العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى العقائدي منتدى العقائد والتواجد الشيعي

منتدى العقائد والتواجد الشيعي المنتدى متخصص لعرض عقائد الشيعة والتواجد الشيعي في العالم

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

الصورة الرمزية خير الحرائر
خير الحرائر
شيعي محمدي
رقم العضوية : 24762
الإنتساب : Nov 2008
المشاركات : 3,231
بمعدل : 0.54 يوميا

خير الحرائر غير متصل

 عرض البوم صور خير الحرائر

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : خير الحرائر المنتدى : منتدى العقائد والتواجد الشيعي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-07-2009 الساعة : 02:15 PM


بسم الله الرحمن الرحيم ...
اللهم صلِ على محمد وآلِ محمد وعجل فرجهم ياكريم ....
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...


مثل هذه القصص لاتقاس بطولها بل مضمونها الرائع ...


وهابي: هكــذا تجعفــرت ..
قصة أحد الأخوة المستبصرين

(1)
حمامة المسجد!
وُلدتُ لعائلةٍ نجديّةٍ متديّنة ، يلتزم أفرادها بصلاة الجماعة خمس مراتٍ
في اليوم ، وبحضور دروس مسجد الحيّ ، وبحفظ القرآن الكريم ،
ويُربّي الآباء أبناءهم على كل ذلك ..
ككلّ ابنٍ بكرٍ في مجتمعي الملتزم .. علّق عليّ والدي (آمالاً دينيّة) عريضة
منذ طفولتي ، فما أن بدأت فيّ بوادر إدراك ، حتى سارع بإلحاقي بحلقة
تحفيظ القرآن الكريم في المسجد المجاور ، وكنتُ في الخامسة حينها ،
أصغر أفراد الحلقة . رفعتُ بكل فخرٍ رأس والدي عند الشيخ ، فقد كنتُ
بشهادته: حافظاً جيداً ، ومحباً للمسجد ، ومتعاوناً لخدمة الإخوة الكبار
معي في الدروس . ولا زلتُ أذكر طربي الشديد بكلمات شيخي: سيكون
لابنك هذا مستقبل كبير .. ولعلّه يصير شيخاً يخلفني في هذا المسجد !
أعانتني قوّة حافظتي وسرعة بديهتي - وبذا إعجاب شيخي بي - على دوام ذلك
الإطراء اليوميّ أمام والدي .. ولا تسألوني عن تلك الفرحة ! بدأتُ بحقٍّ أحبّ
دروس المسجد ، وأداوم على حضورها بعد صلاة الجماعة ، وأسرح بعقلي في
ذلك الجمال الذي يحفّ دروس "التوبة" و "أجر الجهاد" و "نعيم المؤمنين
في الجنة" ... (وكما أذكر ، كانت تلك هي الفترة التي شاع فيها حديث المشايخ
عن الجهاد فكوّنت لنا كماً ضخماً من العقول المتحمّسة للفكر الجهادي)
التقيتُ - دون غيري من الأصدقاء - باثنين من المفتين السابقين لبلادي ،
ذلك أن أحد مقرئي القرآن الكريم الكبار هو من أبناء عمومتي ، وكنتُ ألازمه -
بالإضافة إلى دراستي على يده - في بعض زياراته لمجالس كبار العلماء ..
شرفٌ طالما حُسدتُ عليه من قبل أترابي .. وكذا كنتُ أغبط نفسي على
وجودي في هذه العائلة (الرفيعة الشأن دينياً) كي أنال ذلك الحظ الوافر
من لقاء الشخصيات المهمة.. وحضور مجالس الكبار .
كان كل شيء يسير على أكمل وجه ، فـ سلفيّتي مثاليةٌ لا غبار عليها ..
وفي الثامنة من عمري ، كنت قد قطعتُ شوطاً كبيراً في حفظ القرآن الكريم ،
بما يقارب نصفه . وما زلتُ فخر والدي وسبب تباهيه في المجالس ..
فابنه شيخ المستقبل .. وحمامة المسجد !
(2)
نقطة التحوّل..



في الثامنة ، وفي أوج ذلك العشق اللانهائي لكلّ ما هو ديني ، وذلك
الشغف بالمسجد ودروسه ، وبحلقات الذكر ، وبمديح أستاذي الشيخ ..
حدث ما غيّر كل ذلك ..
أصاب والدتي - في ذلك الحين - مرض عضال . ناضلت كثيراً لتبقى لي
ولشقيقي الصغير ، لكني رأيتها رغم إبدائها القوّة أمامنا ، تضعف في كلّ


يوم . ولم تصمد طويلاً ، حتى انتقلت إلى رحمته تعالى حيث لا تعب ولا نصب .
كنتُ متعلقاً بوالدتي - رحمة الله عليها - لحدّ الجنون ، وخاصةً في أيامها
الأخيرة ، وما زلتُ أذكرها أجمل وأفضل وأروع أمٍّ على الإطلاق .
كان موتها أمام عينيّ موقفاً في غاية الصعوبة ، سماعها توصيني بنفس
ي وأخي ، رؤيتها تحتضر ، وطلب والدي لي أن أخرج من غرفتها فهي
تنازع الموت ... الأصعب من ذلك كان رؤيتها جسداً بلا روح ، ونقلها
في ذلك التابوت بالطائرة إلى مثواها الأخير ، لبنان ، حيث عائلتها
بانتظارها لأداء مراسم الجنازة والدفن ..
في تلك الأثناء ، وبينما كنتُ أودّع ذلك التابوت ، ذكرتُ بأنها لن تعود مجدداً ،
وبأن شقيقي الصغير ما زال ينتظر إجابةً مني عن مكان والدتي ...
لم أملك نفسي ودموعي .. وبينما أنا أسند رأسي على التابوت باكياً ،
إذا بـ يدٍ تجرّني ، وعيون غاضبة تنظر لي ، وبصوتٍ عالٍ:
" لا تبكِ عليها!! ذلك (يعذّبها في قبرها)!! قلتُ لك اخرس!! لا تبكِ!!
(المسلم) لا يبكي هكذا على ميت!! " ..... كان ذلك أحد أعمامي ..
لا زلتُ أذكر حتى الآن مدى رعبي من ذلك الزجر المفاجئ .. صراخ عمّي في
وجهي لم يزد الطين إلا بلّة ، وزاد بكائي بشكل هستيري . لم يدر بذهني حينها
إلا أنّ (ذا اللحية) هذا يزجرني لأنني أبكي على والدتي الحبيبة التي رحلت
عنّي .. وبأنني محرومٌ من الحزن على أمي للأبد .. لأنني (مسلم) !!
أفلتُّ يده من ملابسي وتوجّهتُ إلى مكانٍ بعيدٍ ، لأبكي مرةً ، وأحاول إسكات
نفسي بالقوّة مرّات .. كي لا أكون سبباً لتعذيب والدتي المسكينة !!


فـ لما فشلتُ في بعث شيء من الهدوء على نفسي.. أطلقتُ العنان لدموعي ..
ساخطاً على (المتديّنين) ، (ذوي اللحى) ، (المسجد) ، و (القرآن الكريم) ،
وعلى الساعة التي وُلدتُ فيها (مسلماً) !!
وانقلبت جميع موازيني في ذلك اليوم ..
(3)
سؤال في الدرس..
كان والدي - حفظه الله - يحاول تعويضي وشقيقي قدر الإمكان ، عالماً كم
خلّف فقد والدتي في حياتنا من فراغٍ كبير . ولأنه أقلّ أعمامي سلفيّةً وتعصّباً ،
وبطبيعة الحال لأنه مصابٌ كما نحن .. كان يحسّ بآلامنا ، ويفهم مدى توجّعنا ،
فيمسح دموعنا بعطفه ، ويشفي جراحنا بـ لطيف مواساته .
كنتُ قد تركتُ زياراتي اليوميّة للمسجد متعللاً برعاية أخي الأصغر ، ولا أدري
في الحقيقة أَكان ذلك السبب الحقيقي ، أم أنه نفورٌ من تلك الجماعة الإسلامية
تركتهُ فيّ تلك الحادثة التي بقيت غصّةً في حلقي .. كان ذلك الأمر يشغل عقلي
الصغير دائماً ، فمن جهةٍ ، لا أنكر خوفي الشديد من كلام عمّي - حينئذٍ - ،
ومحاولتي الجادّة لنسيان والدتي ، فقط كي لا أذكرها فأحزن وأبكي ..
ومن جهةٍ أخرى ، كنتُ أتساءل عن تلك الحكمة التي جعلت الربّ يحرّم حزني ،
ويعذّب به أمي التي لم تُذنب .. فأشكك في صحّة قول عمّي ، أو في عدالة الله ..!
بعد شهورٍ من ذلك ، توسّل لي والدي أن أعود إلى المسجد مجدداً ،



وكان اعتقاده أن ذلك يشغلني عن تذكّر والدتي ، الذي أثّر سلباً على صحّتي ،
ونفسيّتي ، ومستواي الدراسي .. كنتُ أحبّ والدي ، وأحبّ رؤيته لي بإكبار ،
وأحبّ اصطحابي معه لمجالس الرجال ليفتخر بي ، مجرّد نظراته وابتسامته المشجّعة
لي كانت حافزاً كبيراً ، ولمّا ذكّرني بكل ذلك ، وبأنّ عودتي للمسجد تُرضيه ،
وتُرضي والدتي ، وبأنها - رحمها الله - أوصتني أن أكمل حفظ القرآن الكريم ..
قبلتُ أن أعود .. متأملاً منهما الرضا ،، ومن والدي عودة تلك الابتسامة..
وعدتُ إلى المسجد ، لكن ليس بذلك الحماس القديم ،
فسبب عودتي هو إرضاء والدي فحسب ..
وقد نلتُ ذلك ..
ومرّت السنوات ببطء .. عشتُ فيها هادئاً بين دروس الحفظ والتجويد ،
وبين التحديق في شيخي بصمتٍ ، وتلقّي مواعظه الدينية بصمتٍ ...
***
أتممتُ حفظ ثلثي القرآن الكريم في الحادية عشر من عمري .
وكانت جائزة ذلك التفوّق منّي على أقراني ، هي نقلي إلى حلقةِ ذكرٍ ،
أكبر من تلك التي كنت ملتحقاً بها ..
و كما دائماً ، كنتُ أصغر "طلّاب العلم" هناك ..
كان درس اليوم الأول لي هناك .. ولأول مرةٍ بعد سنوات ..
درساً أثار اهتمامي : البكاء على الميت !
أنصتُّ للدرس جيداً ،
وبعد فراغ الشيخ من حديثه ، رفعتُ يدي ، ثم وقفتُ لأسأله ..
التفتت لي أنظار الطلبة ، و نظر لي الشيخ بدهشة:


- هل أنت معنا في الحلقة يا ولد؟
- نعم أنا جديد ، هذا هو يومي الأول هنا .
- حيّاك الله .. ماذا تريد؟
- لديّ سؤال حول الدرس يا شيخ ..
- تفضّل ..
- هل صحيح أن البكاء على الميّت يعذّبه في قبره؟
- نعم ، أخبرتكم بهذا قبل قليل ألم تسمع؟
- لكن .. لو كان ذلك ذنباً ، فلمَ يعذّب به الميت وهو لم يفعله ؟
قطّب الشيخ حاجبيه .. ثم نظر لي ..
- اجلس يا ولد .. لسنا متفرّغين للإجابة على أسئلة الأطفال.
ضايقني هذا التصرّف كثيراً ، ولم أكن بحاجةٍ لمزيد من التصرّفات الجافّة
لأولئك (المتديّنين) كي أزيد منهم ومن أسلوبهم نفوراً . و ربّما من باب العناد
لذلك الشيخ الذي استصغرني ، توقّف هدوئي المعهود في حلقات الذكر ،
وصرتُ أقف لأسأل الشيخ وأناقشه في درسه يومياً .. حتى اشتكى لوالدي
مني ، قائلاً بأنني كثير الجدال ، كثير الأسئلة الطفولية ، ودائم تعطيل
مسير الدرس .. (رغم أنني لم أكن أسأل إلا بعد انتهاء حديثه !)
و امتدّ ذلك حتى إلى أساتذة الدين في مدرستي ،
وإلى الشيخ الذي يحفظني القرآن الكريم ..
وصرتُ بأسئلتي الكثيرة مصدر إزعاج الجميع .
(4)
الخطاب الديني السلفي ..
شهادة سلفيٍّ سابق.
كان الخطاب الديني في بلدي وما يزال متأثراً بالموقف السياسي للدولة ،
وإن من أصدق الشواهد على ذلك أمران أذكرهما هنا:
أولهما (الخطاب الجهاديّ) في الثمانينات والتسعينات والذي جاء ملازماً
للموقف الحكومي القديم الداعي لإسقاط الاتحاد السوفيتي ، حيث كان الدعم
الضخم "للمجاهدين" في ذلك الوقت مادياً ومعنوياً . ولا يخفى دور الجمعيات
الخيرية السلفيّة ، التي كانت أكبر مصدر دخلٍ لأولئك في "جهادهم" ،
والتي يتمّ إغلاقها الآن ، لانقضاء الغرض منها ، ولتغيّر المطالب العليا .
وقد عشنا ذلك التغيّر الجذري في الخطاب .. فـ تاريخ شيوخ مسجدنا حافلٌ
بالدعوة إلى تلبية نداء الجهاد في سبيل الله ، والدعوة إلى التبرّع لصالح
مجاهدي أفغانستان والشيشان ، وإنّ أضعف إيمانهم كان الدعاء لـ "الشهيد"
(خطّاب) وأصحابه بـ جنّة أعدّت للمتّقين ، وبـ حورٍ عينٍ ،
ونظرةٍ من الله يوم يستظلّون بظلّه .
ولا يمكن الحديث عن الخطاب الجهاديّ دون الإشارة إلى أشرطة
(كاسيتات) الأناشيد الحماسيّة والكتيّبات الصغيرة التي امتلأت بها
خزانتي ، وكانت توزّع بالمجّان غالباً ، لإشاعة ذلك الفكر المطلوب ..
وكما كان ذلك الخطاب حماسياً وقتها ، صار الخطاب - فجأةً - حماسياً
بالنّقيض من ذلك تماماً ، وباتت الدعوة إلى جهاد النفس (الجهاد الأكبر) ..



هي الموضة السائدة !
ثاني تلك الشواهد هو (خطاب التعايش مع المخالفين) ، والذي جاء بعد سنواتٍ
طويلةٍ من الدعوة لقتال الآخر ، واستباحة دمه وماله وعرضه ، فما دام ليس
على نهجنا فهو في النار! وإنني ومدى عيشي أربعة عشر عاماً بين أحضان
الخطابات السلفيّة ، أشهدُ أنني لم أسمع كلمةً طيّبةً واحدةً في حقّ مخالف ،
بل إنني شهدتُ بعض المباريات بين المشايخ في اصطياد "شركيات" المخالفين
و "بدعهم" و تطبيق الأدلّة الشرعيّة على حالاتهم و البحث فيها عمّا يؤمّن
لهم عقاباً دنيوياً أو أخروياً! أمّا حول الشيعة فحدّث ولا حرج ، حيث كان
التفنّن السخيف في تحوير أسماء كبار علمائهم ، وفي تخيّل أطوال وألوان
"ذيولهم" .. وكانت إقامة المحاضرات وطباعة الكتب وتوزيعها بلا مقابل
"قربةً لله تعالى" شائعةً كثيراً بخصوص الشيعة ، فعداوتنا لهم أشدّ من
عداوة اليهود والنصارى ، لأنّهم أشدّ علينا خطراً ، لأنّهم "متّقون" منافقون ،
و لأنّهم يسحرون الناس بحديثهم وبما يضعونه لمخالفيهم في الطعام والشراب ..
هكذا كان قولهم .
بدأت الدعوة إلى التعايش مع المخالفين مؤخراً ، دعوةٌ لا نرى فيها إلا
استخفافاً بتلك العقول التي شايعت التمزيق وبايعت التفريق دهراً! ومن
الملاحظ أنها دعوةٌ لا تليق بمنهجهم المعروف ، وتدفع بعلمائهم لمزيد من
التخبّط .. بين محاضرات الوحدة الإسلامية ، وبين فتاوى التكفير والاستباحة ..
صرنا نلمس لهاتين النقلتين النوعيّتين في الخطاب الديني السلفيّ أثراً في
غاية السلبيّة على الأفراد التابعين لذلك التيار ، والذين باتوا واعين لمدى
تزعزع مبادئ كبارهم ، وتوافقها مع مصالح لا علاقة لها بـ"الله ورسوله" ،
وأن بطولة "لا نخاف في الله لومة لائم" ليست إلا استعراض عضلات مزيّفة!
هذه شهادتي في أمر الخطاب الديني السلفيّ .. و على أساسه نكمل الحديث ..
(5)
انبهاري بالمسيحية..
بحكم عيشي في ذلك المجتمع المغلق ، ولأن غالب أفراد مجتمعي هم من
ذات التيّار ، وخطابهم هو ذات الخطاب (المذكور في الجزء السابق)
والذي لم أكن أسمع غيره .. كنتُ أحسبُ مُكرهاً - كما كان يُقال لنا -
أن الناس صنفان ، قومٌ معنا وهم في الجنة ، و قومٌ مخالفون لنا وهم
في النار ، وأن اثنتين وسبعين فرقةً - تم تعدادها لنا - هي ولا شك من
حطب جهنم ما لم تهتدِ إلى طريقنا - طريق الفرقة الناجية - .
بل كان ذلك السؤال مطروحاً علينا من قبل شيخنا كل يوم :
" هل تختار صلاة الجماعة وحفظ القرآن ، أم تختار (الصياعة) في
الشوارع ثم (الصياعة) في النار؟! "
وكأنّي بذلك الحُكمِ السّهل بالنار يطال جميع أهل سنّته وجماعته ممن لا
يداومون على صلاة الجماعة ولا يحفظون القرآن الكريم ، وما أكثرهم ..
هكذا كان اعتقادي الذي كنتُ أقبله بغاية المرارة : فالمسلمون الملتزمون
هم هؤلاء الذين أنتمي لهم فقط ، المسلمون الذين يقولون بأن الله تعالى
وعدهم دون غيرهم بالجنة ونعيمها ، وآمنهم دون غيرهم من النار وعذابها ،
المسلمون الذين يقولون بأن رؤية الله تعالى لن تكون إلا لهم (جل الله) ،
المسلمون الذين يقولون بأن الله اختارهم خير أمّة أخرجت للناس .
لم يبدُ لي ذلك أمراً مُفرحاً ، ولم أكن أعتقد بأن الله سبحانه وتعالى أنعم عليّ
بأن اختارني مُسلماً ، بل إنني ، وبكل صدقٍ أقول ، لم أكن أعتقد بأن ما أنا
عليه هو الطريق الصحيح بالضرورة ، وكنتُ أفكّر دائماً : ما المانع في أن
يكون غيري على صواب إن كان كلّ قوم يدّعون اجتباء الله لهم وتخصيصهم
برضاه المطلق ؟ اليهود يقولون بأنّهم شعب الله المختار أيضاً ، أليس كذلك ؟!
في الحقيقة ، لم أكن أرى ذلك المستوى الذي أعيشه ، في مسجدي
وعند شيخي ، هو المستوى الأرقى الذي يمكن الوصول إليه ..
فـ هذا الدين لا يملك إجاباتٍ على أسئلتي ، ويعتبر كل ما ورد في النّصوص
القرآنية والروائية والتاريخية بل وحتى اجتهادات بعض العلماء هي أمور
من المسلّمات يحرم السؤال عنها!مع كون هذه النّصوص -المفترضة الطاعة -
غير مُطاعة في كثير من الموارد ! فـ شيخي "فظّ غليظ القلب" دائماً ،
ولا يحتاج بالضرورة إلى حسناتٍ لينالها بتطبيق حديث
"الابتسامة في وجه أخيه المسلم" !
هو دين يطبّق الجمود العقليّ والعاطفيّ بجميع أشكاله ، فـ الفكر هو الكفر ،
و رقّة الروح هي نفيٌ للصلابة التي يحتاجها المؤمن ، وكأنّ مصداق ما
يروى عن النبي الأعظم من أن المؤمن القوي خير عند الله تعالى من
المؤمن الضعيف ، هو صراخ شيخي في وجه الله (تعالى) حين دعائه
بأن ينصر المجاهدين في كلّ مكان ! هكذا كنت أفكّر ....



وبين كل تلك الأفكار المؤرقة ،
ظهر لي ذلك الفرات العذب الذي كنت أتوق إليه .. المسيحية ... !
كان مدرّس اللغة الانجليزية في مدرستي مسيحياً ، وكان مثالاً عظيماً
للأخلاق الرفيعة ، مبتسمٌ دائماً ، متعاونٌ مع الجميع ،
مستعدٌ لخدمة أي طالبٍ للمساعدة ..
وأذكره مؤدِّباً في غاية الحكمة والصبر ، كثيراً ما أصلح حال طلابٍ -
عجزت عن إصلاحهم إدارة المدرسة - بأسلوبه المميز .
وقع بصري على ذلك الكتيّب لأوّل مرة في زيارة لي لـ مكتبهِ في المدرسة ..
رأيته مفتوحاً على طاولته ، و لفت نظري وجود عبارةٍ جميلةٍ على صفحته .
سألته عن ماهية هذا الكتاب ؟ فأخبرني بأنه كتيّب يجمع بعض الحكم والقصص
الواردة في الكتاب المقدّس ، وأقوال بعض الحكماء والفلاسفة المسيحيين ..
وأنه يقرأ منه كلّ مرةٍ بعض الحكم ويتفكّر فيها ويحاول تطبيقها في حياته .
دفعني فضولي الشديد لطلب استعارته منه ، ولم يمانع أستاذي - الذي
كان يحب فيّ شغفي بالقراءة الأدبية - ، فأعارني ذلك الكتاب ..
وقد سَحَرَني بحقّ ..!


توقيع : خير الحرائر
وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ
من مواضيع : خير الحرائر 0 البحرين: تفاصيل مؤلمه جدا من تعذيب المعتقل جعفر سلمان يروي فيها بعض طرق تعذيبه الشديد
0 الجامعة العربية تطالب قناة العالم بالتوقف عن دعم الثورة البحرينية
0 تغطية مصورة: المسيرات المركزية ال ( 10 ) في البحرين 23/3/2012
0 أهل الدنيا وأهل الآخرة ..
0 تغطية مصورة: اكبر مسيرة في تاريخ البحرين ( لبيك يا بحرين ) 9/3/2012
التعديل الأخير تم بواسطة خير الحرائر ; 26-07-2009 الساعة 02:18 PM.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 08:56 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية