منذ فترة قصيرة بدء إنتاج دواء جديد لعلاج الخجل. العلاج الجديد توصل إليه أحد العلماء اسمه "جاتي برستون" بعد أن اكتشف أن في المخ مادة اسمها "باراتوني" هي المسئولة عن الثقة بالنفس والقادرة على مواجهة المواقف الصعبة ولقاء الغرباء والتعامل مع الآخرين، ويؤدي نقص هذه المادة إلى الرغبة في العزلة والانطواء والرهبة من المواقف الاجتماعية. ويقول مخترع الدواء الجديد: إن كل الناس سيكونون أكثر شجاعة وإيجابية في القرن القادم بفعل هذا الدواء.
هل الخجل يعتبر مرضًا نفسيًّا، وهل له فرصة للعلاج؟ وما هي أكثر الفئات المعرضة للإصابة به؟ ولماذا؟ وما هي أعراضه وخطورتها؟.
إن الخجل كلمة تحمل معاني طيبة ومعاني أخرى مرضية. فالخجل عندما يكون نوعًا من أنواع الحياء يكون مطلوبًا على المستوى الاجتماعي والديني؛ لأنه يدل على حسن التربية المحافظة. لكن الخجل عندما يتحول إلى مرض يسمى بـ "الإرهاب الاجتماعي" والدراسات العلمية أثبتت أن الخجل هو أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين مجموع أي شعب بنسبه من 8: 12%، ويصاب بهذا المرض (الإرهاب الاجتماعي) الأطفال والمراهقون والكبار وهو يسبِّب إعاقة شديدة جدًّا للعلاقات الإنسانية. "والخجل" يعتبر من أكثر الأمراض النفسية انتشارًا في العالم بعد الاعتماد على العقاقير والإدمان، ثم يليه أمراض القلق ثم مرض الاكتئاب. ويوجد في مصر على الأقل 7 ملايين إنسان مصاب بداء الخجل، وهذه النسبة أكبر من نسبة الإصابة بمرض السكر والاكتئاب. . والخجل له أعراض خارجية؛ مثل احمرار في الوجه، أو اصفرار أو لعثمة في الكلام، وغصة في الحلق. ونبضات في القلب زائدة. وإحساس بالعرق وعدم القدرة على التركيز. وأعراض داخلية؛ مثل ألم نفسي شديد، وعدم الثقة في النفس، وعدم القدرة على التعبير. وتجنب الآخرين. واللافت للنظر أن الإصابة بمرض الخجل تزداد أكثر بين الرجال عن البنات في كل بلاد العالم. ولكن في الدراسات العربية والمصرية.. وجد أن الأولاد أكثر خجلاً من البنات!!
الخجل يعتبر من أكثر الأمراض النفسية انتشارًا وهو نوع من أنواع القلق الاجتماعي، وهو أكثر من الإصابة بالقلق والاكتئاب والانفصام. وللأسف.. الكثيرون يعتقدون أن الخجل أمر طبيعي، ولا يمكن علاجه ولكن هذا خطأ .
إن الخجل على مستوى الحياء يعتبر طبيعيًّا، أما إذا زاد الخجل وأصبح يؤثّر على شخصية الفرد وإنتاجه وقدراته على التعبير يصبح مرضًا. والأمثلة كثيرة.
مثال ذلك: أن تجد طفلاً لا يحبّ الاشتراك في الألعاب الجماعية، ويفضل اللعب بمفرده، والأشخاص الخجلون لديهم درجة من الحساسية عالية. ويكونون خائفين من توجيه النقد لهم أو جرح كبريائهم. لذلك يضطر الشخص الخجول إلى اجتناب الآخرين، لذلك أطلق علماء النفس على هذه الشخصية شخصية اجتنابية، هذا الشخص من داخله يحبّ الاختلاط، ولكنه يخاف منه، ومثلاً الطفل الخجول تجده من المستحيل أن يطلب من أستاذه في الفصل إعادة شرح جزء من الدرس مثلاً، وأحيانًا يصل به الأمر إلى الخوف من الذهاب للمدرسة، ويشعر بألم حقيقي حتى لا يذهب للمدرسة. وأيضًا الشخص الخجول من المستحيل أن يتحدث في ميكرفون أو يكون محور ارتكاز والآخرون ينظرون إليه!!
أيضًا.. تجده لا يحب أن يتناول طعامه في مكان عامّ. ولا يحقق درجات عالية عند أدائه الامتحانات الشفوية، وهناك أيضًا الخجل من الجنس الآخر، وهو موجود بكثرة في المجتمعات المتحفِّظة، ولكن.. إذا زاد لدرجة أن الشاب لا يستطيع أن يتكلَّم أمام أيِّ بنت فهذا الخجل تحوَّل إلى مرض. وتجد أن التلاميذ الصغار المصابين بالخجل إذا قدّمت لهم أسئلة فإن خجلهم هذا يمنعهم من الإجابة السليمة، وفي إحدى التجارب.. تمَّ عزل هؤلاء التلاميذ للإجابة عن الأسئلة فكانت النتيجة ممتازة. ولذلك وجد أن الخجل الاجتماعي أنه نوع من القلق النفسي، وهو مصاحب ببعض التغييرات الكيميائية والفسيولوجية في المخ. وفي زيادة بعض الموصلات العصبية. فهناك زيادة في مادة "نورادرناليين" هذه المادة تجعل قلبه يدقّ بسرعة، ووجهه يتحوّل إلى اللون الأصفر أو الأحمر مع زيادة في العرق وإحساس بالخوف. ووجد أن في المخ الإنساني يوجد بعض المطمئنات المخية التي تريح الإنسان، ولكنها تكون قليلة عند بعض الناس (الجاما)، وما تم اكتشافه حديثًا أن التغيرات الفسيولوجية والكمياوية التي تحدث للإنسان من الخجل الاجتماعي لها سببان؛ الأول: أن الإنسان يولد باستعداد معيَّن لهذا، والبيئة إما تطفئ الاستعداد أو تعززه؛ فمثلاً.. عندما تنهر الأم طفلها أمام الآخرين وتكفّه عن الخجل وتقول له: الآخرون سيضحكون عليك!! هذه التعليقات تزيد من إحساس الطفل بالخجل، وقد استطاع الطب أن يصنع بعض العقاقير التي تقلل من ظهور الأعراض الظاهرية؛ مثل ضربات القلب العالية والعرق، واستطاعت بعض العقاقير أن تقلِّل من الخوف الداخلي وتعطى للإنسان راحة واسترخاء وشجاعة. وإذا تناول المريض الدواء فسيجد نفسه أفضل في مواجهة الآخرين، وتزداد ثقته بنفسه، ويستطيع أن يصبر عن عواطفه وانفعالاته، وبالتدريج.. يتمّ سحب الدواء بالتدريج مرة أخرى. وهناك علاج آخر هو العلاج المعرفي أو النفسي؛ أي محاولة تغيير النظم المعرفية في المخ. بإقناعه بأن أسعد شيء في الدنيا هو الاقتراب من الآخر، ومحاولة التغلب على مشاعر الانعزال. وأنه رحمة كبيرة من الله -سبحانه وتعالى- أن منحنا نعمة التعبير عن عواطفنا وأحلامنا وآلامنا في كلمات!! وأن نقل المشاعر عن طريق الكلمة هو وسيلة حضارية، وهكذا.. بمزيد من العلاج بالعقاقير مع العلاج النفسي نستطيع أن نقضي على مرض الخجل الاجتماعي .