• قال ابن شهرآشوب في المناقب: إنّ الله تعالى أعطى عشرة أشياء لعشرة من النساء: التوبة لحوّاء زوجة آدم عليهما السّلام، والجَمال لسارة زوجة إبراهيم عليه السّلام، والحفاظ لرحمة زوجة أيوّب عليه السّلام، والحُرمة لآسية زوجة فرعون، والحِكمة لزُليخا زوجة يوسف عليه السّلام، والعقل لبلقيس زوجة سليمان عليه السّلام، والصبر لبرحانة أمّ موسى، والصفوة لمريم أمّ عيسى عليهما السّلام، والرضا لخديجة زوجة المصطفى صلّى الله عليه وآله، والعِلم لفاطمة زوجة المرتضى عليهما السّلام (93).
أنّ الله عزّوجلّ فَطَمها بالعِلم
• روى الشيخ الصدوق في علل الشرايع عن الإمام الباقر عليه السّلام، قال: لمّا وُلدت فاطمة عليها السّلام أوحى الله عزّوجلّ إلى مَلَك، فانطلَق به لسان محمّد صلّى الله عليه وآله فسمّاها فاطمة، ثمّ قال: إنّي فَطَمتُك بالعِلم، وفطمتُك عن الطمث.
ثمّ قال أبو جعفر ( الباقر ) عليه السّلام: واللهِ، لقد فَطَمها اللهُ تبارك وتعالى بالعِلم وعن الطمث بالميثاق (94).
• وقال المجلسي بعد أن نقل الحديث في بحار الأنوار: « فطمتُك بالعلم » أي أرضعتُك بالعِلم حتّى استغنيتِ وفُطمتِ، أو قَطَعتُك عن الجهل بسبب العِلم، أو جعلتُ فطامك من اللَّبن مقروناً بالعلم، كنايةً عن كونها عليها السّلام في بدء فطرتها عالمةً بالعلوم الربّانيّة(95).
تعليم الزهراء عليها السّلام لسلمان حرز الحمّى
• روى السيّد ابن طاووس في مهج الدعوات عن سلمان الفارسي حديثاً مفصّلاً جاء فيه: أنّ سلمان زار بيتَ فاطمة عليها السّلام، فأتحفته بتحفة أتتها من الجنّة، وهي رُطَب لا عُجْمَ له ولا نوى، فأخبر بذلك فاطمة عليها السّلام، فقالت له: يا سلمان، ولن يكون له عُجم ولا نوى، وإنّما هو نخل غَرَسه الله في دار السلام بكلامٍ عَلَّمنِيه أبي محمّدٌ صلّى الله عليه وآله، كنتُ أقوله غدوةً وعشيّة.
قال سلمان، قلتُ: علّميني الكلام يا سيّدتي. فقالت: إنْ سَرّكَ أن لا يَمسّك أذى الحُمّى ما عشتَ في دار الدنيا فواظِب عليه. ثمّ قال سلمان: علمّتني هذا الحرز، فقالت: « بسم الله الرحمن الرحيم، بسمِ الله النور، بسمِ الله نورِ النورِ، بسمِ اللهِ نورٌ على نور، بسمِ اللهِ الذي هو مُدبِّرُ الأمور، بسمِ اللهِ الذي خَلَقَ النورَ من النور، الحمدُ للهِ الذي خلقَ النورَ من النور، وأنزلَ النورَ على الطُّور، في كتابٍ مسطور، في رَقٍّ منشور، بِقَدَر مقدور، على نبيٍّ مَحبور، الحمدُ للهِ الذي هو بالعِزِّ مذكور، وبالفخرِ مشهور، وعلى السرّاءِ والضرّاءِ مشكور، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين ».
قال سلمان: فتعلمتُهنّ، فواللهِ لقد علّمتُهنّ أكثرَ مِن ألفِ نَفْسٍ من أهل المدينة ومكّة ممّن بهم الحُمّى، فكلٌّ برئ من مرضه بإذن الله تعالى(96).
من تعليم الرسول صلّى الله عليه وآله لفاطمة عليها السّلام
• روى الشيخ الكُليني عن زرارة، عن الإمام الصادق عليه السّلام قال: جاءت فاطمة تشكو إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله بعض أمرها، فأعطاها رسولُ الله صلّى الله عليه وآله كُربة(97) وقال: تعلّمي ما فيها، فإذا فيها « من كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِر فلا يؤذي جارَه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرِم ضيفَه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلْيقُل خيراً أو يسكت »(98).
• روى الراوندي في الدعوات عن سُوَيد بن غفلة، قال: أصابت عليّاً عليه السّلام شدّة، فأتت فاطمة عليها السّلام رسولَ الله صلّى الله عليه وآله فدقّت الباب، فقال: أسمع حسّ حبيبي بالباب، يا أمّ أيمن قومي وانظري. ففتحتْ لها الباب، فدخلت، فقال صلّى الله عليه وآله: لقد جئتِنا في وقتٍ ما كنتِ تأتينا في مثله! فقالت فاطمة: يا رسولَ الله، ما طعام الملائكة عند ربّنا ؟ فقال: التحميد. فقالت: ما طعامنا ؟ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: والذي نفسي بيده ما أقتبِس في آل محمّد شهراً ناراً، وأُعلّمكِ خمس كلماتٍ علّمنيهنّ جبرئيل عليه السّلام. قالت: يا رسول الله، ما الخمس الكلمات ؟ قال: « يا ربَّ الأوّلينَ والآخِرين، يا ذا القوّةِ المتين، ويا راحمَ المساكين، ويا أرحمَ الراحمين ». ورجعت، فلمّا أبصرها عليّ عليه السّلام، قال: بأبي أنتِ وأمّي، ما وراءك يا فاطمة ؟ قالت: ذهبتُ للدنيا وجئتُ للآخرة. قال عليّ عليه السّلام: خيرٌ أمامَكِ، خير أمامَك(99).
مصحف فاطمة عليها السّلام
• روى الكلينيّ عن أبي عبيدة، قال: سأل أبا عبدالله ( الصادق عليه السّلام ) بعضُ أصحابنا عن الجفَرْ، فقال: هو جِلد ثور مملوء عِلماً. قال له: فالجامعة ؟ قال: تلك صحيفة طولها سبعون ذراعاً في عُرض الأديم مثل فخذ الفالج، فيها كلُّ ما يحتاج الناس إليه، وليس من قضيّة إلاّ وهي فيها، حتّى أرش الخَدش.
قال: فمصحف فاطمة عليها السّلام ؟ قال: فسكت ( الإمام الصادق عليه السّلام ) طويلاً، ثمّ قال: إنّكم لَتبحثون عمّا تريدون وعمّا لا تريدون، إنّ فاطمة عليها السّلام مَكثَتْ بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله خمسةً وسبعين يوماً، وكان دَخَلَها حُزنٌ شديد على أبيها، وكان جبرائيل يأتيها فيُحسن عزاءها على أبيها ويُطيّب نفسَها ويُخبرها عن أبيها ومكانه، ويُخبرها بما يكون بعدها في ذُرّيّتها، وكان عليّ عليه السّلام يكتب ذلك.. فهذا مصحف فاطمة عليها السّلام(100).
• وروى الكليني عن حمّاد بن عثمان، عن الإمام الصادق عليه السّلام، أنّه سُئل عن مصحف فاطمة عليها السّلام، فقال:
إنّ الله تعالى لمّا قَبضَ نبيّه صلّى الله عليه وآله دخل على فاطمة عليها السّلام من وفاته من الحزن ما لا يعلمه الاّ الله عزّوجل، فأرسلَ اللهُ إليها مَلَكاً يُسلّي غمّها ويُحدِّثها، فشكتْ ذلك إلى أمير المؤمنين عليه السّلام، فقال: إذا أحسَستِ بذلك وسمعتِ الصوتَ قولي لي، فأعلمَتْه بذلك، فجعل أمير المؤمنين عليه السّلام يكتب كلّ ما سمع.. حتّى أثبت من ذلك مُصحفاً. قال: ثمّ قال: أما إنّه ليس فيه شيءٌ من الحلال والحرام، ولكنْ فيه عِلمُ ما يكون(101).
الزهراء عليها السّلام المحدَّثة
• روى ابن شهرآشوب عن سُلَيم، قال: سمعتُ محمّد بن أبي بكر قرأ ( قوله تعالى ) وما أرسَلْنا مِن قَبلِكَ مِن رَسولٍ ولا نَبيّ.. ولا مُحدَّث. قلت: وهل تُحدِّث الملائكةُ إلاّ الأنبياء ؟ قال: مريم، ولم تكن نبيّة وكانت مُحدَّثة، وأمّ موسى ولم تكن نبيّة وكانت محدَّثة، وسارة وقد عاينت الملائكةَ فبشّروها بإسحاق ومن وراء إسحاقَ يعقوب ولم تكن نبيّة، وفاطمة عليها السّلام كانت محدَّثة ولم تكن نبيّة(102).
فاطمة عليها السّلام بضعةُ مدينة العِلم
• روى أبو نعيم الاصفهاني عن أنس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ما خيرٌ للنساء ؟ فلم نَدْرِ ما نقول، فسارَ عليٌّ إلى فاطمة فأخبرها بذلك، فقالت: فهلاّ قلتَ له: « خيرٌ لهنّ أن لا يَرَينَ الرجالَ ولا يَرَونهنّ »، فرجع فأخبره بذلك، فقال له: مَن عَلّمك هذا ؟ قال: فاطمة، قال: إنّها بضعة منّي(103).
حديث فاطمة عليها السّلام
• روى الطبري في دلائل الإمامة عن الإمام الحسين عليه السّلام، عن أمّه فاطمة عليها السّلام، قالت: قال لي أبي رسول الله صلّى الله عليه وآله: إيّاكِ والبُخل؛ فإنّه عاهةٌ لا تكون في كريم. إيّاكِ والبُخل؛ فإنّه شجرةٌ في النار وأغصانُها في الدنيا، فمن تعلّق بغُصنٍ من أغصانها أدخله النار. والسخاء شجرةٌ في الجنّة وأغصانها في الدنيا، فمن تعلّق بغضن من أغصانها أدخله الجنّة(104).
• روى الطبري في دلائل الإمامة عن ابن مسعود، قال: جاء رجل إلى فاطمة عليها السّلام فقال: يا ابنةَ رسولِ الله، هل تَركَ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله عندكِ شيئاً تُطرِفينيه ؟
فقالت: يا جارية، هاتِ تلك الحريرة! فطَلَبتها فلم تَجدها، فقالت: وَيحكِ اطلبيها، فإنّها تعدل عندي حسناً وحسيناً. فطلبتها فإذا هي قد قمّمتها في قمامتها، فإذا فيها:
قال محمّد النبيّ صلّى الله عليه وآله: ليس من المؤمنينَ مَن لم يأمَنْ جارُه بوائقَه، ومَن كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِر فلا يؤذي جارَه، ومَن كان يؤمنُ بالله واليومِ الآخر فليقُل خيراً أو يسكت. إنّ الله يُحبّ الخيِّرَ الحليم المتعفّف، ويُبغض الفاحشَ الضَّنين السَّئّال المُلحِف. إنّ الحياءَ من الإيمان، والإيمانُ في الجنّة، وإنّ الفُحشَ من البَذاء، والبذاءُ في النار(105).
• روى الصدوق عن الإمام الحسين بن علي عليهما السّلام، عن أمّه فاطمة بنت محمّد صلّى الله عليه وآله، قالت:
خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وآله عشيّةَ عرفة فقال: إنّ الله تبارك وتعالى باهى بكم وغفر لكم عامّةً ولعليّ خاصّة، وإنّي رسول الله إليكم غير مُحابٍ لقرابتي.. هذا جبرئيل يُخبرني أنّ السعيد كلّ السعيد حقّ السعيد من أحبّ عليّاً في حياته وبعد موته، وأنّ الشقيّ كلّ الشقيّ حقّ الشقيّ مَن أبغض عليّاً في حياته وبعد وفاته(106).
• روى الطبري في دلائل الإمامة عن فاطمة الصغرى، عن أبيها، عن فاطمة الكبرى عليها السّلام، قالت: قال النبيّ صلّى الله عليه وآله:
• وروى الطبري عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها، عن أمّه فاطمة ابنة رسول الله صلّى الله عليه وآله، قالت: قال صلّى الله عليه وآله.
خِيارُكم أليَنكُم مناكبه وأكرمكم لنسائهم(109).
• روى الخزّاز القمّي في كفاية الأثر عن محمد بن علي بن عبدالمهيمن بن عباس بن سعد الساعدي، قال: سألت فاطمة صلوات الله عليها عن الأئمّة، فقالت: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: الأئمّة بعدي عدد نُقباء بني إسرائيل(110).
• وروى الخزّاز القمّي عن زينب بنت عليّ عليه السّلام، عن فاطمة عليها السّلام، قالت: دخل إليّ رسول الله صلّى الله عليه وآله عند ولادتي الحسينَ عليه السّلام، فناولتُه إيّاه في خِرقة صفراء، فرمى بها وأخذ خِرقة بيضاء ولفّه فيها، ثمّ قال: خُذيه يا فاطمة، فإنّه إمامٌ ابن إمام، أبو الأئمّة التسعة، من صُلبه أئمّة أبرار، والتاسع قائمُهم(111).
• وروى الخزّاز عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: سمعتُ فاطمة عليها السّلام تقول: سألتُ أبي عليه السّلام عن قول الله تبارك وتعالى وعلَى الأعرافِ رِجالٌ يَعرفونَ كُلاًّ بِسِيماهُم ، قال: هم الأئمّة بعدي: عليّ، وسبِطاي، وتسعة من صُلب الحسين، هم رجال الأعراف، لا يَدخل الجنّةَ إلاّ مَن يعرفهم ويعرفونه، ولا يدخل النار إلاّ مَن أنكرهم ويُنكرونه، لا يُعرَف الله إلاّ بسبيل معرفتهم(112).
• روى الطبري عن زينب بنت أبي رافع، عن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله، أنّها أتت رسولَ الله بالحسن والحسين في مرضهِ الذي تُوفّي فيه، فقالت: يا رسولَ الله، إنّ هذين لم تورّثهما شيئاً، فقال: أمّا الحسن فله هَيبتي وسُؤددي، وأمّا الحسين فله جُرأتي وجُودي(113).
--
93 ـ المناقب لابن شهرآشوب 321:3.
94 ـ علل الشرايع للصدوق 179:1 / ح 4 ـ الباب 142.
95 ـ بحار الأنوار للمجلسي 13:43 ـ 14.
96 ـ مُهج الدعوات لابن طاووس 17 ـ 19، بحار الأنوار للمجلسي 66:43 ـ 68 / ح 59.
97 ـ كَرَب النخل: أصول السعف.
98 ـ الكافي للكليني 187:1 ـ 188 / ح 5، بحار الأنوار للمجلسي 62:43 / ح 52.
99 ـ عنه: بحار الأنوار 152:43 ـ 153 / ح 10.
100 ـ الكافي للكُليني 187:1 ـ 188 / ح 5، بحار الأنوار 195:43 / ح 22.
101 ـ الكافي للكليني 186:1 ـ 187 / ح 2.
102 ـ المناقب لابن شهرآشوب 336:3.
103 ـ حلية الأولياء لأبي نعيم الاصفهاني 40:2 ـ 41.
104 ـ دلائل الإمامة للطبري 4.
105 ـ دلائل الإمامة للطبري 1، عوالم العلوم للبحراني 188:11.
106 ـ أمالي الصدوق 153 / ح 8 ـ المجلس 34.
107 ـ عُصبة الرجل: بَنوه وقرابته لأبيه، سُمّوا عُصبة لأنّهم عَصَبُوا بنَسبه، أي استَكَفُّوا به.
108 ـ دلائل الإمامة للطبري 8.
109 ـ دلائل الإمامة للطبري 7.
110 ـ كفاية الأثر للخزّاز القمّي 197.
111 ـ كفاية الأثر للخزّاز 194.
112 ـ كفاية الأثر للخزّاز 194 ـ 195.
113 ـ دلائل الإمامة للطبري 3.