89- حدثنا عبدالرزاق قال أخبرنا ابن جريح قال أخبرني نافع أن ابن عمر كان يقول كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة ليس ينادى لها فتكلموا يوماً في ذلك فقال بعضهم اتخذوا ناقوساً مثل ناقوس النصارى ، وقال بعضهم بل بوقاً مثل قرن اليهود ، فقال عمر : أَوَلا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة ؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بلال قم فناد بالصلاة
تقول العامة أن عبدالله بن زيد رأى الأذان في عالم الرؤيا بفصوله وتمامه ، وتقول أيضاً أن عمر عند سماعه الأذان جاء مسرعاً وقال : لقد رأيت مثل الذي رأى ابن زيد ويقولون أيضاً أن عمر كان قد رأى الأذان في عالم الرؤيا فكتمه عشرين يوماً ثم أخبر به النبي الأكرم فقال : ما منعك أن تخبرنا ؟ قال سبقني عبدالله بن زيد فاستحييت [1]
أقول :
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشاور أصحابه بكيفية النداء للصـلاة ويجلس متحيراً أياماً وليالي منتظراً من الصحابة المشورة إلى أن رأى ابن زيد الرؤيا بكيفية الأذان وفصوله !
عجباً والله لهؤلاء الذين يدعون بأنهم أهل العامة كيف قبلوا بهذا الحل الساذج ؟!
ألم يسألوا أنفسهم بأن الرسول طالما كان محتاراً بشأن الأذان فلماذا لم يَرَ الرؤيا بنفسه لأن رؤياه صادقة ويؤخذ بها شرعاً كما يقظته وهو ليس كبقية البشر ، ولماذا لم يخبره جبرئيل عليه السلام بكيفية الأذان وبيان فصوله ، وهل هذا سوى محاولة للتلاعب بالتشريع الإلهي
وما هذه المصادفة أن يرى ابن زيد الرؤيا ويرى عمر الرؤيا نفسها بالأسلوب نفسه من حيث فصول الأذان ؟!
ولماذا يأتي اسم عمر دائماً في التشريع ؟!
فمثلاً : وافقت ربي في ثلاث - مقام ابراهيم – فنزلت الآية ، الحجاب – فنزلت الآية ، أسارى بدر – وهنا الأذان
ألا تشك أيها المسلم من كثرة تكرار مشاركة عمر للنبي الأكرم في التشريع وأن ذلك كذب محض ؟!
جاء في صحيح ابن خزيمة حدثنا بندار أخبرنا أبو بكر – يعني الحنفي – أخبرنا عبدالله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر : ان بلالاً كان يقول أول ما أذَّن أشهد أن لا إله إلا الله حي على الصلاة ، فقال له عمر : قل في أثرها أشهد أن محمداً رسـول الله ، فقـال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قل كما أمرك عمر [2] .
يقول المحقق الدكتور محمد مصطفى : إسناده ضعيـف جداً والحديث باطل !!
لاحظ أخي الكريم هذه الرواية وكأن الأذان نزل نزولاً تدريجياً ، أي أنه لم يكن متكاملاً في بدء الدعوة والطامة الكبرى أن عمر دائماً يشير ويوجه الرسول الأكرم ويحاول أهل العامة أن يشركوه مع النبي في رسالته السماوية
وفيه أيضاً : قال أبو بكر في خبر عبدالله بن زيد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة إنما يجتمع الناس إليـه للصلاة بحين مواقيتها بغير دعوة [3]
ويقول المحقق محمد مصطفى : إسناده معضل ! انتهى .
يعني بذلك أنه سقط من إسناده إثنان فصاعداً ، وبعبارة أخرى : هذا الحديث لا يصلح للاستشهاد به !
قال الحاكم في المستدرك على الصحيحين
عن سفيان بن الليل قال : لما كان من أمر الحسن بن علي ومعاوية ما كان قدمت عليه المدينة وهو جالس في أصحابه فذكر الحديث بطوله قالفتذاكرنا عنده الأذان ، فقال بعضنا : إنما كان بدء الأذان رؤيا عبدالله بن زيد بن عاصم ، فقال له الحسن بن علي إن شأن الأذان أعظم من ذاك ، أذَّن جبريل عليه السلام في السماء مثنى مثنى وعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأقام مرة مرة فعلمـه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأذن الحسن حين ولي [4]
وهذا يفنِّد ما يدَّعيه أهل العامة في شأن الأذان ويتبين لنا أن الأذان شُرِّع يوم أُسري برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ونحن نعلم علم اليقين بأن الإسراء والمعراج كان في مكة المكرمة ، وقد شرع الأذان في ذلك الحين أي قبل الهجرة
يقول ابن حجر
وردت أحاديث تدل على أن الأذان شُرِّع بمكة قبل الهجرة [5]
وأقول :
من هو ابن زيد أو عمر حتى يُشرِّعوا هذه الشعيرة – الأذان – ويشيروا بها على رسولنا الأكرم عندما كان محتاراً في كيفية النداء للصلاة ، فمن يكون نبياً رسولاً وله رب حكيم قدير فإنه لن يحتار في أمر كهذا ولن يحتاج إلى مشورة الصحابة في ذلك .
باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعه
90حدثنا مالك أتينا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شَبَبَة متقاربون فأقمنا عنده عشرين يوماً وليلة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيماً رفيقاً فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا ، فأخبرناه قال : ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها وصلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم
ورد هذا الحديث في البخاري في كتاب الأذان ، باب بدء الأذان ، للمسافرين ، وباب إثنان فما فوقهما ، وباب المكث بين السجدتين ، وكتاب الأدب ، باب رحمة البهائم ، وكتاب أخبار الآحاد ، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد
لاحظ عبارة ( وصلوا كما رأيتموني أصلي ) وأنس يقول : قد ضيعتم الصلاة ، وعمران بن حصين يقـول بعد أن صلى خلف الإمام علي عليه السلام : ( لقد ذكرني هذا صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) كما مر عليك في الصفحات السابقة ، ولاحظ النبي الأكرم كيف يوصي هؤلاء قبل الرحيل وقبل أن يودِّعوا الرسول بالذهاب إلى أهليهم
نعم .. يوصيهم وصية خاصة ويقول ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) بدون زيادة ولا نقيصة وذلك لأهمية الصلاة فهي عمود الدين إن قُبِلت قُبِل ما سواها وإن رُدَّت رُدَّ ما سواها وهذا النبي الموصي بذلك لا يطبق قوله !! ينام عن الصلاة حتى تشرق الشمس ! ينسى كم صلى أربعاً أو خمساً متهاوناً وشارد الذهن عن القراءة ! يصلي وحين السجود يغمز رجل عائشة كي تقبضهما وإذا قام بسطتهما وهو في حالة القراءة وقبل الركوع والسجود يكون تفكيره بكيفية غمز رجل عائشة ! وسنوافيك بالمزيد في محله
باب إذا قال الإمام مكانكم
91- عن أبي هريرة قال : أقيمت الصلاة فسوى الناس صفوفهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم وهو جُنُب ثم قال : على مكانكم فرجع فاغتسل ثم خرج ورأسه يقطر ماءً فصلى بهم .
يقول ابن حجر :
فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب . انتهى
نبي الأمة ينسى أنه جنب وينسى أنه لم يغتسل !
وأقول :
إن هذه الروايات وضعت ليُبَرِّروا ما صدر من بعض من يعتقدون فيهم من الصحابة من مخالفات للدين فقاموا بالطعن بشخص النبي الكريم من أجل عيون هؤلاء الصحابة ، وسوف نذكر لاحقاً وبالتفصيل ما يختص بهذا الموضوع
باب حد المريض أن يشهد الجماعة
92- ... عن إبراهيم قال الأسود قال : كنا عند عائشة (رض) فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها ، قالت : لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة فأذن فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس فقيل له : إن أبا بكر أَسِيف إذا قام في مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس ، وأعاد فأعادوا له ، فأعاد الثالثة ، فقال : إنكن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصل بالناس ، فخرج أبو بكر فصلى فوجد النبي صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فخرج يُهادَى بين رجلين كأني أنظر رجليه تخطان من الوجع فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن مكانك ثم أتي به حتى جلس إلى جنبه ، قيل للأعمش : وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأبو بكر يصلي بصلاته والناس يصلون بصلاة أبي بكر فقال برأسه نعم
يقول ابن حجر :
قوله ( أسيف ) ... وهو شدة الحزن .
قوله ... ( إنكن صواحب يوسف ) ... المراد أنهن مثل صواحب يوسف في إظهار خلاف ما في الباطن ، ثم إن هذا الخطاب وإن كان بلفظ الجمع فالمراد به واحد وهي عائشة فقط ، كما أن صواحب صيغة جمع والمراد زليخا فقط .
ويقول :
فقال له – أي بلال – إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس ، فقال أبو بكر – وكان رجلاً رقيقاً – يا عمر صل بالناس ، فقال له عمر : أنت أحق بذلك .
أقول :
يقول ابن حجر : إن أبا بكر كان رجلاً رقيقاً ، وفي رواية : لا يسمعه الناس من البكاء !!
عجباً والله لهؤلاء بادعائهم ذلك ! ألم يعلموا أن البكاء من الخشوع لا يبطل الصلاة ؟! بل هو مندوب إن كان خشية من الله تعالى .
النبي الأكرم يأمر أبا بكر بأن يصلي في الناس ، ثم يخرج بعد أن يجد من نفسه خِفَّة .
أليس من حق المسلم أن يبحث عن الحقيقة ، ولماذا كل ما ورد في كتب التأريخ الإسلامي أو كتب الحديث نأخذ به من دون تريث وتمحيص ؟!
وكأن الأمر من المسلمات لا يجوز النقاش فيه ؟
أليس من الممكن أن هؤلاء الصحابة أو عائشة هي التي أمرت أباها أن يصلي بالناس ؟!
ولهذا عندما علم الرسول الأكرم أن ابن أبي قحافة يصلي بالمسلمين خرج وهو في تلك الحالة الصعبة كي يُنَحِّيه جانباً وهذا ما حصل بالفعل
وإلا فكيف يأمره النبي ثم يخرج ليُنَحِّيه جانباً ، وتقول الرواية : فوجد النبي من نفسه خفة ! وفي الرواية نفسها ( رجليه تخطان من الوجع ) ! أي خِفَّة هذه ورجلاه تخطان الأرض !
إنما رأى الرسول الأكرم أن من واجبه تنحية أبي بكر وإن كان ذلك على حساب صحته
لماذا تؤخذ القضايا وكأنها من المسلمات ، ألا يجدر بنا أن نسأل مثل هذه الأسئلة ؟!
وفي الرواية أيضاً أن أبا بكر تنحى من مكانه وهذا يؤيد ما نقوله ، بأن سبب خروج الرسول الأكرم على تلك الحالة الصعبة ما كان إلا لكي ينحي ابن أبي قحافة ، وعلى فرض أن الرسول أمر أبا بكر بالصلاة في الناس – وهو طبعاً فرض محال ولكن ! – أقول : عندما بعث النبي الأكرم بسورة براءة ليقرأها على المشركين نزل جبرئيل عليه السلام وقال بأن الجليل يقرئك السلام ويقول إنه لا يؤدي ذلك إلا أنت أو رجل من أهل بيتك فبعث علياً عليه السلام فأخذ براءة من أبي بكر بأمر من النبي الأكرم الذي أمره الله بذلك .
وأقول :
بأن النبي أمر أبا بكر بالصلاة بالمسلمين ، فأمره الله أن ينحيه جانباً ففعل كما أمره الله تعالى ونحاه جانباً وصلى الرسول بنفسه بالمسلمين كما حدث عندما بعث علياً بسورة براءة كما ذكرنا ذلك .
93- ... عن الزهري قال : أخبرني عبيدالله بن عبدالله قال : قالت عائشة لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي فأذن له فخرج بين رجلين تخط رجلاه الأرض وكان بين العبـاس ورجل آخر ، قال عبيدالله فذكرت ذلك لابن عباس ما قالت عائشة فقال لي وهل تدري من الرجل الذي لم تُسمِّ عائشة ؟ قلت : لا ، قال : هو علي بن أبي طالب
يصور لنا هذا الحديث أن هذا النبي لم يكن عادلاً بين زوجاته حتى آخر حياته وآخر رمق فيه ! نراه هنا يطلب من بقية زوجاتـه أن يمرض في بيت عائشة ، وعندما يطلب ذلك من نساءه فمن غير المعقول أن ترفض إحداهن ذلك ، لأنه طلب منهن والطلب هذا كالأمر ، وحتى إن كانت إحداهن غير راضية فسوف توافق على ذلك وعلى مضض ، وهؤلاء النسوة لم يكُنَّ قد أخذن حقوقهن كما كانت عائشة قد أخذت ذلك ، فاقرأ ما في البخاري ومسلم وبقية السنن لترى صحة قولنا في ذلك .
والله سبحانه وتعالى يطلب العدل بين الزوجات ويقول أيضاً : { ولن تستطيعوا أن تعدلوا } أي في المحبة والميل القلبي ، ولكن لا يجوز أن يبين الزوج ذلك الميل والحب الزائد لبقية زوجاته ، وذلك لأن فيه عواقب سيئة ووخيمة .
جاء في البخاري :
... ثم إنهن – أي نساء النبي – دَعَوْنَ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول : إن نساءك يُنشدنك العدل في بنت أبي بكر ، فكلمته فقال : يا بنية ألا تحبين ما أحب ؟ قالت بلى ، فرجعت إليهن فأخبرتهن فقلن : ارجعي إليه فأبت أن ترجع ، فأرسلن زينب بنت جحش فأتته فأغلظت وقالت : إن نساءك يُنشدنك الله العدل في بنت أبي قحافة ... إلى آخر الحديث( 3)
راجع إن شئت ذلك أيضاً صحيح مسلم ، كتاب فضائل الصحابة ، باب في فضل عائشة
يتبين لنا من خلال قرائتنا للحديث أن الرسول الكريم لم يكن عادلاً لأنهن طلبن منه العدل بينهن ، فيا أخي الكريم هل يقبل عقلك السليم ويتقبل رواية كهذه الرواية ، وهل يعقل أن الرسول الأكرم العادل في جميع أموره وهو المُسدَّد من قِبَل الله تعالى أن يكون ظالماً لزوجاته ، فالنتيجة أن ذكر عائشة ومحبة الرسول لعائشة لا يكون إلا تضخيماً لأبي بكر ليس إلا وأيضاً عائشة لم تُطِق ذكر اسم الرجل الآخر وهو سيد الأوصياء والبطل الغالب علي بن أبي طالب عليه السلام وزوج البتول التي أنجبت له ريحانتـي الرسول وإن كانت هذه المحبوبة ! أي عائشة قد عقمت
(188) فتح الباري لابن حجر ، ج2 ، ص98 ، كتاب الأذان ، باب بدء الأذان
(189) ج1 ، ص188-189 ، كتاب الصلاة ، باب بدء الأذان والإقامة ، حديث 362 ، ط المكتب الإسلامي
(190) نفس المصدر السابق ، ص190 ، حديث 365
(191) ج3 ، ص171 ، كتاب معرفة الصحابة ، ط بيروت
(192) فتح الباري ، ج2 ، ص98 ، كتاب الأذان ، باب بدء الأذان
94- ... عن أبي سلمة قال : سألت أبا سعيد الخدري فقال : جاءت سحابة فمطرت حتى سال السقف وكان من جريد النخل فأقيمت الصلاة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين ، حتى رأيت أثر الطين في جبهته .
ورد هذا الحديث في البخاري ، في كتاب الأذان ، باب السجود على الأنف ، وباب من لم يمسح جبهته ، وكتاب التراويـح ، باب التماس ليلة القدر ، وباب تحري ليلة القدر ، وكتاب الاعتكاف ، باب الاعتكاف في العشر الأواخر ، وباب من خرج من اعتكافه .
هذه الرواية تبين لنا أن الرسول لم يسجد إلا على الأرض .
جاء في المصنف في الأحاديث والآثار : أول من ألقى الحصى في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب .
كان الناس إذا رفعوا رؤوسهم من السجود نفضوا أيديهم ، فأمر بالحصى فجيء به من العقيق فبسط في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم [1] .
لاحظ أن الصحابة أيضاً لم يقبلوا بفرش المسجد بالسجادة مثلاً ، بل فرشوه بما يجوز السجود عليه فتأمل .
راجع ج 1 ، ص 145 ، حديث 59 ، باب الصلاة على الحصير من كتاب الصلاة .
باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة
95- عن أبي موسى قال : مرض النبي صلى الله عليه وسلم فاشتد مرضه فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس ، قالت عائشة : إنه رجل رقيـق إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس ، قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس ، فعادت فقال : مري أبا بكر فليصل بالناس فإنكن صواحب يوسف فأتاه الرسول فصلى بالناس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
96- عن عائشة ... أنها قالت : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه مروا أبا بكر يصلي بالناس ، قالت عائشة : قلت : إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يُسمِع الناس من البكاء ، فَمُر عمر فليصل للناس ، فقالت عائشة : فقلت لحفصة قولي له إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل للناس ، ففعلت حفصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مَهْ ! إنكن لأنتنَّ صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصل للناس ، فقالت حفصة لعائشة : ما كنت لأصيب منك خيراً
97- ... عن حمزة بن عبدالله أنه أخبره عن أبيه قال : لما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه قيل له في الصلاة فقـال : مروا أبا بكر فليصل بالناس ، قالت عائشة : إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ غلبه البكاء ، قال : مروه فيصلي فعاودته ، قال : مروه فيصلي إنكن صواحب يوسف
أقول :
دار نقاش بين عالم سني وآخر شيعي فقال العالم السني للعالم الشيعي : إمامة وخلافة أبي بكر ثابتة وذلك عندما أمر الرسول الأكرم فقال مروا أبا بكر يصلي بالناس .
فأجابه العالم الشيعي فوراً وبلا تردد وقال : إن النبي ليهجر !
راجع ج 1 ، ص 201 ، حديث 92 ، باب حد المريض أن يشهد الجماعة من كتاب الأذان وكذلك : ج 3 ، ص 495 ، حديث 896 ، باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم من كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة .
باب من دخل ليؤم الناس
98- عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال أتصلي للناس فأقيم ؟ قال نعم ، فصلى أبو بكر فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة فَتَخلَّص حتى وقف في الصف فصفَّق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك فرفع أبو بكر (رض) يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فلما انصرف قال : يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك ؟ فقال أبو بكر ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق ؟ من رابه شيء في صلاته فليُسبِّح فإنه إذا سبَّـح التُفِت إليه وإنما التصفيق للنساء
ورد هذا الحديث في البخاري في كتاب العمل في الصلاة ، باب ما يجوز من التسبيح ، وباب رفع الأيدي في الصلاة ، وكتاب السهو ، باب الإشارة في الصلاة ، وكتاب الصلح ، باب ما جاء في الإصلاح ، وكتاب الأحكام ، باب الإمام يأتي قوماً .
يقول ابن تيمية في منهاج السنة :
فهذا من أصح حديث على وجه الأرض [2]
يقول ابن حجر في شرحه :
... عن أبي حازم أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقال : اذهبوا بنا نُصلح بينهم .
فحانت الصلاة – أي صلاة العصر - ... أذن بلال ثم أقام ثم أمر أبا بكر فتقدم ... ، وأما قوله لأبي بكر أتصلي للناس فلا يخالف ما ذكر لأنه يحمل على أنه استفهمه هل يبادر أول الوقت أو ينتظر قليـلاً ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ورجح عند أبي بكر المبادرة لأنها فضيلة متحققة فلا تترك لفضيلة متوهمة
نلاحظ أن الذي أمر أبا بكر بالصلاة هو بلال كما في الرواية ، أي أن الصحابة تصرَّفوا من تلقاء أنفسهم ، أقول : إن الصحابة أيضاً تصرفوا من تلقاء أنفسهم أثناء مرض الرسول الأكرم وقدَّموا أبا بكر إماماً للصلاة فيهم ، فكما أن الرسول الأكرم خرج من بيته أثناء مرضه ونحى أبا بكر عن إمامته وصلى بالناس فكذلك هنا أيضاً جاء يمشي في الصفوف يشقها شقاً ونحَّى أبا بكر عن إمامته للصلاة ، وكونه كان إماماً – أي أبي بكر – ومن كثرة التصفيق التفت فرأى الرسول وهو يشق الصفوف كان من واجبه أن لا يلتفت بعد تكبيرة الإحرام ، أي أنه قطع صلاته وهذا غير جائز وهو مأثوم أيضاً .
جاء في البخاري كتاب الأذان باب الالتفات في الصلاة عن عائشة قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة ، فقال : هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد – الاختلاس : الاختطاف بسرعة
وأبو بكر لم يلتفت وإنما قطع صلاته أي أن الشيطان أخذ صلاته برمَّتها !
باب إنما جعل الإمام ليؤتم به
99- عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة قال : دخلت على عائشـة فقلت : ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت بلى : ثقل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أَصَلَّى الناس ؟ قلنا لا هم ينتظرونك ، قال : ضعوا لي ماءً في المخضب ، قالت : ففعلنا فاغتسل فذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق ، فقال صلى الله عليه وسلم : أَصَلَّى الناس ؟ قلنا لا هم ينتظرونك يا رسول الله ، قال : ضعوا لي ماءً في المخضب ، قالت : فقعد فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ، ثم أفاق ، فقال : أَصَلَّى الناس ، قلنا لا هم ينتظرونك يا رسول الله ، فقال : ضعوا لي ماءً في المخضب فقعد فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال : أَصَلَّى الناس ، فقلنا لا هم ينتظرونك يا رسول الله ، والناس عكوف في المسجد ينتظرون النبي عليه السلام لصلاة العشاء الآخرة ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر بأن يصلي بالناس فأتاه الرسول فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس فقال أبو بكر وكان رجلاً رقيقاً يا عمر صلِّ بالناس ، فقال له عمر أنت أحق بذلك ، فصلى أبو بكر تلك الأيام ، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم وجد في نفسه خِفَّة فخرج بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا يتأخر ، قال : أجلساني إلى جنبه فأجلساه إلى جنب أبي بكر قال : فجعل أبو بكر يصلي وهو يأتم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس بصلاة أبي بكر والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد ، قال عبيدالله فدخلت على عبدالله بن عباس فقلت له : ألا أعرض عليك ما حدثتني عائشة عن مرض النبي صلى الله عليه وسلم : قال : هات : فعرضت عليه حديثها فما أنكر منه شيئاً غير أنه قال : أَسَمَّت لك الرجل الذي كان مع العباس ؟ قلت لا ، قال : هو علي
أقول :
الرسول الأكرم يأمر أبا بكر بالصلاة فيقول أبو بكر لعمر : يا عمر صَلِّ بالناس !
إعلم أن أمر الرسول واجب الاتباع ، فكونه أمر أبا بكر بالصلاة فالواجب إطاعة الأمر والعمل به ، أما أن يقدم عمر ليصلي بالناس فهذا مخالف لما أمر به الرسول صلى الله عليه وآله
ثم أليس خروج النبي صلوات الله عليه وآله على تلك الحالة الصعبة وقيامه بتنحية أبي بكر عن مقامه دلالة واضحة على رفضه لإمامته ؟ أليس من المحتمل أنه قد أُخبر بأن أبا بكر يصلي بالناس وكما جاء في بعض الروايات أنه نحى الستر أو الحجاب ليتأكد من ذلك فرآه بأم عينيه وهو يصلي بالناس فطلب من العباس والإمام علي عليه السلام أن يخرجاه إلى المسجد ليقوم بإمامة المسلمين بنفسه !
100- عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب فرساً فصُرع عنه فجُحش شِقِّه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد فصلينا وراءه قعوداً فلما انصرف قال : إنما جُعل الإمام ليؤتمَّ به فإذا صلى قائماً فصلوا قياماً فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون ، قال أبو عبدالله : قال الحميدي : قوله ( إذا صلى جالساً فصلوا جلوساً ) هو في مرضه القديم ثم صلى بعد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم جالساً والناس خلفه قياماً لم يأمرهم بالقعود وإنما يؤخذ بالآخِر فالآخِر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم
أقول :
جُعل الإمام ليكون متبعاً في جميع حركاته وسكناته ، فلو كبر فمن واجب المؤمنين التكبير وإذا ركع أو سجد أيضاً يجب اتباعه في ذلك ، ولا يجوز التأخير عن ركوع الإمام أو سجوده ، بل على المأمومين أن يأتوا بالركوع والسجود بعد الإمام مباشرة
جاء في البخاري كتاب الأذان باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام :
أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أما يخشى أحدكم أو لا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار ؟ أو يجعل الله صورته صورة حمار !
أي يجب اتباع الإمام في جميع حركاته وسكناته وسنوافيك بالمزيد
باب إمامة المفتون والمبتدع
101- عن عبيدالله بن عدي بن خِيار أنه دخل على عثمان بن عفان (رض) وهو محصور فقال : إنك إمام عامة ونزل بك ما نرى ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج ، فقال : الصلاة أحسن ما يعمل الناس ، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم
وقال الزبيدي : قال الزهري : لا نرى أن يصلى خلف المخنث إلا من ضرورة لابد منها .
أقول :
إنما جعل الإمام ليؤتم به ، هذا مضمون الأحاديث التي مرت علينا في الصفحات السابقة
وأقول : إن اصطفاف المصلين خلف الإمام في الصلاة كاصطفاف الجنود خلف قائدهم ، وأميرهم في ساحة القتال ، أي أن الإمام يعتبر القائد والمأمومين هم الجنود ، فإذا طلب وأمر القائد بإطلاق النار فعلى الجنود الاستجابة للأمر فوراً ، ويكون هذا القائد مسموع الكلمة والأوامر ، ومن لم يستجب للأمر سيحول إلى محاكمة عسكرية وما أشبه كما هو المتعارف في أيامنا هذه ، وكذلك إمام الجماعة حال الصلاة فإذا كبر الإمام تكبيرة الإحرام فعلى المأمومين أن يكبروا بعده مباشرة ، وكذلك إذا ركع وسجد فمن واجب المأمومين أن يتبعوه مباشرة من حيث الركوع والسجود بلا فصل ، ولو خالف شخص ما من المأمومين فإنه سوف يخرج من حال صلاة الجماعة شاء أم أبى ، وتكون صلاته فرادى ، وهذا عقاب أو جزاء لمخالفته اتباع القائد أو الإمام إن أردنا تسميته بذلك كالجندي المخالف لأوامر سيده القائد
فالإمام هو القائد والقدوة الذي يتبع في جميع حركاته وسكناته في الصلاة
واعلم أخي الكريم أن كلمة المخنَّث كما في الرواية لها معنيين :
المعنى الأول : الذي يتكسَّر في مشيه وكلامه وينثني ويتشبَّه بالنساء في جميع الحركات والميوعة أيضاً
المعنى الثاني : المراد به من يُؤتى في دُبُره - والعياذ بالله - فكيف تقبل على نفسك أيها المسلم أن يكون هذا المخنث قدوة لك وإماماً وقائداً مطاعاً حال الصلاة ؟!
ورد في البخاري أيضاً :
عن ابن عباس (رض) قال : لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وقال : أخرجوهم من بيوتكم ، وأخرج فلاناً وأخرج عمر فلاناً [3]
أقول :
إن النبي الأكرم أمر بإخراج ونفي من يتشبه بالنساء ، فهل من المعقول أن يأمرنا حال الضرورة أن نصلي خلف هذا المخنث ؟!!
فالرسول الأعظم عندما نفى هذا المخنث فكأن علاجه أصبح ميئوساً منه ، لذا تراه قد أمر بنفي هؤلاء وذلك لعزلهم عن المجتمع الإسلامي كي لا يصيب هذا الوباء الآخرين .
ثم لاحظ هذه الروايات أنها لا تنهضم بعد المضغ ! فترى المسلم الواعي الذي يبحث عن الحق يلفظ ويقيء أمثال هذه الروايات !
ثم أليس من الأفضـل لك أن تُصلِّي فُرادى طالما لم يتواجـد الكُفء للإمامة ؟!
(194) لعبدالله بن محمد بن أبي شيبة المتوفى 235هـ ، ج7 ، ص262 ، حديث 35897 .
(195) المجلد2 ، ج4 ، ص296 ، ط بيروت .
(196) كتاب الحدود ، باب نفي أهل المعاصي والمخنثين .