الآية موجودة في سورة البقرة الآية27 وكذلك في سورة الرعد الآية 25
والتفسير كما في تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي
«الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه» الآية، و النقض إنما يكون عن إبرام، و لذلك أيضا وصف الفاسقين في آخر الآية بالخاسرين و الإنسان إنما يخسر فيما ملكه بوجه، قال تعالى: «إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم و أهليهم يوم القيامة»: الشورى - 45، و إياك أن تتلقى هذه الصفات التي أثبتها سبحانه في كتابه للسعداء من عباده أو الأشقياء مثل المقربين و المخلصين و المخبتين و الصالحين و المطهرين و غيرهم، و مثل الظالمين و الفاسقين و الخاسرين و الغاوين و الضالين و أمثالها أوصافا مبتذلة أو مأخوذة لمجرد تزيين اللفظ، فتضطرب بذلك قريحتك في فهم كلامه تعالى فتعطف الجميع على واد واحد، و تأخذها هجاء عاميا و حديثا ساذجا سوقيا بل هي أوصاف كاشفة عن حقائق روحية و مقامات معنوية في صراطي السعادة و الشقاوة، كل واحد منها في نفسه مبدأ لآثار خاصة و منشأ لأحكام مخصوصة معينة، كما أن مراتب السن و خصوصيات القوى و أوضاع الخلقة في الإنسان كل منها منشأ لأحكام و آثار مخصوصة لا يمكننا أن نطلب واحدا منها من غير منشئه و محتده، و لئن تدبرت في مواردها من كلامه تعالى و أمعنت فيها وجدت صدق ما ادعيناه.
الآية الثانية من سورة البقرة الآية 40 وتفسيرها:
أخذ سبحانه في معاتبة اليهود و ذلك في طي نيف و مائة آية يذكر فيها نعمة التي أفاضها عليهم، و كراماته التي حباهم بها، و ما قابلوها من الكفر و العصيان و نقض الميثاق و التمرد و الجحود، يذكرهم بالإشارة إلى اثنتي عشرة قصة من قصصهم، كنجاتهم من آل فرعون بفرق البحر، و غرق فرعون و جنوده، و مواعدة الطور، و اتخاذهم العجل من بعده و أمر موسى إياهم بقتل أنفسهم، و اقتراحهم من موسى أن يريهم الله جهرة فأخذتهم الصاعقة ثم بعثهم الله تعالى، إلى آخر ما أشير إليه من قصصهم التي كلها مشحونة بألطاف إلهية و عنايات ربانية، و يذكرهم أيضا المواثيق التي أخذ منهم ثم نقضوها و نبذوها وراء ظهورهم، و يذكرهم أيضا معاصي ارتكبوها و جرائم اكتسبوها و آثاما كسبتها قلوبهم على نهي من كتابهم، و ردع صريح من عقولهم، لقساوة قلوبهم، و شقاوة نفوسهم، و ضلال سعيهم.
قوله تعالى: و أوفوا بعهدي، أصل العهد الحفاظ، و منه اشتقت معانيه كالعهد بمعنى الميثاق و اليمين و الوصية و اللقاء و المنزل و نحو ذلك.