لسببما نصاب أحيانا بالحزن..ربما لفقدان شيء يعني لنا الكثير..أو لرحيلإنسان لا نستوعبفكرة رحيله ..ولا نملك القدرة على مواجهة واقع غيابه..أو لسماع نبأ حزين يقع عليناوقوع الجبل..أو لرؤية مشاهد تثير بنا من الأحاسيس ما نكره.
وعندها ،يتجول بنا إحساس الحزن..قد يأخذ دورته القصيرة بنا ثم يرحل بلا بصمة غائره أو أثريُذكر..أو قد يتضخم بنا بشكل مخيف..ويتفرع فينا كالأشجار العتيقة..ويصبح مع الوقتشيئا لا يمكننا التخلص منه لأن أعماقنا أصبحت لجذوره وطنا.
وبقاءالحزن بنا يفقدنا الكثير ..فمع الوقت نصبح أسرى للحزن..ونبقى سجناء دائرة ضيقة منالحزن ونفقد إحساسنا بمتعة الأشياء ..ونفقد الإحساس بالحياة ذاتها..فلا نرى منالوجود سوى وجه الحزن الذي ينمو مع الوقت بنا كجنين غير مرغوبفيه.
وكلما مر بنا العمر كلما صعب علينا التخلّص من الحزن..لأننادون أن نشعر نعجن منه ونتشكل به ونصبح كتلة من الحزن كتلة يتحاشاها الآخرون تجنبالعدوى الحزن..فالحزن إحساس ينتقل منا كالعدوى إلى الآخرين.
وقدنكتشف حجم الوحدة من حولنا حين نكتشف تقلّص عدد المحيطين من حولنا..أو لغياب الناسمن حولنا فلكل همه الذي لم يبق فيه لهموم الآخرين مكان..فنحن في زمن لا يمنح الفرحإلا قليلا..لذلك نرى تسارع الأغلبية لكل مافيه للفرح رائحة..وتجنب أهل الحزن تجنباللمزيد من الهم.
ونشعر أحيانا بأن معجزه ما قد حدثت ..وأن الحزن قدغادرنا أخيرا بلا عودة..لكننا سريعا ما نعود للشعور بالإحباط حين نكتشف قصر عمرالفرح في عمرنا..وحين نكتشف أن الحزن كان يمازحنا حين اختبأ عنا ربما كي يظهر بصورةأقوى.
لكن ، إلى متى ؟
إلى متى سنبقى أوفياء لحزنعتيق؟إلى متى سنحتفظ بصناديق الحزن في أعماقنا ؟إلى متى سنبقىسجناء دائرة مظلمة ؟إلى متى سنبقى خلف الحائط الفاصل بيننا وبين الفرح؟إلى متى سنبقى متسترين بملابس الهم والوهم ؟إلى متى سيبقى قيدنافي يد الحزن..يسحبنا ، يجرنا ، يأخذنا إلى مدن بعيده عنالحياة؟
محاولة أخيرة للتحرر
إذا كنت من ضحايا الحزن طويلالأمد فاسأل نفسك : ماذا أبقى الحزن لك ؟