السبب الذي من اجله صار امير المؤمنين عليه السلام قسيم الجنة والنار
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
العله التي من اجلها صار علي بن ابي طالب علية السلام قسيم الله بين الجنة والنار.
عن المفضل بن عمر , قال : قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (علية السلام):
لِمَ صار أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام ) قسيم الجنة والنار؟ قال: لأن حبه إيمان وبغضة كفر.
وإنما خلقت الجنة لأهل الايمان وخلقت النار لأهل الكفر . فهو عليه السلام قسيم الجنة والنار لهذه العلة فالجنة لايدخلها الا أهل محبته والنار يدخلها الا أهل بغضه قال المفضل: فقلت يابن رسول الله : فالانبياء والاوصياء عليهم السلام كانوا يحبونه واعدائهم كانوا يبغضونه؟ قال نعم قلت فكيف ذلك؟ قال: أما علمت أن النبي (صلى الله علية واله وسلم) قال يوم خيبر لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله .. ما يرجع حتى يفتح الله على يديه . قلت: بلى ..قال: أما علمت أن رسول الله (صلى الله علية واله وسلم) لما أتي بالطائر المشوي قال(صلى الله علية واله وسلم) اللهم ائتني بأحب خلقك اليك والي يأكل معي من هذا الطائر ــ وعنى به علياً (علية السلام) قلت : بلى قال: فهل يجوز ان لا يحب الله ورسوله فقلت له : لا
قال: فهل يجوز أن يكون المؤمنون من أممهم لا يحبون حبيب الله وحبيب رسوله وانبيائهم عليه السلام؟ قلت: لا , فقد ثبت أن جميع انبياء الله ورسله وجميع المؤمنين كانوا لعلي بن ابي طالب محبين وثبت أن اعدائهم والمخالفين لهم كانوا لهم ولجميع أهل محبتهم مبغضين قلت : نعم. قال: فلا يدخل الجنة الا من أحبه من الأولين والآخرين ولا يدخل النار إلا من ابغضه من الأولين والآخرين فهو إذن قسيم الجنة والنار....
انّ اختيارالقوم لعلي "عليه السلام" رابع الخلفاء لعلّه كان من باب الاضطرار فإنّهم لمّا رأوا الشغب والفوضى عمّا البلاد في زمن عثمان حتى مقتله نتيجة سوء أعماله وسيرة اللذين من قبله لم يروا بدّاً إلاّ الرجوع في هذا الأمر إلى أهل فاستسلموا للحق لفترة قصيرة ولكن دون التزام قلبي بسيرته وفكره "عليه السلام" . وفي الحقيقة كان هذا عمل قهري رغم أنف البعض منهم .
ويدلّ على ما ذكرنا إنّ الإمام "عليه السلام" كان يتحمّل الكثير من العناء والتعب في سبيل تصحيح خطاهم الماضية ولكن دون جدوى في أكثر المواطن ، حتّى إنّ بعضهم أصبح يكيد ويترّبص الدوائر على حكومته "عليه السلام" حتّى أدّى بالنتيجة إلى استشهاده "عليه السلام" .
فلا ريب ولا شبهة في أفضليّة النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" على كافّة الأنبياء والأولياء والأوصياء وعامّة البشر ، وهذا ممّا لا كلام فيه وهو متّفق عليه عند جميع المذاهب الإسلاميّة .
وأمّا ما تتبنّاه الشيعة في هذا المقام هو أفضليّة الإمام علي "عليه السلام" على سائر الأنبياء "عليهم السلام" سوى نبيّنا الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله وسلّم" ـ بدلائل كثيرة منقولة عند الفريقين [ مصنّفات الشيخ المفيد (ره) / 74 / رسالة تفضيل أمير المؤمنين "عليه السلام" ـ مناظرات في العقائد والأحكام للشيخ عبد الله الحسن 1/267 ] .
وأمّا حكمة التركيز على حبّ أمير المؤمنين "عليه السلام" بالخصوص ، فتتّضح في مقابلة خط الباطل له ، فالبراءة من الظلم والجور والابتعاد عن الضلال يتجلّى في الولاية له "عليه السلام" ، فأيّ شخص كان موالياً حقاً له ، لا يكون له نقطة اشتراك مع الظلم والغواية بمختلف مظاهرها ، فهو "عليه السلام" في الحقيقة رمز لخطّ الإمامة والهداية .
وأمّا باقي الأئمة "عليهم السلام" فهم وإن كانوا يشاركونه "عليه السلام" في أمر الإمامة ، ولكن خطوط الانحراف كانت لا تقابلهم بمستوى معارضتها لأمير المؤمنين "عليه السلام" ، بل وحتّى أحياناً كانت تقابلهم بما أنّهم "عليهم السلام" يمثّلون الخط العلوي في الإمامة . فبهذا كلّه أصبحت ولاية أمير المؤمنين "عليه السلام" وحبّه ميزاناً في المقام
المراد من البراءة هو الصك كما ان هذه الكلمة وردت في بعض الالفاظ الاخرى لهذا الحديث ، وأيضا ورد في الحديث لفظ الجواز ( إلاّ بجواز من علي بن ابي طالب ) وكل هذه الالفاظ تشير الى معنى واحد وهو : أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قسيم الجنة والنار ، ومن الطبيعي أن لا يدخل الجنة إلاّ من كان قائلاً بولايته (عليه السلام) .