|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 32701
|
الإنتساب : Mar 2009
|
المشاركات : 579
|
بمعدل : 0.10 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
ايها الشاب.. لا تسرع فنحن في عصر السرعه
بتاريخ : 04-11-2009 الساعة : 07:07 PM
شباب اليوم وعصر السرعة
من المفاهيم الخاطئة السائدة بين بعض شباب اليوم وفتياته هي أننا في عصر السرعة.
والعصر- والحق يقال- عصر سرعة، في النقل والمواصلات، والتواصل والاتصالات، والفضائيات والمعلومات.
ولكن... ما دخلُ ذلك في عمل أقوم به ويراد منِّي أن أنجزه على خير وجه وكما يرام؟!
قد يكون دخله في انه يهيئ لي مستلزمات العمل بسرعة أكبر من السابق. فبالأمس كنت – مثلاً- أستعين بمكتبة المدينة حتى أنجز بحثاً أو أعد دراسة، الأمر الذي يتطلب مراجعات عديدة وأوقاتاً كثيرة وجهوداً طائلة، واليوم المكتبة تقف ماثلة بين يدي وتنتظر إشارة مني، أو الضغط على أزرار معينة مما يمكنني من التسريع في إعداد البحث وإنجاز الدراسة.
لكن البحث نفسه يحتاج إلى زمن كافٍ حتى ينضج ويأتي مقنعاً متكاملاً، ولا يعفي الكاتب أن يتذرع بالسرعة إن كان بحثه أو دراسته غير مستوفية للشروط، بل إنَّ الإمكانات المتاحة- والمشار إليها- تجعل الحساب عسيراً على الباحث الذي يقصر في بحثه، فالإنتاج السريع غير المتأني كثيراً ما يكون باهتاً وعرضة للنقد وللنسيان بسرعة.
وقد تكون السيارة اختصرت لي الكثير من الوقت الذي كنت أضيعه في الطريق إلى زيارة قريب أو صديق، لكن طبيعة الزيارة ينبغي أن لا تقع تحت طائلة المقولة الشائعة(نحن في عصرالسرعة) خاصة إذا كانت الزيارة مما يوطّد العلاقات الاخوانية، أو مما يعزّز صلة الرحم، ويرطب الأجواء ويعيد ما تكدرّ من مياه إلى صفائها، أو حتى في دفع الهموم والغموم المتراكمة جرّاء اللهاث اليوميّ، او كانت مما يساعد في زيادة العلم والمعرفة.
لقد طالب الاسلام باختصار زيارتنا للمريض لأن المريض بطبيعة وضعه الصحي والنفسي لا يتحمل إلا طالة في الحديث والإنفعال والمشاركة، ولكنه – أي الاسلام- لم يطالبنا باختصار زياراتنا لإخواننا وأصدقائنا الأصحّاء. نعم، نهانا عن الإثقال عليهم واضطهادهم في البقاء لساعة متأخرة. أو البقاءعندهم رغم انشغالهم بأمور أهم.
السرعة مطلوبة في جوانب ومرفوضة في جوانب.
ففي أعمال البّر والخير والإصلاح والإحسان، العجلة مطلوبة ومحبوبة ولذا جاء في الحديث الشريف:" خير البرّ عاجله".
وفي الأعمال التي تتطلب دقة ومهارة وصبراً طويلاً وإتقاناً كبيراً، تغدو السرعة كمن يضع المواد الغذائية في قدر يعمل بالضغط البخاري لأجل أن ينضج الطعام بسرعة قياسية ، والمتمتعون بذائقة جيّدة للأطعمة يقولون إنّ الطعام حتى يكون لذيذاً شهياً فلابد من أن يطهى على مهل وليس على عجل.
لقد أصبحت السرعة طابعاً للعلاقات والصداقات والانتماءات السريعة، وللزيجات السريعة، والمعاملات السريعة، والقراءات السريعة،والمتابعات السريعة والوجبات السريعة، ولذلك كثيراً ما انقلبت السرعة إلى ردّ فعل عكسيّ، فالصداقة السريعة تتحول إلى عداوة مقيتة، والزواج السريع إلى محاكم الطلاق، والقراءة السريعة إلى الإستنتاجات الخاطئة، والوجبات السريعة إلى المصحّات وعيادات الأطباء والصيدليات.
نعم، لقد وصف الله تعالى الانسان بالعجلة في قوله:" خلق الانسان من عَجَلٍ".
فهو يتعجّل الخير، ويتعجّل النتائج، ويتعجّل الصعود غلى القمّة، ويتعجّل الوصول بسيارته إلى مقصده، ويتعجّل قطف ثمار ما يزرع وهي فجّة، ونسي أنّ" في العجلة الندامة وفي التأنّي السلامة". ونسي أيضاً أنّ " مجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه".
وجميل أن نوظّف كل دقيقة من دقائق حياتنا، بل وكلّ لحظة فيما ينفع الناس وينفعنا.
جميلٌ أن لا نؤجّل عمل اليوم إلى غد.
جميلٌ أن نعجّل بالبّر.
ولكن الأجمل:
أن لا نضحي بالجودة والإتقان والدقّة والكفاءة العالية...
وبدلاً من أن يكون شعارنا(اسرع.. فأنت في عصر السرعة)... ليكن شعارنا" رحم الله امراً عمل عملاً فأتمه وأتقنه".
|
|
|
|
|