لقد ذهبت السيدة الصديقة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، وهي أول شهيدة بعد رحيل الرسول الأكرم بظلامتها وحسرتها وآلامها وأحزانها الى ربها. ذهبت فاطمة، ولكن ماذا كان فعل المسلمين وأهل المدينة منهم بالخصوص تجاه هذا الخطب الفجيع الذي يحمل في طياته معالم الردّة والانقلاب على الأعقاب ؟
لقد انقسم الناس حياله الى ثلاثة أقسام -كما هي العادة- فقسم منهم بكى على سيدته الجليلة قاطعاً على نفسه عهداً باتباع سيرتها والاستضاءة بنورها، وكان من هذا القسم رجال كسلمان المحمدي -الفارسي- وأبي ذر والمقداد وعمار وابن التيّهان .
وقسم بقي على بغضه لها وحبّه لعدوّها ، وهؤلاء كانوا أعداداً بسيطـة كالمغيرة الذي ضرب السيدة الزهراء بيده الخبيثة في أحد أزقّة المدينـة وبقي على بغضه حتى آخر لحظة من حياته البغيضة المليئة بالأحقاد علـى مبادئ الإسلام. أما القسم الثالث، فكان يمثل الأغلبية من أهل المدينة، فقـد بكوا الصديقة الزهراء وتعاطفوا معها قلباً، ولكنهم في الوقت ذاته خالفوهـا ومبادئها عملاً وصفّقوا لأعدائها ووقفوا مع الذين قتلوها واستباحوا حقوقهـا .