تفسير الإمام الهمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري قال :
أما إن من شيعة علي لمن يأتي يوم القيامة وقد وضع له في كفة ميزان سيئاته من الآثام ما هو أعظم من الجبال الرواسي والبحار التيارة تقول الخلائق قد هلك هذا العبد، فلا يشكون أنه من الهالكين، وفي عذاب الله من الخالدين. فيأتيه النداء من قبل الله عز وجل يا أيها العبد الخاطئ ( الجاني) هذه الذنوب الموبقات، فهل بإزائها حسنات تكافئها، فتدخل جنة الله برحمة الله أو تزيد عليها فتدخلها بوعد الل
ه فيقول العبد لا أدري،
فيقول منادي ربنا عز وجل فإن ربي يقول ناد في عرصات القيامة ألا وإني فلان بن فلان من أهل بلد كذا وكذا من قرية كذا وكذا، قد رهنت بسيئات كأمثال الجبال والبحار ولا حسنات لي بإزائها، فأي أهل هذا المحشر كان لي عنده يد أو عارفة فليغثني بمجازاتي عنها، فهذا أوان شدة حاجتي إليها.
فينادي الرجل بذلك،
فأول من يجيبه علي بن أبي طالب : لبيك لبيك لبيك أيها الممتحن في محبتي، المظلوم بعداوتي،
ثم يأتي هو ومعه عدد كثير وجم غفير، وإن كانوا أقل عددا من خصمائه الذين لهم قبله الظلامات
فيقول ذلك العدد يا أمير المؤمنين نحن إخوانه المؤمنون كان بنا بارا ولنا مكرما وفي معاشرته إيانا مع كثرة إحسانه إلينا متواضعا وقد نزلنا له عن جميع طاعاتنا وبذلناها له،
فيقول علي فبماذا تدخلون جنة ربكم ؟
فيقولون برحمته الواسعة التي لا يعدمها من والاك ووالا وليك، يا أخا رسول الله صلى الله عليه و آله.
فيأتي النداء من قبل الله عز وجل يا أخا رسول الله هؤلاء إخوانه المؤمنون قد بذلوا له فأنت ماذا تبذل له فإني أنا الحاكم ما بيني وبينه من الذنوب قد غفرتها له بموالاته إياك، وما بينه وبين عبادي من الظلامات فلا بد من فصل الحكم بينه وبينهم.
فيقول علي يا رب أفعل ما تأمرني.
فيقول الله عز وجل يا علي أضمن لخصمائه تعويضهم عن ظلاماتهم قبله فيضمن لهم علي ذلك ويقول لهم اقترحوا علي ما شئتم أعطيكم عوضا عن ظلاماتكم قبله،
فيقولون يا أخا رسول الله تجعل لنا بإزاء ظلاماتنا قبله ثواب نفس من أنفاسك ليلة بيتوتتك على فراش محمد رسول الله صلى الله عليه و آله
فيقول علي قد وهبت ذلك لكم.
فيقول الله عز وجل فانظروا يا عبادي الآن إلى ما نلتموه من علي بن أبي طالب فداء لصاحبه من ظلاماتكم، ويظهر لهم ثواب نفس واحد في الجنان من عجائب قصورها وخيراتها، فيكون من ذلك ما يرضي الله عز وجل به خصماء أولئك المؤمنين. ثم يريهم بعد ذلك من الدرجات والمنازل ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال بشرفيقولون يا ربنا هل بقي من جناتك شيء إذا كان هذا كله لنا، فأين يحل سائر عبادك المؤمنين والأنبياء ؟
فيأتي النداء من قبل الله عز وجل يا عبادي هذا ثواب نفس من أنفاس علي بن أبي طالب الذي قد اقترحتموه عليه قد جعله لكم فخذوه وانظروا فيصيرون هم وهذا المؤمن الذي عوضهم علي عنه إلى تلك الجنان، ثم يرون ما يضيفه الله { إلى ممالك علي في الجنان ما هو أضعاف ما بذله عن وليه الموالي له، مما شاء الله عز وجل من الأضعاف التي لا يعرفها غيره.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه و آله ﴿أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم﴾ الآية ، المعدة لمخالفي أخي ووصيي علي بن أبي طالب .