهما كانت أفراده، ولا كلام في أنّ عهد الإمامة بتفاصيله أبلغ وأشدّ، فتأمّل جيّداً، إلّا أن يرد عليه احتمال أنّ التمام هنا بمعنى الكمال، وهو يلائم الاستحباب لا الوجوب!
وأخرج ابن قولويه قال: حدّثني أبي (رحمه الله) وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن بعض أصحابنا، عن أبان، عن عبد الملك الخثعمي، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: قال لي: «يا عبد الملك، لا تدَعْ زيارة الحسين بن عليّ (عليهما السلام)، ومُرْ أصحابك بذلك، يمدّ الله في عمرك، ويزيد الله في رزقك، ويُحْييك الله سعيداً ولا تموت إلّا سعيداً ويكتبك سعيداً» (كامل الزيارات: 286 ح 461).
أقول: رجاله ثقات، وعبد الملك بن حكيم الخثعمي ثقة من دون كلام، كما أنّ الإرسال لا يضرّ، فالبزنطي لا يروي ولا يرسل إلّا عن ثقة، كما إنّه من أصحاب الإجماع فيما تعرف، والبقيّة أجلّةٌ ثقات.
والإنصاف، فإنّ استفادة الوجوب من الخبر الصحيح للبزنطي (رضوان الله عليه) مشكل، إذ هو ظاهرٌ في الندب والرجحان، لكن مع ذلك فشبهة الوجوب قويّة فيما قد يُقال، فالإمام الصادق (عليه السلام) قد جمع في هذا النصّ نهياً وأمراً في لفظٍ واحد، فقد قال (عليه السلام): «مُرْ أصحابَك»، كما أنّه قال: «لا تدَعْه»، وتتأكّد الشبهة باحتمال أنْ لا يُكتَب التارك في قائمة السعداء، فتأمّل جيّداً.
لكنّ هذا لو خُلّينا وهذا الخبر بنفسه، أمّا مع إرجاعه إلى مجموع ما تقدّم، فلا مناص من القول برجحان جانب اللّزوم والوجوب.
وفي هذا المجرى أخرج ابن قولويه قال: حدّثني محمّد بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن محمّد بن عبد الحميد، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم قال: سمعناه يقول: «مَن أتى عليه حولٌ لم يأتِ قبر الحسين (عليه السلام)، أنقص الله من عمره حولاً، ولو قلتُ: إنّ أحدَكم لَيموتُ قبل أجله بثلاثين سنة لكنتُ صادقاً، وذلك لأنّكم تتركون زيارة الحسين (عليه السلام)، فلا تَدَعوا زيارته، يمدّ الله في أعماركم ويزيد في أرزاقكم، وإذا تركتم زيارته أنقص الله من أعماركم وأرزاقكم، فتنافسوا في زيارته، ولا تدعوا ذلك، فإنّ الحسين شاهدٌ لكم في ذلك عند الله وعند رسوله، وعند أمير المؤمنين وعند فاطمة» (كامل الزيارات:284 ح 457).
أقول: رجاله ثقات، والكلام هو الكلام المتقدّم في صحيح البزنطي، لكنّ في الحديث إشارة جليلة إلى أنّ الحسين (صلوات الله عليه) يشهد لزائريه يوم القيامة بالاستقامة والطريقة الحقّة، فيبدو من النصّ أنّ زيارته هي السبيل الوحيد للتحليق في فضاء الجلال الإلهي، ولدخول مدينة الكرامة النبويّة، وروضة القدس العلويّة، وأنوار فاطمة الملكوتيّة.. كتبنا الله من زوّاره، إنّه سميعٌ مُجيب.
ومن ذلك ما أخرجه ابن قولويه أيضاً، قال: حدّثني أبي ومحمّد بن الحسن، جميعاً عن الحسن بن متيل، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عليّ بن حسّان الهاشمي، عن عبد الرحمان بن كثير مولى أبي جعفر (عليه السلام)، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لو أنّ أحدكم حجَّ دهره ثمّ لم يزُرِ الحسين بن عليّ (عليهما السلام)، لكان تاركاً حقّاً من حقوق رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، لأنّ حقّ الحسين (عليه السلام) فريضةٌ من الله واجبةٌ على كلّ مسلم» (كامل الزيارات: 237 ح 355).
أقول: الحسن بن عليّ الكوفي ثقةٌ ثقة، وهو الحسن بن عليّ بن عبد الله بن المغيرة البجليّ الكوفيّ على الأظهر الأقوى، وعليّ بن حسّان الهاشميّ ضعيف جداً، يشكل الاحتجاج به منفرداً، وأمّا عبد الرحمان فمُتّهَم، فراجع لتعرف، لكن مع ذلك فالخبر لا يُترَك، لكونه مُعتبرَ المتن بما تقدّم كما لا يخفى، وبأيّ تقديرٍ فهو نصٌّ ظاهرٌ في الوجوب ولو استشهاداً.
وقد أخرج الشيخ الكلينيّ قال: محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك قال: كنتُ مع أبي عبد الله (عليه السلام)، فمرّ قومٌ على حمير، فقال (عليه السلام): «أين يريد هؤلاء؟»، قلت: قبور الشهداء، قال (عليه السلام): «فما يمنعهم من زيارة الشهيد الغريب؟»، فقال رجلٌ من أهل العراق: وزيارته واجبة؟!! قال: «زيارته خيرٌ من حِجّةٍ وعمرة، وعمرةٍ وحِجّة..»، حتّى عدّ عشرين حجّة وعمرة، ثمّ قال: «مقبولاتٍ مبرورات». قال: فو الله ما قمتُ حتّى أتاه رجل، فقال له: إنّي قد حججت تسع عشرة حجّة، فادْعُ اللهَ أن يرزقني تمام العشرين حجّة. قال (عليه السلام): «هل زرتَ قبر الحسين (عليه السلام)؟»، قال: لا، قال: «لَزيارته خيرٌ من عشرين حجّة» (الكافي: 4 / 581 ح 3).
أقول: رجاله ثقات، إلّا صالحَ بن عقبة ويزيد بن عبد الملك، وسيأتي توثيق صالح، أمّا يزيد فمن أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام) على ما جزم به الطوسيّ في رجاله، مرّة باسم يزيد بن عبد الملك النوفلي في أصحاب الباقر (عليه السلام) (رجال الطوسي: 148 / الرقم 1654)، ومرّة في أصحاب الصادق (عليه السلام) من دون زيادة النوفلي (رجال الطوسي: 324 / الرقم 4855)، ويزيد هذا لم يُطعن أو يليّن بشيء، وقد ذهب جمعٌ من الأساطين إلى اعتبار رواياته والإفتاء بمضمونها في كتاب الحجّ كما لا يخفى، بل قد صحّح بعضهم رواياتٍ وقع هو في سندها، ولعلّه لكونه من رواة كتاب (كامل الزيارات) أو غير ذلك.
ويزيد هذا هو الذي روى عن جدّه فقال: دخلتُ على فاطمة (عليهما السلام)، فبدأَتْني بالسلام ثمّ قالت: «ما غدا بك؟»، قلت: طلبتُ البركة. قالت: «أخبرَني أبي ــ وهو ذا هو ــ أنّه مَن سلّم عليه وعلَيَّ ثلاثة أيّامٍ أوجب الله له الجنّة»، قلت لها: في حياتِه وحياتِك؟ قالت: «نعم، وبعد موتنا» (تهذيب الأحكام للطوسي: 6 / 9 ح 18).
فيزيد هذا ــ كما ترجمه أئمّة العامّة ــ هو: ابن عبد الملك بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب الهاشميّ النوفلي، وقد ذكروا أنّ حفظه قد ساء، فضعّفه بعضهم لذلك (كتاب المجروحين لابن حِبّان: 3 / 102).
وأمّا الكلام في صالح بن عقبة، فقد ذكر العلّامة الحلّي أنّه: صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان، مولى رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، من أصحاب الأُصول، لم يطعن عليه قاطبة العلماء بشيءٍ سوى ما نقله العلّامة عن ابن الغضائري أنّه قال: كذّاب غالٍ لا يُلتفَت إليه (الخلاصة: 4 / 230).
وفيه أوّلاً: أنّ جماعةً من كبار علماء الإماميّة ذكروا أنّ شهادة العلّامة لا قيمة لها في مثل ما نحن فيه، لتفرّده بهذا الطعن ولكونه من المتأخّرين، علاوةً على أنّ قاطبة القدماء لم يطعنوا عليه بشيءٍ فيما ينبغي أن تعرف، إلّا ابن الغضائري.
وثانياً: معروفٌ من عادة العلّامة أنّ هذا الضرب من الجرح ليس له، بل يحكيه عن ابن الغضائري، ولا قيمة له قليلاً أو كثيراً، إذ لم يثبت علميّاً عندنا ــ تبعاً لطائفةٍ من العلماء ــ أنّ لابن الغضائري كتاباً في الرجال، ولو كان فلا طريق إليه، لا صحيح ولا حتّى ضعيف، فيسقط الاعتماد عليه قطعاً، لذلك ذكَرَ مَن عاصرناهم من كبار العلماء (رحمهم الله برحمته) أنّ اعتماد العلّامة ليس بحجّة في مثل هذا المقام.
يشهد لذلك أنّ خِرِّيتي هذه الصناعة (النجاشي والطوسي) قد ترجم كلٌّ منهما لصالح بن عقبة في (الرجال) و(الفهرست) باعتباره من أصحاب الكتب، لكن لم يذكرا أيّ طعنٍ فيه أو أدنى تليين في شأنه، علاوة على أنّ طريق الشيخ إليه وإلى كتابه صحيح في (الفهرست).
أضف إلى ذلك رواية أجلّاء الفرقة وأساطين المذهب كتابه المشار إليه، فقد روى عنه كلَّ كتابه محمّدُ بن إسماعيل بن بزيع ــ صاحب الرضا (عليه السلام) ــ، وابن بزيع أجلّ أجلّاء الفرقة وعين عيونها، فلو كان في صالح وهنٌ ما أو أنّ في كتابه خروجاً عن الطريقة، لما التزم مِثله أن يرويه كلّه، فانتبه لهذا بعناية، فقد قيل بأنّ هذا قرينة قويّة على الاعتماد.
كما قد رواه عنه يونس بن عبد الرحمان ــ كما في طريق الصدوق ــ، ويونس هذا ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه، ولا ننسى أنّ أغلب مروياته مفتيٌّ بها معمولٌ عليها، مسرودةٌ في الكتب الثلاثة الأُمّ كما لا يخفى، ناهيك عن أنّ ابن الوليد ــ شيخ الصدوق ــ لم يستثنه من كتاب (نوادر الحكمة)، وهو يدلّ على التوثيق عن جماعةٍ من العلماء.
بل إنّ الشيخ الصدوق قال في مقدّمة كتابه: وجميع ما فيه مستخرَجٌ من كتبٍ مشهورة، عليها المعوَّل وإليها المرجع (من لا يحضره الفقيه: 1 / 3). ولا ريب في أنّ كتاب صالح بن عقبة منها، وللصدوق طريقٌ عن يونس بن عبد الرحمان عنه بكتابه، ذكره في المشيخة، لا يبعد أن يكون حسناً بالسعدآبادي، فلاحظ هذا أيضاً.
وبغضّ النظر عن هذا وذاك، فصالح بن عقبة من رواة تفسير القمّيّ عليّ بن إبراهيم، ورواته كلّهم ثقاتٌ فيما شهد هو في مقدّمة تفسيره، وكذلك هو من رواة (كامل الزيارات) ممّن ينطبق عليه شرطا ابنِ قُولويه، وإنّ كلّ من انطبق عليه الشرطان فهو ثقة، هكذا بنينا تبعاً لجماعةٍ من العلماء.
والحاصل: أنّ صالح بن عقبة ثقةٌ على الأظهر الأقوى، بل لا ترديد عندنا في هذا، اللّهمّ إلّا إذا عورض بروايات مَن هو أثبت منه، لذلك فهو يُدرَج في صنف مطلق الثقات لا الثقات مطلقاً.
والحاصل: فخبر الكلينيّ الآنف جيّد السند، وفيه ظهورٌ قويّ على وجوب زيارة الحسين (عليه السلام)، وتقريبه أنّ الإمام أجاب مَن سأله عن وجوبها بما تقدّم وأنّها تعدل عشرين حجّة، فلو لم تكن واجبة لما سكت الإمام (عليه السلام)، فلازمُ السكوت التغرير بالجهل، والمعصوم منزَّه عنه قطعاً لكونه في مقام البيان، وقد كان له (عليه السلام) أن يقول: لا لولا وجوبها، فاعلمْ جيّداً.
والحقّ فالأخبار في ذلك كثيرة، قد سردها الحرّ في (الوسائل) والمجلسيّ في (البحار)، وقبلهما الشيخ الطوسي وابن قولويه والكليني وغيرهم، فراجعها.
وننبّه إلى أنّ العبرة عند العلماء بمجموع الأخبار في الاستدلال وصناعة الفتوى، ويشكل للغاية بآحادها منفردة.
وبالجملة.. فلقد اتّضح أنّ القول بالاستحباب مشكل، وإن كان ربّما أقوى بالشهرة، لكن لا يخفى أنّ القول بالوجوب هو الأظهر، لكثرة النصوص الصحيحة والمعتبرة فيه، وعليه فالأحوط وجوباً ــ مع الاستطاعة ــ زيارة الحسين (عليه السلام) ولو في العمر مرّة على منوال الحجّ، والاحتياط في مثله سبيل النجاة، بل هو المتعيَّن في البين على الأقرب، ولا مناص منه.