|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 19627
|
الإنتساب : Jun 2008
|
المشاركات : 54
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
تاريخنا الذي كتبوه!
بتاريخ : 30-01-2009 الساعة : 07:04 AM
عند دخول القوات الأمريكية لبغداد وضعنا على محك تآلفنا معه منذ زمنٍ طويل ، وقتها بدأت أسطورة الصفوية و التشيع الصفوي تظهر للسطح في الإعلام العربي و تأخذ منحنى جدي في تكريس مفهومها بين أبناء العالم العربي و الإسلامي ، كثيرٌ من أبنائنا و إخواننا وقفوا دون قدرة على تدارك سبب ظهور هذا المفهوم و كيفية التعامل معه لأنهم لم يعرفوا عن الدولة الصفوية سوى اسمها و اسم الشاه عباس الصفوي الذي عمّر مراقد الأئمة الطاهرين عليهم السلام .
هذه الإشكالية ليست جديدة في تاريخنا ، بل وقعنا فيها مرات و مرات و لكن للأسف إلى الآن لا نتعامل معها بصورة جدية رغم المحاولات الخجولة التي تطل برأسها بين فترة و أخرى ، إشكالية جهلنا لتاريخ الدولة الصفوية يثير إشكالات أخرى كثيرة كجهلنا لما قام به العلامة نصير الدين الطوسي قدس سره ، أو ما قام به الوزير ابن العلقمي ، أو حتى التأثير الصفوي في تشيع الهنود و دورهم في نشر الإسلام في الشمال و القوقاز الذي ظل عصيًا على دخول هذا الدين العظيم ، و لا يقف هنا بل يمتد إلى جهلنا برجالات التشيع و دورهم حتى في العصر الحديث و مشاركاتهم ، فكم شخص يعرف أن جمال الدين الأسد آبادي المشهور بالأفغاني كان شيعيًا ؟ أو أن تأسيس باكستان تم على يد سياسيين شيعة رغم أنهم لا يمثلون سوى ربع التعداد السكاني هناك .
حتى ثورة العشرين بالعراق و أحداث الثمانينات في الكويت و السعودية و السبعينات في البحرين و لبنان كلها مجهولة الوقائع عند السواد الأعظم من الشيعة رغم أنها تمسهم بصورة مباشرة ، بل بعضها هو الذي يرسم مستقبلهم و يُلون حاضرهم .
لقد تركنا التأريخ لأعدائنا فكتبوا ما شاءوا و سكتنا ، صمتنا حتى عن تصحيح الأخطاء الواضحة و الثابتة و فضلنا الجلوس و التفرج عليها ، فأصبحنا نرى تاريخنا يشتم و يُتهم بسبب تقصيرنا و قصورنا عن تدوين ما حدث بعد أن كتب فيه الأعداء ما كتبوا .
كم شخص يعلم عمّا حدث في لبنان و كيف انقلبت تلك البقع التي كانت عامرة بالشيعة إلى مناطق مسيحية خالصة بسبب الفتاوى الطائفية ؟
كم شخص يعلم عمّا فعلته الدولة العثمانية من استغلال الفتاوى الرخيصة لاستحلال دم الشيعة ، و إجبار الكثير من عرب العراق على إخراج أوراق رسمية قاجارية بسبب مذهبهم الشيعي تلك الأوراق التي احتج بها الهالك صدام فطرد عشرات الآلاف و نفاهم إلى إيران في السبعينات .
كم شخص يعلم عن تاريخ الإحساء و القطيف و عن تشيع بني عبد القيس و خزاعة ؟
كم شخص يعلم عن البساسيري و عن عُلماء جبل عامل و دورهم في الدولة الصفوية و بنظريات الحكم الشيعية ؟
اليوم ، نحن نقع على محك جديد .. رغم أن هذا المحك يناقش قضايا تاريخية لا يتعدى عمرها القرن من الزمان إلا أن خنوعنا و صمتنا النابع من جهلنا و عدم معرفتنا بما حدث جعل الحقائق تنقلب ليصبح المجرم بطلا و يمسي البطل مجرما في ظل هدوء منّا يذكرنا بصمت الأموات .
اليوم مثلاً ( 20/2/2008 ) كتب ( المؤرخ الكويتي ) د. أحمد الدعيج مقالة عن تاريخ الشيعة بالكويت في جريدة الوطن و لمز بها بهم بصورة لا تخفى على كل متتبع لما يكتبه المؤرخون بالكويت الذين استولت الطائفية على رؤوسهم و لحست عقولهم ، و أغلب الظن أنها ستمر كما مر العشرات غيرها من مقالات و كتب دون وقفة جادة من قبل رجالاتنا الشيعة في الكويت ، و أهمها الكتاب المعترف به رسميًا لتاريخ البلاد و هو ( تاريخ الكويت ) لـ عبد العزيز الرشيد ، الأزهري السلفي كما يُعبر عن نفسه .
هذا الكتاب الذي تجاهل الشيعة و علماءهم و مواقفهم ، بل حتى عوائلهم و أسرهم و مساجدهم التي لم يعتبرها تستحق التعداد ضمن المساجد التي عدها برغم أن بعضها يفوق مساجده في القِدم و التاريخ ، هذا الصمت و التجاهل لازال مستمرًا إلا من محاولات خجولة كان أبطالها للأسف في الغالب من غير الشيعة الذين أنصفوهم بكتاباتهم .
في حادثة مثل مجلس الإصلاح 1938 التي كان من أبطالها خالد العدساني الذي فر للعراق بعد أن حل المجلس الأمير أحمد الجابر الصباح و لاحق أعضاءه بعد تماديهم و طلبهم الدعم من الملك غازي ملك العراق ، انقلب الحال بهؤلاء لان يوصفوا بأنهم الرجال الوطنيين بينما الشيعة الذين ناصروا الحكومة و آل الصباح ضد توجهات المجلس العنصرية الفئوية أصبحوا ( خونة ) و لا ولاء لهم و حديثي الوجود على أرض الكويت، و كأن علماءهم من يصرح ليل نهار ببدعة الوطنية و كونها ( وثنية ) لا علماء السوء الذين يسرحون و يمرحون في البلاد أو أن البلاد إنما قامت على أيدي من لم يعرفها إلا حينما زورت انتخابات مجلس 1976.
لا أحد يعرف عن الشيعة المساكين الذين قبض عليهم بأمر هذا المجلس سيء الذكر و جمعوا في النقعة قبل أن يُسفروا لإيران بحجة الحفاظ على الهوية القومية للكويت ، و لا أحد يذكر كيف منع هذا المجلس الشيعة من التصويت و الانتخاب بحجة أن الكويت عربية ! و و يبدو أنهم تناسوا أن شيعة الكويت المنحدرين من الإحساء و البحرين و العراق ليسوا من موزنبيق أو نيكاراغوا حتى يُمنعوا أيضًا و لكنها الطائفية التي تغلغلت في نفوسهم و أشار لها الدكتور أحمد الخطيب حين وصف هواهم بأنه ( هوى وهابي ) رغم حربهم لهذا الفكر في معركة الجهراء .
يتناسون هذا كله ، و يتناسون كيف بعث وجهاء الشيعة لهم رسائل للمشاركة و نبذ هذا التطرف و كيف أهملوها ، لكنهم يتذكرون كيف انقلب حالهم عندما هدد الشيعة و توجهوا إلى المعتمد البريطاني مطالبين باستخراج التابعية البريطانية لهم في حال لم يحصلوا على حقوقهم مما أدى إلى تدخل الأمير الراحل و معالجة المشكلة فأرسلوا برقياتهم سيئة الذكر للحكومة العراقية قبل هروب أعضاء المجلس من الكويت .
هذا الحادثة التي يصورها اليوم هؤلاء كمسبة في جبين الشيعة رغم أنها في واقع الأمر شتيمة في حق هؤلاء الذين يوزعون صكوك الوطنية و يدعون الحفاظ على وحدتها و هم أول من خانوا الوطن و فرقوا بين أبنائه .
تاريخنا و تاريخ رجالاتنا لا يخرج عن هذه الدائرة التي ذكرتها كمثال ، فهناك حوادث كثيرة نحن بحاجة شديدة لإعادة كتابتها و روايتها كما حدثت بعيدًا عن هذه التدليسات و الأكاذيب التي يبثونها حتى أصبحنا في محل الدفاع رغم أن مواقفنا في واقعها لا تستوجب هذا المحل و كل ذلك بسبب العقل الجمعي و الإنقياد القطعان و تسليمهم عقولهم لما تبثه وسائل الإعلام التي مثلتها كتب التاريخ و الشعر في العصور القديمة ، و الصحف الصفراء و سموم الفضائيات في عصرنا الحاضر، ما حدث في الثمانينات و السبعينات الذي يُعد الآن سكينًا يُحدُّ سنانها كما أرادوا لمز الشيعة و الطعن بهم هذا الامر يجب أن يتوقف و أن تكشف الأوراق لكي نكون على بينة حتى نعرف من المخطئ و من المصيب بدلاً من ترك تاريخنا هلاميا لا يعرفه أبناؤنا حتى يكبروا و يصدقوا بالأكاذيب التي وجدت بعد ذلك كما حدث مع ما ألصق بالدولة الصفوية و صراعها مع الدولة العثمانية أو ما حدث مع ما ألصق ظلما و زورا بالوزير ابن العلقمي و نصير الدين الطوسي رحمه الله .
أدركوا تاريخكم أيها السادة ، لكي لا يلجأ أبناءكم في المستقبل إلى البحث في قصاصات الكتبة هنا و هناك ليثبت حقًا استحال باطلاً بسبب ما كتبه مؤرخي الزور و البهتان و ما أهمله أصحاب الحق باعتمادهم على الزمان في إثباته ، يكفي ما نعانيه نحن الآن في متابعة التاريخ و محاولة استخلاصه من بين أمواج الزور و الكذب و التغييب و الإهمال و دونكم ما يحصل على الساحة الآن في تزوير و تدليس ما لم يمر عليه نصف قرن كما فعله الطاغية الهالك صدام ، و اعلموا أن القوم لم يستسهلوا تدمير التاريخ و تزويره حتى آمنوا به و علموا طريقتهم لـ "غوبلز " النازي لولا تقصيرنا في اثباته و تدوينه.
عندما بدأ صوت السكارى يصدح برمي التهمة على الدولة الصفوية وقعت في مأزق ، فكل ما أعرفه وقتها هو بعض ما كتبه المرحوم الشيخ عباس القمي رحمه الله في مفاتيح الجنان و بعض المعلومات المتناثرة هنا و هناك بين صفحات الكتب ، كانت المكتبة العربية و الشيعية على الخصوص تفتقر لمصادر تحكي تاريخ الدولة الصفوية بعيدا عن التزوير الهائل الذي حصل في الثمانينات الميلادية مع الحرب العراقية - الإيرانية ، لذلك لجأت إلى قصاصات فارسية و تركية وجدتها على الانترنت و لضعف لغتي الفارسية أعطيتها لاحدى الأخوات - رحمها الله - التي كانت تجيدهما فترجمتها لي كي استطيع أن أجيب على بعض الأسئلة التي كانت توجه لي بخصوص تلك الدولة و دورها .
لقد اكتشفت أن المجازر كانت تحدث لشيعة آل البيت عليهم السلام بيد عبد الرحمن خان الأفغاني و بيد الأوزبك و على رأسهم حفيد جنكيز خان شيبك خان الاوزبكي و لا أحد يتكلم بينما مجزرة واحدة حدثت في عهد الشاه إسماعيل في مدينة هرات و التي كان سببها الانتقام ممن أجرم بحق الشيعة بأمر ( شيخ الإسلام هراتي ) أقاموا لها الدنيا و لم يقعدوها ، بل و زادوا عليها حتى جعلوها ( مجازر ) و للأسف أن بعض أخواننا يصدق بحصولها و يتجاهل التاريخ الحقيقي الذي يحكي عما كان يعانيه أهل قم و كاشان و تبريز و خراسان من الشيعة على يد هؤلاء الاوباش الذين يترحمون عليهم كأمثال من ذكرنا أسماءهم سابقًا .
لقد قام كعب الأحبار و تميم الداري و من بعدهم الذهبي و غيرهم بدورهم على أكمل وجه في تغييب التاريخ و تدليسه و طمسه ، فأصبح تاريخنا مشوهًا يجعل من المجرم بطلاً و من البطل مجرمًا فهذا " علي الطنطاوي " يكتب مدافعًا عن قراقوش ساعد صلاح الدين الذي قتل و سفك دماء الشيعة في مصر حتى تحول لون التراب إلى لون الدم بحجة أن امانته و حرصه على الإسلام هو ما دفع البعض إلى تشويه تاريخه و وصفه بالظلم ، النموذج اليهودي في تدوين التاريخ تكرر عندنا بيد علماء السلطان و الشيطان هؤلاء ، و قابله سكوت و صمت من طرفنا ، لم يكتب أحد مدافعًا عن الوزير ابن العلقمي و عن الدور الخبيث لشمس الدين الشركسي و الدواة دار إلا مؤخرًا بعد أن زادت الأكاذيب و انطلت على الملايين ، و لا زال الكثيرون يجهلون تاريخ أعاظم رجالنا و ما حدث لهم كـ ضياء الدين التستري رضوان الله عليه ، كما أن الدولة الصفوية لم تغري بعض كتابنا إلا مؤخرًا فكتبوا عنها ، مما يؤسف له أن أغلب كتاباتنا التاريخية هي " ردود فعل " على التهم الباطلة التي تنتشر بدلاً من أن تكون أصلاً توثيقيًا و فعلاً يستدعي وجوب القيام به قبل الغير ، و هذا ما يدفع أصحاب الباطل لأن يستسهلوا تزوير التاريخ فهم يعلمون جيدًا أن ردود الفعل لم و لن تكون يومًا بمستوى الفعل و انتشاره هذا إن حدث رد الفعل و لكم في قضية سيف بن عمرو التميمي و أسطورة عبد الله بن سبأ خير مثل و دليل، أما إن غاب كما يحصل الآن مع كثير من القضايا للأسف فعلى أبنائنا و أحفادنا السلام ، لأنهم سينشؤون على تاريخٍ مزور .
دعونا ننظر بنظرة واقعية إلى ما يحدث الآن في الكويت فهو يظهر بوضوح الحاجة إلى القيام بتدوين التاريخ بصورة سليمة بعيدة عن أكاذيب الطائفيين و ما ينسجونه من أوهام تتحول مع مرور الأيام إلى حق ثابت رغم انعدام أصلها ، اليوم بدأ الكتاب يثيرون قضايا كثيرة سكت عنها الشيعة و تركوها لغيرهم تحت حجج كثيرة ، منها قضية الـ 16 شهيدًا رضوان الله عليهم الذين قتلوا ظلمًا دون محاكمة أو الحق بحضور محام أو جهة دفاع و دون أي اعتبار للقوانين الدولية حتى التي ترفض اعدام القصر ، قتلوا و دفنوا و لا أحد يعلم أين ! مع كل هذه الظلامة لا زال بعض خفافيش الظلام يثيرون قضيتهم بين الفينة و الاخرى تحت أنظارنا و غالبنا يسكت لأنه لا يملك جوابًا ، فهذه قضية تاريخية مجهولة لم يكتب فيها إلا أعداءنا ، مثلها مثل ما حدث في مسجد شعبان سنة 1979 ، أو ما حدث في الثمانينات من أحداث لا زال بعض شخوصها حاضرين و أحياء و لكن كم شخص كلف نفسه بسؤالهم و تجميع ما قالوا ؟
ما يحدث في الكويت يتكرر في البحرين و السعودية و لبنان و سوريا و كل مكان في العالم ، نحن بحاجة لنفضة تاريخية ، و بحاجة لتجميع الجهود سيما من المؤرخين و الباحثين لاسماع صوتنا للعالم ، أن طمس التاريخ و حرق كتبه لم يعد له مجال في القرن الحادي و العشرين ، و أن ما يقومون به من استغلال وسائل الإعلام في بث الاحداث المغلوطة في محاولة لتسكينها بالعقل الباطني للمتلقين هو شيء يجب أن يتوقف ، فالتاريخ ليس نصًا ادبيا يحق للكل أن يغير فيه بحسب هواه و مزاجه .
وثقوا تاريخكم و اكتبوه و انشروه و اقطعوا دابر من يتحين الفرص ليطهر نفسه الخبيثة بإلقاء التهم على غيره ، كما فعل مؤرخي السلطان في عهد العثمانيين ، و في عهد صدام الهالك ، و في عهدنا الحالي ، فأنتم مسؤولون أمام الله عز و جل عن هذا ، و ستساءلون من أجيالكم القادمة عن حقوقكم التي أهدرتموها لتقاعسكم و تباطئكم .
يقول الدكتور أحمد الخطيب ، النائب الكويتي السابق في مذكراته ( الكويت من الإمارة للدولة ) ص 20 :
" فتاريخ الكويت تعرض للتزوير و التدجيل و ألغى دور الكويتيين كليًا و أصبحت الكويت كلها و تاريخها تاريخ عائلة الصباح ، و سمي كل مشروع و زقاق باسم أحد أبناء الصباح حتى و لو كان ممن أساؤوا إلى سمعة الصباح قبل أن يسيئوا إلى سمعة أنفسهم مما أثار اشمئزاز الكثيرين أمثالي "
الدكتور الخطيب أحد رموز القوميين و ( الوطنيين ) في الكويت و هو سياسي قديم و من المشاركين في كتابة دستور دولة الكويت في عهد الراحل الشيخ عبد الله السالم رحمه الله ، أشار بكتابه الذي يمثل جزءًا هامًا من تاريخ الكويت غير المذكور إلى اشكالية وضع التاريخ بيد السلطة و اغماض العين عن كتابته بيد من صاغوه على أرض الواقع فأضحى بعد سنوات طويلة تاريخ دولة قامت على المشاركة في السلطة منذ 300 سنة مقتصرًا على الأسرة الحاكمة فقط ، الأسرة التي لم يكفل لها الدستور سوى بقاء الحكم في ذرية الشيخ مبارك الكبير بعد موافقة مجلس الأمة عليه ، و منعتهم المذكرة التفسيرية من حق الترشح لعضوية المجلس كونه ممثلاً للشعب الكويتي " مصدر السلطات جميعا " بحسب نص الدستور .
هذا " التدجيل " كما عبر عنه الدكتور الخطيب ليس مقصورا على الكويت و إن كنت أتحدث عنها بحكم اطلاعي و استقصائي في تاريخها لكوني من مواطنيها ، و لكنه بنظرة بسيطة قابل للتكرار في كل أقطارنا التي سلمت تاريخها للزمن يفعل به ما يشاء بيد أعدائه .
لو كانت لدينا جرأة و أقلام قادرة على صياغة هذا التاريخ بصورته الحقيقية لما وقعنا في مطبات كثيرة تدفعنا قهرًا إلى البحث في صفحات الكتب عن أدلة براءة فلان أو فلان من اتهامات باطلة ألصقت فيهم فنخسر جهودا كثيرة في توضيح الواضحات لأننا في يوم من الأيام عملنا تحت ستار " عفا الله عما سلف " فرأينا أُكل هذه المقولة اليوم بات يلتهمنا !
الإنهزامية التي نراها الآن في نفوس الكثيرين أمام المفهوم الخاطئ للوحدة الإسلامية التي يتم الترويج لها سببها ليس ضعف العقيدة أو الإيمان بالدرجة الاولى ، بل سببها الرئيسي الإنهزامية في المعرفة التاريخية ، فحينما يتم تطعيم هذا الشخص بصور أسطورية عن بطولات وهمية لشخصيات في حقيقتها كانت اجرامية كما كان صلاح الدين الأيوبي أو سلاطين السلاجقة من بني عثمان و غيرهم ، ثم في نفس الوقت يتم تطعيمه بتفاهات المتخاذلين و علماء السوء عن الدور المزعوم لابن العلقمي رحمه الله مثلا أو للشيخ نصير الدين الطوسي رحمه الله ، تتكون لديه حالة انهزامية عن ضعف الكيان الشيعي و امتداده التاريخي فهو يقارن بين صورتين غير متساويتي الكفة ، و إن لعبت فيهما يد " التدجيل و التزوير " إلا أن الناس ليسوا كلهم " باحثين " أو حتى قراء بما فيه الكفاية ليستخلصوا النتائج عن هذه الشخصيات في ظل قصور أبنائنا و اخواننا عن التعاطي معها و توضيحها في صورتها الحقيقية و مقامها الواقعي .
قبل سنوات عرض مسلسل سوري وجه إهانات لا تغتفر لابن العلقمي رحمه الله مع هذا مر المسلسل مرور الكرام على ملايين الشيعة في العالم ، لماذا ؟
لأنهم حتى و إن كتبوا تاريخهم فهم كتبوه لأنفسهم و لم ينشروه ، و هذه اشكالية أخرى تضاف لقائمة الاشكاليات الكثيرة في هذا الموضوع ، التاريخ يا سادتي الأفاضل لا يجب أن يكتب لجماعة صغيرة و إلا فما فائدة البحث و التنقيب إن لم ينشر على نطاق واسع ليصحح الصورة السلبية الموجودة ، لسنوات و سنوات كنا نظن أن " غراهام بيل " هو مخترع الهاتف و لكن بعد أكثر من 100 سنة تم كشف الحقيقة و أن " أنطونيو ميوتشي " هو المخترع الحقيقي لهذا الجهاز ، و أعلن اعتراف الكونجرس للعالم ليوضح أن مجرد الاثبات التاريخي لشيء و إن اشتهر لا يكفي ، بل يجب أن يكون هناك سعي لنشره و توضيحه على مسمع و مرآى العالم كله ، فما فائدة الاعتراف إن كان في دوائر علمية ضيقة ثم يعزى الفضل في العالم لغير صاحبه ، كما حدث و يحدث الآن مع رجالات التشيع و نشرهم و دفاعهم عن الإسلام في معظم بلاد العالم و أفضلها كمثال بلاد القوقاز المنسية.
هناك أجيال كثيرة تربت على مفاهيم خاطئة واجبنا أن نصححها لهم ، قبل سنوات طويلة تم الاثبات علميا أن رؤية سور الصين العظيم من على سطح القمر مجرد معلومة واهية غير صحيحة ، رغم أنها تدرس في المدارس الصينية لكل الصينيين و أضحت في حكم الثابت العلمي ، رغم أن الرحلات الفضائية اكتشفت عدم صحة هذه المعلومة إلا أنها استمرت في تدريسها و لكن قبل سنوات قليلة أعلنت الحكومة الصينية عن عدم صحتها و حذفتها من المناهج الدراسية بفضل التحركات الصحيحية للمراكز العلمية حول العالم و ضغطها على الصين ، هذه الحادثة يجب أن تكون منهاج لنا في كيفية التعامل مع المعلومات الخاطئة التي ملأت عقول الناس بها ، و أولها الارغام على الاعتراف بخطئها و تصحيحها ، و لكن كم منا من هم مستعدون للقيام بهذا العمل الجليل ؟
الإجابة لكم .
و أرجو ألا تعرف الحال على حقيقتها إلا بعد أن لا نستطيع أن نذاكر أحدا بها !
مشكلتنا أن جهودنا غير متكاتفة ، فكل طرف يعمل بناحية بعيدًا عن كل الأطراف الاخرى و إذا حدثتهم عن هذا الأمر قال قائلهم بأننا كذي الفقار ، قبضة واحدة و رأسين متوازيين لا يلتقيان .
المؤسف أننا بسبب اهمالنا للتاريخ ضاع منّا الكثير ، و كتاب السلطة لم يقصروا في أداء عملهم فزوروا و صنعوا تاريخا كاملاً بعيدًا عن أصحابه الحقيقيين ، حتى شخصية عظيمة كابن مسكويه أو جابر بن حيان أصبحت تنسب تارة للصوفية و تارة لمذاهب أخرى ما أنزل الله بها من سلطان ، بعيدًا عن حقيقتها و هويتها و هي أنها شيعية موالية ، حتى سند القرآن الذي يتشدق به عباد الأسانيد لا تراهم يذكرون مذاهب الكوفيين فيه ، و كل هذا بسبب تقصيرنا عن ايضاح الحق و نسبه لأشخاصه .
المثالية الفكرية التي نتحدث عنها لا وجود لها عند الطرف الآخر ، فإن لم نحافظ و نرعى تاريخنا و وجودنا بانفسنا فلن يرعاه أحدٌ لنا ، لأنه ليس هناك شيء في عالم الوجود اسمه العمل من أجل الآخرين ، فكل عمل هو عمل مصلحي بالدرجة الاولى ، لا ينتظر ثوابا بل يقبل بالثمن ، و طوال التاريخ كان الثمن عند السلاطين كبيرًا لمن يعادي الشيعة .
إن لم ننظم صفوفنا كما هو المطلوب ، و لم نعي حجم قدرتنا الفكرية المهدورة بسبب هذا العمل المتوازي غير المتعاون بين أطراف الكيان الشيعي في الكويت و خارج الكويت ، فلن نستغرب بعد عشرين سنة أن يتم تزوير وقائع ما نراه الآن ، فهذا صدام بأقل من هذا الزمن أصبح بطلاً قوميًا و طاغية مقدسًا عند أبناء القوم ، كما قدسوا معاوية و أضرابه قبلاً .. و لنا في التاريخ عبرة و دليلُ ، و كما قال المتنبي : و في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل !
قضية بسيطة ملفقة كابن السوداء المشهور بابن سبأ أخذت حيزًا كبيرًا و موقعًا في الوجدان السني و العربي رغم أنها لا تملك أي صفة من صفات الحقيقة ، و رغم أن واضعها من أشهر الكذابين في التراث الإسلامي ، و لكنها لاقت هوىً من الطائفيين و صدودًا منّا عن ردها إلا متأخرًا فكانت النتيجة أن ألصق بنا زورًا و بهتانًا ، فهل أنتم مستعدون لأن تخترع شخصية جديدة و تلصق بنا ؟
لو عمل كلٌ منّا على نقض هذه الامور و لو بكلمة أو حرف لاجتمع لنا ما يغنينا ، أنا لا أطلب من كل شخص أن يؤلف كتابًا او يحاضر بالناس بل يكفيه أن يزيح بعض الغشاوة عن أعين غير المبصرين بكلمة أو حرف او مقالة أو حتى إشارة تقود كل ذي لبٍّ إلى الطريق القويم ، طاقتنا الفكرية جبارة و يشهد تاريخنا و إرثنا بها ، فليس هناك إلى هذا اليوم وجدود لأي مذهب فكري / ديني / سياسي يضاهي أو يساوي ما عندنا بالكم و الكيف ، و لكن طالما كان هذا الجهد متفرقًا فلا طائل منه .
تفكروا و اعتبروا .. رحمكم الله .
|
التعديل الأخير تم بواسطة الثائر ; 30-01-2009 الساعة 07:09 AM.
|
|
|
|
|