أقول مستعيناً بالله ومتوكلاً عليه
إن علينا مراجعة كل النصوص المتعلقة بالمسالة
وليس نصاً واحداً
وأن نربطها معاً لكي نصل إلى الصواب والله أعلم
وإن أخذنا جزئيات منها ستعطينا جواباً
على هذه الجزئية و سيكون خاطئاً
تقول القاعدة الاصولية إن عموم اللفظ
في خصوص السبب هو عموم في الحادثة
وليس عموماً في كل شيئ
لأن لفظ الرسول معلق بموضوع الحادثة أو السؤال
فيكون الحكم معلقاً بذلك الموضوع
ولا يتعداه الى غيره
وحسب هذه القاعدة يتبين من الحديث بنصه الكامل
أن المنزلة خاصة بالحادثة نفسها
ولا تتعدى لغيرها وتبقى محصورة في نفس المسألة
والمنزلة هنا هي الاستخلاف في النساء والصبيان وليست عامة في كل شيئ ومنها الحكم والاستخلاف بعد الممات
وإنما هي محصورة في موضوع الحادثة
وفي جواب السؤال ولا تتعداها
وإذا اقترن بلفظ العموم ما يدل على إرادة العهد
حُمل اللفظ على العهد لا العموم فهذا جرح في دعوى العموم في هذا الموضع والحمد لله رب العالمين ..
لفظ المصطفى صلى الله عليه وسلم خرج مخرج الجواب لسؤال
علي رضي الله عنه
والسؤال معاد في الجواب غير المستقل
وهذا معنى العهد هنا ولا معيار لصحة العموم هاهنا
وقد ذكر علماء أصول الفقه أن اسم الجنس المضاف للمعرفة
أو المفرد المضاف للمعرفة
موضوع للعهد
وذكر بعض المحققين من النحاة أن أصل وضع الاضافة هو باعتبار العهد
فالأقسام الأربعة أعني العهد الخارجي و تعريف الجنس و الاستغراق
و العهد الذهني جارية في المضاف إلى معرفة جريانها
في المعرف باللام و الموصول
بهذا يمكنك أن تعرف أن المفرد المضاف إلى معرفة
أو اسم الجنس المضاف إلى معرفة
يفيد العهد
و بالتالي
فمنزلة هارون
الاضافة فيها للعهد
و أنها منصرفة إلى معهود مذكور في السياق السابق
و هو الاستخلاف المؤقت على المدينة أثناء غزوة تبوك
والحمدلله رب العالمين
فإن قال قائل: إن هذه المنزلة التي جعلها النبي صلى الله عليه واله لعلي عليه السلام إنما جعلها في حياته.
قيل له: نحن ندلك بدليل واضح على أن الذي جعلها النبي لعلي عليهما السلام بقوله:
أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلاأنه لا نبي بعدي " إنما جعله له بعد وفاته، لا معه في حياته فتفهم ذلك إن شاء الله. ومما(1) يدل على ذلك في قول النبي صلى الله عليه واله: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " معنيان.
أحدهما: إيجاب فضيلة ومنزلة لعلي عليه السلام منه، والآخر نفي لان يكون نبيا بعده.(معاني الأخبار ص 84)
نوضح اكثر :
فإن قال قائل : إن هارون مات قبل موسى ولم يكن إماما بعده فكيف قيس أمر علي عليه السلام على أمر هارون بقول النبي صلى الله عليه وآله " : هو مني بمنزلة هارون من موسى " ؟ وعلي عليه السلام قد بقي بعد النبي صلى الله عليه وآله .
قيل له : نحن إنما قسنا أمر علي على أمر هارون بقول النبي صلى الله عليه وآله : " هو مني بمنزلة هارون من موسى " فلما كانت هذه المنزلة لعلي عليه السلام وبقي علي فوجب أن يخلف النبي في قومه بعد وفاته . ومثال ذلك ما أنا ذاكره إن شاء الله : لو أن الخليفة قال لوزيره : " لزيد عليك في كل يوم يلقاك فيه دينار ، ولعمرو عليك مثل ما شرطته لزيد " فقد وجب لعمرو مثل ما لزيد ، فإذا جاء زيد إلى الوزير ثلاثة أيام فأخذ ثلاثة دنانير ، ثم انقطع ولم يأته وأتى عمرو الوزير ثلاثة أيام فقبض ثلاثة دنانير فلعمرو أن يأتي يوما رابعا وخامسا وأبدا و سرمدا ما بقي عمرو وعلى هذا الوزير ما بقي عمرو أن يعطيه في كل يوم أتاه دينار وإن كان زيد لم يقبض إلا ثلاثة أيام . وليس للوزير أن يقول لعمرو : لا أعطيك إلا مثل ما قبض زيد . لأنه كان في شرط زيد أنه كلما أتاك فأعطه دينارا ولو أتى زيد لقبض وفعل هذا الشرط لعمرو وقد أتى فواجب أن يقبض . فكذلك إذا كان في شرط هارون الوصي ان يخلف موسى عليه السلام على قومه ومثل ذلك لعلي فبقي علي عليه السلام على قومه ، ومثل ذلك لعلي عليه السلام فواجب أن يخلف النبي صلى الله عليه وآله في قومه نظير ما مثلناه في زيد وعمرو ، و هذا ما لابد منه ما أعطى القياس حقه .
لو نحينا إرادة العهد فإن (( بمنزلة ))
نكرة في سياق الإثبات فتفيد العموم البدلي لا الشمولي
وهذا أشبه بالعام يراد به الخاص لا العام المخصوص
فالمراد بعض ما يتناوله لفظ منزلة
فيفيد أيضاً حال التخصيص
وكلمة (( منزلة )) بمعنى الرتبة و (( منزلة )) لا تجمع
فـ (( منازل )) غير صحيح
فإضافتها هنا تفيد العموم البدلي لا الاستغراقي
وهذا هو حال النكرة في الأصل وإن أضيفت
أو وصفت في مقام الإثبات ..
والفرق بين العموم البدلي والشمولي
أن الحكم في العموم البدلي على فرد شائع من أفراده
يتناوله على سبيل البدل
وأما الشمولي فيحكم فيه على كل فرد فرد
ويمكن التمثيل بمسائل المطلق
ومن الأمثلة النكرة غير الموصوفة في سياق الشرط
و الاستثناء إخراج ما لولاه لوجب دخوله في المستثنى منه
ووجب يعني حتماً
وعدم إرادة نبوة علي رضي الله عنه أو غيره معلوم بطريق القطع
ليست متوقفة على هذا الاستثناء فهي معلومة
قبل تلفظه صلى الله عليه واله وسلم بـ ( إلا )
والأصوليون يمثلون لهذا المعنى بقوله تعالى
( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا )
ويقولون ( إلا ) هنا بمعنى غير صفة لعدم وجوب الدخول
و الإستثناء معيار العموم
مراد بها صحة الاستثناء معيار العموم
يعني الصحة لا مجرد الوجود اللفظي
و الجمهور على أن النكرة في سياق الإثبات
لا يصح الاستثناء منها لأنها كما تقدم لا تفيد العموم الشمولي
والاستثناء المتصل هو معيار العموم
لوجوب دخول المستثنى في المستثنى منه
وقوله ( إلا أنه لا نبي ) معنى (غير النبوة)
وهذه صفة لـ ( منزلة )
وعليه لا يصح أن يكون معياراً للعموم
ولا يقتضي إلا المغايرة بين ما بعد إلا من المنزلة وما قبلها
وأخيراً أقول
( إلا ) ليست فقط للاستثناء و إنما هي للاستدراك
الذي يسميه النحاة الاستثناء المنقطع
و قاعدة الأصوليين هي في الاستثناء المتصل لا المنقطع
و هذا المذكور هو استدراك أو اسثتناء منقطع
و الدليل
أنه يحسن استبدال إلا بلكن
و أن المستثنى أنه لا نبي بعدي جملة خبرية
و بتأويلها بالمفرد تصبح عدم النبوة و المستثنى منه هو منزلة هارون
و عدم النبوة ليست داخلة في منزلة هارون بل هي نقيضها تماماً
لو نحينا إرادة العهد فإن (( بمنزلة ))
نكرة في سياق الإثبات فتفيد العموم البدلي لا الشمولي
وهذا أشبه بالعام يراد به الخاص لا العام المخصوص
فالمراد بعض ما يتناوله لفظ منزلة
فيفيد أيضاً حال التخصيص
وكلمة (( منزلة )) بمعنى الرتبة و (( منزلة )) لا تجمع
فـ (( منازل )) غير صحيح
فإضافتها هنا تفيد العموم البدلي لا الاستغراقي
وهذا هو حال النكرة في الأصل وإن أضيفت
أو وصفت في مقام الإثبات ..
والفرق بين العموم البدلي والشمولي
أن الحكم في العموم البدلي على فرد شائع من أفراده
يتناوله على سبيل البدل
وأما الشمولي فيحكم فيه على كل فرد فرد
ويمكن التمثيل بمسائل المطلق
ومن الأمثلة النكرة غير الموصوفة في سياق الشرط
و الاستثناء إخراج ما لولاه لوجب دخوله في المستثنى منه
ووجب يعني حتماً
وعدم إرادة نبوة علي رضي الله عنه أو غيره معلوم بطريق القطع
ليست متوقفة على هذا الاستثناء فهي معلومة
قبل تلفظه صلى الله عليه واله وسلم بـ ( إلا )
والأصوليون يمثلون لهذا المعنى بقوله تعالى
( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا )
ويقولون ( إلا ) هنا بمعنى غير صفة لعدم وجوب الدخول
و الإستثناء معيار العموم
مراد بها صحة الاستثناء معيار العموم
يعني الصحة لا مجرد الوجود اللفظي
و الجمهور على أن النكرة في سياق الإثبات
لا يصح الاستثناء منها لأنها كما تقدم لا تفيد العموم الشمولي
والاستثناء المتصل هو معيار العموم
لوجوب دخول المستثنى في المستثنى منه
وقوله ( إلا أنه لا نبي ) معنى (غير النبوة)
وهذه صفة لـ ( منزلة )
وعليه لا يصح أن يكون معياراً للعموم
ولا يقتضي إلا المغايرة بين ما بعد إلا من المنزلة وما قبلها
وأخيراً أقول
( إلا ) ليست فقط للاستثناء و إنما هي للاستدراك
الذي يسميه النحاة الاستثناء المنقطع
و قاعدة الأصوليين هي في الاستثناء المتصل لا المنقطع
و هذا المذكور هو استدراك أو اسثتناء منقطع
و الدليل
أنه يحسن استبدال إلا بلكن
و أن المستثنى أنه لا نبي بعدي جملة خبرية
و بتأويلها بالمفرد تصبح عدم النبوة و المستثنى منه هو منزلة هارون
و عدم النبوة ليست داخلة في منزلة هارون بل هي نقيضها تماماً
و ( بمنزلة هارون )
الاضافة فيها للعهد
وهي منصرفة إلى معهود مذكور في السياق السابق
و هو الاستخلاف المؤقت على المدينة أثناء غزوة تبوك
والحمدلله رب العالمين والعاقبة للمتقين ..
اخي الفاضل كلامك كله انشائي لا يفيد شيء
فلماذا لم يقل لأصحابه الذين استخلفهم انتم مني بمنزلة هارون من موسى
لماذا كررها مع علي عليه السلام ؟؟
إنما قسنا أمر علي على أمر هارون بقول النبي صلى الله عليه وآله : " هو مني بمنزلة هارون من موسى " فلما كانت هذه المنزلة لعلي عليه السلام وبقي علي فوجب أن يخلف النبي في قومه بعد وفاته .
ولا ننسى كان هارون افضل شخص في قوم موسى عليهما السلام و لا يتقدم عليه احد في حال حياته
و في نفس الحديث افادة قوية انه لا نبي بعده(( اي شرط )) و هذا دليل قوي على انه خليفته لكنه ليس بنبي
لكن اقرن هذا الحديث بحديث آخر مثل :
انت مني و انا منك
من كنت مولاه فهذا علي مولاه
هو ولي كل مؤمن بعدي
كتاب الله و اهل بيتي
انا المنذر و علي الهادي
فلماذا لم يقل لأصحابه الذين استخلفهم انتم مني بمنزلة هارون من موسى
سبب ذلك أن كل من استخلفه
لم يظن أن في استخلافه نوع نقص
فلم يحتج أن يقول له هذه الجملة
فيكون معنى الحديث
أنت مني بمنزلة هارون من موسى
فكما أن موسى أستخلف هارون في حياته
فكذلك أنا أستخلفك في حياتي
ثم الرسول صلى الله عليه واله وسلم
أستخلف علياً على الصبيان والنساء
ولم يستخلفه على المدينة
إنما خلف على المدينة مكانه محمد بن مسلمة
ليتولى رعاية شؤون المسلمين وادارة شؤون الحكم
وخلف علياً على أهله وأمره بالإقامة فيهم فأرجف به المنافقون وقالوا ما خلفه إلا استثقالا له وتخففا منه
فلما قال المنافقون ذلك أخذ علي سلاحه
ثم خرج حتى أتى رسول الله وهو نازل بالجرف
فقال يا نبي الله زعم المنافقون أنك إنما
خلفتني أنك استثقلتني وتخففت مني
فقال كذبوا ولكني خلفتك لما تركت ورائي
فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك أفلا ترضى
يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى
إلا أنه لا نبي بعدي
وواقع الحادثة أن علياً خلف في أهله
فلا يعمم ليشمل الخلافة
أيضاً واقع الحادثة أن الرسول استخلف
على المدينة محمد بن سلمة (أي الحكم)
لا يدل على أن هذا الشخص الذي خلفه هو خليفة مكانه
بدليل أن الرسول استخلف كثيرين في الغزوات
ففي غزوة العشيرة استعمل على المدينة
ابا سلمة بن عبد الاسد
وفي غزوة سفوان استعمل على المدينة
زيد بن حارثة ... الخ
ومعنى الفاظ
(الا ترضى ان تكون بمنزلة هارون من موسى)
أي أما ترضى أن يكون مثلك فيما تخلفني فيه
مثل ما يخلف هارون موسى
فهو تشبيه لعلي- بهارون -
ووجه الشبه هو الاستخلاف
و المراد من الحديث تطييب خاطر علي
لإنه جاء غير راض بهذا الإستخلاف
وهو في نفس الوقت إفهام لعلي
أنه هو الذي يقوم مقامه في أهله إذا غاب
كما قام هارون مقام موسى في قومه إذا غاب
واستثناء الرسول (إلا انه لا نبي بعدي)
نفي للنبوة عن الشبه
ولا يفهم منه أي بعد وفاته
لأن الكلام في الإستخلاف حال الحياة
وليس بعد الوفاة
فقد اتفقوا السنة والشيعة
على أن هارون قد مات
في حال حياة موسى عليهما السلام
وهذا هو معنى الحديث ولا توجد فيه أية إشارة للإستخلاف في الخلافة
ولا يفهم منه مطلقاً أن الرسول أراد بالحديث أن ينص على جعل علي -رضي الله عنه -
خليفة على المسلمين بعد وفاة الرسول
صلوات ربي وسلامه عليه
اقتباس :
لكن اقرن هذا الحديث بحديث آخر
لا يصح أن نقرن هذا الحديث بأحاديث أخرى
لأننا نريد أن نعلم ماهو المغزى
من قوله صلى الله عليه واله وسلم
( أنت مني ... الخ )
إنما نورد جميع الأحاديث الصحيحة المتواترة
في حديث المنزلة فقط
فلا يمكن بحث كلمة منزلة وحدها دون إيراد
جميع النصوص الشرعية المتعلقة بالمسألة كاملة
فالفقهاء عندما يريدون أن يستنبطوا حكما شرعياً
يضعوا كل النصوص الشرعية المتعلقة بالمسألة
ثم يستنبطوا حكما مستنداً على القواعد الاصولية
ولك أن تراجع مشاركاتي السابقة وتتأمل مافيها
والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ..