الزّيدية غيرُ راضية عن فعل المشائخ في التّقدم على أمير المؤمنين ، كيف لا وأميرُ المؤمنين نفسُه لَم يَرَ صحّة بيعة أهل السقيفة لأبي بكر ، كيفَ لا وهُو ماكثٌ في بيتهِ ستّةَ أشهرٍ مُغاضبٌ لأبي بكرٍ ، غيرُ راضٍ عَن فعلته واستئثارهِ ، وتَقدّمه ، فإن كانَ أميرُ المؤمنين (ع) لَم يُصحِّح إمامة أبي بكرٍ ولَم يَر شرعيّتها ، أفيُصحّحَها أبناءهُ مِن بعدِه ، وهُم المُقتدونَ بسيرته ، والمُنتهجونَ بنهجه ، نعني أبناء الحسن والحسين ، سادات الأمرِ بالمعروف والنّهي عن المُنكر ، انظُر أمير المؤمنين عبدالله بن حمزة بن سليمان (ع) ، يصفُ اقتفاء الأبناء بالآباء ، فيقول : (( لنا أئمةٌ نَرجِعُ إليهِم فِي أمُورِ دِينِنَا، ونُقْدِم حَيثُ أقْدَمُوا، ونُحجِمُ حَيثُ أحجَمُوا، وهُم: عَلِيُّ وَوَلَدَاه عَليهِم أفْضَلُ السّلام )) ، وقَد صحّ الاقتداء بأمير المؤمنين (ع) في هذا ، وذلكَ عندما قال في الخبر الذي روته أمّ المؤمنين عائشة ، فيما رواه البخاري في الصحيح ، لأبي بكر عندما دعاهُ في منزله : (( إنَّنَا لَمْ نَنْفَسْ عَلَيكَ خَيراً سَاقَهُ الله إليك، ولِكِنّا نَرى لَنَا فِي هَذَا الأمْرِ نَصِيباً، فَاسْتَبدَدْتَ!! بِهِ عَلَينَا، فَوَجدنَا!! فِي أنْفُسِنَا ))[1] ، فلَو كانَ (ع) يرى شرعية خلافَة المفضولِ دونَ الفاضل لما كانَ هذا الكلامُ منه إلاَّّ عبثاً ، أعني نعتهُ أبو بكر بالاستبداد والاستئثار ، ولَمَا كانَ لتأخّرِه ستّة أشهرٍ عن المصالحَة والمُسالَمة أيّ معنىً ، ولمَا كانَ لشقشقيته التي هَدَرَت أيضاً أيُّ معنىً ، لأنَّ البعض يتوهّم أنَّ مُسالَمة الكرّار لأبي بكر كانَت مُسالَمةَ رضاً بخلافته، والحقّ أنّها ما كانت إلاّ من باب (( لأسُالمنّ ما سَلِمَت أمورُ المُسلمين )) ، والبعدُ عن شقّ الصفوف ، وتهالُكِ دولَة الإسلام، وتحقيق مصلحةِ الجماعةَ على الفرد ، إذ لو كانَ موقفهُ الرّضا والتصحيح لخلافة الأول ما تشكّى منه بَعدَ أن ماتَ وماتَ معه عُمَرُ وعُثمان ، عندما قالَ (ع) : ((أَمَا وَالله لَقَدْ تَقَمَّصَها فُلانٌ، وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّيَ مِنهَا مَحَلُّ القُطْبِ مِنَ الرَّحَا ))، ثمّ يُوضّحُ (ع) سببَ المُصالحَة والمُسالَمة ، ويُبيّن أنَّه ما حَمَلهُ عَليها إلاَّ الصبرُ لا الرّضا ، فيقول :((فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى ، فَصَبَرتُ وَفي الْعَيْنِ قَذًى!!، وَفي الحَلْقِ شَجاً!! ، أَرَى تُرَاثي نَهْباً، حَتَّى مَضَى الْأَوَّلُ لِسَبِيلِهِ))[2] ، فيا باغي الجواب على هاكَ السّؤال ، تأمّل مواقف المُرتضى بعين البصيرةِ لا البَصرَ ، فَكم مِن بَصَرٍ لا يُبصِرُ إلاَّ أقوالَ الرّجال والتعنّتُ لتصحيحها وتقويتها ، فأطِلقْ بصرَك بعدَ الذي ذَكرنا مِن موقفِ أمير الءمنين وموقفهُ الأصل والفَصل في هذا اللجاج ، أطلقهُ وانظُر مقالَة ريحانة الرّسول وبِكرُ أبيه وفلذَةُ كَبِدِ الزّهراء عندما قالَ في إحدى رسائلهِ إلى أهل البصرة : (( إنَّ اللهَ بَعَثَ مُحمّداً وكَانَ النّاسُ عَلى ضَلالَة، فَهَدى بِه الخلق، ثمّ قَبضَهُ وَنَحنُ أحَقُّ النَاسِ بِمَكَانِه !! ، غَيرَ أنَّ أقوامَاً تَقدّمُونَا واجتَهَدُوا فِي طَلَبِ الحقّ، فَكَفَفنَا عَنهُم تَحرّياً لإطفَاء نَارِ الفِتنَة، حَتّى جَاء قَومٌ غيّروا وبَدّلُوا فَحَاربنَاهُم ))[3] ، انظُر أبي محمدٍ الحسنَ (ع) يصِفُ القومَ بأخذٍ أمرٍ كانَ أهلُ البيت أحقّ بهِ منهُم ، وهذا نوعٌ مِن التّشكي من هذا الفِعل ، نوعٌ مِن عدَم الرّضا به ، نوعٌ مِن عدَم رؤية صحّة خلافتهم دونَ الفاضل علي بن أبي طالب (ع)، ويؤكّد هذا من أبي مُحمّدٍ (ع) تعليلهُ الكفَّ عن المشائخ وعدمِ مقاومتهم بالتّحري لإطفاء نائرَة الفتنة ، والصبرُ مادام في السّلو بُعدٌّ عن تعريض الإسلام للخطر ، فهذا قولٌ صُراحٌ بِعدَم الرّضا عن أصلِ خلافة المشائخ . أيضاً يقولُ الإمام أبو محمد الحسن بن علي (ع) في إحدى رسائله إلى معاوية الطليق : (( وَقَدْ تَعَجّبنَا لِتَوثّبِ المُتَوثّبينَ عَلينَا فِي حَقّنِا وُسُلطَانِ نَبيّنَا صَلى الله عليه وآله ، وإنْ كَانُوا ذَوي فَضِيلةٍ وسَابِقَةٍ فِي الإسلام، فَأمْسَكنَا عَن مُنَازَعَتِهِم مَخَافَةً عَلى الدّين ، أنْ يَجِدَ المُنافِقُونَ والأحْزاب بِذلِكَ مَغمَزاً يَثلِمُونَهُ بِه، أو يَكونَ لَهُم بِذلكَ سَبَبٌ لِمَا أرَادُوا بِه مِن فَسَادِه ))[4] أيضاً انظُر سيد شباب أهل الجنة (ع) يتشكّى ممّا كانَ فَعلهُ المشائخ ، ووصفهُ بالتوّثب كما وصفهُ أبوهُ قبلَهُ بالاستبداد ، وفي هذا دليلٌ على عدم الرّضا بالخلافة حتّى بعدَ المُسالمَة بينَ عليٍّ وأبي بكر ، ثمَّ انظر التعلّل الذي تعلّلَ به الحسن عن عدمِ المُنازعَة للمشائخ ، مِن حفظِ بيضة الإسلام والمُسلمين ، وعدم فتحِ الأبواب للمنافقين والمرتدّين ، وفي هذا جوابٌ على مَن قالَ ألا يستطيعُ عليٌّ أخذَ حقّه وهُو ليثُ الكتائب ومُزلزلُ الصناديد ؟ . نعم! وبعدَ الإمام الحسن يأتي أبو الحسين الإمام الشهيد السعيد زيد بن علي (ع) فيقولُ فيما روته عنه العامّة ، كما قالَ آباؤهُ الطّاهرين ، وذلكَ في خبرِ الرّافضة قبّحَهُم الله عندمَا بَلَغَهُم شدّة هشام بن عبدالملك أخزاهُ الله في تتبّع المبايعينَ له ، فأرادو التملّص من البيعة ، فقَدموُا إليه : (( فَقَالُوا لَه : مَا قَولُكَ يَرحَمُكَ الله فِي أبى بَكرٍ وعُمَرْ؟ فَقَالَ : غَفَرَ الله لَهُمَا ، مَا سَمِعتُ أحَداً مِن أهلِ بَيتِي تَبرّأً مِنهُمَا ، وأنا لا أقُولُ فِيهِمَا إلاَّ خَيراً ، قَالوا : فِلِمَ تَطلبُ إذاً بِدَمِ أهلِ البيت ؟ فَقال : إنّا كُنّا أحَقُّ النّاسِ بِهَذَا الأمْر ولِكِنَّ القَومَ اسْتأثَرُوا عَلينَا بِه ، ودَفَعُونَا عَنه ، ولَم يَبلُغ ذَلِكَ عِندنَا بِهِم كُفراً ، قَد وَلُو فَعَدَلُوا وعَمِلُوا بِالكِتَابِ والسنّة ))[5]، انظر حليف الاستقامَة والقرآن ، يقولُ بقول آبائه الكرام (على فرض تقوية هذا الخبر والصحيح أنّه محل نظر) ، يصفُ أحقيّة الفاضل على المفضول ، أحقيّة أمير المؤمنين على أبي بكرٍ وعُمَر ، ثم يُبيّن عدمَ رضاهُ بإمامة المفضول بقولهِ لَم يَبلغ بهِم كُفراً ، إذ لوكانَ يرى صحّة فِعلِهِما وخلافتهِمَا ما قارنَ ذلكَ بالكُفر أعاذهما الله منه، فهذا الأصل في المسألة ، أعني أصلَ مسألة الخلافة وعدم شرعيتها وعدم وقوعها بالقولِ الذي يَرضَى به أهل البيت (ع)، لأنّ المفضول تقدّم على الفاضل ، فافهم ذلك ، ولا تَخلِط بين عدمّ الرضا على أصلِ المسألة وبين الرّضا على ما جاءَ بعدها أو قبلَها ، أي لا تَخلِط بين عدمّ الرضا بشرعيّة وصحّة خلافة الثلاثة حالّ تقلّدهم الخلافة ، و بين الرّضا بأفعالِهم وسيرتِهم في النّاس بعدَ تقلّدهم الخلافَة ، وبينَ الرّضا بحميدِ أفعالهم بين يدي رسول الله (ص) قبل الخلافة ، وهذا أصلٌ عظيمٌ في المسألة يختلط على الكثير ، ولا يهتدي إليه إلاَّ حاذقٌ بصير ، نعم! قد ذكرنا حالَ أمير المؤمنين (ع) وموقفهُ من أصل الخلافة – حال التقلّد- ومدى بُغضه وعدمِ رضاهُ لهذا الفعل . وأمّا موقفهُ من سيرتِهم أثناء وبعد الخلافة فيُبينهُ زيد بن علي (ع) في كلامه السابق عندما قالَ : ((قَد وَلُو فَعَدَلُوا وعَمِلُوا بِالكِتَابِ والسنّة )) ، وقولُ عليٍّ (ع) مُشيداً بسيرة عُمر بن الخطاب غفر الله له : (( لِلَّهِ بِلَاءُ فُلاَنٍ ، فَلَقَدْ قَوَّمَ الْأَوَدَ، وَدَاوَى الْعَمَدَ ، وَأَقَامَ السُّنَّةَ ))[6] ، ومنها إشادَته بسيرة أبي بكرٍ وعُمرَ ، في بعضِ كلامه المُوجّهِ لعثمان بن عفّان ، فقال (ع) : (( مَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَلا ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) وَشِيجَةَ رَحِمٍ مِنْهُمَا ))[7]، فهذا كما تَرى رضاً منه (ع) بسيرتهما في النّاس ، واجتهادهما في عَمل الصّواب ، وليسَ في هذا الرّضا دلالةٌ على الرّضا بأصل خلافتهما لِمَا تقدّم ، وليسَ في هذا الرّضا أيضاً دلالةٌ على إصابة الشيخين في العَمل بالكتاب والسنّة الإصابَة المُطلَقة ، وإن كانا مُجتهدين على تطبيقها ، إذ لو كانَ ذلكَ كذلك ما وَسِعَ عُمرٌ غفر الله له أن يقول : (( لولا عليٌّ لهلَك عُمَر )) ، وما كانَ لعليٍّ (ع) أن يَرفضَ الالتزام بسيرة الشيخين يومَ الشّورى . وأمّا موقفهُ (ع) من المشائخ قبل الخلافة وفي عهد الرسول (ص) ، فهوُ الرّضا ، لِمَا كانَ لهُم من الحِرصِ والجَلَدِ في نصرة الله والرسول (ص) ، بالمال ، والعتاد ، والأنفس ، وإلى ذلكِ يُشيرُ الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة ، عندما قال : وأمّا (( مَدائِحُهُ لأبي بكرٍ تَنقَسِم : فَما كانَ مِنها قبلَ الإحداثْ فغيرُ ممتَنِع))[8]، ومِن هُنا انتهجَت الزيدية مَنهجَ التوقف في حالَ الثلاثة ، فلعظيم السابقة في الإسلام توقّفوا عن السّب ، ولعظيم ما ارتكبوه في حقَّ عليٍّ (ع) من الاسئثارِ بأمرِ الخلافة توقّفوا عن الترضية ، فكانَ هذا موقفاً وسطاً ، لا إفراطٌ فيه ولا تفريط ، نعم! نعودُ لذِكرِ إجماعات أهل البيت على موقفِ أميرُ المؤمنين (ع) من خلافة المُتقدّمين عليه ، وبيانُ عَدمُ رِضاهُم ، وكُنّا قد ذَكَرنَا موقف أمير المؤمنين، والحسن ، وزيد بن علي
التعديل الأخير تم بواسطة سنية ; 24-09-2008 الساعة 08:06 AM.
فقرَّرهُ الباقر (ع) بالسكوت ، وفي هذا ما يُستدَلّ به على عدم إيمانه (ع) بصحّة بيعة وخلافة أبي بكر الصدّيق ، وأنّهُ يُعدّها من أخطَر البيعات ، كما جَعلها عُمَر بن الخطاب من الفلتات ، ومعَ ذلك لا يرى الباقر (ع) أنّ فعلهُ هذا دليلٌ على الكفر ، أو أنّهُ يستحقّ عليه اللعن ، وهذا الشعر عن الكُميت بن زيد رحمه الله ثابت . وما زال عُلماء آل رسول الله على هذا القول ، جيلٌ بعدَ جيل ، يقولُ فخرُ وفقيهُ آل الرّسول ، الحسن بن يحيى بن الحسين زيد بن علي زين العابدين (ع) : (( أجْمعَ عُلمَاء آل رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ عَليَّ بْنَ أبِي طَالب كَانَ أفْضَلَ النّاس بَعَدَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، وأوْلاهُم بِمَقَامِه، ثمّ مِن بَعدِ أمِيرِ المؤمنين الحَسن، والحسين أوَلى النّاسِ بِمَقَامِ أمِيرِ المؤمنين))[9]، انظر حكايَة الإجماع ، ثمّ انظُر التصريحَ بأحقيته بمقام الرسول (ص) ، وفي زماننا هذا يقولُ عُلماء آل الرّسول بمقالة سابقيهم ومُتقدمّيهم ، ويُجمعونَ على ما أجمعُوا عليه ، وكيفَ للولِدَ مُخالفَة الوالِد ، فيقول الإمام الحجةّ مجدالدين بن محمد المؤيدي الرسي الحسني ، مُستنكِراً على مَن قالَ بصحّة بيعة أبي بكر ابن أبي قحافة : (( وكيفَ تصحُّ البيعةُ وقَد أجمعَ أهلُ بيتِ النبوّة ، أوّلُهُم وآخرُهُم ، وسابِقُهُم ولاحِقُهُم ، على عَدَمِ صِحّتِها ، وإنّما اختلفوا في التأويل للمشائخ الثلاثة ، أمَّا أنّها صحَّت البيعَة وتمّت الإمامة ، فَلَم يَقُل بذلك أحدٌ منهم ))[10]، يريدُ (ع) بذلك أنَّ الاختلاف وقعَ بين أهل البيت (ع) في التوقّف أو الترضية عن المشائخ ، وأمّا الحُكم بصحّة بيعتهم وإمامتهِم فما مِن قائلٍ بذلك ، ولعلّنا نعودُ ونُشير على العاقل ، ألاّ يخلطَ فيجعلَ مِن مَدحِ أمير المؤمنين للثلاثة كما تقدّم بيانهُ ، ألاّ يجعلَ هذا مُستنداً على الرّضا منه (ع) بالطريقة التي تمّ لهُم بها عقدُ الخلافة . و يُعضّدُ ما سبقَ من إجماع أهل البيت على عدم القول بإمامة وتفضيل أبو بكرٍ على عليٍّ (ع) ، من غير طريق الزّيدية ، ما رُويَ أنَّ إبراهيم بن عبدالله الحجبي قالَ للإمام الشافعي رحمه الله : (( ما رأيتُ هاشمياً قَد قَدَّمَ أبا بكرٍ وعُمَرَ على عليٍّ رضي الله عنه غيرك ! ))[11] ، والأقوالُ في هذا كثيرة .نعم! نعودُ لذكر رأي أهل البيت (ع) في إمامة المفضول بوجود الفاضل وبطلانً ذلك القول ، فنقول : قال الإمام الناطق بالحق يحيى بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالبفي كتابه الدّعامة : (( ولا يجوزُ العدولُ عَن الأفضل فيها – الفضائل والصفات - أو مَن هُو كالأفضل ، بالإمامَة إلى مَن هُو دونهُ على وجهٍ مِنَ الوجوه ))[12]، ويقول الإمام نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) : (( أمَّا الإمَامَان ، فَلا يَخلُوانِ مِن أنْ يَكونَ أحَدُهُمَا أفْضلُ مِنَ الآخَر، فَيكُونُ المَفضُولُ بِفَضْلِ الآخَرِ عَليهِ قَد زَالَت إمِامَتُه، ويَلزَمُهُ تَقدِيمُ الفَاضِلِ فِي الدّينِ والعِلمِ وطَاعَته، وذَلِكَ أنَّ الله يَقولُ فِي كِتَابِه: ? وفوق كل ذي علم عليم ? ))[13] ، وإلى هذا أيضاً ذهبَ الشافعي من الفقهاء فيما ذكرهُ عنه أبو عاصم العبادي[14] ، وإلى ذلكَ أيضاً يُشير أحمد بن عبدالله الطبري في كتابه الرياض النضرة في فضائل العشرة. وبهذا يزول الإشكال ، في بطلان جواز ولاية المفضول مع وجود الفاضل ، ويُعضّدهُ كلام وإقرار سادات أهل البيت السابقة الذكر ، والدّالة على عدم الرضا بإمامة المفضول على الفاضل.
التعديل الأخير تم بواسطة سنية ; 24-09-2008 الساعة 08:05 AM.
وبعدَ الإمام الحسن يأتي أبو الحسين الإمام الشهيد السعيد زيد بن علي (ع) فيقولُ فيما روته عنه العامّة ، كما قالَ آباؤهُ الطّاهرين ، وذلكَ في خبرِ الرّافضة قبّحَهُم الله عندمَا بَلَغَهُم شدّة هشام بن عبدالملك أخزاهُ الله في تتبّع المبايعينَ له ، فأرادو التملّص من البيعة ، فقَدموُا إليه : (( فَقَالُوا لَه : مَا قَولُكَ يَرحَمُكَ الله فِي أبى بَكرٍ وعُمَرْ؟ فَقَالَ : غَفَرَ الله لَهُمَا ، مَا سَمِعتُ أحَداً مِن أهلِ بَيتِي تَبرّأً مِنهُمَا ، وأنا لا أقُولُ فِيهِمَا إلاَّ خَيراً ، قَالوا : فِلِمَ تَطلبُ إذاً بِدَمِ أهلِ البيت ؟ فَقال : إنّا كُنّا أحَقُّ النّاسِ بِهَذَا الأمْر ولِكِنَّ القَومَ اسْتأثَرُوا عَلينَا بِه ، ودَفَعُونَا عَنه ، ولَم يَبلُغ ذَلِكَ عِندنَا بِهِم كُفراً ، قَد وَلُو فَعَدَلُوا وعَمِلُوا بِالكِتَابِ والسنّة )
سنية هالكلام باللون الاحمر منج ولا من نسخج بارك الله فيج؟؟ لانه حقا ان كان من قبلكم فهذي اساءه كبيره لن نسامح فيها احد .توقفت عند هالنقطة بعد ان ارى الرد منكم سيتم القراءة للكلام الباقي
أقوال علمَاء الزيدية وغيرهِم في مظلوميّة الزّهراء و حُكم أبي بكر في فدك :
1- قال أبو الحسين أحمد بن موسى الطبري الزيدي رحمه الله تعالى في مجالسه ، ضمن كَلامٍ ناظرَ به رجل من أهل صنعاء : ((..ثمّ أنتَ تَعلمُ أنّ الأمّة مُجمِعَة عَلى قَول النّبي صلى اللّه عليه : ((إنّ اللّه يَغضَبُ لِغَضَبِ فَاطمَة)) ، وأنّهَا مَاتت وهِيَ غَضبَى عَلى أبي بكر ، وعلى مَن عَاونَهُ عَلى قَطع مِيرَاثها مِن أبيهَا وانْتزاع فَدك مِن يَدهَا، لَيس أحدٌ يَشكّ فِي ذَلك مِن أمّة محمّد صلى اللّه عليه ..))[1] .
تعليق : تأمّل رَحِمَك الله ، كيفَ فصلَ أبو الحسين رضوان الله عليه ، بين الميراث وبين فدك ، وتأمّل كيف جعلَ فدك من ممتلكات فاطمة صلوات الله عليها .
2- قال الفقيه العالِم حُمَيد بن أحمد المحلّي : ((والخبر [غَضب الله لِغَضبِ فَاطمة ، وَرِضَاه لِرضَاهَا] يُفيدُ عِصمَةَ فَاطِمَة عَليها السّلام ، ... ، وهَذا يقتضى أنّهُ تعَالى لَم يَرضَ بِمَا فَعَله أبو بكر وعمَر في فَدَك وَالعَوالي ، لأنّهَا لَم تَرضَ بِذلِك ، وأن يكون الله تعالى غاضباً ، لأنَّ المعلوم قَطعاً أنّها غَضِبت لِذَلكَ ، وَهذا مَا لا يُشَكُّ بِه عندَ مَنْ عَرَفَ الآثَار ، وَنَقَّبَ عَنِ الأخبَار ، فَإنَّ المَشهُور أنّهَا ادَّعَت فَدكاً نِحلَةً مِنَ النّبي -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّمَ- ، وَادَّعَت أيضَاً مِيرَاثَها مِنهُ -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّمَ- ، وَلَم تُجَب إلى وَاحِد مِنَ الأمْرَين))[2] .
3- ويذكر ابن أبي الحديد في الشرح ، مُنافرَة وقعَت بين رجل من ولد طلحة بن عبيدالله وبين رجل من أبناء علي بن أبي طالب (ع) ، وهُو إسماعيل بن جعفر الصادق عليهما السلام ، فَسَاقَ ابن أبي الحديد ، ما نصّه : (( كَانَ القَاسِم بن محمّد بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله التيمِي ، يُلَقّبُ أبَا بَعرَة ، وَلِيَ شُرطَةَ الكوفَة لعيسَى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ، كَلّمَ إسماعيل بن جعفر بن محمد الصادق (ع) بِكَلامٍ خَرَجَا فِيه إلى المُنَافَرَة، فَقَالَ القَاسم بن محمد : لَمْ يَزَل فَضْلُنَا وَ إحْسَانُنَا سَابغاً عَليكُم يَا بَني هَاشِم ، وعَلى بَني عبد مَناف كَافّة . فَقال إسماعيل : أيّ فَضْلٍ و إحسانٍ أسْدَيتُمُوهُ إلى بَني عبد مَنَاف ، أغْضَبَ أبوكَ جَدّي بِقَوله : لَيمُوتَنّ محمّد ولَنَجُولَنَّ بَين خَلاخِيلِ نِسَائه ، كَمَا جَال بَينَ خَلاخِيل نِسَائنَا ، فَأنزَلَ الله تَعالى مُرَاغمَةً لأبيك ((وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً)) ، و مَنَعَ ابنُ عمّكَ (يعني أبا بكر) أمّي حَقّهَا (تأمّل) مِن فَدَك ، و غَيرها مِن مِيرَاث أبيها ، و أجْلَبَ أبوكَ على عثمانٍ و حَصَرَهُ حتّى قُتِل ، و نَكَثَ بَيعَة عَلي ، و شَامَ السّيفَ فِي وَجهِه ، و أفْسَدَ قُلوبَ المسلمِينَ عَليه، فَإنْ كَانَ لِبَني عَبد مَناف قَومٌ غَيرُ هؤلاء أسْدَيتُم إليهِم إحساناً فَعَرِّفنِي مَنْ هُمْ جُعِلتُ فِدَاك!!. ))[3] .
تعليق : تأمّل رَحِمَك الله ، كيف أنّ إسماعيل بن جعفر الصادق (ع) ، فصلَ بين فدك وبين غيرها من المواريث المحمّدية ، يدلّك هذا على صحّة الإيهاب والتملكّ من فاطمة (ع) لأرض فدك ، وتأمّل أيضاً كيف عدّ إسماعيل (ع) فِعل أبي بكر مع فاطمة ، ومنعه إياها فدكاً ، من أبرز عيوبه ، فستجد التخطئةَ منه (ع) لفعل وحكم أبي بكر واضحاً ، وتأمّل أيضاً إدخالَهُ واستبشاعَهُ منعَ أبي بكر ميراثَ فاطمة من الرّسول (ص) ، تجد في هذا تجويزاً لِتَوريثِ الأنبيَاء صلوات الله وسلامه عليهم .
(1) مجالس ابي الحسن الطبري 79
(2) محاسن الازهار 285
(3) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد المعتزلي 9/323
أنّهُ قد ثبتَ ( وأقلّ الثبوت وأعظَمُه ) من طريق أهل البيت (ع) ، أنّ أبا بكر أخطأ الصواب ، وإجماع أهل البيت (ع) حجّةُ الحجَج ، قال الإمام زيد بن علي (ع) : ((فَاختِلافنا لَكم رَحمَة، فَإذَا نَحنُ أجْمَعنا على أمرٍ لَم يَكُن للنّاس أن يَعْدوه))[1] ، قال الإمام الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي (ع) : ((وَإذَا رُوِيَ عَن النّبي صلى الله عليه وآله وسلّم خَبَرٌ ، فَرَوَاهُ عُلَمَاءُ آل رَسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على غَيرِ مَا رَوَتهُ الأمّةُ عَن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم كَانَت الحُجَّةُ فِيمَا رَوَاهُ آل رَسول الله، وَأثْبَتُوهُ عَن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم، وَكَذَلِكَ الرِّوَايَةُ عَن أمِيرِ المؤمنِين، إذَا رَوَتِ الأمَّةُ عَنهُ خِلافَ مَا رَوَى خِيَارُ آل رَسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كَانَتِ الحُجَّةُ وَصِحَّةُ النَّقْل مَا رَوَاه عُلمَاء آل رسول الله عَن أمِير المؤمنِين ، فَإذَا اخْتَلَفَت الأمَّةُ بَعدَ أمير المؤمنين في الأحْكَام ، فِي الحَلال والحَرام والسُّنَن ، كَانَ مَا صَحَّ عَنْ عُلَمَاء آل رَسُول الله أَوْجَب أنْ يُؤخَذَ بِه ، وَتَرْكُ مَا سِوَاه ، وَبِذَلِكَ أُمِرُوا أنْ يَتَمَسَّكُوا بِهِم عِندَ الاخْتِلاف وَالتَّفَرُّق)) . نعم ! وليسَ لنا أن نلعنَ ولا نسبّ ولا نشتم أبا بكر لإغضابه أمّ أبيها!! ، فلنا في الفاطميين الحسنيين الحسينين خير أسوة ، وكفى بهم أسوةً وقدوة . نذكرُ هذا لئلاً يكونُ بحثُنا هذا مُتسلّقاً لمِنَ يُكفّر المشائخ ، ونحن إلى الله من هذا براء ، فَما الغَرضُ من هذا البحث كُلّه إلاّ تصحيح بعض المَفَاهيم ، لا التعصّب وإطالَة المِراء ، فواقعُ أمّتِنا يَطلُبُ منّا أن نُغضي عن مِثل هذه المواضيع ، ونحنُ فكان رأيُنا الإغضاء ، وما بدَّل هذا الرّأي إلاّ الضّرورة ، والله فيعلمُ ذلك منّا ، هذا وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
(1) مجموع كتب ورسائل الإمام زيد بن علي : كتاب تثبيت الوصية